أشرقت شمس صباح أول أيام عيد الأضحى مظهرةً حالة مليئة بالتعقيد على الحالة الفلسطينية في مناطق الضفة الغربية و القدس ، وسط إجراءات الاحتلال الصهيوني التي تقيد الحركة، والأوضاع الاقتصادية المتردية، واستمرار انتشار فيروس كورونا وآثاره.
ولا يختلف الوضع كثيراً عن غزة، حيث عانت الأسواق خلال اليومين الماضيين من قدرة المواطن على شراء الأضاحي أو الحاجيات الأساسية في ظل ظروف معيشية صعبة تزداد سوءاً يوماً بعد يوم بسبب إجراءات الاحتلال مؤخراً وتأثيراتها على الواقع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، ففرحة العيد تأتي خجولة جداً أمام القمع والاعتقال واستمرار السياسات الاستيطانية.
ومع ذلك تدفق المئات إلى الأسواق الخاصة ببيع المواشي للشراء احتفالاً بمناسبة عيد الاضحى وإدخال الفرحة على أفراد عائلته، إلا أن الكثير أيضاً ذهب بدافع الفضول والاطلاع على الأسعار، ولم يتمكن من امتلاك أضحيته هذا العام، بحسب مراقبون لقدرة وإقبال الفلسطينيين بالضفة و القدس على الشراء.
فيما يرى مراقبون آخرون ذلك التدهور في الوضع الاقتصادي، ناتج عن انتشار فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19)، وتبني الحكومة الفلسطينية إجراءات وقائية مشددة للحد من تفشيه تضمنت إغلاقات شاملة وجزئية، وكذلك ما تعانيه من أزمات مالية وسياسية.
وبالرغم من هذه التحديات ومحاولات قطع أوصال الأهالي بين القدس والضفة، أدى الآلاف من المواطنين صلاتهم في رحاب المسجد الأقصى وسط التكبير والتهليل وأجواء الفرح الخجولة، واستيقظ الأطفال لحضور الأضاحي، وانطلق الناس لزيارة بيوت الأسرى والشهداء وقبورهم ووضع أكاليل الزهور عليها.
والجدير بالذكر، أن ذلك يأتي بالتزامن مع بدء سلسلة من الإجراءات للمواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية فرضتها سلطات الاحتلال حيث يُسمح خلال فترة عيد الأضحى لسكان الضفة فقط بالقيام بزيارات عائلية إلى الداخل المحتل عام 48، دون تحديد العمر، وكذلك بأداء الصلوات في المسجد الأقصى للفلسطينيين الذين يسكنون الضفة من الرجال المتزوجين فوق سن 50 عامًا والنساء فوق سن 40 عاماً.
وتحدثت بوابة الهدف الإخبارية إلى الكاتب الصحفي والمحلل المقدسي راسم عبيدات، للوقوف على الحالة الشعبية وأجواء عيد الأضحى، الذي قال إن هذا العيد لم يحمل للمواطنين أي معنى من معاني الفرح والسرور، فهو عيد ممزوج بفقر وجوع وبطالة، بسبب انتشار جائحة "كورونا" وما يتعرضون له من حالة قمع وتنكيل تطالهم في كل مناحي حياتهم من قبل الإحتلال.
وأضاف عبيدات، "يصادر الاحتلال فرح وسرور المواطن ويقتل البسمة على شفاه الأطفال، فمن يأمل بالحصول على لعبة توزع على بوابات الأقصى لم يحصل عليها لأن قوات الاحتلال ترى في لعب الأطفال خطراً أمنياً فيصادر الألعاب ويعتقل القائمين عليها".
وتابع: كما ويواجه المواطن بالضفة والقدس المصاعب ويتعرض للقمع والتنكيل من قبل شرطة الإحتلال، وذلك من خلال لدعوات التي توجهها الجماعات التلمودية والتوراتية من أجل اوسع عمليات اقتحام للأقصى في يوم ما يسمونه بخراب الهيكل المترافق مع يوم عرفة وأيام عيد الأضحى المبارك، يجعل المقدسي متأهباً ومستفزاً من تلك الاقتحامات، ويصبح جل اهتمامه كيفية منع تلك الجماعات من استباحة الأقصى ومنع تدنيس ساحاته بطقوس وشعائر تلمودية وتوراتية.
وأردف أنه "ربما يكون مصير من أتى لأداء شعائر العيد اعتقال او استنشاق غاز مدمع او اصابة بقنبلة صوتية أو رصاصة مطاطية، وربما المقدسي الذاهب لصلاة العيد قد يجد بلدوزرات وجرافات الإحتلال قادمة لهدم منزله في يوم العيد، لكي يجد بأن اطفاله يبحثون عن بقايا لعبهم وملابسهم التي اشتروها للعيد على أنقاض بيتهم".
وأوضح المحلل المقدسي، أنه وبالرغم من كل معاني الألم والمعاناة التي يحملها العيد للمواطن بالضفة والقدس وغيرها، لكنه يبقى متسلح بإرادة البقاء والوجود على أرضه والدفاع عن قدسه، والاحتلال يسرقون لحظات الفرح.
وأشار إلى أن المواطنين يعيشون على أمل أن يأتي العيد القادم، ولربما يجلب لهم فرحاً بحرية واستقلال وانتصار على الظلم والطغيان ولقاء بأحبة في سجون الاحتلال أو تحرر جثامين شهدائهم.
وتشهد مناطق الضفة الغربية والداخل المحتل عام 48 منذ أيار/مايو الماضي تصاعداً كبيراً وهمجياً في الهجمة الصهيونية الإجرامية على كافة المناطق.