Menu

مات الولد..

ذكرى استشهاد أيقونة انتفاضة الأقصى (محمد الدرة)

جدارية للشهيد محمد الدرة

غزة _ بوابة الهدف

محمد الدرة أيقونة فلسطينيّة هزّت ضمير العالم عام 2000 بعد اندلاع انتفاضة الأقصى، وكشفت عن مدى جرم ووحشيّة الاحتلال الصهيوني الذي يطلق الرصاص بدمٍ بارد على الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال.

المولد والنشأة

ولد محمد جمال الدرة يوم 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 1988 بمخيم البريج في قطاع غزة، وعاش في كنف أسرةٍ تعود أصولها إلى مدينة الرملة التي احتُلت وطرد أهلها منها عام 1948.

والده جمال كان نجارًا، ووالدته أمل ربّة منزل عانت كثيرًا في تربية أطفالها في ظل ظروف البلد العصيبة.

درس محمد حتى الصف الخامس الابتدائي، وأغلقت مدرسته بسبب الاحتجاجات يوم استشهاده.

الاستشهاد

بينما كان الطفل محمد يسير مع والده في شارع صلاح الدين بقطاع غزة، فوجئا بوقوعهما تحت نيران "إسرائيليّة"، فحاولا الاختباء خلف برميل إسمنتي، وذلك أيّام انتفاضة الأقصى التي اندلعت عام 2000.

حاول الأب جمال يائسًا أن يحمي ابنه بكل قواه، لكن الرصاص اخترق يد الوالد اليمنى، ثم أصيب محمد بأوّل طلقة في رجله اليمنى وصرخ: "أصابوني"، ليفاجأ الأب بعد ذلك بخروج الرصاص من ظهر ابنه الصغير محمد، الذي ردد: "اطمئن يا أبي أنا بخير لا تخف منهم"، قبل أن يرقد الصبي شهيدًا على ساق أبيه، في مشهدٍ أبكى البشرية وهزّ ضمائر الإنسانيّة.

حاول الاحتلال وجهاتٍ يهودية متطرّفة التنصّل من الجريمة بإلقاء اللوم على المقاومة الفلسطينيّة، والادّعاء أنّ الطفل محمد قتله فلسطينيون لتشويه صورة الجيش الصهيوني لدى الرأي العام الدولي.

لحظة استشهاد محمد الدرة يوم 30 سبتمبر/ أيلول 2000 بين ذراعي والده، نقلتها لأكثر من دقيقة كاميرا الصحافي شارل أندرلان في قناة فرانس 2 التلفزيونيّة عام 2000، وأظهرت كيف أنّ الوالد كان يطلب من مطلقي النيران التوقّف، لكن دون جدوى، إذ فوجئ بابنه يسقط شهيدًا، وهو يردّد "مات الولد.. مات الولد".

غير أنّ الصحفي أندرلان أورد في كتابه "موت طفل" اعتراف قائد العمليات في الجيش "الإسرائيلي" جيورا عيلاد، الذي صرح لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول 2000، بأن "الطلقات جاءت على ما يبدو من الجنود الإسرائيليين".

شكّلت حادثة استشهاد الطفل محمد صدمة كبيرة، ليس فقط لوالده الذي كان معه وإنما لوالدته وعائلته، لكنهم أنجلوا طفلاً آخر وأطلقوا عليه اسم "محمد" تيمنًا بأخيه.

كما أصبح الطفل محمد أيقونة الانتفاضة الفلسطينيّة ومُلهمها، وصورتها الإنسانيّة في مشهدٍ لن ينساه العالم.

واندلعت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية يوم 28 من سبتمبر/ أيلول 2000، عقب اقتحام رئيس الوزراء الصهيوني السابق أرييل شارون المسجد الأقصى، ومعه قوات كبيرة من الجيش والشرطة.

وتجوّل شارون في ساحات المسجد، وقال إنّ "الحرم القـدسـي" سيبقى منطقة "إسرائيليّة"، وهو ما أثار استفزاز الفلسطينيين، فاندلعت المواجهات بين المصلين والجنود "الإسرائيليين".

ووفقًا لأرقامٍ فلسطينيّة و"إسرائيليّة" رسميّة، أسفرت الانتفاضة الثانية عن استشهاد 4412 فلسطينيًا، إضافة إلى نحو 48300 جريح. بينما قُتِل 1069 "إسرائيليًا" وجرح 4500 آخرون.