Menu

ثأر الأحرار.. نصر عشية ذكرى النكبة

رانية زكريا لصوي

انتهت الجولة ولكن لم تنتهِ المعركة، ولم تنتهِ فصولها الطويلة. سجلت المقاومة الفلسطينية نصرًا جديدًا بدماء ثلة من الشهداء الأبطال والكثير من الأسئلة التي بقيت مفتوحة برسم الإجابة، البحث والتدقيق... 
سياسة الاغتيالات التي ترتبط بعنصر هام ومهم هو العميل والقدرة على الاختفاء، لماذا؟ وكيف تم اغتيال هذه الإسماء الكبيرة؟ والى متى نُغفل ونتغافل عن محاسبة العملاء والجواسيس ليكونوا عبرة لمن لم يعتبر بعد؟!
معركة على الأرض ومعركة في الإعلام..
خاضت فصائل المقاومة من خلال غرفة العمليات المشتركة معركتها مع الكيان المحتل، وثبتت تكتيكًا جديدًا؛ أخرت فيه الرد المنتظر وأربكت الاحتلال، وكما الفئران زرعتهم في ملاجئ.. 
في جولات سابقة كانت سياسة عض الأصابع هي الفيصل، وقدرتنا على قضم الأيدي كبيرة، نحن شعب يزغرد لشهدائه ولا يزيده ذلك سوى قوة وقدرة على الاشتباك؛ لذا كان تأخر بداية الرد لـ 35 ساعة أربكت العدو فعلٌ جيد؛ حصدت نتائجه فصائل المقاومة. 
على الصعيد الأخر؛ كان هناك معركة مختلفة، للأسف باتت مكررة، مستهلكة، فمنذ بداية الجولة والصد والرد، وعلى حساب الخبر وحجم التأثير، يكون التركيز الإعلامي الأكبر على شروط التهدئة المرتقبة وحيثيات التفاوض ووقف إطلاق النار.. 
على أهمية البعد السياسي لأي فعل عسكري في أي جولة مواجهة بين المقاومة والكيان المحتل، إلا أن الاهتمام بالنهايات على حساب الخبر اللحظي وتحليله وتناول مجرياته لم يعد شيئًا جديدًا ولا مفيدًا؛ تتشابه التغطيات وتختلف السنين فقط. التركيز على الرد وطريقته وتوقيته أيضًا حرب إعلامية ليست في مكانها؛ فنحن نتناول هنا قضية شعب وأرض محتلة تتعرض بشكل يومي للاعتداء من كيان محتل وغاصب، وتناضل بشتى الطرق والوسائل من الحجر إلى الصاروخ وكل أشكال الصمود هي رد.
مراكمة المقاومة وقدرتها في كل مرة على مفاجأة العدو الصهيوني بقدراتها هي الانجاز الميداني الذي يتفوق على السياسي وماهية شروط وقف إطلاق النار، ومن هنا نرى أن المقاومة في كل جولة اقتتال تحقق نصرًا جديدًا، رغم أعداد الضحايا من المدنيين وقادة الميدان.
حرب في وسائل التواصل الاجتماعي
لا يمكن لنا بمكان إغفال أهمية مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على خلق الرأي العام وتحريكه، باتجاه طرف ما، وباتت هذه من المعارك الهامة التي يخوضها الاحتلال الصهيوني وأعوانه في العالم وبشكل يومي؛ غير مرتبط بأي جولة من جولات الصراع مع المقاومة. ولكن، وعند الاشتباك باتت مواقع التواصل الاجتماعي مؤشر على حدة الاشتباك وانعكاس للصراع الدائر على الأرض، أما عن الصهيو إمبريالية وعملائها فهم يحكمون السيطرة على هذه الأدوات وتشد القبضة على كل من يدعم المقاومة بكل أطيافها ومحاورها. 
هذا الطبيعي، ولكن من غير الطبيعي أن يصبح الفعل والعقاب على وسائل التواصل الاجتماعي هو شكل النضال الممكن والقادرين عليه، بل أيضًا أصبحنا نتغنى به على حساب غياب الفعل على أرض الواقع، وهذا يطلق لنا سؤال مدوي: لماذا تركت الحصان وحيدًا يا ابن أمي؟
قواعد الاشتباك واستدامته..
لم تنتهِ المقاومة ولم يستطيع الكيان الصهيوني إنهاء حركة الجهاد الاسلامي التي استهدفها بشكل مباشر ووقح، سواءً باغتيال الشيخ خضر عدنان في الضفة، أو استهدافها عسكريا وقيادتها في غزة، بل حتى اللحظة الأخيرة وما بعد "دخول التهدئة"؛ كرست وأصرت المقاومة ومنها حركة الجهاد الإسلامي على أن تكون الكلمة الفصل فلسطينية، والطلقة الأخيرة فلسطينية.. إذًا لم يتحقق الهدف رغم أن الضربة موجعة. 
الكيان الصهيوني الذي بدأ المعركة؛ حدد أهدافه؛ كان معنيًا تمامًا بأن لا تطول، كي لا تشكل ضغطًا دخليًا عليه من جهة، وعلى حركة حماس للانخراط في المعركة من جهة أخرى؛ ففوجئ بقدرات المقاومة الذاتية عسكريًا والمتطورة والقادرة في كل مرة على خلق معايير جديدة للمعركة، وهذا النصر.
حماس خسرت إذ أدارت اللعبة سياسيًا فقط؛ المشاركة في القرار الميداني، والمساهمة في وحدة الفعل دون فعل لا تجدي، ولم تشكل عنوان مقاومة، بل جزء من تكريس دورها كسلطة.
نسور كتائب الشهيد أبو علي مصطفى لها ما تحصده في كل معركة وجولة مع الاحتلال الصهيوني على صعيد خاص؛ الانخراط في المعركة منذ اللحظة الأولى إلى نقطة الصفر؛ تقديم الشهداء الأبطال؛ التضحية والقدرة على العطاء، رغم عظم الهجمة والضربات المتتالية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين؛ اعتقال قادتها وقواعدها... خير مثل لحالة من التجذر والصمود؛ البقاء والعطاء، فلا سياسات الاغتيال ولا الاعتقال ولا الزنازين تعيق من أراد الكفاح المسلح له نهجًا... التحية للرفاق.
لم تسقط الراية ولن تسقط المقاومة، نبقى بعزة ما دامت غزة بنصر؛ ثأر الاحرار نصر جديد في ذكرى النكبة لنؤكد أننا هنا وسنبقى.