Menu

حول الديموقراطية والوحدة الوطنية وتغليب التناقض الرئيسي

محمّد جبر الريفي

خاص بوابة الهدف

هل نأمل من الانتخابات القادمة وهي استحقاق وطني وديموقراطي؛ يستجيب لمطالب قوي إقليمية ودولية عديدة منغمسة بما يحدث في المنطقة من متغيرات نوعية..؟ هل نأمل منها تجديد النظام السياسي الفلسطيني ليكون بمستوى التحديات المطروحة خاصة مسالتين أولهما: المخطط التصفوي الأمريكي الصهيوني الذي ما زال قائمًا رغم زوال إدارة ترامب المتصهينة وعنوانه البارز بقاء السفارة الأمريكية في القدس والاعتراف بها كعاصمة موحدة للكيان الصهيوني، أما المسألة الثانية هي مسألة التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي يتعزز بإجراءات واتفاقيات جزئية متتابعة تخص الحياة الاقتصادية والاجتماعية..؟!

إن طرح مثل هذا التساؤلات التي تتعلق بالأمل في تحقيق الوحدة الوطنية عبر الانتخابات؛ أصبح مشروعًا باعتبار أن فئات اجتماعية عديدة منتمية سياسيًا في عداد الفصائل في حالة انتظار وترقب لما ينجم عن هذه الانتخابات من أوضاع لها ارتباطها بالمصالح التنظيمية والمكاسب الفئوية والشخصية، خاصة وقد بدأت الشكوك تراود قطاعات كبيرة من شعبنا في أن تكون هذه العملية الديمقراطية هي الحاسمة في موضوع طي صفحة الانقسام السياسي، وذلك بسبب ما يصدر بين وقت وآخر من تصريحات غير مريحة قبل إجرائها آخرها، مثل ما صدر عن أحمد بحر في خطبة صلاة الجمعة أمس بغزة بخصوص اتفاقية حقل غاز القطاع التي وقعت بين الشقيقة مصر و "دولة فلسطين".

لقد كان َمن الأفضل إذن سياسيًا ما دام الخلاف السياسي قائمًا بين القطبين الكبيرين في الساحة السياسية الفلسطينية حول مستقبل القطاع والنية ما زالت قائمة أيضًا للتمسك به العمل على إنهاء الانقسام السياسي؛ أولًا عبر الاستمرار في الوساطة المصرية المكلفة من جامعة الدول العربية، والتي شاركت في الحوارات التي عقدت في القاهرة بحضور كل الفصائل الفلسطينية، وذلك بدلاً من المباحثات والتفاهمات الثنائية ثم بعد ذلك التوجه لممارسة العملية الانتخابية، وذلك لأن فشل العملية الديموقراطية هذه المرة كحل لموضوع الخلاف حول تداول السلطة السياسية بعد فشل الاتفاقيات الموقعة السابقة وبقاء مظاهر الانقسام السياسي كما هي؛ فإن المسؤولية عند ذلك في ضياع القضية الوطنية وتهميشها عربيًا ودوليًا تقع على النظام السياسي الفلسطيني برمته، حيث الطريق يصبح مفتوحًا أمام تفكك المشروع الوطني وانهياره أمام مشاريع التصفية الأمريكية والصهيونية التي تستغل موضوع الانقسام السياسي الفلسطيني كمبرر من شأنه أن يدفع الدول العربية على إنجاز مشاريع تطبيعية مع الكيان الصهيوني.

إن الثورات الوطنية التحررية لم تنتصر وتحقق الحرية لشعوبها إلا بعد أن حققت أولًا الوحدة الوطنية، وقد حصل ذلك لأنها غلبت التناقض الرئيسي مع العدو على الخلافات السياسية بينها، بينما الذي يحدث الآن في الساحة الفلسطينية هي أن الخلافات السياسية هي الظاهرة الأكثر بروزًا وحدّة، في حين التناقض الرئيسي مع الكيان يمكن التعامل معه من خلال الاتفاقيات الأمنية؛ لذلك السؤال الآخر الثاني المُلح: متى ينتهي الانقسام السياسي سواء بالانتخابات أو بدونها بتغليب التناقض الرئيسي على الخلافات السياسية؟