Menu

قراءة في المشهد السياسي الأميركي بعد عام على طوفان

د.رباب عبد الهادي

د. رباب عبد الهادي

مجلة الهدف - نيويورك

طوفوا شوارع نيويورك"/ " فلسطين حرة من البحر الى النهر" 

"أوقفوا المذبحة في غزة فوراً" /"الصهيونية عنصرية" / "إضراب شامل تضامناً مع فلسطين" / "لا حياه عاديه والإبادة الجماعية مستمرة"

"يا كاميلا هاريس لا يمكنك الاختباء فنحن نتهمك بالإبادة الجماعية" 

"كل دولار يبتاع فشكه لقتل أطفال غزة"

تكررت هذه الشعارات في ملصقات وتغريدات السوشيال ميديا وعلى ألسنة آلاف المتظاهرين والنشطاء في المدن الأمريكية الكبرى والصغرى والجسور والطرقات الرئيسية التي عطلت حركة السير إلى المطارات ومحطات القطارات الحيوية. ومن سان فرانسيسكو إلى نيويورك ومن فيلادلفيا إلى شيكاغو لم تستثني العاصمة واشنطن منذ أن كسرت عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر العام الماضي سياج المستوطنات والاستعمار الذي حاول خنق الشعب الفلسطيني ومنعه من الحياة.

فالتقطت الشعارات بشكل تلغرافي عكس تأثير طوفان الأقصى على مختلف جوانب الحياة السياسية والحركات الاجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية. وتفاعلت تراكمات الحراك الفلسطيني إن كان على صعيد الجالية ومنظماتها أم الحركة الطلابية و الحراك النسوي والنقابي والتضامني والسياسي التي اختزلت مسافة زمنية وقلبت خلال 24 ساعة عالمنا فلا إمكانية للعودة لعالم ما قبل السابع من أكتوبر. ولم تنجح الحملة الشرسة التي أطلقتها المنظمات الصهيونية والقوى العنصرية البيضاء المنظمة ومعهم دوائر الشرطة ومكتب التحقيقات الفيدرالية وأدوات القمع الأخرى لتحويل الأنظار عن حرب الإبادة الجماعية الصهيونية من ناحية الصمود الأسطوري الفلسطيني و من ناحية أخرى بتشويه مبادئ الحركة التضامنية واتهامها زوراً بالكراهية لليهود. فأضحت فلسطين القضية المركزية في اهتمامات الشعب الأمريكي وحتى في الانتخابات أيضاً ولم يعد ممكناً إهمال القضية الفلسطينية كقضية هامشية تهم أقلية صغيرة من العرب والمسلمين.     

وقبل أن نلقي نظرة سريعة على معركة الانتخابات الأمريكية في الخامس من نوفمبر 2024 ، دعونا ندرس التحولات التي أدت إلى اتساع وتعميق وكثافة التضامن وتطوير الوعي الشعبي تجاه القضية الفلسطينية وخاصة بين الفئات المسحوقة والمهمشة في المجتمع الأمريكي وتنظيماتها ومؤسساتها – ذلك الدعم الذي تعدى مشاعر التعاطف مع آلام وجروح المجازر والطرد القسري ومحو معالم فلسطين لتحقيق الإدعاء الصهيوني بوجود "أرض بلا شعب"، ليصل إلى الدفاع عن مشروعية حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه في وجه إحدى أكبر وأحدث وأكثر الترسانات الاستعمارية عسكرهً. فلنأخذ بعض الشعارات التي رفعتها فئات مختلفة ونناقش ما تدل عليه. فإن رفع شعارات من هذا النوع وتعزيز الوعي وانتشار التضامن لا يسيران في فضاءات منفصلة عن بعضها البعض بل إن علاقة جدلية تربطهما حيث يؤثر الشعار على الوعي وتطور الوعي وتفاعل الطرفين يحدث ردود الفعل بمختلف أشكالها سواء كان نتاجها سلبياً ام ايجابياً. 

نقلة نوعية في الخطاب السياسي الشعبي باتجاه التحرير الكامل لفلسطين والتضامن مع المقاومة

فلنأخذ الشعار الأول "طوفوا شوارع نيويورك" والذي أطلقه حراك شبابي من الصبايا والشباب "خلال حياتنا" "within our lifetime" أي أن تحرير فلسطين سيتم خلال حياة هؤلاء الشباب والصبايا، ويتميز هذا الحراك بقدرته على تعبئة آلاف المتظاهرين في الشارع خلال ساعات بمجرد نشر تغريدة أو إعلان على منصة الانستغرام . وهذه القدرة على تعبئة آلاف المتظاهرين بالشارع بسرعة وتحدي يمنحهم قوة استطاعت مواجهة شرطة نيويورك المعروفة بـ عنصريتها و قمعها وتعاونها وتبادلها للمعرفة الميدانية والاستخبارية مع سلطات الاحتلال الصهيوني. فمثلاً فشل إعلان حاكمة ولاية نيويورك عن نيتها بسن قانون يحّرم ارتداء الأقنعة رغم اعتقال الشرطة وإساءتها معاملة الطلاب والشباب الملثمين (لإخفاء هوياتهم عن أجهزة الرقابة لمختلف أدوات التنصت والقمع الأمريكية والتي تتبادل هذه المعرفة التجسسية مع مثيلتها الصهيونية) الذين تظاهروا في مناسبات عدة ومن بينها تأييد طلاب جامعة كولومبيا ومن بعدها جامعة مدينة نيويورك العامة الذين تصدروا الإضراب ورفضوا الخضوع لمطالب إدارة الجامعات المتواطئة مع اللوبي الصهيوني فقد أحبط حجم المظاهرات الهائل مخططات الشرطة لقمع المتظاهرين الملثمين. وكذلك شأنه شأن من يستطيع السيطرة على الشارع الشرطة أم  المتظاهرين. فكلما ازداد عدد المتظاهرين كلما فشلت أدوات الحكومة الرسمية في فرض سيطرتها وإرغام القوى المعارضة الالتزام بالسير في جانب فرعي أو جانب واحد. بل بالعكس فقد تمكن المحتجون بالانتشار في كل مكان وتعطيل حركة السير تطبيقاً لشعار "لا تسمحوا للسير أن يمر وغزة تذبح" أو "لا حياة عادية والابادة الجماعية مستمرة" والذي تبناه مجموعة كبيرة من القوى المتضامنة مع الشعب الفلسطيني والتي رفضت تطبيع المجازر الصهيونية.

وهذه الأمور ليست تفصيلية أو هامشية فقدرة المتظاهرين على السيطرة على الشارع واستعادة ما كانت قد دعا له تحالف حركات مناهضة الحرب في فيتنام وتحرر العالم الثالث التي اعتبرت أن الشوارع هي فضاء الجماهير لا للسلطات القمعية فكان الهتاف "الشوارع لمن؟"  "إنها شوارعنا" تحدياً لسلطات الدولة القمعية ودفع وقود القوة بين الجماهير المسحوقة التي لا حيلة لها للشعور بالطاقة الجماعية وتصر على التصميم بالاستمرار . 

وهنا يرتبط الشكل بالمضمون فقد كان "خلال حياتنا" الحراك المبادر باستخدام كلمة "طوفان" الدعوة للمظاهرات والاعتصامات في الشوارع بينما ركزت الحركات الشبابية الأخرى على رفع وتثبيت شعار"فلسطين حرة من البحر للنهر" وعلى رأسها حركة الشباب الفلسطيني ، إضافة إلى حراك "في حياتنا" ومنصة الشعوب ومجموعة كبيرة من أهل البلاد الأصليين السود واللاتينيين والآسيويين ومنظمات اليسار المنظم في أحزاب صغيرة أو في نقابات العمال في مختلف المهن واللجان الطلابية مثل اللجان الطلابية من أجل العدالة في فلسطين. ومن ناحيتها شاركت معظم القوى السلمية والتضامنية من فئات الشعب والطبقات والخلفيات المختلفة في مظاهرات واعتصامات ركزت على المطالبة بالوقف الفوري لإطلاق النار. ومن ناحيتها نجح اتحاد شبكة الجاليات الفلسطينية في شيكاغو مثلا و المركز العربي للمصادر في سان فرانسيسكو ومعهما تحالف واسع في المدينتين من الضغط على بلدياتها بتبني مشاريع تطالب بوقف إطلاق النار وإدانة العدوان الاسرائيلي. كما تصاعد عدد النشطاء الفلسطينيين و اليهود المعادين للصهيونية في التصدي للصهاينة الذين رفعوا الأعلام الإسرائيلية على البنايات الرسمية ونظموا حملات التبرعات للجيش الإسرائيلي المجرم وهذا مما رفع الوعي بالقضية الفلسطينية وعدالتها. وبالمقابل كانت غالبية القرارات الداعية لوقف إطلاق النار تدعو أيضاً إلى إدانة المقاومة واسرائيل وكأنهما طرفين متساويين وللأسف كان من بينهم شريحة من المثقفين العرب والمسلمين والفلسطينيين ذوي المصداقية وخصوصاً في الأسابيع الأولى ما بعد السابع من أكتوبر الماضي حيث تجنبوا المظاهرات والاعتصامات والنشاطات العلنية وخاصة تلك التي تجرأت إما على استخدام كلمة الطوفان أو المطالبة بتحرير كافة التراب الفلسطيني أو كلاهما. 

وهنا تبرز أهمية الدور الريادي الذي لعبه حراك "خلال حياتنا" وحركة الشباب الفلسطيني في الشارع الفلسطيني الأمريكي بالأساس وحلفائها  الذين رفضوا إدانة المقاومة وأصروا على تكرار استخدام كلمة الطوفان في كل مناسبة وشعار "فلسطين حره من البحر الى النهر" حتى تم تطبيع الشعارين في حركة التضامن وهذا الأمر ليس بالبسيط. وتلازم مع ذلك نقل مركز الثقل النظري والخطابي من قاعدة "تساوي الطرفين: المحتل المحتل" إلى الاعتراف بإدانة المستعمر و الدفاع عن المستعمر. وعكس ذلك نفسه على شكل الأنشطة التعليمية التوعوية التي تجاوزت النموذج الكلاسيكي الذي شاع في الستينيات من القرن الماضي خلال الحركة المعادية للحرب في فيتنام والمطالبة بتفكيك وإزالة آثار الاستعمار. 

ولا بد من التنويه هنا أن تقدم الشباب والشابات الفلسطينيين بالصدارة لقيادة الحركة التضامنية ودعمهم بشكل مطلق من القوى الفلسطينية الأخرى بما فيها المتقدمة بالعمر والتي تؤمن بملكيتها لقيادة الحراك  كانت أيضاً نقلة نوعية لما جرى بالماضي فبينما قاد الفلسطينيون والعرب بحق وحقيق معظم الحركات ومنها منظمة الطلبة العرب والتي كانت أقوى مؤسسة طلابية وأكثر نفوذاً في شمال أمريكا في أواخر الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي إضافة إلىوجمعية الخريجين العرب فقد انتشرت "موضة" بين النشطاء العرب والفلسطينيون في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي والتي كانت باعتقادي متأثرة بالنهج الليبرالي الجديد والذي كان متأثراً بما يسمى "بسياسة الهوية" من ناحيته بالتخلي عن النزعة القومية من ناحية أخرى والتي خلطت ما بين مفهوم التحرر الوطني ضد الاستعمار و النزعة القومية العنصرية الضيقة.   

وهكذا انتشرت عدوى مبادرة هذا الحراك التي شارك فيها مجموعات فلسطينية وعربية وشبابية أخرى. وأصبح الآن جزءاً طبيعياً من المشهد السياسي أو ما يمكن أن نطلق عليه هندسة المقاومة الشعبية في الشارع الأمريكي وهنا نعني الشارع بالمعنى الحرفي وليس المجازي.  

التضامن وأهمية مرور عام على العملية وتأثيرها في إعادة صياغة السياسية داخل الولايات المتحدة

شهدنا نمو الحركات الطلابية التي تدعو إلى تحرير فلسطين وفرض المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل وتأثير هذه الحركات على سياسات الجامعات، بما في ذلك الضغط باتجاه سحب الاستثمارات المتعلقة بإسرائيل.

الطلاب الذين دخلوا في إضرابات من الاتحاد الطلابي الأسود وجبهة تحرير العالم الثالث في الفترة من ١٩٦٨-١٩٦٩ طالبوا بانحلال المناهج الاستعمارية وإنشاء برامج تعليمية تعكس وتشرع وتثبت تجارب الحياة للمجتمعات المهمشة.

طالبوا بعلاقة مختلفة بين الجامعة والمجتمع حيث لا تنتج الجامعة فقط البحوث وتعزز الحياة الأكاديمية، ولكنها مسؤولة وشفافة أرادوا علاقة احترام  وتبادلية بين الطرفين. 

لم تشهد الشوارع والأماكن العامة والرسمية في الولايات المتحدة مثل هذا الدعم النوعي والكمي لحرية الشعب الفلسطيني ورفض واضح وحازم لحملة إسرائيل الإبادية في غزة وبقية فلسطين خاصة بين النساء والشباب والحركات التضامنية والاجتماعية الأمريكية الجالية الفلسطينية والعربية والمسلمة في آخر 20 عاما من النشاط التضامني مع المجتمعات الأمريكية والدولية في جميع أنحاء العالم.

من المهم التأكيد على أن التضامن مع فلسطين لم يظهر فجأة. لم يستيقظ الناس ويقررون بشكل عشوائي دعم فلسطين. إن زخم التضامن مع فلسطين الذي نشهده اليوم قد جاء محصلة تراكمية وصراع مجتمعي من قبل الشعب الفلسطيني الذي يصر على  النضال من أجل تقرير مصيره  ثابتة و متينة تمكن المجتمع الدولي للتضامن من الاستمرار في الوقوف في التضامن والتنظيم. هذه حاجة أساسية لأي شعب يقاتل قوى دولية كبيرة مثل إسرائيل والولايات المتحدة.

هذه الإجراءات الأخيرة مختلفة نوعيًا عما شهدناه طوال سنوات التضامن مع فلسطين. فقد كانت نخبة ضئيلة من المثقفين وأغلبها من الأكاديميين اليهود والأمريكيين تقل من بينهم الأسماء العربية في الثمانينيات و التسعينات واوائل القرن الحالي ويبدو ذلك واضحا في صفحات جريدة النيويورك تايمز التي أطلقت على نفسها "صحيفه السجلات" ، والتي رفضت بشكل دوري نشر مقالات البروفيسور الفلسطيني الراحل ادوارد سعيد بينما كانت تنشر  إلا إذا كان أصحابها ممن ينتمون بمن نسميهم native informants F كأشكال  الراحل فؤاد عجمي المبشر بالأجندة الامبريالية الإستشراقية . 

 وبينما كانت (وما زالت) كافة وسائل الإعلام الأمريكي المهيمنة (والممولة من قبل الصناعات الكبرى والحربية) تعتم على أخبار المجازر الصهيونية والمقاومة الفلسطينية ،وكان يتم اعتقال أشخاص مثل مارتن شين أمام طائرات إسرائيلية؛ كانت هذه الحوادث قليلة وبعيدة. كانت أكثر رمزية ومرتبة بوضوح مسبقًا. كانت الأعمال من الثمانينيات ما نسميه 'المسرحية الجريئة'، أعمال فجائية في مواجهة الهياكل السلطوية، بما في ذلك الشرطة ولكن ليس للمنظمين أنفسهم. كانت مُنظَمة ومُنسَقة بشكل جيد ولكنها كانت تفتقر إلى الدعم الشعبي الساحق والالتزام الذي أظهره منظمو اليوم.

بوشنيل والشهداء الآخرين

ويجدر بالذكر هنا الدور الهام الذي لعبه اليهود المعادين للصهيونية كالصوت اليهودي للسلام والاتحاد اليهودي العالمي لمكافحة الصهيونية  فقد قام أعضاء  الأول باحتلال الكونغرس الأمريكي مرتدين ملابس سوداء كتب عليه "وقف إطلاق النار الفوري" بينما عمم الثاني شعار "لا تكرار لما حصل – لكل البشر" رافضين الاستثناء اليهودي مبدأ الإبادة الجماعية الذي استخدمته الحركة الصهيونية لفرض الفيتو ضد أي مطالبة بتعميم التجربة المؤلمة للمحرقة النازية لليهود لكافة شعوب العالم التي قاست من الإبادة الجماعية ضد أهل البلاد الأصليين في الأمريكيتين واستراليا ونيوزيلاندا وفلسطين معرضين أنفسهم للاعتقال بالعشرات الذي تم فعلا. والجدير بالذكر هنا أن هؤلاء الرفاق اتخذوا المبادرة بأنفسهم (أي لم ينتظروا طلباً من الفلسطينيين ليقوموا بدورهم) و خططوا لهذا العصيان المدني. وبهذا لعب الصوت اليهودي للسلام الذي يضم  (250 الف) عضواً مزدوجاً. فمن ناحية كشفوا الغطاء عن أكاذيب الحركة الصهيونية التي ادعت أنها تمثل كل يهود العالم وأن النضال الفلسطيني التحرري يتمحور حول كره اليهود ومن ناحية أخرى أوضح هؤلاء الرفاق أن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني ليس مشروطاً وأنه جزء لا يتجزأ من موقفهم من العدالة للجميع.      

"إضراب شامل تضامناً مع فلسطين"

النقابات الأمريكية      

عمال الطب والأطباء ضد الإبادة الجماعية 

النقابات الرئيسية

UAW labor for Palestine faction 

United electrical

AFL-CIO

US Postal workers Union

Service Employees International

Teamsters for Palestine

Amazon labor union

(starbucks/ no tech for apartheid)

"صرف أموال دافعي الضرائب على مكافحة البطالة وتوفير فرص التعليم وليس على الحرب والاحتلال"

"فاز مشروع القرار" - كان هذا هو الخبر الذي أبلغتنا به قيادة نقابتنا – جمعية أساتذة كاليفورنيا التي أبلغتنا رسميا بأن مشروع القرار الذي تقدمنا به لسحب كافة استثمارات الجامعة ومرفقاتها شركات الصناعات الحربية والعسكرية الأمريكية قد حظي بتأييد غالبية مندوبي المؤتمر. وليس ذلك لأننا لم نقم بالمطلوب فقد قمنا بصياغة مشروع القرار بحكمة متناهية  وراجعنا كل كلمة لتجنب أي معارضة صهيونية تتخذ شكلاً تقنياً لإفشال القرار كما جرت العادة في نقابات العمال الأمريكية التي تربطها علاقة شبه أزلية مع الهستدروت الصهيوني لا قاعدة منطقية لها.  ولكن كما جرت العادة منذ النكبة وإقامة الدولة الصهيونية فإن الحركة العمالية الأمريكية بصمت بالعشرة على مبايعة الكيان الصهيوني بإقامة علاقة أخوية حميمة مع الهستدروت والتأكد من أن كافة أموال العمال الأمريكيين مستثمرة في أوراق النقد الإسرائيلية. 

فنحن في المحور الفلسطيني والعربي والإسلامي لنقابة الأساتذة في جامعة كاليفورنيا وهي أكبر تجمع الجامعات عامة في كافة أنحاء الولايات المتحدة لم نكتفي بطرح مشروع القرار على برنامج الهيئة العامة لنقابتنا في اجتماع الجمعية العمومية بل طلبنا من كافة المحاور أن نجتمع بها وأن نقدم مشروع  

"يا كاميلا هاريس لا يمكنك الاختباء فنحن نتهمك بالإبادة الجماعية" 

واخيراً وليس آخرا نتطرق بشكل مختصر على الانتخابات الأمريكية يوم 5 نوفمبر 2024، والتي ستنشر الهدف مقالا تقصيلياً والتي تتنافس بها مرشحة الحزب الديمقراطي كاملا هاريس ضد المرشح الجمهوري دونالد ترامب. ويترشح أيضا في هذه الانتخابات مجموعة من المرشحين المستقلين كالطبيبة اليهودية المعادية للصهيونية جيل ستاين وأستاذ الجامعة وعالم الدين كورنيل ويست والذي رفضت جامعة هارفارد منحه ديمومة بسبب مواقفة المتضامنة مع فلسطين وكلوديا ديلا كروز مرشحة حزب الاشتراكية والتحرير.

وقد ارتفعت أصوات المتظاهرين الصغار والكبار أينما ذهبت كاملا هاريس وخصوصاً أنه بمستطاعها وبايدن من قبلها إصدار قرار سريع بمجرد توقيع بسيط لوقف شحنات الأسلحة ووقف شريان الدم الفلسطيني في غزة. ولكن بدلاً من ذلك وإرضاء للوبي الصهيوني ومواقفهم الأيديولوجية العنصرية الداعمة للاستعمار الصهيوني في إسرائيل استمرت كاميلا هاريس وجو بايدن بارسال الأسلحة والتعويض عن ما تحتاجه من أدوات القتل الفتاكة التي تنفذ.  

واستناداً لشعار "كل دولار يبتاع فشكه لقتل اطفال غزة" و"الوقف الفوري لكافة المساعدات الأمريكية للمجزرة الإسرائيلية" رفض العرب والمسلمين في ولاية ميشيغان وفي ولايات أخرى تأييد ترشيح كامالا هاريس رغم اتفاقهم مع البرامج التقدمية للتعليم وحل البطالة والصحة الجماعية وحل تلوث المياه حقوق المرأة في الصحة الإنجابية و مشاكل ما يسمى "بالكوارث الطبيعية" و فوارق الدخل بين الفقراء والأثرياء.  

لأول مرة ومنذ فترة طويلة تراجعت صحف رسمية أمريكية عن تقليدها بتسمية مرشح الحزب الديمقراطي تسمية كاميلا هاريس كمرشح لرئاسة الولايات المتحدة في انتخابات الرئاسة فبينما قررت ال"واشنطن بوست" عدم تأييد مرشح محدد لأسباب تعود للمصالح المادية لمالكها جيف بيزوس والذي يمتلك شركة الأمازون أيضا  فإن هذا الأمر لا ينطبق على الـ لوس أنجلوس تايمز والتي قالت ابنة مالكها بأنه لا يمكن تأييد مرشح  والإبادة الجماعية في غزة مستمرة.

فلسطين على سلم أولويات الرئاسة ومسلمون وعرب في موقف المقاطعة

  • عدد من موظفي الحكومة الأميركية على الأقل 10 استقالوا علنياً

- خيبة أمل متزايدة بين الجاليات العربية والمسلمة تجاه الحزبين الديمقراطي والجمهوري

 - كلا المرشحين يؤيدان حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني

يتبارز كمالا هاريس و دونالد ترامب في تأييدهم لحرب الإبادة الجماعية الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني؛ وتعهدا بمد إسرائيل بشتى صنوف الأسلحة، فضلا عن الغطاء السياسي لإسرائيل من جرائم الحرب التي ترتكبها يومياً في غزة والضفة الغربية والتي امتدت حربها الشرسة ضد  لبنان أرضًا وشعبًا . 

ولا تخجل هاريس من تكرار أن لإسرائيل "الحقّ في الدفاع عن نفسها" بالرغم من أنه من الواضح أن إسرائيل تخوض حربًا هجومية بهدف الإبادة والتهجير وتفشل في أبسط امتحان لمعايير حكومة الولايات المتحدة وسياسات الكونغرس، بينما يتبجح ترامب بأفعاله المعادية للشعب الفلسطيني خلال رئاسته لسياساتها وينتقد هاريس بقوله "لو كنت في البيت الأبيض لساعدت إسرائيل بإنهاء حربها بوقت أسرع". 

وعلى صعيد خروقات حقوق الإنسان والمعايير المزدوجة؛ تتمحور تصريحات كلا المرشحين على إعادة نحو 100 من الرهائن الإسرائيليين وبينما لا يتطرق أحدهما لخروقات الاحتلال ولكافة حقوق الأسرى حيث يرزخ أكثر من أحد عشر ألف فلسطيني وفلسطينية من الضفة الغربية و القدس و غزة في زنازين الاحتلال القاسية بدون غذاء ولا ماء وافتقاد العلاج الصحي والهواء عدا عن أقذر وأفظع وسائل التعذيب وكما يشهد عليه معسكر سيد تمان والدامون والرملة وعوفر وغيرهم.  

ولم تتطرق كامالا هاريس لأي من وسائل القمع المنظم، ولم تعقب على فاشية الاحتلال ونازيته بالرغم من خروج الخارجية الأميركية بتقارير متواصلة تثبت ذلك. 

أثبت الشعب الفلسطيني جدارته، بطرح القضية الفلسطينية على سلم أولويات الإدارة القادمة بعد أن كانت هامشية أو منسية. 

ليس خفيًا على أحد أن القضية الفلسطينية أمست قضية إلى جانب الصحّة والتعليم والغذاء والبيئة  والمسنين و تطرح يومياً في جدول هموم الشعب الأمريكي هذا ما دفع الكثيرين للتخلي عن دعم المرشحين الرئيسيين لدعمهم الإبادة الجماعية.  وأصبحت قضية نشطاء العدالة في أميركا إضافة إلى الكثير من القضايا التي تؤرق القواعد الشعبية في أميركا.

 

د. رباب عبدالهادي / مديرة البرنامج الأكاديمي لدراسات الجاليات العربية والمسلمة بالمهجر وكبيرة الباحثين والباحثين في جامعة ولاية سان فرانسيسكو