قصة: كالي تايلور
أحكم وضع المعطف المبتل عليه، وارتدى القبعة والحذاء وأغلق الباب الخارجي في رفق، ثم كان هناك صوت نقرة. بقيت ماما واقفة في المدخل وسط الظلام، بينما أجلس أنا في أعلى السلم، أراقب كل ما يحدث، أغلقت عيني عندما حدقت ماما في وجهي واختفت.
لم يعد أبى في صباح اليوم التالي، ولم تعد أمي له مكانا على مائدة الإفطار، ولم أسألها أين ذهب، ولم تخبرني هي كذلك.
قالت:
كل بيضك.. حافلة المدرسة على وشك الوصول.
أكلت ولكن البيض كان بارداً ومخاطياً، غص به حلقي، وعندما بدأت في السعال، صفعتني أمي بقوة على ظهري، فصرخت.
قالت:
كف عن الشكوى... أنت لم تعرف معنى البؤس بعد.
وعندما لم تقبيلي، ولم تقل لي مع السلامة عند الباب الخارجي، عرفت أنها لن تعود إلى تقبيلي مرة أخرى.
صعدت سلم الحافلة بالطريقة التي تعودت أن أصعد بها، خطوة خطوة خطوة، لكن الأطفال الآخرين ظلوا يصوبون نظراتهم نحوي في استنكار حتى انزلفت في مقعدي، ثم خرقت الكلمات أذني:
اغتصب أبوك المرأة البيضاء.. نعم فعل ذلك.
لا أعرف معنى الاغتصاب، لكنني أعرف الكلمة، أعرف ما حدث للسيد بيلوز بعد أن اغتصب السيدة البيضاء. لقد قالوا عنه كل أنواع الأشياء الرديئة داخل غرفة المحكمة، وكذلك عن زوجته وأطفاله، وفي الشارع بصق الجميع عليهم، وعندما تم تعليقه من رقبته وسط الساحة الواسعة، وشاهد الجميع الفضاء الخالي المحيط بهم انه محبوب، مازلت أتذكر كم كانت عيناه واسعتين، وكم كان خائفاً، كنت أعرف ذلك جيدًا. بينما كانت الحافلة تخلف وراءها غباراً وقذارة وتكسر عظامنا طوال الطريق إلى المدرسة، كنت أفكر فى أبى، تخيلته وهو يجرى عبر الحقول فى معطفه المبتل وقبعته المحكمة وحذائه يضرب بسرعة باطن قدميه الشاحبتين، وفكرت فى العمدة وهو يطارده والبندقية في يده، وكلابه تلهث بجواره مفتوحة الأفواه، يسيل اللعاب منها.
عندما اهتزت الحافلة بقوة وتوقفت أمام المدرسة، تطلعت إلى الحقول والعصافير تطير وتنقض على الأشجار وتصوصو في بهجة. وعلى حافة حقل الذرة كان هناك ولد صغير، يداه مشبكتان فوق رأسه، وثمة شيء يتلوى بين أصابعه، قفزت من فوق مقعدي، نزلت السلم مسرعا، أخذت السلمتين في مرة واحدة
قلت:
– ما الذي معك هناك... ما الذي في يدك؟
حدق الولد في وجهي وتراجع خطوة إلى الخلف، كانت ذقنه بارزة بشكل واضح.
– ليس هذا من شأنك.
فقلت وأنا ألوى ذراعه:
دعني أرى. دعني أرى الآن وإلا سأقول.
أنزل الولد ذراعيه، وفتح أصابعه قليلاً، عندئذ برز عصفور برأسه، ونظر إلىّ بعينيه الضعيفتين الصفراوين، وكان هناك دم على المنقار.
قال الولد:
– إنه مريض. كنت أنوي أن آخذه إلى البيت وأضعه فى السرير وأقدم له الحليب والخبز.
ظل العصفور محدقاً في، رامشا بعينيه، لا يصوصو أو يزقزق، فقط كان يحدق كما لو كان قد وقع في فخ. قلت وأنا أمد يداً:
– دعني آخذه.
يمكن القول أن الولد لم يكن يريد أن يعطيني العصفور، لكنني كنت أكبر منه وأقوى بالتأكيد، فوضعه بلطف في كف يدى الممتدة.
قلت وأنا أغلق عينيه بإبهامي
– من الأفضل ألا تتألم، ويفضل أن يكون ذلك سريعاً.
كسرت رقبته.. كانت هناك نقرة.
المؤلفة: كالي تايلور/ Cally Taylor، كاتبة انجليزية تعيش في بريستول، وتعمل في لندن، بدأت كتابة القصة عام 2005، نشرت معظم قصصها على شبكة الأنترنت، وفازت قصصها بالعديد من الجوائز.. ترجمت روايتها الأولى: يمكن للسماء أن تنتظر الى ثلاث عشرة لغة. لها أيضا ثلاث مجموعات من القصص القصير.