Menu

6 أكتوبر.. ذكرى العبور المجيد

القاهرة _ بوابة الهدف

حرب أكتوبر هي إحدى جولات الصراع العربي- "الإسرائيلي"، شنّتها كل من مصر و سوريا على الكيان بالعام 1973م. وهي أكبر حرب تم تنفيذها على ساحة الميدان بعد الحرب العالمية الثانية، فقد قلبت موازين القوى وكيفية إدارة معارك الأسلحة المشتركة رأساً على عقب، وإعادة هيكلة هذه المفاهيم والقواعد مرة أخرى.

بدأت الحرب في يوم السبت 6 أكتوبر 1973 الموافق ليوم 10 رمضان 1393هـ، بهجوم مفاجئ من قبل الجيش المصري والجيش السوري على القوات الصهيونية التي كانت مرابطة في سيناء وهضبة الجولان. وساهم في الحرب بعض الدول العربية، سواء عسكرياً أو اقتصادياً.

تعرف الحرب باسم حرب أكتوبر أو حرب العاشر من رمضان في مصر، فيما تعرف في سورية باسم حرب تشرين التحريرية، أما "إسرائيل" فتطلق عليها اسم حرب يوم الغفران.

حقق الجيشان المصري والسوري الأهداف الاستراتيجية المرجوة من وراء المباغتة العسكرية لـ"إسرائيل"، كانت هناك إنجازات ملموسة في الأيام الأولى بعد شن الحرب، حيث توغلت القوات المصرية 20 كم شرق قناة السويس، وتمكنت القوات السورية من الدخول في عمق هضبة الجولان وصولاً إلى سهل الحولة وبحيرة طبريا ولكنها خرجت خارج مظلة الصواريخ المضادة للطائرات، إلّا أنّ أوامر صدرت للقوات المتقدمة بالانسحاب والتراجع وهي مكشوفة وبدون غطاء جوي مما مكن الطيران "الإسرائيلي" من إلحاق خسائر جسيمة بالقوات المنسحبة.

في نهاية الحرب انتعش الجيش "الإسرائيلي"، وعلى الجبهة المصرية تمكن من فتح ثغرة الدفرسوار وعبر الضفة الغربية لقناة  السويس وضرب الحصار على الجيش الثالث الميداني، لكنه فشل في تحقيق أي مكاسب استراتيجية سواء بالسيطرة علي مدينة السويس أو تدمير الجيش الثالث. وعلى الجبهة السورية تمكن من رد القوات السورية عن هضبة الجولان.

تدخل الاتحاد السوفييني والولايات المتحدة في الحرب بشكل غير مباشر، إذ زود السوفييت سوريا و مصر بالأسلحة، بينما زودت الولايات المتحدة "إسرائيل" بالعتاد العسكري، كما وضعت القوات المسلحة الأمريكية في حالة الاستعداد، وفي نهاية الحرب عمل وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر وسيطاً بين الجانبين ووصل إلى اتفاقية هدنة لا تزال سارية المفعول بين سوريا و"إسرائيل". وبدلت كلٌ من مصر و"إسرائيل" اتفاقية الهدنة باتفاقية سلام شاملة في "كامب ديفيد" 1979.

انتهت الحرب رسمياً بالتوقيع على اتفاقية فك الاشتباك في 31 مايو 1974. ومن أهم نتائج الحرب استرداد السيادة الكاملة على قناة السويس، وتحطم أسطورة أن جيش "إسرائيل" لا يقهر، والتي كان يرددها القادة العسكريون الصهاينة، كما أن هذه الحرب مهّدت الطريق لاتفاق كامب ديفيد التي عقدت في سبتمبر 1978م على إثر مبادرة أنور السادات في نوفمبر 1977م وزيارته للقدس المحتلة. وأدّت الحرب أيضاً إلى عودة الملاحة في قناة السويس في يونيو 1975م.

الخلفية التاريخية

حرب أكتوبر هي إحدى جولات الصراع العربي "الإسرائيلي"، حيث خططت القيادتان المصرية والسورية لمهاجمة "إسرائيل" على جبهتين في وقت واحد بهدف استعادة شبه جزيرة سيناء والجولان التي سبق أن احتلتهما "إسرائيل" في حرب 1967، وكانت "إسرائيل" قد قضت السنوات الست التي تلت حرب 1967 في تحصين مراكزها في الجولان وسيناء، وأنفقت مبالغ هائلة لدعم سلسلة من التحصينات على مواقعها في مناطق مرتفعات الجولان (خط آلون) وفي قناة السويس (خط بارليف).

في 29 أغسطس 1967 اجتمع قادة دول الجامعة العربية في مؤتمر الخرطوم بالعاصمة   السودان   ية ونشروا بياناً تضمن ما عرف "باللاءات الثلاثة": عدم الاعتراف بإسرائيل، عدم التفاوض معها ورفض العلاقات السلمية معها. في 22 نوفمبر 1967 أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرار 242 الذي يطالب الانسحاب "الإسرائيلي" من الأراضي التي احتلتها في يونيو 1967 مع مطالبة الدول العربية المجاورة لـ"إسرائيل" بالاعتراف بها وبحدودها.

في سبتمبر 1968 تجدد القتال بشكل محدود على خطوط وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وكل من مصر وسوريا بما يسمى حرب الاستنزاف، مما دفع الولايات المتحدة إلى اقتراح خطط لتسوية سلمية في الشرق الأوسط، وكان وزير الخارجية الأمريكي وليام روجرز قد اقترح ثلاث خطط على كلا الجانبين الخطة الأولى كانت في 9 ديسمبر 1969، ثم يونيو 1970، ثم 4 أكتوبر 1971.

تم رفض المبادرة الأولى من جميع الجوانب، وأعلنت مصر عن موافقتها لخطة روجرز الثانية وأدت هذه الموافقة إلى وقف القتال في منطقة قناة السويس، وإن لم تصل حكومة "إسرائيل" إلى قرار واضح بشأن هذه الخطة.

في 28 سبتمبر 1970 توفي الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وانتخب نائبه أنور السادات رئيساً لمصر. في فبراير 1971 قدم أنور السادات لمبعوث الأمم المتحدة غونار يارينغ، الذي أدار المفاوضات بين مصر و"إسرائيل" حسب خطة روجرز الثانية، شروطه للوصول إلى تسوية سلمية بين مصر و"إسرائيل" وأهمها انسحاب "إسرائيلي" إلى حدود 4 يونيو 1967. رفضت "إسرائيل" هذه الشروط مما أدى إلى تجمد المفاوضات.

في 1973 قرر الرئيسان المصري أنور السادات والسوري حافظ الأسد اللجوء إلى الحرب لاسترداد الأرض التي خسرها العرب في حرب 1967م. كانت الخطة ترمي الاعتماد على المخابرات العامة المصرية والمخابرات السورية في التخطيط للحرب وخداع أجهزة الأمن والاستخبارات "الإسرائيلية" والأمريكية ومفاجأة "إسرائيل" بهجوم غير متوقع من كلا الجبهتين المصرية والسورية، وهذا ما حدث، حيث كانت المفاجأة صاعقة للصهاينة.

إنها الحرب

شنت مصر وسوريا هجوما متزامناً على "إسرائيل" في الساعة الثانية من ظهر يوم 6 أكتوبر الذي يوافق عيد الغفران اليهودي، هاجمت القوات السورية تحصينات وقواعد القوات "الإسرائيلية" في مرتفعات الجولان، بينما هاجمت القوات المصرية تحصينات "إسرائيل" بطول قناة السويس وفي عمق شبه جزيرة سيناء.

وقد نجحت مصر في اختراق خط بارليف خلال ست ساعات فقط من بداية المعركة، بينما دمرت القوات السورية التحصينات الكبيرة التي أقامتها "إسرائيل" في هضبة الجولان، وحقق الجيش السوري تقدمًا كبيرًا في الأيام الأولى للقتال واحتل قمة جبل الشيخ مما أربك الجيش "الإسرائيلي" كما قامت القوات المصرية بمنع القوات "الإسرائيلية" من استخدام أنابيب النابالم بخطة مدهشة، كما حطمت أسطورة الجيش "الإسرائيلي" الذي لا يقهر، في سيناء المصرية والجولان السوري، كما تم استرداد قناة السويس وجزء من سيناء في مصر، وجزء من مناطق مرتفعات الجولان ومدينة القنيطرة في سورية.

ميزان القوى

يتألف الجيش المصري من 10 فرق عسكرية (وهي 5 مشاة و3 ميكانيكية و2 مدرعة) إضافة إلى 10 ألوية مستقلة (وهي 4 مشاة و3 مدرعة و3 مظليين) وخلال بدأ العمليات العسكرية دفعت القيادة المصرية 5 فرق مشاة لتعبر قناة السويس فيما احتفظت باحتياطي تعبوي خلف القناة قوامه 3 فرق عسكرية (فرقتين مدرعتين وفرقة ميكانيكية) فيما تمركز الاحتياطي الاستراتيجي للقيادة العامة في القاهرة وقوامه فرقة ميكانيكية و3 ألوية مدرعة مستقلة و3 ألوية مظليين.

في المقابل كانت القوات "الإسرائيلية" المتواجدة على خط الجبهة لحظة بدأ الحرب تتألف من فرقة مدرعة واحدة بقيادة ألبرت ماندلر ولواء مشاة وقد عززت "إسرائيل" مواقعها بدفع فرقتين مدرعتين من الاحتياط.

من الناحية الجوية فتمتلك "إسرائيل" 600 طائرة حربية، 84 مروحية. أما القوات الجوية المصرية فتمتلك 305 طائرة مقاتلة وبإضافة طائرات التدريب يرتفع هذا العدد إلى 400 طائرة. أما المروحيات فتبلغ 140 مروحية وتمتلك قوات الدفاع الجوي نحو 150 كتيبة صواريخ أرض-جو.

أما القوات البحرية المصرية فهي لم تشترك بالحرب بشكل مباشر ويعود السبب في عدم إشراك القيادة المصرية قواتها البحرية في الحرب بشكل مباشر وذلك للتفوق الجوي "الإسرائيلي" الذي عطل قدرة القطع البحرية المصرية على التحرك، وفيما عدا الحصار البحري الذي فرضته مصر على "إسرائيل" من خلال عبر إغلاق مضيق باب المندب بوجه الملاحة "الإسرائيلية" فإن البحرية المصرية لم تشترك بالحرب بشكل مباشر، ويبلغ حجم القوة البحرية المصرية وقت الحرب من نحو 12 غواصة و5 مدمرات 3 فرقطات 17 زورق صواريخ 14 كاسحة ألغام.

خط بارليف

أنفق "الإسرائيليون" 300 مليون دولار لإنشاء سلسلة من الحصون والطرق والمنشآت الخلفية أطلق عليها اسم خط بارليف ولقد امتدت هذه الدفاعات أكثر من 160 كم على طول الشاطئ الشرقي للقناة من بور فؤاد شمالاً إلى رأس مسلة على خليج السويس، وبعمق 30-35 كم شرقاً. وغطت هذه الدفاعات مسطحاً قدره حوالي 5,000 كم² واحتوت على نظام من الملاجئ المحصنة والموانع القوية وحقول الألغام المضادة للأفراد والدبابات.

وتكونت المنطقة المحصنة من عدة خطوط مزودة بمناطق إدارية وتجمعات قوات مدرعة ومواقع مدفعية، وصواريخ هوك مضادة للطائرات، ومدفعية مضادة للطائرات، وخطوط أنابيب مياه، وشبكة طرق طولها 750 كم. وتمركزت مناطق تجمع المدرعات على مسافات من 5 – 30 كم شرق القناة. كما جهز 240 موقع للمدفعية بعيدة ومتوسطة المدى.

وطبقاً لما قاله موشيه دايان كانت القناة في حد ذاتها، واحدة من أحسن الخنادق المضادة للدبابات المتاحة وفوق الجوانب المقواة للقناة، أنشأ "الإسرائيليون" ساتراً ترابياً ضخماً امتد على طول مواجهة الضفة الشرقية للقناة بدءاً من جنوب القنطرة. وكان ارتفاع هذا الساتر يراوح بين 10 م، 25 م، واستخدم كوسيلة لإخفاء التحركات "الإسرائيلية"، وصُمّم ليمنع العبور بالمركبات البرمائية بفضل ميله الحاد.

واعتمدت خطة الدفاع "الإسرائيلية" على تقسيم الجبهة إلى 3 محاور، في كل محور نسقين إضافة إلى الاحتياطي. وتتوزع المحاور كالآتي:

"محور القنطرة- العريش، محور الإسماعيلية - أبو عجيلة، محور السويس - الممرات الجبلية".

وتتوزع القوات "الإسرائيلية" المتواجدة بالجبهة المصرية لحظة الهجوم المصري وهي لواء مشاة (نسق أول) و3 كتائب مدرعة (نسق ثاني) و6 كتائب مدرعة (احتياطي):

النسق الأول: خط بارليف الأمامي وينتشر فيه "لواء أورشليم" (2000-3000 فرد).

النسق الثاني: على مسافة 5-8 كم شرق القناة وتحتله 3 كتائب مدرعة مدفوعة من الألوية المدرعة الثلاث في الاحتياطي بحيث تشغل كل كتيبة مدرعة محور من المحاور الثلاثة بمجموع الدبابات 120 دبابة.

الاحتياطي: ينتشر في منطقة الممرات الجبلية على بعد 35-45 كم ويتألف من 3 ألوية مدرعة (عدا الكتائب التي تشغل النسق الثاني) مجموع الدبابات حوالي 240 دبابة.

الأهداف المصرية

وتهدف خطة الهجوم المصرية إلى اقتحام خط بارليف الدفاعي عن طريق دفع 5 فرق مشاة شرق قناة السويس في 5 نقاط مختلفة، واحتلال رؤوس كباري بعمق من 10-12 كم وهي المسافة المؤمنة من قبل مظلة الدفاع الجوي في حين تبقى 4 فرق عسكرية (فرقتان مدرعتان وفرقتان ميكانيكيتان) غرب القناة كاحتياطي تعبوي فيما تبقى باقي القوات في القاهرة بتصرف القيادة العامة كاحتياطي استراتيجي.

الضربة الجوية

في تمام الساعة 14:00 من يوم 6 أكتوبر 1973 نفذت القوات الجوية المصرية ضربة جوية على الأهداف "الإسرائيلية" خلف قناة السويس. وتشكلت القوة من 200 طائرة عبرت قناة السويس على ارتفاع منخفض للغاية. وقد استهدفت الطائرات محطات التشويش والإعاقة وبطاريات الدفاع الجوي وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية والنقاط الحصينة في خط بارليف ومصاف البترول ومخازن الذخيرة.

وكان مقرراً أن تقوم الطائرات المصرية بضربة ثانية بعد تنفيذ الضربة الأولى إلا أن القيادة المصرية قررت إلغاء الضربة الثانية بعد النجاح الذي حققته الضربة الأولى. وإجمالي ما خسرته الطائرات المصرية في الضربة هو 5 طائرات.

العبور 6-7 أكتوبر (عملية بدر)

حدد الجيشان المصري والسوري موعد الهجوم للساعة الثانية بعد الظهر بعد أن اختلف السوريون والمصريون على ساعة الصفر. ففي حين يفضل المصريون الغروب يكون الشروق هو الأفضل للسوريين، لذلك كان من غير المتوقع اختيار ساعات الظهيرة لبدء الهجوم، وعبر القناة 8,000 من الجنود المصريين، ثم توالت موجتا العبور الثانية والثالثة ليصل عدد القوات المصرية على الضفة الشرقية بحلول الليل إلى 60,000 جندي، في الوقت الذي كان فيه سلاح المهندسين المصري يفتح ثغرات في الساتر الترابي باستخدام خراطيم مياه شديدة الدفع.

في "إسرائيل" دوت صافرات الإنذار في الساعة الثانية لتعلن حالة الطوارئ واستأنف الراديو "الإسرائيلي" الإرسال رغم العيد. وبدأ عملية تعبئة قوات الاحتياط لدفعها للجبهة.

أنجزت القوات المصرية في صباح يوم الأحد 7 أكتوبر عبورها لقناة السويس وأصبح لدى القيادة العامة المصرية 5 فرق مشاة بكامل أسلحتها الثقيلة في الضفة الشرقية للقناة، وانتهت أسطورة خط بارليف الدفاعي. وقد واصلت القوات المصرية تدعيم رؤوس الكباري لفرق المشاة الخمس كما قامت بسد الثغرات التي بينها وبين الفرق المجاورة داخل كل جيش طيلة يوم 7 أكتوبر وبحلول يوم 8 أكتوبر اندمجت الفرق الخمسة في رأس كوبريين في جيشين.

وكان رأس كوبري الجيش الثاني يمتد من القنطرة شمالاً إلى الدفرسوار جنوباً أما رأس الكوبري الجيش الثالث فيمتد من البحيرات المرة شمالاً إلى بور توفيق جنوباً وكان هناك ثغرة بين رأسي الكوبري للجيشين بطول 30-40 كيلومتراً.

في أثناء ذلك دعمت القوات "الإسرائيلية" موقفها على الجبهة ودفعت بـ 5 ألوية مدرعة ليصل مجموع القوات المدرعة "الإسرائيلية" في سيناء إلى 8 ألوية مدرعة. وكانت تقديرات المخابرات المصرية قبل الحرب تشير أن الهجوم المضادة "الإسرائيلي" سوف يبدأ بعد 18 ساعة من بدأ الهجوم المصري بافتراض أن "إسرائيل" ستعبأ قواتها قبل الهجوم بحوالي 6-8 ساعات ومعنى ذلك أن الهجوم المضاد الرئيسي سيكون في صباح يوم الأحد 7 أكتوبر. إلا أن الهجوم "الإسرائيلي" لم ينفذ إلى مع صباح يوم 8 أكتوبر.

الهجوم المضاد الإسرائيلي (8-9 أكتوبر)

مع إطلالة صباح يوم 8 أكتوبر نفذت القوات "الإسرائيلية" هجومها المضاد حيث قام لواء "إسرائيلي" مدرع بالهجوم على الفرقة 18 مشاة المصرية كما نفذ لواء مدرع "إسرائيلي" آخر هجوماً على الفرقة الثانية مشاة وقد صدت القوات المصرية الهجمات. وبعد الظهيرة عاودت "إسرائيل" الهجوم بدفع لواءين مدرعين ضد الفرقة الثانية مشاة وفي نفس الوقت يهاجم لواء مدرع الفرقة 16 مشاة ولم تحقق الهجمات "الإسرائيلية" أي نجاح.

في 9 أكتوبر عاودت "إسرائيل" هجومها ودفعت بلواءين مدرعين ضد الفرقة 16 مشاة وفشلت القوات "الإسرائيلية" مرة أخرى في تحقيق أي نجاح. ولم يشن "الإسرائيليون" أي هجوم مركز بعد ذلك اليوم. وبذلك فشل الهجوم الرئيسي "الإسرائيلي" يومي 8 و9 أكتوبر من تحقيق النصر وحافظت فرق المشاة المصرية على مواقعها شرق القناة.

وفي الساعة الثامنة صباحاً بتوقيت واشنطن (الثالثة عصرا بتوقيت القاهرة) من يوم الثلاثاء 9 أكتوبر أجتمع السفير "الإسرائيلي" في واشنطن مع وزير الخارجية الأمريكي كيسنجر في البيت الأبيض ليطلعه عن تفاصيل الحرب وتحديد احتياجات "إسرائيل" من الأسلحة الأمريكية، وقد أطلع كيسنجر خلال اللقاء عن خسائر "إسرائيل" التي بلغت 500 دبابة منها 400 على الجبهة المصرية إضافة إلى خسارة 49 طائرة على الجبهتين وقد طلب السفير من كيسنجر الإبقاء على سرية هذه الأرقام وعدم اطلاع أحد عليها سوى الرئيس.

تطوير الهجوم (14 أكتوبر)

في يوم 11 أكتوبر طلب وزير الحربية الفريق أول أحمد إسماعيل علي من رئيس الأركان الفريق سعد الشاذلي تطوير الهجوم إلى المضائق إلا أن الشاذلي عارض بشدة أي تطوير خارج نطاق الـ12 كيلو التي تقف القوات فيها بحماية مظلة الدفاع الجوي، وأي تقدم خارج المظلة معناه أننا نقدم قواتنا هدية للطيران "الإسرائيلي".

في اليوم التالي (12 أكتوبر) كرر الوزير طلبه من الفريق الشاذلي تطوير الهجوم شرقا نحو المضائق إلا أن الشاذلي صمم على موقفه المعارض من أي تطوير للهجوم خارج مظلة الدفاع الجوي.

بعد ظهيرة يوم 12 أكتوبر تطرق الوزير لموضوع تطوير الهجوم للمرة الثالثة في أقل من 24 ساعة قائلا أن "القرار السياسي يحتم علينا تطوير الهجوم نحو المضائق، ويجب أن يبدأ ذلك غدا 13 أكتوبر"، فقامت القيادة العامة بإعداد التعليمات الخاصة بتطوير الهجوم والتي أنجزت في 1:30 مساءً ثم قامت بإرسالها إلى قيادات الجيش الثاني والثالث.

في الساعة 3:30 مساءً اتصل اللواء سعد مأمون قائد الجيش الثاني بالقيادة العامة طالباً مكالمة رئيس الأركان ليخبره باستقالته ورفضه تنفيذ الأوامر وبعدها بدقائق اتصل اللواء عبد المنعم واصل بالقيادة ليبدي اعتراضه على الأوامر التي أرسلتها القيادة العامة إليه والمتعلقة بتطوير الهجوم. قال الفريق الشاذلي لرئيسي الجيشين الثاني والثالث أنه نفسه معترض على تطوير الهجوم لكنه أجبر على ذلك. ثم أبلغ الشاذلي الفريق أول أحمد إسماعيل وزير الدفاع باعتراضات قائدي الجيشين الثاني والثالث فتقرر استدعاء اللواء سعد مأمون واللواء عبد المنعم واصل لحضور مؤتمر بالقيادة العامة. استمر المؤتمر من الساعة 6:00 حتى 11:00 مساءً وتكررت نفس وجهات النظر وصمم الوزير على تطوير الهجوم والشيء الوحيد الذي تغير هو تغير موعد الهجوم من فجر يوم 13 أكتوبر إلى فجر يوم 14 أكتوبر.

وبناء على أوامر تطوير الهجوم شرقًا هاجمت القوات المصرية في قطاع الجيش الثالث الميداني (في اتجاه السويس) بعدد 2 لواء، هما اللواء الحادي عشر (مشاة ميكانيكي) في اتجاه ممر الجدي، واللواء الثالث المدرع في اتجاه ممر "متلا".

وفي قطاع الجيش الثاني الميداني (اتجاه الإسماعيلية) هاجمت الفرقة 21 المدرعة في اتجاه منطقة "الطاسة"، وعلى المحور الشمالي لسيناء هاجم اللواء 15 مدرع في اتجاه "رمانة".

كان الهجوم غير موفق بالمرة كما توقع الفريق الشاذلي، وانتهى بفشل التطوير، مع اختلاف رئيسي، هو أن القوات المصرية خسرت 250 دبابة من قوتها الضاربة الرئيسية في ساعات معدودات من بدء التطوير للتفوق الجوي "الإسرائيلي"، ويرد رئيس الأركان العامة الفريق الشاذلي على ادعاء السادات بأن تطوير الهجوم هدفه تخفيف الضغط عن سورية بقوله "بخصوص ادعاء السادات بأن هجومنا يوم 14 أكتوبر كان يهدف إلى تخفيف الضغط عن سوريا فهو ادعاء باطل، الهدف منه هو تسويغ الخطأ الذي ارتكبته القيادة السياسية المصرية".

ثغرة الدفرسوار

في عصر يوم 13 أكتوبر ظهرت طائرة استطلاع أمريكية من نوع SR-71 بلاك بيرد فوق منطقة القتال وقامت بتصوير الجبهة بالكامل ولم تستطع الدفاعات الجوية المصرية إسقاطها بسبب ارتفاعها فوق مستوى الدفاعات الجوية المصرية. وفي خلال يوم 15 أكتوبر قامت نفس الطائرة برحلة استطلاعية أخرى فوق الجبهة والمنطقة الخلفية، اكتشفت تلك الطائرة في رحلتها الثانية وجود ثغرة غير محمية وبعرض (25) كيلو بين الجيش الثالث الميداني في السويس والجيش الثاني الميداني في الإسماعيلية.

في ليلة 15 أكتوبر تمكنت قوة "إسرائيلية" صغيرة من اجتياز قناة السويس إلى ضفتها الغربية. شكل عبور هذه القوة "الإسرائيلية" إلى الضفة الغربية للقناة مشكلة تسببت في ثغرة في صفوف القوات المصرية عرفت باسم "ثغرة الدفرسوار" وقدر الفريق سعد الدين الشاذلي القوات "الإسرائيلية" غرب القناة في كتابه "مذكرات حرب أكتوبر" يوم 17 أكتوبر بأربع ألوية مدرعة وهو ضعف المدرعات المصرية غرب القناة.

حاولت القوات "الإسرائيلية" الدخول الى مدينة الإسماعيلية إلا أن قوات الصاعقة المصرية تمكنت من صد هذا الهجوم في منطقة أبو عطوة، توسعت الثغرة اتساعاً كبيراً حتى قطع طريق السويس وحوصرت السويس وحوصر الجيش الثالث بالكامل وحاول "الإسرائيليون" الدخول إلي مدينة السويس، إلا أن المقاومة الشعبية مع قوات صاعقة الجيش الثالث تمكنوا من صد الهجمات "الإسرائيلية". كان اتساع الثغرة نتيجة للأخطاء القيادية الجسيمة لكل من السادات وأحمد إسماعيل؛ بدءاً من تطوير الهجوم إلى عدم الرغبة في المناورة بالقوات مما دفع البعض إلى تحميل السادات المسؤولية الكاملة.

الجبهة السورية (الجولان)

ميزان القوى

تألفت القوات السورية من 10 ألوية مدرعة و5 ألوية آلية و12 لواء مشاة وكتيبة مظليين ومجموعة صاعقة، في حين تألفت القوات "الإسرائيلية" المتواجدة في الجولان لحظة بدأ الهجوم السوري من لواءان مدرعان ولواء مشاة و11 بطارية مدفعية. وقد دفعت "إسرائيل" بعد بدأ الهجوم السوري بفرقتين مدرعتين إلى الجبهة.

الهجوم السوري

في نفس التوقيت وحسب الاتفاق المسبق قام الجيش السوري بهجوم شامل في هضبة الجولان وشنت الطائرات السورية هجوماً كبيراً على المواقع والتحصينات "الإسرائيلية" في عمق الجولان وهاجمت التجمعات العسكرية والدبابات ومرابض المدفعية "الإسرائيلية" ومحطات الرادارات وخطوط الإمداد وحقق الجيش السوري نجاحاً كبيراً وحسب الخطة المعدة بحيث انكشفت أرض المعركة أمام القوات والدبابات السورية التي تقدمت عدة كيلو مترات في اليوم الأول من الحرب مما أربك وشتت الجيش "الإسرائيلي" الذي كان يتلقى الضربات في كل مكان من الجولان.

بينما تقدم الجيش السوري تقدمه في الجولان وتمكن في 7 أكتوبر من الاستيلاء على القاعدة "الإسرائيلية" الواقعة على كتف جبل الشيخ في عملية إنزال للقوات الخاصة السورية التي تمكنت من الاستيلاء على مرصد جبل الشيخ وأسر 31 جندي "إسرائيلي" وقتل 30 جندي آخرين، وعلى أراضي في جنوب هضبة الجولان ورفع العلم السوري فوق أعلى قمة في جبل الشيخ، وتراجعت العديد من الوحدات "الإسرائيلية" تحت قوة الضغط السوري. وأخلت "إسرائيل" المدنيين "الإسرائيليين" الذين استوطنوا في الجولان حتى نهاية الحرب.

الهجوم المضاد "الإسرائيلي"

في الساعة 8:30 من صباح يوم 8 أكتوبر بدأ "الإسرائيليون" هجومهم المضاد بثلاثة ألوية مع تركيز الجهد الرئيسي على المحورين الأوسط والجنوبي، ودارت في الفترة من 8 إلى 10 أكتوبر معارك عنيفة قرب القنيطرة، وسنديانة وكفر نفاخ، والخشنية، والجوخدار، وتل الفرس، وتل عكاشة، وكان السوريون يتمتعون خلال هذه المعارك بتفوق في المدفعية والمشاة، في حين كان العدو متفوقاً بعدد الدبابات المستخدمة نظراً للخسائر التي أصابت الدبابات السورية، وكان الطيران السوري الذي انضمت إليه أسراباً من الطيران العراقي وبدأت تنفيذ واجباتها منذ صباح يوم 10 أكتوبر لتقوم بدعم وإسناد القوات البرية.

ومنذ صباح يوم 8 أكتوبر تحوّل ميزان القوى بالدبابات لصالح العدو، لأن القوات السورية لم تعد تملك قطعات دبابات سليمة ولم تشترك في القتال العنيف من قبل سوى 3 ألوية في حين دفعت القوات "الإسرائيلية" قواتها الاحتياطية والتي قدرت بستة ألوية مدرعة سليمة لم تشترك في القتال.

ردت سورية بهجوم صاروخي على قرية مجدال هاعيمق شرقي مرج ابن عامر داخل "إسرائيل"، وعلى قاعدة جوية "إسرائيلية" في رامات دافيد الواقعة أيضاً في مرج ابن عامر.

وفي مساء يوم 10 أكتوبر ظهر أمام القيادة "الإسرائيلية" وضع جديد يتطلب قراراً سياسياً على أعلى المستويات، فقد وصلت قواتها في معظم أجزاء الجبهة السورية، ولم يعد أمامها لاحتلال الجولان، سوى الضغط باتجاه منطقة القنيطرة، لدفع القوات السورية إلى ما وراء خط وقف إطلاق النار.

واتخذت جولدا مائير، قراراً باحتلال دمشق، حيث عارض هذا القرار موشى دايان وقد كلف أليعازر، أمراً باستئناف الهجوم. وفي صباح يوم 11 أكتوبر استؤنف الهجوم والتقدم باتجاه دمشق وتهديدها بشكل يجبر السوريين على طلب وقف القتال.

في صباح يوم 11 أكتوبر، كان قادة العدو "الإسرائيلي" يعتقدون أن نجاح قواتهم في خرق الخط الدفاعي السوري الأول سيؤدي إلى انهيار الجبهة كاملة، ويرجع هذا الاعتقاد إلى خبرة حرب حزيران 67، وقد رسّخت في أذهانهم لأن خرق أية جبهة عربية في نقطة من النقاط سيؤدي إلى انهيار الجبهة بشكل آلي والحقيقة أن الخرق "الإسرائيلي" للجبهة في القطاع الشمالي من الجبهة يوم 11 أكتوبر، وتعميق هذا الخرق، في يوم 12 أكتوبر كان يمكن أن يؤديا إلى انقلاب التوازن الاستراتيجي للجيش السوري لولا صمود الفرقتين الآليتين السورية السابعة والتاسعة على محور سعسع وصمود الفرقة الآلية السورية الخامسة عند الرفيد، على المحور الجنوبي. إضافة إلى وصول طلائع الفرقة العراقية السادسة. كما أن اقتراب خط الاشتباك من شبكة الصواريخ أرض – جو السورية المنتشرة جنوبي دمشق حد من عمل الطيران لدعم الهجوم.

بقي الوضع في يومي 13-14 أكتوبر حرجاً إلى حدٍ ما، خاصّة بعد أن بدأ العدو إخراج مجموعة ألوية بيليد وزجها في الجبهة، واستخدام اللواء المدرع 20 في دعم ألوية لانر. قامت مجموعتا ألوية لانر ورفول، بعدة محاولات لخرق الدفاع على المحور الشمالي دون جدوى.

سلاح البترول (الحظر النفطي)

في أغسطس 1973 قام السادات بزيارة سرية للعاصمة السعودية الرياض والتقى بالملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود حيث كشف له السادات عن قرار الحرب على "إسرائيل" إلا أنه لم يخبر الملك فيصل عن موعد الحرب مكتفياً بالقول أن الحرب قريبة. وقد طلب السادات خلال اللقاء أن تقوم السعودية ودول الخليج بوقف ضخ البترول للغرب حال نجاح خطة الهجوم المصرية.

في 17 أكتوبر عقد وزراء النفط العرب اجتماعاً في   الكويت   ، تقرر بموجبه خفض إنتاج النفط بواقع 5% شهريا ورفع أسعار النفط من جانب واحد.

في 19 أكتوبر طلب الرئيس الأمريكي نيكسون من الكونغرس اعتماد 2.2 مليار دولار في مساعدات عاجلة لـ"إسرائيل" الأمر الذي أدى لقيام الجزائر والعراق والمملكة العربية السعودية و   ليبيا   والإمارات العربية المتحدة ودول عربية أخرى لإعلان حظر على الصادرات النفطية إلى الولايات المتحدة، مما خلق أزمة طاقة في الولايات المتحدة الأمريكية.

نهاية الحرب

تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة وتم إصدار القرار رقم 338 الذي يقضي بوقف جميع الأعمال الحربية بدءاً من يوم 22 أكتوبر عام 1973م.

وقبلت مصر بالقرار ونفذته اعتباراً من مساء نفس اليوم إلا أن القوات "الإسرائيلية" خرقت وقف إطلاق النار، فأصدر مجلس الأمن الدولي قرارا آخر يوم 23 أكتوبر يلزم جميع الأطراف بوقف إطلاق النار.

أما سوريا فلم تقبل بوقف إطلاق النار، وبدأت حرب جديدة أطلق عليها اسم "حرب الاستنزاف" هدفها تأكيد صمود الجبهة السورية وزيادة الضغط على "إسرائيل" لإعادة باقي مرتفعات الجولان، وبعد الانتصارات التي حققها الجيش السوري وبعد خروج مصر من المعركة واستمرت هذه الحرب مدة 82 يوماً.

في نهاية شهر مايو 1974 توقف القتال بعد أن تم التوصل إلى اتفاق لفصل القوات بين سوريا و"إسرائيل"، أخلت "إسرائيل" بموجبه مدنية القنيطرة وأجزاء من الأراضي التي احتلتها عام 1967.

حرب الاستنزاف

في أوائل عام 1974، شنت سوريا، غير مقتنعة بالنتيجة التي انتهى إليها القتال في محاولة لاسترداد وتحرير باقي أراضي الجولان، وبعد توقف القتال على الجبهة المصرية شنت سوريا حرب استنزاف ضد القوات "الإسرائيلية" في الجولان، تركزت على منطقة جبل الشيخ، واستمرت 82 يوماً كبدت فيها الجيش "الإسرائيلي" خسائر كبيرة.

توسطت الولايات المتحدة، عبر الجولات المكوكية لوزير خارجيتها هنري كيسنجر، في التوصل إلى اتفاق لفك الاشتباك العسكري بين سوريا و"إسرائيل". نص الاتفاق الذي وقع في حزيران (يونيو) 1974 على انسحاب "إسرائيل" من شريط من الأراضي المحتلة عام 1967 يتضمن مدينة القنيطرة.

في 24 يونيو رفع الرئيس حافظ الأسد العلم السوري في سماء القنيطرة المحرر، إلا أن "الإسرائيليين" كانوا قد عمدوا إلى تدمير المدينة بشكل منظم قبل انسحابهم، وقررت سوريا عدم إعادة إعمارها قبل عودة كل الجولان للسيادة السورية.

الدول المشاركة بالعمليات العسكرية

الجبهة المصرية

العراق

زار الفريق الشاذلي بغداد في 26 مايو - 2 يوليو 1972 وقابل الرئيس العراقي أحمد حسن البكر وطرح مشاركة العراق في حرب محتملة ضد "إسرائيل" وكان الجانب العراقي يرى أن العراق يواجه مشكلتين رئيسيتين الأولى هي النزاع مع إيران حول شط العرب في الجنوب والثانية الثورة الكردية في الشمال وأن على العراق الاحتفاظ بقواته قرب هذه المناطق لكنه على استعداد أن يرسل قوات عسكرية حال نشوب الحرب أما عن طائرات الهوكر هنتر التي كان مقرراً حسب اجتماع مجلس الدفاع العربي في نوفمبر 1971 أن ترسل للأردن فقد أبدى العراق رغبته للشاذلي أن يتم إرسال الطائرات لمصر وذلك بعد تجديدها وإصلاحها. في فبراير 1973 زار رئيس أركان القوات المسلحة العراقية الفريق عبد الجبار شنشل العاصمة المصرية القاهرة لتبدأ بعد ذلك الطائرات العراقية بالتوافد إلى الجبهة المصرية.

في نهاية مارس 1973 وصل من العراق السرب المقاتل التاسع والعشرين (طائرات هنتر) والسرب المقاتل السادس (طائرات هنتر) وكان الاتفاق بين مصر والعراق يقضي بإرسال سربين كاملين من طائرات الهوكر هنتر بعد أن يتم إصلاح الطائرات الناقصة إلى إلا أن العراقيين لم يتمكنوا من إصلاح جميع الطائرات فتم إرسال السربين وهما غير مكتملين. وبلغ مجموعات طائرات الهنتر العراقية التي وصلت مصر 20 طائرة استقرت في مطار قويسنا بمحافظة المنوفية.

حينما بدأت الحرب كُلفت الطائرات العراقية بواجبات في الضربة الأولى في 6 أكتوبر ويذكر الفريق سعد الدين الشاذلي أن القوات البرية المصرية كانت ترفع طلباتها بالقول "نريد السرب العراقي" أو "نريد سرب الهوكر الهنتر" وهو ما اعتبره الشاذلي شهادة لكفاءة السرب العراقي وحسن أداءه خلال حرب أكتوبر. بلغت خسائر السربين العراقيين في نهاية الحرب 8 طائرات هنتر ومقتل 3 طيارين وأسر 3 طيارين.

الكويت

تواجدت قبل الحرب كتيبة مشاة كويتية وبعد اندلاع الحرب قررت الكويت إرسال قوة حربية إلى الجبهة المصرية أسوة بما أرسلته إلى الجبهة السورية (قوة الجهراء). وتقرر إرسال عدد من طائرات الهوكر هنتر وإجمالي ما تملكه الكويت من طائرات الهوكر هنتر هو 8 طائرات أرسل منها إلى مصر 5 طائرات إضافة إلى طائرتي نقل من طراز سي-130 هيركوليز تحمل الذخيرة وقطع الغيار. وصلت الطائرات إلى مصر في مساء يوم 23 أكتوبر ونزلت في قاعدة قويسنا التي كانت أنوارها مطفأة لظروف الحرب وحال وصول الطائرات الكويتية أضيء المدرج لثوان محددة لنزول الطائرات.

في الصباح قابل آمر السرب الكويتي آمر القاعدة الجوية وقد تلقى منه خرائط وهداف لضرب المواقع "الإسرائيلية" إلا أن آمر السرب أعترض على تنفيذ المهمة حيث قال أنه يجب أولا التعرف على طبيعة الأرض والمرتفعات حول القاعدة. أقام السرب 30 يوماً في القاعدة ثم نقل إلى قاعدة كوم اوشيم ثم لقاعدة حلوان الجوية والتي قضى فيها مدة 7 أشهر تدرب خلالها على ضرب الأهداف والقتال الجوي. عاد السرب إلى الكويت في منتصف عام 1974.

الجزائر

تدهورت العلاقات الجزائرية-المصرية على خلفية هزيمة يونيو 1967. وقد قامت الجزائر على اثر ذلك بسحب لواء المشاة الجزائري الذي كانت قد أرسلته إلى مصر عند قيام الحرب. وخلال زيارة رئيس الأركان المصري الفريق سعد الشاذلي إلى الجزائر في فبراير 1972 من أجل طلب الدعم العربي لمواجهة "إسرائيل" أخبره المسؤولون الجزائريون أنهم عندما سحبوا لواء المشاة فإنهم سحبوا أفراد اللواء ومعهم أسلحتهم الشخصية فقط فيما تركوا جميع أسلحة اللواء الثقيلة في مصر وأنهم لا يريدون هذه الأسلحة وانما يريدون اخطاراً بتسلمها ولم يكن الشاذلي يعلم بذلك فوعدهم بتسوية ذلك حال رجوعه إلى مصر، وبالفعل قدمت وثيقة إلى الجزائر تثبت تسلم الأسلحة قابلها الجزائريون بالشكر ثم أرسلوا إلى مصر في ديسمبر من نفس العام 24 قطعة مدفعية ميدان.

حينما اندلعت الحرب في 6 أكتوبر 1973 أرسل هواري بومدين إلى الجبهة المصرية سرب طائرات سوخوي-7 وسرب ميج-17 وسرب ميج-21 وصلت في أيام 9 و10 و11 أكتوبر. فيما وصل إلى مصر لواء جزائري مدرع في 17 أكتوبر 1973.

وخلال زيارة الرئيس هواري بومدين إلى موسكو بالاتحاد السوفيتي في نوفمبر 1973 قدم مبلغ 200 مليون دولار للسوفييت لحساب مصر وسورية بمعدل 100 مليون لكل بلد ثمنا لأي قطع ذخيرة أو سلاح يحتاج لها البلدان.

تونس

أرسلت تونس الفوج 14 مشاة ميكانيكية والذي كان يسمى سابقا بالكتيبة التاسعة، وقد دفعت بحوالي 1000 جندي إلى الجبهة المصرية نشرت في منطقة دلتا النيل. نال الفوج وسام الحرب.

ليبيا

أرسلت ليبيا لواء مدرع إلى مصر، وسربين من الطائرات سرب يقوده قاده مصرين وأخر ليبين.

السودان

أرسلت السودان لواء مشاة وكتيبة قوات خاصة.

كوريا الشمالية

أتخذ السادات في يوليو 1972 قرارا مفاجئاً بطرد جميع الوحدات السوفيتية الذي يتواجدون في مصر، وكان من بين هذه الوحدات 100 طيار سوفيتي يشغلون 75 طائرة ميج 21 وذلك بسبب نقص في الطيارين المصريين [36]، وفي بداية مارس 1973 زار نائب رئيس جمهورية كوريا الشمالية مصر وبرفقته وزير الدفاع الكوري والذي أبدى رغبته في زيارة جبهة قناة السويس، حيث رافق الوزير رئيس الأركان الشاذلي ودار حديث بينهما حول نقص الطيارين المصريين وعرض الشاذلي على وزير الدفاع فكرة إرسال طيارين كوريين وأن ذلك سيحل مشكلة نقص الطيارين وسيمنحكم خبرة قتالية لكون "الإسرائيليين" يستخدمون نفس الطائرات والتكتيكات التي من المنتظر ان يستخدمها عدوكم.

كان رد الوزير الكوري بأنه سيستأذن رئيس الجمهورية كيم إل سونغ، وبعد أيام قليلة وافق السادات على المقترح، وبعد أسبوعين من مغادرة الوفد جاء الرد الكوري بالموافقة ودعوة الجانب المصري إلى زيارة بيونغيانغ عاصمة كوريا الشمالية لمعاينة الطيارين، وقد وصل الفريق الشاذلي لبيونغيانغ في 6 أبريل وعاين الطيارين الذي تقرر إرسالهم إلى مصر وكان الكثير منهم لديه ما يزيد على 2,000 ساعة طيران، وقد وعد الشاذلي الرئيس الكوري كيم إل سونغ بأنه لن يتم زج الطيارين الكوريين في معركة فوق "إسرائيل" أو فوق أرض تحتلها "إسرائيل" وأن مهمتهم مقصورة على الدفاع الجوي في العمق وانه سوف تصرف لهم مرتبات بالجنيه المصري تعادل رواتب الطيارين المصريين.

في أوائل يوليو 1973 بدأ الطيارون الكوريون في الوصول إلى القاهرة، وقد بلغ عددهم 30 طياراً إضافة إلى 8 موجهين جويين 3 عناصر للقيادة والسيطرة و5 مترجمين وطباخ وطبيب، وقد أكتمل تشكيل السرب الذي يعملون به في يوليو 1973.

الجبهة السورية

العراق

حين بدأت الحرب أمرت القيادة العراقية الجيش بالاستعداد للتحرك إلى الجولان الذي كان يبعد 1,000 كم عن العراق وبدأت القطاعات العراقية بالتوافد إلى دمشق حيث بلغ حجما في نهاية الحرب فرقتين مدرعتين و3 ألوية مشاة وعدة أسراب طائرات بلغت مشاركة العراق العسكرية 30,000 جندي و 250-500 دبابة و 500 مدرعة سربين من طائرات ميج 21 3 أسراب من طائرات سوخوي سو-17.

الأردن

لم تعلن المملكة الأردنية الهاشمية الحرب على "إسرائيل" لكن وضعت الجيش درجة الاستعداد القصوى اعتباراً من الساعة 15:00 من يوم 6 أكتوبر عام 1973 وصدرت الأوامر لجميع الوحدات والتشكيلات بأخذ مواقعها حسب خطة الدفاع المقررة وكان على القوات الأردنية أن تؤمن الحماية ضد أي اختراق للقوات "الإسرائيلية" للجبهة الأردنية.

ونظراً لتدهور الموقف على الجبهة السورية أرسل الملك حسين اللواء المدرع 40 الأردني إلى الجبهة السورية فأكتمل وصوله يوم 14 تشرين الأول عام 1973 وخاض أول معاركه يوم 16 تشرين الأول حيث وضع تحت إمرة الفرقة المدرعة الثالثة العراقية فعمل إلى جانب الألوية العراقية وأجبر اللواء المدرع 40 القوات "الإسرائيلية" على التراجع 10 كم.

وقد أدت هذه الإجراءات إلى مشاغلة القوات "الإسرائيلية" حيث أن الجبهة الأردنية تعد من أخطر الجبهات وأقربها إلى العمق "الإسرائيلي" هذا الأمر دفع "إسرائيل" إلى الإبقاء على جانب من قواتها تحسباً لتطور الموقف على الواجهة الأردنية.

المغرب

كان لدى المملكة المغربية لواء مشاة في الجمهورية العربية السورية تعرف بـ "التجريدة المغربية" قد وضع اللواء المغربي في الجولان وشارك في حرب أكتوبر كما أرسل المغرب 11000 جندي للقتال رفقة الجيش العربي السوري مدعوماً ب 52 طائرة حربية 40 منها من طراز إف-5 و 12 من طراز ميغ بالإضافة إلى 30 دبابة، بلغ عدد الشهداء المغاربة 170 شهيداً.

وقد سميت في العاصمة دمشق ساحة باسمهم "التجريدة المغريبة" وهي واحدة من أهم الواحات من ضمن مركز المدينة المعروفة بـالسبع بحرات، تكريماً ووفاء لبطولاتهم الشجاعة والنبيلة تجاه السوريين من خلال مشاركتهم جنباً إلى جنب في الحرب ضد الكيان الصهيوني.

السعودية

أمر الملك فيصل بإرسالِ قوة ردع من الجيش العربي السعودي إلى سوريا لمساندة الجيش العربي السوري في الجولان وهي كالآتي: "فوج مدرعات بنهارد، سرية بندقية 106-ل8، سرية إشارة، سرب بندقية 106-م-د-ل20، 2 بطارية مدفعية عيار 155ملم ذاتية الحركة، بطارية م-ط عيار 40 ملم، سرية قيادة، فوج المظلات الرابع، سرية سد الملاك، سرية هاون 2،4، فصيلة صيانة مدرعات، لواء الملك عبد العزيز الميكانيكي (3 أفواج)، سرية صيانة، سرية طبابة، فوج مدفعية ميدان عيار 105 ملم، وحدة بوليس حربي. وقد اشتركت فرق المدرعات السعودية مع الفرقة السابعة في المعركة الشهيرة بـ(تل مرعي) استشهد فيها من الفرقة السعودية 25 شهيد بين ضابط وفرد.

الكويت

بعد اندلاع الحرب أقترح وزير الدفاع الشيخ سعد العبد الله الصباح إرسال قوة كويتية إلى سورية مثلما توجد في مصر قوة كويتية وعليه شكلت قوة الجهراء المجحفلة في 15 أكتوبر 1973 بأمر العمليات الحربية رقم 3967 الصادر عن رئاسة الأركان العامة للجيش الكويتي، بلغ عدد أفراد القوة أكثر من 3,000 فرد وتألفت من كتيبة دبابات وكتيبة مشاة وسريتي مدفعية وسرية مغاوير وسرية دفاع جوي وباقي التشكيلات الإدارية.

غادرت طلائع القوة الكويت في 15 أكتوبر جواً فيما غادرت القوة الرئيسية عن طريق البر في 20 أكتوبر وتكاملت القوات في سوريا خلال 15 يوم. في سورية كلفت القوة بحماية دمشق واحتلت مواقعها بالقرب من السيدة زينب ثم ألحقت بعدها بالفرقة الثالثة في القطاع الشمالي في هضبة الجولان ثم شاركت في حرب الاستنزاف ضد القوات "الإسرائيلية". وظلت القوة في الأراضي السورية حتى 25 سبتمبر 1974 حيث أقيم لها حفل عسكري لتوديعها في دمشق.