Menu

في الذكرى أل (31) لتوقيع اتفاقيات أوسلو

بماذا نفسر تمسك قيادة السلطة بها رغم تحلل العدو منها؟؟

عليان عليان

عليان عليان.jpeg

عمان

الحديث عن اتفاقات أوسلو أشبع بحثاً وتمحيصاً عبر آلاف الدراسات والمقالات وعشرات الندوات والمؤتمرات حول أبعادها وأخطارها ، منذ توقيعها في الثالث عشر من أيلول(سبتمبر)  1993،  وبالتالي تبقى مهمة الحركة الوطنية الفلسطينية اسقاط هذه الاتفاقيات، جراء ما تضمنته من أخطار وما نجم عنها من تداعيات لاحقة، ما جعلها تشكل محطة لتصفية القضية الفلسطينية، وليس محطة للنهوض الوطني الفلسطيني تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة وفق المبررات الزائفة للقيادة المتنفذة في منظمة التحرير .

ما يلفت الانتباه في هذه الذكرى ، ما يلي :

1- أن قيادة  المنظمة والسلطة مصرة على التمسك بنهجها البائس الذي ضرب القضية الفلسطينية ووضعها على طريق التصفية ، وليس لديها أدنى استعداد لإجراء مراجعة نقدية لهذا النهج ، واستخلاص الدروس رغم النداءات المتصلة من قبل الفصائل الديمقراطية وفي مقدمتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .

2- أن قيادة المنظمة – قيادة السلطة – تنكرت لقرار المجلس المركزي عام 2015  الذي دعاها لإلغاء هذه الاتفاقيات وما نجم عنها من تنسيق أمني واتفاقيات لاحقة ، وتنكرت لقرار المجلس الوطني  عام 2018 الذي كرر توصيات المجلس المركزي. 

3- وتنكرت لقرارات الأمناء العامين  في "كونفرنس  بيروت- رام  الله" في (3) سبتمبر ( أيلول) 2020 التي أكدت على إلغاء اتفاقيات أوسلو ومشتقاتها .

ولم تقف الأمور عند هذا الحد بل وصلت الأمور برئيس المنظمة ورئيس السلطة ، أن يقدم شرطين  للوحدة  وإنهاء الانقسام  في مؤتمر العامين للفصائل في مدينة العلمين المصرية في 30 تموز(يوليو)  2023 وهما : ( أولاً) أن تعترف كافة الفصائل بحق (إسرائيل) بالوجود والتقيد بكافة مواثيق وتعاقدات والتزامات منظمة التحرير و(ثانياً) أن تتخلى عن المقاومة المسلحة في مواجهة الاحتلال.

وفي التقدير الموضوعي أن قيادة المنظمة والسلطة لن تغير من هذا النهج ، ولن تغير جلدها ، لأن المسـألة هنا ليست مثالية، بل  مرتبطة بواقع السلطة وببنية قيادتها الطبقية ومصالحها، التي ارتبطت مع الاحتلال ومع الدول المانحة وما  تخلل كل ذلك من  امتيازات وفساد ، ولا نبالغ إذ نقول أن بنية كومبرادورية  تشكلت ونمت منذ عام 1993 وحتى اللحظة ، وهذه البنية هي  التي باتت تحكم قرارات قيادة المنظمة والسلطة السياسية ، وإلا بماذا نفسر استمرار قيادة السلطة بنهج التنسيق الأمني المذل رغم صدور قرار من الكنيست الصهيوني، بإجماع الأحزاب الصهيونية في الحكم والمعارضة برفض قيام دولة فلسطينية في الضفة والقطاع ، ورغم استمرار حكومة العدو في نهج الاستيطان والتهويد ، الذي بات يغطي 20 في المائة من مساحة الضفة الغربية ، ورغم أن مشروع ضم الضفة الغربية وتهجير الفلسطينيين بات مطروحاً للتطبيق العملي .

قيادة السلطة منسجمة مع نفسها ومع نهجها ، وهي التي لم تتوقف عن اتخاذ المواقف  المناقضة  والمعادية لمعركة طوفان الأقصى التاريخية ومخرجاتها  ، وفي الذاكرة محاولة تهريب عناصر أمنية إلى رفح، لخلق فوضى أمنية في القطاع تربك المقاومة في مواجهة الاحتلال ، وفي الذاكرة الطازجة أيضاً تتطوع قيادة السلطة بإرسال رسالة  بواقع (21 ) صفحة لحكومة العدو، تطلب فيها من حكومة العدو تسهيل مهمتها لحكم غزة لمنع أي تهديد أمني للكيان الصهيوني ، وذلك بعد أن صرح رئيس وزراء العدو  برفض منح أي  دور " لحماستان وفتحستان" في قطاع غزة.

 ما يجب الإشارة إليه ، أن الفصائل الفلسطينية وخاصة الديمقراطية منها ، لا تزال تراهن على إعادة بناء منظمة التحرير على أسس وطنية ديمقراطية ، من بوابة الانتخابات للمجلسين الوطني والتشريعي  والانتخابات الرئاسية، وتتصرف من موقع الحرص على الوحدة الوطنية ،  وفاتها أن تدرك أن المفتاح لا يزال بيد قيادة السلطة  الفلسطينية، وفي الذاكرة  كيف انقلب  رئيس السلطة على تفاهمات القاهرة في 21 مارس ( آذار) 2021، بشأن إجراء  الانتخابات  في مايو ( أيار) 2021م، بذريعة رفض الاحتلال إجراءها في القدس ، عندما أدرك أن  الانتخابات لن تكون في مصلحته ومصلحة النهج الذي يمثله ، إثر قيام  القائد الأسير مروان البرغوثي بتشكيل قائمة " الحرية" مع ناصر القدوة ، الذي جرى فصله من مركزية حركة فتح ، وكذلك في ضوء قراءته للأوزان  الانتخابية لقوى الفصائل وخاصةً حركة حماس.

وأخيراً : أعتقد أن موافقة قيادة السلطة(فتح) في لقاء بكين ، على حكومة وفاق وطني مؤقتة في الضفة وغزة ، لا تعدو كونها عملية علاقات عامة غير مطروحة للتنفيذ العملي، ما يستدعي من فصائل المقاومة المسلحة ، أن تبني على مخرجات معركة طوفان الأقصى في السياقين المقاوم والتنظيمي، باتجاه  تشكيل جبهة مقاومة تتولى إدارة الأمور في قطاع غزة في اليوم التالي لوقف الحرب ، وتتولى قيادة المقاومة في الضفة الغربية ،إلى أن تتوفر الظروف الموضوعية لإعادة بناء المنظمة على أسس ديمقراطية وعلى قاعدة برنامج متقدم للمقاومة .