لقد حان الوقت في ظل ما يجري في مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية المحتلة، خاصة في نابلس وجنين من استمرار ارتكاب الجرائم الوحشية من قبل قوات الاحتلال الغاشم، لأن يطالب الشعب الفلسطيني المجتمع الدولي ومنظماته السياسية والإنسانية، وفي مقدمة ذلك هيئة الأمم المتحدة، بتوفير الحماية الدولية له من إرهاب الدولة العبرية المنظم التي لم تلاقَ أي عقاب من المؤسسات الدولية؛ فلا يجوز أن يبقى الشعب الفلسطيني الأعزل بدون هذه الحماية أمام ممارسات الكيان الصهيوني العدوانية الإجرامية التي فاقت كل المعايير الدولية المتعارف عليها عند الشعوب التي ترزح تحت نير الاستعمار، حيث ازدادت جرأة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية في القمع والعدوان، في ظل سياسة التخاذل والتقاعس التي تبديها المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية في حماية المدنيين الفلسطينيين. فإذا كان هناك من حرص تبديه الأمم المتحدة تجاه الأقليات في المجتمعات الإثنية التي تتعرض لاضطهاد وقمع من قبل النظم السياسية الاستبدادية، ومن قبل بعض التنظيمات والحركات العنصرية والدينية المتشددة، فلماذا لا يوجد نفس الحرص على الشعب الفلسطيني الأعزل الذي يواجه آلة الدمار الصهيونية الفتاكة؟
في صراعات جمهوريات الاتحاد اليوغوسلافي السابق الذي إنهار تحت وطأة النزعة القومية التي انتعشت بعد تفكك الاتحاد السوفييتي السابق وانهيار حلف وارسو وزوال المعسكر الاشتراكي، ظهرت على المسرح السياسي الدولي قضية إقليم كوسوفو ذي الغالبية الإسلامية الذي كان يئن تحت قمع عنصري صربي، منطلقًا من نزعة عرقية سلافية ومذهب مسيحي أرثوذكسي، وكانت جمهورية صربيا تعتبر هذا الإقليم جزءًا من أراضيها، وقد وقف الغرب كله وفي مقدمته الولايات المتحدة مع مطلب الحماية الدولية للإقليم، وتم بذلك وضعه تحت وصاية الأمم المتحدة حتى نال استقلاله السياسي الكامل. والسؤال: لماذا لا يطبق هذا النموذج على أرض الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟ وهل من العدالة أن يبقى شعب فلسطين يرزح بدون رحمة إنسانية تحت حكم دولة إسرائيل المارقة على القانون الدولي تتمادى في القمع والعدوان الذي يتخذ أشكالًا متعددة؛ من احتلال للأرض، إلى استباحة وتهويد للمقدسات إلى التوسع في الاستيطان إلى اعتقال آلاف من الأسرى، بالإضافة إلى استمرار التنكر للحقوق الشرعية الفلسطينية، حيث نصف الشعب الفلسطيني بعيش في أماكن اللجوء بلا وطن ونصفه الآخر يقبع تحت احتلال غاشم، وفي زمن عجزت فيه القوى الدولية الكبرى (الرباعية الدولية) عن فرض حل عادل للقضية الفلسطينية ...؟
