Menu

كالبحر تمامًا

شعر: وفاء كريم

تائهٌ فِي جسدكَ

الفضفاض كالبحرِ تمامًا

وحزنكَ ينضجُ ببطءٍ

علَى وجهكَ

صمتكَ ينامُ بهدوءٍ

فِي مهدهِ

وكلماتكَ لمْ يؤذنْ

لهَا بعدْ

وأنتَ كالبحرِ تماماً

لَا تعرفُ مَا وراءكَ

هلْ هوَ العدوً

أمْ العدوُّ

تشعرُ بالدوارِ منْ جنونكَ

وحينَ تهدأُ عواصفكَ

ويعودُ الهدوءُ الَى نبضكَ

لَا تتذكرُ عددَ المفقودينَ

فِي داخلكَ

ولَا عددَ العابرينَ منْ فوقكَ

وأنتَ كالبحرِ أيضاً

تسلمُ أوراقكَ لضجيجِ

الرياحِ لتأخذكَ

لمدنٍ

اعتادتْ علَى غربتهَا

تقرأُ حضاراتهَا السابقةْ

فِي عيونٍ ينتشرُ فيهَا الضبابْ

فتعيدُ كالبحرِ تمامًا تلميعَ

الأسماءْ

المحفورةِ علَى جدرانِ القلبِ

فتغرقُ فِي وحلِ

الذاكرةِ

وكالبحرِ أيضًا

عليكَ أنْ تقدمَ اعتذارًا مطولًا

لكلِ منْ لمْ يجدْ اسمهُ

داخلَ قصيدتكَ

ولكلِ منْ لمْ يجدْ لوناً

يشبهُ لونهُ داخلَ عينيكَ

وعليكَ أنْ تقدمَ اعتذارًا

لكلِّ منْ عبرَ منْ دمكَ

وأخذَ معهُ قطعةً ثمينةً

منْ وقتكَ

ولكلِّ منْ مرَّ

فوقَ ملامحكَ

وَسحبَ بريقَ الندَى منْ وجهكَ

وعليكَ انْ توزعَ الحنينَ

بالتساوِي علَى الغائبينَ

والحاضرينَ

حتَى لَا تغادرَ اسمك

وحتَّى

تدخلَ كلماتكَ

معابدهمْ

وهيَ فِي كاملِ طهارتهَا

وأنتَ كالبحرِ

لَا تعرفُ كمْ نمتَ

داخلَ قوقعتكَ وتلكَ الاغنيةَ

التِي كنتَ تدندنُ بهَا

لَا تعرفُ إنْ كانتْ صوتكَ حقَّا

أمْ صدَى صوتكَ

وأنتَ كالبحرِ

لَا تعرفُ كيفَ

تهدئُ روعَ الزمنَ المحترقَ

سوَى بأنْ تشاركهُ الاحتراقْ

وأنتَ لا تعرفُ أنَّ العدمَ

يلدُ صغارهُ بلَا كينونةٍ

وعندمَا يكبرونَ

يمسكونَ عليكَ فجركَ الأشقرْ

فلَا يستيقظْ

وأنتَ لَا تعرفُ كيفَ تنامُ

وأنتَ مكتظٌ بالأحلام

وأنتَ لَا تعرفُ كيفَ

تبتلعُ صمتكَ

رشفةً بعدَ رجفةْ

وفِي كلِّ مرةٍ تعودُ منْ نافذةِ

الكلامِ بعصفورٍ جريحٍ

ولَا تتذكرُ كيفَ

سقطَ منَ اليقينِ

سهوًا

فيدرككَ الضجرُ

قبلَ أنْ تتمَّ صلاتكَ