Menu

تجسيدات أوسلو المتراكمة..

تقريراتفاق الإطار بين "أونروا" وأمريكا: محاولة لشطب حق العودة

فادي نعيم بارود

غزة _ خاص بوابة الهدف

في استكمال لمسلسل الابتزاز الأمريكي للشعب الفلسطيني وقعت الولايات المتحدة الأمريكية مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" اتفاق إطار بدأ بتاريخ 14-7-2021 وينتهي في 30-12-2022، والذي يستهدف الابتزاز السياسي للوكالة الأممية، وتصفية قضية اللاجئين، ويعتمد بنوداً في رؤية إدارة الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب".

وتستخدم أمريكا دعمها المالي كورقة ضغطٍ رابحة في مسلسل الابتزاز السياسي لتحويل "الأونروا" لأداةٍ خاصّة بها، وكذلك تهديد اللاجئين من خلال منع استمرار المساعدات رغم الظروف الصعبة التي تعيشها مناطق اللجوء، كخدمةٍ مجانية لـ"إسرائيل".

ويأتي ذلك، وسط رفض فلسطيني رسمي وفصائلي واسع تجاه معادلة الذل التي خضعت لها "الأونروا"، ودعوات كبيرة للتحلل منها بشكل فوري، وعدم إعطاء الوكالة فرصة لتكون "أداة مخابرات" لاستهداف ملايين اللاجئين، مقابل إعادة التمويل الأمريكي للوكالة بعد سنوات من قطعه إبان حكم إدارة ترامب، وتتيح الاتفاقية حصول "الأونروا" على دعم مالي بمبلغ 135 مليون دولار، مقابل الخضوع لشروط قاسية تمس بالوضع القانوني والإنساني والسياسي لقضية اللاجئين.

ويلزم اتفاق الإطار، الوكالة الأممية، "بالحفاظ على حيادها في سلوك موظفيها، وموادها التعليمية، ومراجعة مناهج الدولة المضيفة، وضمان الاستخدام السليم لأصولها"، أي ألَّا تتضمن المناهج التعليمية ما يعد أساساً بنيوياً في الأعمدة التي ترتكز عليها القضية الوطنية كحق العودة وقضية اللاجئين، وكذلك الأرض التي تشكّل محور الصراع بين شعبنا الفلسطيني وكيان الاحتلال، وهذا ما يتماشى مع ما أقره اتفاق "أوسلو" بما يعد هزيمة متراكمة تؤدي بالتأكيد لإنهاء ملفات الحل النهائي التي تتعمد "إسرائيل" تهميشها حتى اليوم برعايةٍ أمريكيّة.

وفي هذا الشأن، قال الباحث والمحاضر في جامعة بيت لحم وسام رفيدي، إن اتفاق الإطار بين وكالة "الأونروا" وأمريكا ليس غريباً ولا الأوّل من نوعه كمحاولةٍ للقوّة الإمبريالية لكي الوعي الفلسطيني وابتزاز الوكالة الأممية لإخضاع الشعب الفلسطيني.

وأكَّد رفيدي لـ"بوابة الهدف الإخباريّة"، أنّ التدخّل في المنهاج الدراسي هو تدخّل في مكوّن رئيس في الهوية الوطنية لشعبنا لأنه يلعب دوراً هائلاً في تكوين وتعزيز هذه الهوية، مضيفاً: "التدخّل الأمريكي الصهيوني الاستخباراتي هو عبث في مكونات المناهج، ولهذا قال الرفيق الحكيم جورج حبش قد نخسر الجبهة العسكرية والسياسية ولكن يجب ألا نخسر الجبهة الثقافية".

وأوضح أنّه "بالأساس هناك ملاحظات كثيرة على المنهاج الفلسطيني لكن من زاوية التدخّل الإمبريالي من خلال رفض ذكر الشهداء وخارطة فلسطين والأسرى وغيرها من المكونات الأساسيّة للهوية الفلسطينيّة هو عبث وكي للهوية، وهذا هو الهدف الأساسي: اسقاط القضايا الجوهرية في القضية بما يمس ذاكرة أجيال".

وشدد الباحث الفلسطيني، على أنّ الرهان على ذلك خاسر ولكن لا يمكن منع أمريكا من الرهان عليه في محاولة لإسقاط القضية وخلق تشويش في الهوية لفتح مجال أمام الأجيال القادمة للتخلي عن الثوابت.

وتابع: "أمريكا أخضعت الأمم المتحدة كونها الممول الرئيسي لها وهي لا تتعامل معها كمنظمةٍ دولية لها استقلاليتها ويجب احترام قراراتها، وإنما كأداة من أدواتها في العالم، وبالتالي إذا قررت ابتزاز الوكالة فإنّها تبتز الأمم المتحدة".

وأردف قائلاً: "هنا يجب مطالبة الأمم المتحدة كونها من يفرض السياسات على الوكالة الأممية بموقف جدي رفضاً للابتزاز الأمريكي، ويجب مساءلة الأونروا على سلوكها الاستفزازي لموافقتها على توقيع اتفاق مع أمريكا، كون الأخيرة تمتلك القوة المالية بوجه الوكالة الأممية".

وبخصوص الرفض الفلسطيني لاتفاق الإطار، قال رفيدي، إنه "لا يحق لمن وافق على التوقيع على اتفاقية أوسلو أن يتصدر الرفض على اتفاق الإطار، كونه يعد أحد تجسيدات أوسلو، وبالتالي رفض اتفاق الإطار هو رفض لأوسلو كتحصيل حاصل"، كما قال.

وأشار رفيدي إلى أنّ "اتفاق الإطار يرفض تكريم الشهداء والأسرى والحديث عن خارطة فلسطين من البحر إلى النهر وهذا ما تم إقراره في أوسلو وتمت الموافقة عليه من قبل القيادة الفلسطينيّة، حيث ألغى أوسلو مدن الداخل المحتل عام 48 كجغرافيا فلسطينيّة وأقر بعدم الحديث عن المقاومة تحت بند نبذ العنف والإرهاب، وفي حال فكرت القيادة رفض اتفاق الإطار عليها مراجعة نفسها فيما سبق من قرارات واتفاقات"، وفق قوله.

وأفاد بأن "اتفاق الإطار يركّز على جوهر قضية اللاجئين في سبيل إحداث خرق يتماشى مع اتفاق أوسلو الذي همّش القضية حتى يومنا الحاضر وصولاً إلى شطب حق العودة بالكامل"، مؤكداً أنّ "اخضاع حق العودة للمفاوضات مع الجانب "الاسرائيلي" للخروج باتفاق بشكلٍ ملائم للسياسات الإسرائيلية والأمريكية، هو ما سيضرب هذه الحق في الصميم، فيما أنّ حقوق اللاجئ تخضع لقرارات الأمم المتحدة المتفق عليها ليس اتفاقات آنية وليدة ومستحدثة".

وذكر أنّ "قرار الأمم المتحدة 194 ينص على "وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وكذلك عن كل فقدان أو خسارة أو ضرر للممتلكات بحيث يعود الشيء إلى أصله وفقاً لمبادئ القانون الدولي والعدالة، بحيث يعوّض عن ذلك الفقدان أو الخسارة أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة".

وبيّن أنّ "حقوق اللاجئين يجب أن تخضع للتنفيذ وليس للتسويات والنقاش، إلا أن الانهيار في القيادة الحالية أخضع هذا الحق للاتفاقيات للوصول إلى "حل متفق عليه" لقضية اللاجئين"، وفق قوله.

ومن جانبه، أكَّد أستاذ القانون الدولي ثائر العقاد، أنّ "اتفاق الإطار بين الأونروا وأمريكا جاء بشروط تلزم الوكالة الأممية بالخروج عن مهمتها الأساسية التي انشئت لها، وهو إغاثة وتشغيل اللاجئين في كافة أماكن تواجدهم "المناطق الخمس" وتحويلها إلى وكيل أمني للولايات المتحدة الأمريكية خاصة في دائرة شؤون الهجرة واللاجئين التابعة لوزارة الخارجية".

وأضاف العقاد، في حديثه لبوابة الهدف، أنّه "وبحسب الاتفاق، الوكالة ملزمة بفصل أي موظف ينتمي لأي تنظيم سياسي فلسطيني له علاقة بالعمل المقاوم المسلح وتحرير فلسطين، وهذا بموجب قانون المساعدة الخارجية الأمريكي لعام 1961".

وقال إنّ "اتفاق أوسلو وهو إعلان حكم مبادئ مرحلي أرجأ قضية اللاجئين ضمن قضايا أخرى إلى مرحلة الحل النهائي التي سيتم مناقشتها بعد 5 سنوات من توقيع الاتفاق عام 1993، وهذا لم يحدث".

وأوضح أنّ "قضية اللاجئين في القانون الدولي تخضع لقرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 وهو ينص على حق العودة وحق التعويض وحق اعادة الممتلكات"، كما جاء.

تجسيد فكرة إخضاع حق العودة لعدة اتفاقيات هو ما سيكسب شطبه شكلاً أو قالباً واقعياً ويحّوله إلى مادة مفرغة من معاني الصمود والمقاومة، وصولاً لهدم حلم شعبنا الفلسطيني بدحر الاحتلال عن أرضه، لذلك فإنّ إسقاط أوسلو والالتفاف حول أشكال المقاومة الشعبية خاصة الارتجالية منها يعد نقطة مهمة للانطلاق نحو خطوات أخرى أكثر إيلاماً في صدر العدو وأرجح سطوة من الحبر الذي كتب فيه اتفاق الإطار المغطى بالابتزاز المالي.