يستذكر المحللون الاسرائيليون عملية السور الواقي في العام ٢٠٠٢، واجتياح الضفة الغربية واحتلالها، وبعد عشرين عاماً، لم تتوقف السياسات والجرائم الإسرائيلية والقمع والاستيطان وإرهاب المستوطنين، ومحاولات اخضاع الفلسطينيين والتنكر لحقوقهم، وتجاهل وجودهم. وما يهم دولة الاحتلال هو الحفاظ على أمن واستقرار الإسرائيليين بواسطة وكيل أمني فلسطيني عبر التنسيق الأمني واستمرار العلاقات مع الاحتلال وتجاهله لحقوق الفلسطينيين واعترافه بالسلطة الفلسطينية والحفاظ عليها للمساعدة في حفظ أمن دولة الاحتلال. ولم تدرك دولة الاحتلال، أن كل ما قامت به خلال الأيام الماضية ونشر آلاف الجنود ورجال الأمن والشرطة، وإشراف وزارة الأمن الداخلي والشاباك ورئيس هيئة الأركان، لم تستطع كل هذه الحشود والآلة الأمنية والتكنولوجيا والاعتقالات والمراقبة الحثيثة لحياة الفلسطينيين، بكبح جماحهم ولم تنجح دولة الاحتلال بمنع شخص وحيد من هز دولة الاحتلال وارباكها، وفشل منظومتها الأمنية، وأن ابتهاجها بقمة المطبعين في النقب لن تهمش القضية الفلسطينية، وأن الطريق للسلام يمر فقط عبر فلسطين وقضيتها العادلة، وأن مباركة الولايات المتحدة والدول الأوروبية المنافقة لهذه القمة وتشجيع أنظمة التطبيع والتي تكيل بمكيالين، ومتواطئة مع سياسات دولة الاحتلال، وما نشاهده من اتخاذ سياسات عقابية بسرعة الصاروخ ضد روسيا دليل على ازدواجية المعايير.
الشعب الفلسطيني وكل ما يملكه من طاقة كامنة وحقه في المقاومة، لن يخضع والمقاومة الفلسطينية مستمرة بأشكالها المختلفة، مرات تتراجع ومرات أخرى تتصاعد، وهي حق مشروع في مواجهة البطش والصلف الإسرائيلي، وهي مقاومة تسير في سياقات تاريخية شعبية رفضا للاحتلال، وإن الشعب الفلسطيني مهما تعرض للقتل والاعتقالات والقمع، فهو يحافظ على سرديته التاريخية وسياسات المحو والاحلال والتهجير والطرد منذ ٧٤ عاما من النكبة، ويدافع عن وجوده ومصيره وتاريخه وكرامته.. وما هو المطلوب من الفلسطينيين؟ هل الخضوع والاستسلام، والرضا بتسهيلات وبالحلول الاقتصادية ومن المحتمل أن تؤدي عملية تل أبيب ليلة الجمعة إلى قرار إلغاء التسهيلات الإسرائيلية ليوم غد الجمعة الأولى من رمضان، وابتزاز الفلسطينيين، وحصارهم وافقارهم؟ ومتى سيدرك قادة الاحتلال أن ما جرى اليوم والايام الماضية، وأن حالة الفوضى والخوف والهلع في شوارع تل أبيب، والشعور بعدم الأمن، كل ذلك جزء من ما يعانيه الفلسطينيين بشكل يومي من قتل وخوف؟ وهل على الفلسطيني في فلسطين المحتلة سواء في القدس وقطاع غزة والضفة أن يختار، إما الحصار والقتل، أو “التهجير” أو “الترانسفير” أو “الطرد”. طرد جماعي . والدفع نحو هروب زاحف وتهجير ببطء، وتستغل دولة الاحتلال هذه العمليات بعنف المستوطنين والجيش، وما يحدث في مناطق (ج) والتجمعات الفلسطينية، وأن حوالي 60 في المئة من الضفة الغربية، مهددة بالتهجير كما يحدث في الأغوار ومسافر يطا وغيرها من التجمعات، ومنع تزويد وربط مناطقها بشبكة المياه والكهرباء والشوارع وذلك نوعاً من التهجير الزاحف، واجبار الفلسطينيين على مواصلة العيش في ظروف تقييد وملاحقة لا تتوقف؟
حياة كهذه تبدو مستحيلة للفلسطينيين، هذا هو الاحتلال ونظام الفصل العنصري، الذي يتلقى الدعم الكامل من مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها المحكمة العليا، وما تمارسه دولة الاحتلال منذ عقد ونصف من الزمن بحصار قطاع غزة وشل جميع مناحي حياة الفلسطينيين ومصادرة حقوقهم الطبيعية المتأصلة فيهم، وهذا مرتبط بمحاولات دولة الاحتلال كي وعي الفلسطينيين وردعهم عن الدفاع عن أنفسهم وحقهم في الحرية وتقرير المصير.