Menu

في الذكرى السادسةِ والأربعينَ ليومِ الأرض

غازي الصوراني

نشر هذا المقال في العدد 36 من مجلة الهدف الإلكترونية

الثلاثون من آذار، ذكرى لها دلالتُها في تاريخِ الحركةِ الوطنيّة للشعبِ الفلسطينيّ، ففي ذلك اليوم من عام 1976، هبّت الجماهيرُ الفلسطينيّةُ في الجليلِ والنقبِ في فلسطين المحتلّة 48 وشاركتها الجماهيرُ الفلسطينيّةُ في باقي الأراضي المحتلّة عامَ 1967، والشتات ضدّ عمليّةِ  المصادرة للأراضي التي تقوم بها سلطةُ العدوّ الصهيونيّ، فقد وقف الشعبُ الفلسطينيُّ يدافع عن أرضه التاريخيّة التي أنجبته واحتضنته عبرَ آلاف السنين، وانتمى إليها وأعطاها محبّته وعقله وأودعها أحلامه جيلًا بعد جيل، وأعطته الوطن والحياة بمثل ما أعطته هويّته الوطنيّة والإنسانيّة، فكان إخلاصُهُ لها وتضحياته من أجلها نقيًّا صادقًا بلا حدود؛ الأمرُ الذي يبرّر ويعزّز صراعنا - نحن الفلسطينيين - ضدّ الدولة الصهيونيّة باعتباره صراعًا وجوديًّا، وهو أيضًا صراعٌ من أجل فتح أفق الثورة الوطنيّة الديمقراطيّة في كلّ قطر ٍ عربيٍّ على طريق التوحيد القوميّ والتطوّر والحداثة والديمقراطيّة والعدالة الاجتماعيّة بآفاقها الاشتراكيّة؛ الأمرُ الذي يجعل معالجةَ المسألة الفلسطينيّة متضمّنة في المشروع القوميّ الديمقراطيّ العربيّ بصورةٍ موضوعيّةٍ ونضاليّةٍ في آنٍ واحد، ويؤسّس في سياق النهوض الشعبيّ العربيّ إلى تغيير موازين القوى لحساب مصالح الجماهير الشعبيّة العربيّة ومستقبلهم.

ومرّةً تلوَ أخرى نستعيدُ - نحن الفلسطينيّين - في ذكرى يوم الأرض، أطيافَ ذكرياتٍ ماضيّة، وإصرارًا على مواصلة النضال من أجل العودة وتقرير المصير والحريّة والاستقلال، لكن في وضعٍ مؤسّفٍ عنوانه "تزايد الصراع بين قطبي الصراع فتح وحماس على السلطة والمصالح" وانسداد الأفق السياسيّ بالنسبة للدولة أو المشروع الوطني لا فرق، والسؤال هو: ما تلك الغنيمة الهائلة التي يتنازع قطبا الصراع المتصادمان عليها؟ لا شيءَ سوى مزيدٍ من التفكّك والانهيارات والهزائم.. فالحربُ بين الفلسطينيّ والفلسطينيّ لن تحقّق نصرًا لأيٍّ منهما، إنّما هزيمةٌ جديدةٌ لمن يزعمُ أنّه انتصر، يؤكّد على هذا الاستنتاج الواقع الراهن الذي يعيشه أبناء شعبنا في الوطن والشتات، لكن الأدهى والأشدّ مرارة من الانقسام الفلسطيني يتجلّى في تفاقم مظاهر التبعيّة والتخلّف في الأنظمة الكومبرادوريّة العربيّة الحاكمة، وخضوعها لشروط العدوّ الأمريكيّ/الصهيونيّ وتطبيعها واعترافها بالكيان الصهيوني على حساب حقوق شعبنا الفلسطينيّ التاريخيّة والشرعيّة، وفي مثل هذهِ الأوضاع، ليس من الممكن التفكير بفلسطين كيانًا قطريًّا، وهذا يعني تأكيد الطابع العربيّ لفلسطين مقابل "تهويدها" ما يؤكّد على أنّ النضال الفلسطينيّ لا يمكن أن ينعزل عن عمقه وَفْقَ قواعد وأسس الصراع باعتباره صراعًا عربيًّا صهيونيًّا بالدرجة الأولى، ما يعني أن لا آفاق للنضال الفلسطينيّ سوى أن يكون في طليعة النضال التحرّري والديمقراطيّ العربيّ ومساندة قوى التغيير الثوري كافةً؛ الهادفة إلى إسقاط أنظمة الكومبرادور، وولادة أنظمة الثورة الوطنيّة الديمقراطيّة بآفاقها الاشتراكيّة  .

انطلاقًا من ذلك يمكن أن يصاغ الحلّ، على أساس أنّ فلسطين جزءٌ من دولةٍ عربيّةٍ ديمقراطيّةٍ موحّدة، وأن تتحقّق عودة اللاجئين الذين شُرِّدوا منها بالرغم من كلّ الصعاب أو "المستحيلات" التي يزعمها البعض، ذلك أنّ شعبنا الذي رسم بالدم – آلاف المرّات – خارطةَ الوطن عبرَ نضاله وتضحياته من أجل حقّ العودة هو شعبٌ قادرٌ - مهما طال زمن الانحطاط العربيّ - على تحقيق حلم الانتصار.

في الذكرى السادسة والأربعين لانتفاضة يوم الأرض الفلسطينيّ لعام 1976، نستذكر أحداث ذلك اليوم، حيث عقد ممثلو المجالس المحليّة العربيّة بمشاركة حركة أبناء البلد والشيوعيّين وغيرهم من التقدميّين اجتماعًا لهم، في مدينة الناصرة، للبحث في الإجراءات التي ينبغي اتباعها، للتصدّي لقرار المصادرة إياه، وتوصّل المجتمعون إلى القرارات التالية:

1.     إعلان يوم 30 آذار / مارس يومًا للأرض الفلسطينيّة.

2.     إعلان الإضراب العام، والانقطاع عن العمل، والدراسة، والتجارة، في جميع مرافق الحياة في القطاع العربي، طوال هذا اليوم.

3.     القيام بمظاهرة أمام الكنيست، وتقديم طلب إلى السلطة، لإلغاء مشاريع المصادرة.

4.     إرسال وفد إلى الأمم المتحدة، حتى تتراجع إسرائيل عن قراراها ذاك .

وقع هذا القرار 48 من رؤساء البلديات، والمجالس المحلية، ومسؤولي لجان الدفاع عن الأراضي، في المدن والقرى العربيّة في فلسطين المحتلّة.

وعبثًا، حاولت حكومة العدوّ إحباط هذه القرارات؛ فامتدّت انتفاضة "يوم الأرض" من أعالي الجليل إلى المثلّث، وانطلقت يوم 30/ 3 أقوى مظاهراتٍ عربيّة في دولة الكيان الصهيونيّ، منذ اغتصابها لفلسطين، حيث خرج الآلاف من أهالي قرى: دير حنا، وعرابة، وسخنين، وكفر كنا، والطيبة، وأم الفحم، ونجف، والطيرة، ومدينتي عكا والناصرة، أدّت إلى وقوع اشتباكاتٍ بين المتظاهرين العرب، وقوّات الشرطة، وجيش الإسرائيليين ، وشلّ الإضراب كلّ مظاهر النشاط في الوسط العربيّ بإسرائيل، وقامت ناقلات الجنود، وطائرات الهليوكبتر الإسرائيليّة بعزل القرى المضربة عن باقي أنحاء فلسطين، وكالعادة كان الردّ الإسرائيلي عنصريًّا، عسكريًّا ودمويًّا؛ إذ اجتاحت قوّاته مدعومةً بالدبابات والمجنزرات القرى الفلسطينيّة والبلدات العربيّة، وأخذت بإطلاق النار عشوائيًّا؛ فسقط الشهيد خير ياسين من قرية عرابة، وانطلقت الجماهيرُ في تظاهراتٍ عارمةٍ فسقط خمسة شهداء آخرين وعشرات الجرحى.

شهداء يوم الأرض :خير ياسين /عرابة، خضر خلايلة وخديجة شواهنة، محسن طه/ سخنين، محسن طه/ كفركنا، رأفت علي زهدي/ من مخيم نور شمس واستشهد في الطيبة.

لقد كانت تلك الانتفاضة، بمثابة رد شعبنا الفلسطيني داخل فلسطين المحتلة 48، على إجراءات العدو الصهيوني العنصريّة وقرارته كافةً، إلى جانب قراره بالنسبة لمصادرة الأراضي، وقد ثار شعبنا السجين صاحب الأرض والتاريخ على الجلاد الغاصب، ولم يكن شهداء الثلاثين من آذار 1976 رموزًا ليوم الأرض؛ ليس لأنهم الوحيدون فحسب، بل أيضًا لاتّصالهم المباشر بالمناسبة، فكل شهيدٍ في فلسطين يرمز بشكلٍ أو بآخر إلى التمسّك بالأرض، وإلى أهميّة الأرض. ومنذ الانتفاضة يوم 30/آذار/1976 إلى يومنا هذا، أظهر يوم الأرض:

  1. الأهميّة الخاصّة للانسجام والتفاعل بين الحالة الجماهيريّة المتقدّمة والإصرار على الدفاع عن الحقوق الوطنيّة والاجتماعيّة، وبين توفّر القيادة القادرة علي المبادرة، واتّخاذ القرار النضاليّ الحازم والمناسب .
  2. إنّ الإمكانيّات الكفاحيّة لأبناء شعبنا الفلسطيني في أرضه المحتلّة 1948 متوفّرةٌ رغم بشاعة المحتلّ الصهيونيّ الغاصب.
  3. الارتباط التاريخيّ والراهن والمستقبليّ بين نضالات شعبنا الفلسطيني في كلّ أماكن وجوده سواءً في الوطن المحتلّ أو المنافي.
  4.  تعاظم شعور الانتماء الوطنيّ والقوميّ والنضاليّ لأبناء شعبنا الفلسطيني في أرضه المحتلّة 48، مع تعاظم الشعور الغامر بالثقة بالنفس وبالحقوق التاريخيّة، وروح التحدّي والصمود في وجه غطرسة العدوّ الإسرائيلي.

نستلهم هنا قول المناضل والشاعر التقدّمي الراحل توفيق زياد ليوم الأرض: بين الثلاثين من آذار 1976 والثلاثين من آذار اليوم 2022 كبر شعبنا كثيرًا، ربّما أكثر مما كبر خلال 46 عامًا... "نحن لم نعد أقليّة الخمسينات والستينات المستضعفة، بل أصبحنا شعبًا ما بعد الثلاثين من آذار".

كان ليوم الأرض الأثر الأكبر على تأكيد وتجسيد بلورة الهويّة السياسيّة الوطنيّة للفلسطينيّين، تلك الهوية المرتبطة راهنًا ومستقبلًا بالهوية القوميّة العربيّة ذات الطابع والجوهر الديمقراطيّ التقدّمي، فبعد أن كان الفلسطينيّ هنا رهينةً في قفص الخوف والعزلة والتردّد تحوّل إلى نموذجٍ في المواجهة، كما في الانتماء والارتباط بمصير شعبٍ بأكمله، تحوّل إلى نموذجٍ في التحدّي والتصدّي والصمود على أرض وطنه، لا يهمّه أن يضحي في سبيل البقاء حرًّا أبيًّا في وطنه مهما عظمت التضحيات! أصبح يعلنها جليّةً واضحةً مدوّية.. (هذا وطننا وإحنا هون).. وقد دخلت إلى قواميسنا عباراتٌ ومصطلحاتٌ وشعاراتٌ غيّبتها عقدة الخوف والتردّد! ودخلنا معها مرحلةً جديدةً من تاريخنا؛ مرحلةً عنوانُها... "هنا على صدوركم باقون كالجدار.. وفي حلوقكم كشوكة الصبار... كأننا عشرون مستحيل في اللد والرملة والجليل".

في الثلاثين من آذار 1976 سجّل الأحرار عباراتهم بدم ستة شهداء لم ينتظروا مؤتمر قمّةٍ عربيّةٍ أو لجنةٍ رباعية، أو مبادرةٍ أمريكيّة، أو خطّة أوروبيّة... لقد دوّنوا بدمائهم قرارَ الشعب... لن تمرّوا... أرضنا حياة وبداية ليس لها نهاية... أرضنا حرية وكرامة، فكانوا بذلك كأنهم يمارسون أنبل وأقوى مشاعر التحدي لعملية الهبوط والخضوع والهوان الرسمي العربي من أنظمة العمالة التي تتآمر اليوم على قضيتنا ومستقبل شعبنا بوقاحه عزّ نظيرها كما هو الحال في استجابتهم لدعوة العدو الصهيوني للمشاركة فيما يسمى بـ"قمة النقب".

على أي حال، إنّ معركة الأرض لم تنتهِ في 30 آذار، بل هي مستمرّةٌ حتّى يومنا هذا، ونستطيع أن نقول: إنّ كل الأيام الفلسطينية هي بمثابة يوم الأرض، أو يوم التحدي والمجابهة لممارسات العدو الصهيوني ومقاومة عدوانه وإجراءاته ضدّ شعبنا، خاصةً أنّ حكومة الاحتلال العنصريّة لم تتوقّف أبدًا عن سياستها في مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات وهدم البيوت وطرد السكان، خاصّةً في العديد من مناطق ومدن الضفّة الغربيّة عمومًا، ومن محيط عاصمتنا الخالدة القدس خصوصًا، كما هو الحال مع ممارسات العدوّ الصهيونيّ في الخان الأحمر والشيخ جراح وسلوان والأغوار.

إنّ الأرض والاستقلال والسيادة الوطنيّة للشعب الفلسطينيّ، كانت وتظلّ جوهر وعقدة العصب للقضيّة الفلسطينيّة بكلّ ما للكلمة من معنى، ومن ثَمَّ فإنّ حقّ العودة وتعزيز الهُويّة مشروطٌ بعودة الأرض وتحريرها، وما تفرضه تلك العمليّة التحرّرية من مراكمة عوامل المواجهة الثوريّة لمخطّطات التحالف الإمبرياليّ /الصهيونيّ/الرجعيّ العربيّ، الرامية لتصفية القضيّة وإنهاك وإنهاء الكيانيّة الوطنيّة الفلسطينيّة؛ وذلك انطلاقًا من أنّه دون تصفية وإزاحة تلك المخطّطات وأنظمة التبعيّة، فإنّ الحديث عن حق العودة يصبح أقرب الى الوهم.

ومن ثَمَّ فإنّ حرية شعبنا واستقلاله لن تتحقّق إلا بامتلاكه لأرضه عبرَ وجوده وصموده وتعزيز بقائه، الذي يستلزم توفير مقوّمات الصمود على الأرض، معلنًا رفضه لكل ممارسات الاستعباد والقهر السياسيّ والاجتماعيّ والطبقيّ، حيث يملك كامل حرّيته الشخصيّة والعامة معتدًّا بكرامته وقدرته على التعبير عن رأيه ومعتقداته الوطنيّة والمجتمعيّة؛ فالتحرّر الحقيقي من الاحتلال لن يتحقق إلا من خلال الإنسان الحر، ذلك أن الذليل المُهان - كما يقول بحق عميد الأدب العربي طه حسين - لا يستطيع أن يُنتج إلاّ ذُلًّا وهوانًا، ولن يحقّق حريةً واستقلالًا.

في ضوء ما تقدّم، فإنَّ حديثي عن الأرض، وأيّام الأرض هو حديثٌ عن الوفاء والانتماء لها والوفاء لعشرات الآلاف من الأسرى والجرحى والشهداء الذين ضحّوا من أجلها طوال المائة عام الماضيّة، على مختلف انتماءاتهم، ومعتقداتهم، وقناعاتهم، وميولهم السياسيّة التي وإن اختلفت في اللون والمعتقد السياسيّ أو الدينيّ، إلا أنّها أجمعت واجتمعت على بوصلةٍ واحدةٍ عنوانها فلسطين، وأن الدين لله والوطن والأرض للجميع.

وسؤالنا اليوم: هل كان يوم الأرض الفصل الأخير في قصة الصراع على أرضنا الفلسطينيّة، أم أنّ عدوانيّة الدولة الصهيونيّة وغطرستها امتدّت بمزيدٍ من العنصريّة ومصادرة الأراضي في الضفّة المحتلّة عام 1967 واستمرار حصار قطاع غزة؟

الجواب البديهي بالطبع نعم. لقد تزايدت واستشرست عدوانيّة الصهاينة ليس في ظلّ مساندة الإمبرياليّة الأمريكيّة لهم فحسب، بل أيضًا في ظلّ خضوع وارتهان وتطبيع معظم النظام العربي واعترافه بالكيان الصهيوني، الأمر الذي يدفعني الى طرح السؤال التقليدي مجدّدًا على رفاقي في كلّ أرجاء الوطن العربي: ما العمل؟ ما هي العمليّة النقيض لذلك كله؟

إنّ اجتهادي في الإجابة عن هذا السؤال مرهونةٌ بصحوةٍ حقيقيّةٍ نشطة، سياسيًّا وفكريًّا وتنظيميًّا، من قبل أحزاب وحركات اليسار في بلادنا في كل أرجاء المشرق والمغرب، على الرغم من إدراكنا للطبيعة المركّبة والمعقّدة لأزمة هذه الأحزاب، ومرهونة أيضًا بتبلّور ولادة أحزاب وحركات يساريّة ماركسيّة ثوريّة قادرة على التقاط هذه اللحظة، ومن ثمّ الالتزام بعملية النضال الحقيقي السياسي الديمقراطي والجماهيري من منظورٍ طبقي، من أجل تحقيق الأهداف التي تتطلع إليها جماهيرنا الشعبية، وخاصة إسقاط رؤوس وأنظمة التبعية والاستبداد والتخلّف والاستغلال، وتأسيس النظام الاشتراكي الديمقراطي الجديد، وذلك إيمانًا ووفاءً للمبادئ القوميّة التقدميّة الثوريّة التي أطلقها المفكّر الثوريّ الراحل جورج حبش عبرَ تأكيدِهِ على أنّ الطريق إلى تحرير فلسطين أو تحرير أيّ بقعةِ أرضٍ عربيّة من الإمريكان أو الصهاينة، مشروطٌ بتحرير العواصم العربيّة من حكامها العملاء عبرَ ممارسة ومراكمة كافة أشكال النضال الهادف إلى إسقاط أنظمة التبعية والعمالة والاستغلال والتطبيع، من خلال أحزاب وحركات ثوريّة ماركسيّة قوميّة ملتزمة بتطبيق أهداف الثورة الوطنيّة الديمقراطيّة، وذلك انطلاقًا من أنّ هذه الثورة هي استمرارٌ لثورة التحرّر الوطنيّ من جهةٍ وهي أيضًا استمرار لسيرورة الثورة الاشتراكية من جهة ثانية، انطلاقًا من العلاقة الجدليّة بين الثورة الوطنيّة الديمقراطيّة والثورة الاشتراكيّة، باعتبار أنّ الثورة الوطنيّة الديمقراطيّة هي في الوقت نفسه ثورة وطنية وطبقية مناضلة ضد كل أشكال التبعية والتخلف والاستغلال والاستبداد، وضد الوجود الإمبريالي الصهيوني في بلادنا، وهي أيضًا ثورة مناضلة ضدّ كافة قوى اليمين بكل أطيافه وألوانه ومضامينه، فهي ثورة تستهدف تحقيق الاستقلال الوطني والسيادة الكاملة على الأرض والموارد والتوزيع العادل للثروة والدخل، وهي أيضًا ثورة ضدّ كل قوى التخلّف السياسيّ والمجتمعيّ، وضدّ القوى البورجوازيّة وكلّ مظاهر الاستبداد والإفقار والاستغلال الرأسمالي، ومن ثَمَّ فإنّ قيادة الثورة يجب أن تتوّلاها الطبقات الشعبيّة الفقيرة من العمال والفلاحين الفقراء بقيادة أحزاب يساريّة ماركسيّة ثوريّة.