في الثالث من أيار/مايو، حيث يحتفل العالم بـ"اليوم العالمي لحرية الصحافة"، يواصل الصحفيون الفلسطينيون، وتحديدًا في قطاع غزة، دفع أثمان باهظة لقاء تمسّكهم بالحقيقة. ففي الوقت الذي توزَّع فيه الجوائز العالمية وتُرفع فيه شعارات حرية الرأي، تحصي غزة شهداءها من أبناء الكلمة، وتلوّح بصورهم كأوسمة عزّ في وجه عالم أدار ظهره للعدالة.
وقال التجمع الصحفي الديمقراطي في بيان صدر اليوم السبت إن هذا اليوم، الذي خُصّص لحماية الصحفيين وتكريم دورهم، تحوّل في غزة إلى محطة دامية لتجديد الألم وشهادة حيّة على حجم التواطؤ الدولي مع جرائم الاحتلال، الذي يواصل منذ أكثر من عام ونصف ارتكاب مجازر ممنهجة بحق الصحفيين والمؤسسات الإعلامية.
وأوضح البيان أن 212 صحفيًا فلسطينيًا استُشهدوا منذ بدء عدوان 7 أكتوبر، غالبيتهم ارتقوا وهم يحملون معداتهم الصحفية ويغطّون المجازر، أو حتى وهم نائمون بين أفراد أسرهم. وأضاف أن هذه الأرقام "لا تعبّر عن نتائج عرضية لحرب، بل هي تنفيذ لخطة مبرمجة تهدف لإسكات الصوت الفلسطيني وطمس الحقيقة".
وأشار إلى أن الاحتلال لم يكتف بقتل الصحفيين، بل لاحقهم في نزوحهم، ودمّر مقراتهم، وصادر معداتهم، وقيّد وصولهم للإنترنت والكهرباء، ومنع دخول الصحافة الأجنبية إلى غزة، ليتحوّل كل مشهد قصف إلى محاولة مزدوجة: قتل مدني وقتل شاهد.
وسلط البيان الضوء على استشهاد أكثر من 30 صحافية، إلى جانب تعرّض عشرات الصحفيات للتشريد والتهديد والاعتداء، فضلًا عن وجود عشرات الصحفيين في سجون الاحتلال بلا تهم واضحة سوى إصرارهم على نقل الحقيقة.
وفي ظل ما وصفه بـ"الانهيار الأخلاقي الصارخ للقانون الدولي"، شدد التجمع الصحفي الديمقراطي على أن الصحفي الفلسطيني لا يزال يواجه آلة الحرب الإسرائيلية بكاميرته، ويقاوم بالنقل والتوثيق رغم الجوع والنزوح والخوف والخسارة.
وحمل التجمع دولة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين/ات في غزة والضفة و القدس ، داعياً المجتمع الدولي إلى كسر صمته المعيب ومحاسبة الجناة.
وطالب المحكمة الجنائية الدولية بالإسراع في فتح تحقيقات جدية وعلنية في جرائم قتل واستهداف الصحفيين الفلسطينيين، وتقديم مرتكبيها للعدالة، كما دعا الاتحاد الدولي للصحفيين وكل النقابات المهنية في العالم إلى تفعيل أدوات الضغط على الاحتلال، والدفاع الجاد عن زملائنا في الميدان.
وأدان التجمع بأشد العبارات تقاعس المؤسسات الرسمية الفلسطينية عن توفير الحد الأدنى من الدعم والحماية للصحفيين، مطالباً بوقف أي ملاحقة داخلية وانتهاك بحق الإعلاميين.
في اليوم العالمي لحرية الصحافة، لا نطالب بتكريم أو احتفال. نطالب فقط بالحياة، بالحقيقة، بالعدالة، بالحق في أن نحمل كاميراتنا دون أن يتحوّل ذلك إلى حكم بالإعدام.