في أعقاب "ثورة البراق" عام 1929 والتي وصلت عدد كبير من المدن والقرى الفلسطينية، قامت سلطات الاستعمار البريطانية يوم الثلاثاء 17 يونيو/حزيران عام 1930 بإصدار أحكام إعدام بحق 26 مناضلاً فلسطينياً شاركوا في هذه الثورة، ثم تم استبدال تلك الأحكام بالسجن المؤبد لـ 23 منهم، ونفّذت حكم الإعدام في القادة الثلاثة محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير.
الشهيد محمد جمجوم المولود في مدينة الخليل وتخرج من مدرستها الابتدائية، من أول المناضلين الذين تقدّموا المظاهرات في مدينة الخليل احتجاجاً على شراء أراضي الفلسطينيين وسلبها.
والشهيد فؤاد حجازي المولود في مدينة صفد عام 1904، وتلقى دراسته الابتدائية والثانوية في الكلية الأسكتلندية وأتم دراسته الجامعية في الجامعة الامريكية في بيروت، شارك بشكلٍ فعّال في الثورة التي أعقبت أحداث البراق سنة 1929، وهو أول الشهداء الثلاثة الذين أعدمتهم سلطات الانتداب البريطاني وأصغرهم سناً.
ويعتبر الشهيد عطا الزير من أبرز المناضلين إبان الانتداب البريطاني، فقد اشترك في المظاهرات التي شهدتها مدينة الخليل احتجاجاً على هجرة الصهاينة إلى فلسطين، وفي ثورة البراق عام 1929 هب عطا الزير مع غيره من سكان الخليل مدافعاً عن أهله ووطنه، بكل ما لديه من قوة، وقيل أنه عندما قاده جلاده إلى منصة الإعدام طلب أن تفك قيوده لأنه لا يخشى الموت، فرفض طلبه، وعندها حطم عطا الزير السلاسل بقوته وصلابته، وتقدّم نحو المشنقة رافعاً رأسه ومبتسم.
وجاءت "ثورة البراق" على خلفية قيام حركة "بيتار" الصهيونية اليمينية مسيرة احتشدت فيها أعداد كبيرة من اليهود في القدس قرب حائط البراق، وأخذوا يصيحون "الحائط لنا" وينشدون نشيد الحركة الصهيونية، في 15 أغسطس/آب 1929، الذي وافق يوم الحداد على خراب الهيكل حسب التقويم اليهودي، والمتزامن مع احتفالات المسلمين الفلسطينيين بالمولد النبوي الشريف.
وكانت شرطة الاستعمار البريطانية في فلسطين قد علمت عن المظاهرة سلفاً وأرسلت قوات كبيرة لمرافقة وحماية المتظاهرين اليهود، فقرر الفلسطينيون الرّد في اليوم التالي، فقاموا بتنظيم مظاهرة مضادة من المسجد الأقصى واتجهوا إلى حائط البراق، حيث ألقى الشيخ حسن أبو السعود خطبة تبين الأخطار التي تهدد المقدسات الإسلامية.
وازداد التوتر في القدس المحتلة حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين الجانبين، بعد اعتداء صهيوني تمثل بحركة "بيتار"، على المتظاهرين الفلسطينيين دفاعاً عن أراضيهم ومقدساتهم.
وفي الأيام التالية انتقلت الاشتباكات والمواجهات إلى مدن فلسطينية أخرى، حيث اشتبك المقاومين الفلسطينيين مع أفراد من العصابات الصهيونية وواجهتم شرطة الاستعمار بالقمع والعنف إلى أن اضطرت سلطات الانتداب البريطاني لطلب المساعدة من القوات البريطانية في مصر كي تتمكن من إيقاف الهبة الفلسطينية.