تواصل الأجهزة الأمنيّة بكافة تشكيلاتها التابعة للسلطة في رام الله قمع المتظاهرين المستنكرين والمنديين بجريمة إعدام شهيد الكلمة والرأي الناشط الفلسطيني نزار بنات، والذي تم اغتياله فجر الخميس الماضي على يد مجموعةٍ من أمن السلطة استخدمت أبشع طرق التعذيب معه ما أدّى لقتله خلال أقل من ساعة.
منذ صباح الخميس الماضي وهناك حالة كبيرة من الغضب والاحتقان في الشارع الفلسطيني، غضب تترّجم على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال عشرات آلاف التغريدات الساخطة على هذه السلطة وعناصرها الذين يبدعون في قمع كل صوتٍ عالٍ، وفي قمع كل من يقول (لا) في وجه السلطة وأفعالها و"صفقاتها السريّة" المفضوحة.
أمن السلطة جابه أبناء شعبنا في شوارع رام الله وبيت لحم و الخليل ونابلس وطولكرم والعديد من المناطق التي خرّجت للتعبير عن رفضها لمجل ممارسات السلطة، من خلال الضرب والتكسير والترهيب والسحل في الشوارع، بل وركّز هذا "الأمن" على الاعتداء على زملائنا من الصحفيين والصحفيّات وصادر هواتفهم وكسّر بعضها خوفًا من صورة العار الذي يُمارس بحق شعبنا في الشوارع والتي نُقلت عبر شاشات التلفزة ومواقع التواصل بعد أن ظنّوا أنّهم نجحوا في حجبها.
يقول الناشط عرفات الحاج عبر صفحته في "فيسبوك"، إنّ "هناك حسنة وحيدة لهذا القمع في رام الله، وهي أنّ الانسان يعود لبيته مع السؤال الصحيح، نحن لا نصبر على هذه السلطة تغليبًا للوحدة الوطنيّة، ولا نفعل ذلك لأن حياتنا تروق لنا، بل نفعل ذلك لأننا لم نستطع بعد هزيمتهم، لأنهم لا زالوا أقدر على ضربنا، يضربوننا يقتلوننا ونبحث عن أدواتٍ للخلاص منهم".
وفي منشورٍ آخر للناشط الحاج، قال إنّ "جيش الاحتلال يعتبر أنّ أجهزة أمن السلطة تتحمل ٤٠% من المهام الأمنية على جدوله في الضفة المحتلة، ويتولى تنسيق توزيع المهمات مكتب المنسق الأمني الأمريكي، أو ما يُعرف بمُسمى غير رسمي "غرفة القدس "، يُقسّم الأمريكي مهمات قمعنا بين ابنه المدلل وكلب الحراسة الذي اقتناه لهذا الابن".
بينما رأى الناشط محمود النواجعة في تغريدةٍ له: "إذا في وزير بستحي بهيك حكومة لازم يستقيل!، نسخة إلى وزير الزراعة والعمل وأي واحد يمكن يكون نظيف.. ملاحظة: هذا البوست مش موجه للمالكي وأشكاله!".
من جهته، قال الناشط أحمد جرّار عبر صفحته في "فيسبوك"، إنّ "الصحافة ليست جريمة.. ضرب وقمع الصحفيين ومنعهم من التغطية لن يمر مرور الكرام ولن يتم السكوت عليه.. خوفكم من الصحفيين يعني أنكم تريدون ارتكاب جرائم دون أن يكشفها أحد.. قلتها وأقولها ما يجري هو أسلوب عصابات ومافيات ولا يوجد قانون ولا أخلاق".
وبهذا السياق، وعقب قمع أمن السلطة للتظاهرة الضخمة التي خرجت على دوار المنارة برام الله عصر أوّل أمس السبت، أعلنت الصحفيّة لينا أبو الحلاوة عن سرقة هاتفها الشخصي من قِبل عناصر الأمن، وجاء في منشورٍ لها: الشبيحة والأمن سرقولي تلفوني.. واعتدوا على عمتي وبنات عمتي وسرقوا تلفوناتهم.. ضرب وشتم وسرقة واعتقالات".
أمّا الناشط مهند أبو غوش فقد كتب عبر صفحته في "فيسبوك": "صرعونا بالحديث عن "المؤامرة الانقلابية" و"التوجهات الانقلابية" و"الانقلابيين". هؤلاء يفترضون أن "الانقلاب" ضد حكم البلطجية، وكلاء الاحتلال، جريمة. لماذا؟ لأن الله قد أورثهم رقابنا وبلدية رام الله وهراوات إسرائيل. هؤلاء يكررون، بصيغة أخرى ما قالته بنت أحد المسؤولين على باب بيرزيت "انت مش عارف أنا بنت مين؟ هاي البلد إلنا".
وتابع أبو غوش: "سرقوا البلد، واستباحوا أجسادنا وترابنا وكرامتنا ورفات شهدائنا، وغيّروا بناشر الجيش الذي يحتلنا، وفتحوا كازينو على بركة الدم، واعتقلوا وعذبوا أشرف من فينا، وعقدوا صفقة اللقاحات ليسمّموا أطفالنا. قتلوا أبا عاصف ومجد البرغوثي وباسل الأعرج ونزار بنات، ثم استعرضوا مؤخراتهم بالبوكسرات أمام وحدات المظليين الإسرائيلية في أكثر من موقع، وقالوا: "توجهات انقلابية". انقلاب على من؟ على من تنفك أزرار بناطيلهم العسكريّة، تلقائيًا، أمام بنادق الإسرائيليين؟".
وحول صفقات السلطة، قالت الناشطة مرام سعدي إنّ "السّلطة تستورد لقاحات فاسدة، صحيح، لكنها أيضًا تستورد هراوات نوعية ممتازة من العدو، ضربة على الحافر ضربة على المسمار. مرة لنا مرة للاستعمار. يعني إذا لم تمت من لقاح فاسد ستموت بهراوة جيدة. ما أنعم الأمن الوطني. ما أعمق رؤيته.. ما بعد بعد الأندروير".
هذا وقال الصحفي الفلسطيني معاذ حامد، إنّ "الشعب شغال بالتعرف على "المواطنين الشرفاء" اللي شاركوا بالاعتداء على المتظاهرين والصحفيين أمس.. التعرف على الأسماء ولأي أجهزة أمنية ينتمون والرتب العسكرية وقصصهم السابقة في التعذيب أو الاعتقال السياسي في حال وجدت.. لما تتفرّج ع القوائم المنشورة، بتشوف خلطة من جميع الأجهزة الأمنية تم استدعاءها ترتدي الزي المدني.. تحاول السلطة تسويق رواية أن هؤلاء مواطنون، لكن الكاميرات بالمرصاد... رصدتهم في الميدان وعلى وسائل التواصل الاجتماعي.. الشعب قلب "مش هيك" حرفيًا".
بدورها، روت الزميلة الصحفيّة شذى حماد ما حصل معها خلال التظاهرة بالقول: "بالأمس تواجدت كصحفية لتغطية تظاهرة سلمية بمركز مدينة رام الله، بفست محصن -درع واقي- نرتديه فقط خلال المواجهات مع الاحتلال، ومع ذلك لم أستطع التحرّك في نصف شارع في وسط المدينة، لم أستطع رفع هاتفي وتوثيق ما يدور، لم أستطع إجراء مقابلات، لم أستطع الوصول للمتظاهرين المقموعين بالضرب المبرح والسحل. في نصف شارع فقط وسط رام الله "مركز سيادة السلطة".. منع الصحفيين من ممارسة مهنتهم.. عربدة وضرب وتكسير معدات ومصادرة هواتف وتهديدات من قبل عناصر بلباس مدني، وبعضهم ملثم، وهو استكمال لهجمة مورست ضد الصحفيين يوم السبت".
وتابعت الزميلة حمّاد: "كان شعور كبير بالخوف، الخوف من الضرب، الخوف من التحرّش الذي تعرّضت له المتظاهرات في نصف شارع لم يكن هناك أدنى شعور بالأمن، كانت عيونهم تحاصرنا طوال الوقت وتنتظر فرصة أن نرفع هاتف أو كاميرا حتى يهاجموننا. وما جرى بحقنا كصحفيين خلال اليومين الماضين، هو استكمال لعملية قمع تمارسها السلطة منذ سنوات، أصبحت أكثر ممنهجة وواضحة بفرض قانون الجرائم الالكترونيّة وحجب عشرات المواقع الاخباريّة، وما سبق ذلك من جملة استدعاءات واعتقالات لزملاء صحفيين على خلفية عملهم الصحفي وآرائهم السياسيّة وكتاباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي".
وختمت حمّاد منشورها على "فيسبوك" بالقول: "اليوم يتعرّى واقع العمل الصحفي أمام الجميع، هذا هو الواقع: صحفي ممنوع من التحرّك والتغطية في نصف شارع، في نصف شارع فقط وسط مركز المدينة".
وفي تعليقٍ له على قرار الدكتور حازم الأشهب الذي انسحب من اللجنة المُشكّلة من قِبل حكومة اشتية للتحقيق في جريمة اغتيال نزار بنات، علّق الناشط الساخر علاء أبو دياب عبر صفحته في "فيسبوك" قائلاً: "روح جيب دكاترة ومؤسّسات حقوق انسان ونقابات بالبلطجة أشوف.. نزّل زعرانك يسحلوا دكتور ويحطوه باللجنة، ما دام هيك بتحل مشاكلك دايمًا".