Menu

حوارعبد العال: المقاومة أسقطت أكذوبة التطبيع مع الكيان والعالم يحترم المقاومة التي ترفع البندقية والصاروخ

مروان عبد العال

بيروت _ حوار للأفق الاشتراكي

مواجهات بطولية فجرتها فصائل المقاومة الفلسطينية مؤخرًا في مواجهات مع قوات كيان الاحتلال الصهيوني التي اصطدمت هذه المرّة بمقاومة منظمة، موحّدة ومتماسكة ومتمكنة لوجستيًا قهرت أسطورة الدرع الحديدي المضاد للصواريخ الذي طالما تشدّق الكيان الاستيطاني بامتلاكه.

أحداث كانت محور حوار جمع “الأفق الاشتراكي” جريدة الحزب الوطني الديمقراطي الاشتراكي من منطلق دعمها اللامشروط لخيار المقاومة حلاً أساسيًا ووحيدًا لتحرير فلسطين بعضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مسؤول ساحة لبنان والأديب مروان عبد العال الذي أمدنا بمعطيات هامة حول الوضع الفلسطيني وواقع المقاومة.

كيف انطلقت هذه المواجهات وماهي أسبابها؟

السبب المباشر هو تهجير اهالي حي الشيخ جراح، هذه الموقعة كانت الشرارة التي أشعلت اشتباك مجتمعي شامل جديد ومفتوح، بالطبع لم يكن يتوقعها أحد ولا بتخطيط مسبق. انطلقت بإرادة شعبية عفوية وطنية في حي الشيخ جراح وفي القدس وبقية الأراضي المحتلة. وهنا اود التوضيح ان السبب ليس مجرد خلاف قانوني على ملكية بعض البيوت والأراضي، وتنفيذ قرار “المحكمة” كما يزعم الكيان الصهيوني، او قضية ادارية تتعلق بالبوابات الالكترونية وغيرها، بل كانت مواجهات سياسية وطنية تندرج في سياق الصراع المتواصل والممتد طوال مائة عام في مواجهة مشروع احتلال استيطاني إجلائي متدرج، يبدأ بالاحتلال ثم الاستيطان، واقتلاع السكان الأصليين ثم القيام باحتلال اراضيهم وبالنسبة للقدس لما لها من مكانة رمزية تاريخية وروحية وثقافية ومحورية في هذا الصراع.

عمليات التهجير لم تتوقف عند “حي الشيخ جراح” وهناك أنباء عن مخططات صهيونية لاستهداف أحياء أخرى. هل هناك برنامج للتصدّي المشترك بين فصائل المقاومة لهذه المخططات؟

هناك 6 أحياء فلسطينية مهددة إما بالهدم أو بالاستيلاء على المنازل في سلوان جنوب المسجد الأقصى في القدس المحتلة: حي وادي الحلوة يسكنه 6000 نسمة، حي البستان يسكنه 1550 نسمة، حي بطن الهوى يسكنه 726 نسمة، حي واد الربابة يضم 1000 نسمة ، حي واد ياصول يسكنه 1000 نسمة ، حي عين اللوزة يسكنه 5000 نسمة.

لذلك المقاومة لن تتوقف وتحويل كل نقطة احتكاك مع الاحتلال الى نقطة اشتباك، ثمة تحول استراتيجي طرأ على قواعد الصراع مع الاحتلال، في اللحظة التي اصبحت في العمليات العسكرية الصهيونية بلا هدف واليأس من تحقيق إنجازات، هذا شكل مساساً بهيبته واهتزاز عقيدته العسكرية. والمقاومة ستظل يدها العليا وتشكل رادعاً حقيقياً للعدوان. لم يعد مسموحاً تفكيك القضية واستفراد بجزء دون اخر وهذا تطور جديد في استراتيجية المقاومة.

غزة اطلقت عملية “سيف القدس” دفاعاً عن القدس ولم يعد ممكناً الاكتفاء بالتعويل على الشكاوى والاجتماعات والبيانات غير المسنودة بمواقف عملية والتهديدات العنترية واللفظية، لقد اخذت المقاومة قراراً ثورياً جريئاً، بدخول المعركة في سياق الحرب المفتوحة، ولتغيير قواعد الاشتباك مع العدو، لذلك ازرها الشعب الفلسطيني برمته، الذي وجد نفسه امام قرار مصيري لصد جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين، وتوحد في الدفاع عن بيته وارضه ووطنه وهويته، احتضن الجميع المقاومة في مواجهة مشروع صهيوني عدواني، مما شكل بداية لمرحلة جديدة.

عديد الملاحظين تحدثوا عن الدور الحاسم لوحدة فصائل المقاومة من خلال غرفة العمليات المشتركة في الرد النوعي على اعتداءات الآلة العسكرية الصهيونية واختراق دفاعاتها. كيف تقيمون ذلك في الجبهة الشعبية؟

لا شك ان قدرات المقاومة لعبت دوراً كبيراً وخاصة انها راكمت تجربة عسكرية من الحروب السابقة وامتلاكها لمنظومة عمل لوجستية ومدايات صاروخية غير متوقعة من العدو تطال حوالي 70٪؜ من أراضي فلسطين التاريخية. والاهم غرفة القيادة والتحكم والسيطرة وامكانياتها القتالية الطويلة الامد. استنهضت الشعب الفلسطيني في جميع اماكن تواجده ليشكل لها سياجاً حامياً عبر انتفاضة الروح الوطنية.. فالقرار كان مناسباً بالتوقيت والهدف، فهو قرار المقاومة استجابة للشعب وهو قرار فلسطيني ليس من اجل فصيل او سلطة او لهدف ايديولوجي بل من اجل هدف وطني. لذلك فرضت غرفة العمليات المشتركة نفسها في عملية متكاملة والتي كان قد تم تأسيسها منذ سنوات وهي تضم أكثر من 12 فصيلاً مسلحاً من فصائل مقاومة، وكان اليسار وتحديداً الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية ضمنها. وسيكون لهذا الانجاز الميداني اثار جديدة ومهمة على صعيد المشهد السياسي الفلسطيني.

كحركة تحرر وطني تقدمية وثورية كيف تقيمون المعركة، وكيف تستشرفون تداعياتها على القضية الفلسطينية ككل؟

نرى ان نتائج المعركة شكلت انتصاراً على حالة اليأس والتطبيع والتطويع، واستعادة مفهوم التحرر الوطني في ثورة شعب عربي فلسطيني دفاعا عن ذاته وهويته وأمة عربية تخلت أنظمتها الانهزامية عن واجبها القومي والقانوني تجاه فلسطين بعد ان أضاعوا فلسطين بحروبهم الفاشلة. وانبطاحهم امام العدو. لقد سقطت اكذوبة التطبيع مع الكيان، وخديعة ان إقامة علاقات معه سيجعله كياناً معتدلاً؟ بل كان تشجيعاً للعدوان ليكون أكثر افراطاً في العداء للعرب وانتهاكاً للحقوق الفلسطينية، بل زاد أكثر من منسوب عنجهيته وعنصريته وفاشيته، تقييمنا انها معركة استعادة الوعي المقاوم والتحرري الوطني والامل بتحقيق النصر. وان العالم يحترم المقاومة التي ترفع البندقية والصاروخ وليس التي ترفع الراية البيضاء.

فقد ضاق شعبنا ذرعاً بتداعيات اتفاقات الذل والاستجداء والانتظار والعجز، لذلك اخذت الارادة الشعبية بزمام الامور بشكل جريء، للتكامل مع المقاومة وهذا اعادنا كيسار الى دعوة الحكيم جورج حبش ان “الجماهير لا يمكن ان تهزم” وان البديل الثوري هو “الحرب الشعبية الطويلة الامد” واليوم يتجلى باشتباك مجتمعي شامل ومفتوح، مركزه ووعقدته وشرارته القدس وسلاحه غزة المقاومة من وسط الحصار وتمرد أهلنا في الداخل عام 1948 من النقب الى الجليل ويافا واللد وكل مدينة وقرية ضد التمييز العنصري. ودفاعاً عن الهوية ومن اجل حرية فلسطين كلها.

ما هو موقع قوى اليسار الفلسطيني من المعركة، سياسيًا وميدانيًا؟

بالمعنى الاستراتيجي اليسار والجبهة الشعبية في المقدمة كفصيل مقاوم ولم يتخلف يوماً عن هذا الواجب بل هو يعرّف نفسه في نظامه الداخلي انه “حزب سياسي مقاتل”، دفع الشهداء والاسرى والجرحى وقدم تضحيات هائلة وكتب تاريخاً كفاحياً لا يمكن اغفاله وان كان لا مجال لذكره، قدم قادته شهداء وأسرى في زنازين الاحتلال وفي مقدمتهم الامين العام الرفيق احمد سعدات. ولذلك هناك اهمية لتعميم تجربة المقاومة العربية الشاملة على مساحة الصراع وبالأشكال الملائمة، وهي دعوة ما زالت مفتوحة، فالصهيونية عدو الجميع، ورؤية الجبهة ان المقاومة لها خصوصيتها في كل ظرف زماني ومكاني لكن مقتلها يكمن في حصارها واحتجازها واحباطها، هكذا علمتنا المراجعة لتجربتنا، لذلك نجد أنفسنا في قلب استراتيجية المقاومة، المتصادمة مع العدو الامبريالي والصهيوني واذنابه الرجعيين.

لذلك من المنطقي ان تكون الجبهة جزء من عمل ميداني في غزة، كما تقدم رفاقنا في الاشتباك مع العدو شعبياً وعنفياً في القدس، وكذلك الضفة وفي داخل الداخل والشتات. دور اليسار يتقرر بفهم المتغيرات الاستراتيجية التي تحققت، إن يعرف كيف يمكن الحفاظ عليها وتطويرها والبناء عليها لتصويب مسار القضية وطنيا وعربيا وإقليميا ودوليا، ومؤشرات كثيرة تُشير بأن نظرة العالم تجاه الصراع في فلسطين وعلى فلسطين قد تغيرت لصالح الشعب الفلسطيني، كل ذلك يتطلب من يقدم اليسار رؤيته الاستراتيجية للصراع في هذه المرحلة، لإحداث اختراق في مجمل الحالة السياسية داخليا وخارجيا. والتصدي لأي محاولة السياسية لإعادة الامور الى الوراء والاستثمار الرخيص والسريع الذي من شأنه ان يهدر النصر ويعيد الامور الى مربع الانقسام وتقاسم مغانم السلطة أو الصراع عليها.

كان لكتائب الشهيد أبو علي مصطفى دور حاسم في المعارك والمواجهات، كيف ذلك؟

كما ذكر الناطق باسم كتائب الشهيد ابو علي مصطفى ان ما قدمناه جزء يسير مما نمتلك، ومقاتلينا في الميدان دكوا مغتصبات العدو بالصواريخ المختلفة إلى جانب أذرع المقاومة كافة، وجهوزية الرفاق المعنوية والكفاحية والتسليحية كانت عالية في حال أقدم على تصعيد عدوانه أو قام بشن هجوم بري، فسيدفن في رمال القطاع، أو في حال لم تستجيبوا لمطالبنا سنواصل توسيع دائرة الاستهداف. لقد فرضت الكتائب حضورها وأدت دورها بقدر امكانيتها لكن بسلاح الارادة الذي صنع المستحيل، سواء بهندسة التصنيع وابداع في تحويل صواريخ من مخلفات حروب العدو التي لم تنفجر في معارك سابقة، وجرى تجميعها واعادة سبكها وتطويرها وتأهيلها وقذفها على العدو مجدداً، او صناعة الصواريخ من انابيب المياه الحديدية التي تركها من البنية التحتية للمستوطنات التي فككها العدو بعد الانسحاب من غزة. هذا يدلل انه إذا أردنا فعلنا، كما قال الحكيم” نحن وجدنا لنصنع المستحيل لا الممكن”. لقد كان لدور كتائب أبو علي دور ملموس الى جانب كتائب وسرايا المقاومة وارتقى لنا عدد من الشهداء والجرحى في الضفة والقطاع. والى روح شهداء الكتائب وكل شهداء المقاومة المجد والخلود.

موقف الجبهة من الأزمة السياسية بين فتح وحماس وموقع الجبهة ورؤيتها للحل؟

ما يهمنا هو مضمون الوحدة الوطنية والشراكة الوطنية وبناء المؤسسات، لا شك ان منظمة التحرير الفلسطينية هي الكيان الوطني الجامع المطلوب اصلاحه وتطويره وبناء هياكله ومؤسساته. والمدخل هو عقد الإطار القيادي الفلسطيني لتطوير وبناء منظمة التحرير الفلسطينية، وتكون على قاعدة التمثيل الفعلي للشعب الفلسطيني في جميع امكان تواجده، بمرتكزات المشروع الوطني الفلسطيني من فصائل فلسطينية ومؤسسات ونقابات وشخصيات وكفاءات فلسطينية واقسام الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، هذا لا يحققه الداخل الفلسطيني، وحده ولا يمكن للسلطة بوظيفتها الحالية ان تكون مدخلاً سليما للمصالحة وانهاء الانقسام، لأنها مقيدة باتفاقات اوسلو والتبعات امنية واقتصادية يستفيد منها الاحتلال. بل رؤيتنا اليوم بضرورة البناء على انجاز الوطني وحماية النصر باستثماره في المشروع الوطني الفلسطيني وليس خارجه، وهذا يكون بالدعوة لبناء منظمة تحرير فلسطينية بمضمون تحرري وطني مقاوم. يحفظ الشراكة الوطنية والبرنامج والرؤية المستقبلية الاكثر صدقاً مع الحقيقة والحق ومع اهداف الشعب الفلسطيني.

الاعلام العربي والعالمي من منطلقات مختلفة حصر المعركة في غزة وفعل المقاومة في حركة حماس ، ما تفسير ذلك في رأيك؟

هذه لعبة صهيونية في محاولة فصل المقاومة عن بيئتها الشعبية الحاضنة وتصوير ان معركته ضد فصيل بعينه وليس ضد الشعب او القدس، لذلك أطلق الاحتلال على عمليته العسكرية اسم “حارس الاسوار” ولكن سرعان ما غيرها ليبدأ الحديث عن “الحرب على حماس” بينما هي حرب على الشعب الفلسطيني.

بل أكثر ما يغيظه غرفة عمليات مشتركة ووحدة الشعب وتراجع الحديث عن مشروع وطني وأخر إسلامي، وكيف انعكست بتنحي الرايات الحزبية جانباً ليحل محلها علم فلسطين الذي يرتفع داخل الخط الأخضر والقدس والضفة وغزة والشهداء يُكَفنون بالعلم الفلسطيني. وحضرت الكوفية الفلسطينية في العالم كرمز تقليدي ونضالي وثوري للمقاومة الفلسطينية. العدو يريد القول ان معركته مع حماس التي تًصنف كعمل إرهابي، هذه اسطوانة مشروخة، ومع غزة المسلحة والمحاصرة، لكن حماس لم تكن وحدها كل الشعب والمقاومة قاتلت دفاعاً عن القدس وعن فلسطين وليس دفاعاً لا عن غزة ولا عن سلطة، اي انه هدف سيف القدس هو هدف وطني جامع، وجعلت العالم يعترف بأن من حق الشعب الفلسطيني الدفاع عن نفسه، وأن كل أشكال المقاومة مبررة ومشروعة في مواجهة الإرهاب الصهيوني. لقد انتفض المواطن الأمريكي مجدداً ضد العنصرية وهو يقارن ما يفعله الجيش الإسرائيلي مع الفلسطينيين كما تفعل الشرطة في ولاية انديانا مع الافارقة من أصل امريكي، ومعاملة القوى الاستعمارية للشعوب المضطهدة، فالعنصرية ليست قضية حصرية، وهذا أسهم في تحريك الرأي العام العالمي واستثمار جيد لعناصر القوة الفلسطينية والعربية في العالم وتفاعل جماعي مع المقاومة في وحدة الشعب الفلسطيني وحدة المعركة ووحدة الهدف في كل أماكن تواجده.

دعم شعبي عربي كبير، وأنظمة ماضية في التطبيع مع كيان الاحتلال. كيف تقرؤون تهافت عدد من الأنظمة العربية على التطبيع مع الصهاينة؟ في تقديركم هل يمكن لاستصدار قوانين في عدد من الدول العربية تُجرّم التطبيع أن يؤثّر إيجابا على القضية الفلسطينية؟

لقد كسبنا المعركة موضوعياً، فقد تضاعف منسوب القلق الوجودي عند الكيان، وهذا وحده يعتبر نصر مستحق لكل الاحرار من امتنا والشعوب المكافحة ضد الظلم ومنها القوى التونسية الداعية دائماً لتجريم التطبيع، كذلك لدعاة المقاطعة ومقاومة التطبيع وانصار قضية فلسطين إقليميا وعالميا، لقد هزمنا هزائمنا، وكما قال احد قادتهم ان جنرال اليأس هو بوليصة التأمين للكيان الصهيوني، وهذا جيل انتصر على اليأس، ونفض الغبار عن وجه القضية الفلسطينية ووجه صفعة مؤلمة لمشروع التطبيع القائم على ادماج الأنظمة العربية في المشروع الصهيوني وفق محور عربي ــ صهيوني في مواجهة إيران. لذلك جريمة التطبيع النكراء ترتكب بحق تاريخ ومستقبل وحرية الشعوب العربية التي طبّعت أنظمتها مع الكيان الصهيوني مثلها مثل خطورتها على الشعب الفلسطيني. ما جرى هو صفعة للسياسات الاستسلام والرضوخ والتطبيع، من يريد ان يدعم المقاومة عليه بالمقاومة الناعمة من خلال استثمار الغضب الذي وصل صداه في مدن العالم، فبدل التطبيع لعزل الشعب الفلسطيني عن محيطه العربي، يجب عزل الكيان العنصري المجرم عن شعوب العالم. لقد آن الأوان للضغط من اجل إعلان “إسرائيل” دولة أبارتهايد، ومرتكبة جرائم ضد الإنسانية، وهي صورةٌ يجرى ترسيخها اليوم بأسرع مما مضى.

عادت مسألة التهجير القسري للفلسطينيين لتتصدر سلسلة جرائم الكيان الصهيوني خاصة في الأحياء المقدسية ترامنا مع تقدّم الكيان وحلفاءه فيما سمّي بصفقة القرن وما تبعها من موجات تطبيع، هل من ارتباط بين هذه الاحداث في رأيكم؟

هناك نفاق سياسي امريكي تمارسه إدارة بايدن ممارستها، من خلال الترويج للمفاوضات وحل الدولتين وغيرها من الأكاذيب، هي تعرف ان” إسرائيل” خرجت من التسوية وهي تقوم بهضم ما سيطرت عليه، وعندما تتحدث إدارة بايدن عن مفاوضات، لكنها عاجزة عن وقف الاستيطان وساهمت في العدوان على غزة، وتدخلت فقط لايجاد مخرج لحليفتها” إسرائيل”، المشكلة ليست بتحقيق” الحل” انما في تحقيق” الحق”. والحق هو تحرير فلسطين، الحقيقة الجديدة ان الشعب الأمريكي بدأ ينتفض ضد هذه السياسة الحليفة للعدوان على الشعب الفلسطيني ولمخطط تهويد القدس وفرض السيادة الصهيونية عليها كاملة، كعاصمة للكيان، كيف لشعوب حرّة في هذا العصر ان تصمت عن فرض نظام ” الابارتايد” العنصري الصهيوني على كامل الأرض الفلسطينية، وما كانت ستتجرأ على البوح بذلك لولا حليفها الأمريكي، وصمت العالم وعجز المؤسسات الدولية، وغطاء التطبيع العربي الذي بدأ يشيطن الفلسطيني! والصمت والعجز وتخاذل رسمي للدفاع عنها وهناك من يسمسر لشراء بيوت من شركات عربية وغير عربية كما جرى الاوقاف الارثوذكسية في باب الخليل، تشتري من المقدسي وتسلمها للمستوطنين، وكذلك قبول وتسليم وترويج الرواية الصهيونية تحت تسميات ان ” فلسطين ليست قضيتنا” وان العلاقة مع العدو الصهيوني “شأن سيادي”! مع ان ذلك هو معاكس للتاريخ والأخلاق والقانون حتى لرأي شعوب هذه الدول، لكن “سيف القدس” هز نهج التطبيع وهزم أهدافه بالصمود الجبار والبطولي، ستثبت هذه الحقيقة عندما تشعر الشعوب بكل احرارها انها شريكة في هذا الانتصار وشركاء في الدفاع عن القدس وفلسطين وشعبها، واعادة لمكانة فلسطين كقضية مركزية عربية، وستجعل يد الكيان هي السفلى في العلاقة مع الأنظمة العربية. وكل خطوة باتجاه اعادة النظر بهذه العلاقات ستوفر شبكة أمان إقليمية وقومية للمقاومة، الذي مثله بشرف، محور المقاومة الذي يحمي ظهر قضية فلسطين، ويسهم في تعزيز مقاومة وصمود الشعب الفلسطيني.

راكمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تجربة نضالية كبيرها على امتداد عقود منذ تأسيسها. هل يمكن الاستفادة من هذه التجربة وأن تلعب الجبهة دورا هاما في دعم اليسار العربي؟

“اليسار موقف ، قضية ، ليس محددا بمجرد الانتماء لحزب سياسي ما او نقابة …” بحسب “جيل_دولوز”، بل ان مسؤولية اليسار ازاء نفسه تتضاعف حين يعتبر نفسه الأكثر انحيازاً للعقل والمستقبل وللثورة والتقدم، أو هو الأكثر وفاءاً لأطروحاته الوطنية والطبقية والشعبية، فهو ليس بعيداً عن الأزمة التي تعيشها حركة التحرر العربية، ولا يوجد من هو معفى من مسؤوليته، وبعض اليسار يقترب أحياناً من ظلال اليمين، ويقلد لغته، وأحياناً ينتحل شخصية غيره، ولا يقوم بأداء دوره المأمول، لنعترف ان اليسار العربي تقادم جزء منه او تبدّد، لأنه لم يتجدد، أو تكلّس أمام التحديات.

الجبهة الشعبية تقدم رؤيتها للصراع ومراجعتها النقدية والدائمة لنتعلم من الثغرات كما الايجابيات، من تجاربنا وفي ذات الوقت تتعلم من تجارب غيرنا، لأننا في عين الصهيونية التي تعيد إنتاج النازية بأبشع صورها، ولم تسقط النازية دون تحالف عالمي كونها خطر على الإنسانية جمعاء، نحن نحتاج لهذا الحلف لاسقاط الصهيونية ولكن السند الحقيقي طليعته اليسار الثوري الأممي، والبداية من اليسار العربي القوي، وضمن مشروع نهضوي عربي مقاوم، يملك فكرة الحرية بمضمونها الثوري والتحرري والنضالي.

مسألة فلسطينيو الشتات ومخيمات اللاجئين في صدارة اهتمامات الجبهة، هل يمكن تقديم معطيات حول هذا الملف؟

انتفاضة الجيل الجديد على ارض فلسطين الكاملة، كانت حاجة ضرورية لفلسطيني الشتات عموماً ولمخيمات اللاجئين الفلسطينيين خصوصاً، فهي بمثابة اوكسجين جديد للهوية الوطنية الفلسطينية. نشعر فيها كيف تجدد خلايا الامل والذاكرة والحلم في شبابنا هنا وتستعيد الاعتزاز بالانتماء. واستحضار الابناء لمفاتيح دورهم في ديارهم، لو لم يتم ضبط الاندفاع العاطفي للشباب لسقط شهداء كثر على الشريط الحدودي بين لبنان وفلسطين، ولكن الجميع ينتظر ساعة الصفر، ليعود الى ارض اجداده، ونحن نتحدث عن الجيل الرابع من عمر التغريبة الفلسطينية، بكل ما فيها من حنين وأنين وعذاب وشقاء وشوق وتمرد من ألم وحلم وذكريات متناقلة، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تنظر لقضية اللاجئين كأصل للصراع وشاهد على النكبة عام 1948. وترى انه لا يملك أحد حق انهاء الصراع دون انهاء الاسباب التي ادت إليها وهو استرداد فلسطين وعودتها لأصحابها. اعداء القضية هم اعداء حق العودة ومن يعمل على تصفية قضية اللاجئين سواء بتهجيرهم او توطينهم ومن خلال تغيير صفة اللاجئ او تغيير مكانة المخيم او استثمار الضغط الانساني من خلال تجفيف موارد “الأونروا -الوكالة الدولية لإغاثة اللاجئين” هم نفسهم الذين درجوا ليس من الآن بل منذ وجدت القضية وبدء الصراع، لتصفية وليس حل قضية اللاجئين ولكنهم مهما كانوا اقوياء ليس اقوى من الحق، والباطل ليس قدر العالم! ولا يستطيع أحد في الدنيا انهاء قضية اللاجئين بغير حق العودة؟! ان صناعة البؤس ستأدي عاجلاً ام اجلاً الى دورة جديدة من التمرد والثورة.

أنْ تكٌون فلسْطِينيًا يَعْنِي أَن تٌصاب بِأَملِ لا شفاء مِنه. كما قال: محمود درويش، باعتباركم أحد رموز الأدب الفلسطيني المقاوم إلى جانب دوركم السياسي، كيف تقيمون دور الحركة الأدبية والثقافية الفلسطينية في إسناد فعل المقاومة والتعريف بالقضية؟

كل ادب صادق هو ادب ملتزم، لأنه ليس معزولا عن المجتمع ويمتلك قضية، دائما كان الادب هو علم جمال المقاومة، كما يقال، والحركة الثقافية الفلسطينية عموماً تعيش هذه التجربة ومنذ التجربة الثقافية الكنفانية التي قدمت نموذجاً مكثفاً عن مدرسة لا تنفصل فيه الثقافة عن الممارسة ولا الأدب عن السياسة. وهو الذي يحمل براءة اختراع مصطلح “أدب المقاومة” واستخدمه أول مرة في العالم إذ ذكره لأول مرة في مقال له نشره عام 1966، لأن المقاومة هي ذاتها فعل حياة، وهي الأصل، لذلك إن أردت أن تقاوم عدوًا أولًا، عليك أن تخرجه من ذاتك، ان تفكفك روايته المضادة وثقافته المضادة والمزيفة، ان تخرج ثقافة الهزيمة والتطبيع والاستسلام من عقول الناس وكي لا تكون انت مهزماً عليك ان تخرجه منك، وعليك فعل ذلك قبل أن تلوم غيرك، وهذه رسالة الادب المقاوم اليوم لكل مثقف مقاوم.