ترى تحليلات اقتصادية، أنّ أسواق النفط العالمية لن تستقر خلال العام الحالي في ظل استمرار الغموض المحيط بالاقتصاد العالمي نتيجة جائحة فيروس كورونا المستجد من ناحية، والمشكلات التي تحيط بالقدرات الإنتاجية للعديد من الدول النفطية من ناحية أخرى.
بدوره قال المحلل الاقتصادي المتخصص في أسواق النفط جوليان لي أن جميع التوجهات الاقتصادية تجمع على أنّ الأسواق لن تكون هادئة، حيث يرى أنصار التوجه الأول أنّ السوق العالمية ستشهد نمو المعروض والإمدادات بوتيرة أسرع من وتيرة نمو الطلب، لترتفع المخزونات، وقد يضطر تجمع أوبك بلس للدول المصدرة للنفط إلى التفكير في خفض جديد للإنتاج.
ويركز أصحاب التوجّه الثاني، على تراجع مستويات المخزون النفطي للدول للمستهلكة في الوقت الحالي، مع انكماش القدرات الانتاجية الاحتياطية لدى الدول المنتجة في ظل تراجع الاستثمارات الجديدة في مجال التنقيب عن النفط واستخراجه، ويتوقعوا وصول أسعار النفط العالمية إلى 100 دولار للبرميل أو أكثر قبل نهاية العام الحالي، ما لم يشهد الطلب العالمي تراجعًا حاداً.
ووفقاً لتحليلات اقتصادية تم تقديمها لشركة أوبك، سيشهد العام الحالي إعادة تكوين مخزونات النفط لدى الدول المستهلكة، لتعويض النقص الذي شهده العام الماضي، ولن تكون زيادة المخزونات نتيجة لتراجع الاستهلاك أو الطلب.
وتشير التوقعات إلى نمو الطلب العالمي على النفط خلال العام الحالي ليتجاوز مستويات ما قبل جائحة فيروس كورونا المستجد ويصل إلى 101 مليون برميل يوميًا في المتوسط، ويزيد على 103 ملايين برميل يوميًا في كانون الأول/ديسمبر المقبل.
وترى التوقعات بأن هناك قدر كبير من الغموض المحيط بآفاق الطلب بسبب انتشار المتحور الجديد من فيروس كورونا المستجد أوميكرون، إلّا أنّ تراجع العديد من دول العالم عن القيود التي أعادت فرضها لاحتواء تفشي هذا المتحور، تزيد من احتمالات تعافي سوق الطيران العالمية وبالتالي نمو الطلب العالمي على النفط خلال الشهور المقبلة.
وحسب التوقعات هناك احتمالية لحدوث ضعف في أسواق النفط بسبب زيادة الإمدادات، حيث يتوقع تجمع أوبك بلس وصول الإمدادات العالمية إلى أكثر من 104 ملايين برميل يوميا قبل نهاية العام الحالي. ولكن جوليان لي يرى أن هناك مشكلات في هذه التوقعات أبرزها افتراض أن الدول الـ 19 من أعضاء تجمع أوبك بلس المكون من 23 دولة، والتي لها حصص إنتاجية محددة ستتمكن من الوصول بإنتاجها إلى المستويات المستهدفة، لكن الواقع عكس ذلك، فهناك دول لن تصل إلى المستوى المستهدف ودول لا تستطيع الوصول إليه.
ففي كانون الأول/ديسمبر الماضي كان إنتاج تجمع أوبك بلس أقل من سقف الإنتاج المتفق عليه بمقدار 625 ألف برميل يوميا. وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي كان الإنتاج أقل من المستوى المستهدف بمقدار 655 ألف برميل يوميا، ليستمر إنتاج التجمع أقل من المستوى المستهدف للشهر السابع على التوالي. ومن المنتظر ارتفاع هذا الفارق بين الإنتاج والمستوى المستهدف مع قرار التجمع في الأسبوع الماضي زيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميا اعتبارا من أول شباط/فبراير الماضي. معنى هذا أن إمدادات النفط لن تكون كبيرة بالدرجة المأمولة أو التي يخشى منها بحسب منظور كل طرف ينظر إلى مستويات الإنتاج.
وبحسب وجهة النظر التي تتوقع استمرار ارتفاع أسعار النفط، فإن المخزون العالمي من الخام منخفض بالفعل، حيث تبلغ المخزونات التجارية لدى دول المنظمة حاليًا 174 مليون برميل وهو ما يقل بنسبة 6% عن متوسط المخزون خلال الفترة من 2015 إلى 2019.
وفي ظل احتمالية أن تؤدي زيادة إنتاج أوبك بلس إلى تقليص الفجوة في المخزون، فإن هذه الزيادة ستأتي بالتزامن مع تراجع فوائض الطاقة الإنتاجية التي يمكن استخدامها في حال حدوث اضطراب غير متوقع في الإمدادات، وهذه الاضطرابات تلوح في الأفق بالفعل.
وبمرور الوقت ومع عودة الإنتاج إلى مستويات ما قبل الخفض الكبير الذي تم إقراره في نيسان/أبريل الماضي، لن يكون لدى العالم أي طاقات إنتاجية احتياطية أكثر من2.5 مليون برميل يوميا بما يعادل 2.5% من إجمالي الطلب العالمي، وهو رقم ضئيل جداً بالمعايير التاريخية، ولا يمكن أن يضمن استقرار السوق العالمية.