Menu

وقاحة القتلة... الصراخ لاستكمال المجزرة

بوابة الهدف الإخبارية

وقاحة القتلة... الصراخ لاستكمال المجزرة

بعد اكثر من عامين على سيطرة تنظيم " داعش" على مدينة الموصل احد اهم حواضر المشرق العربي، يبدو انحدار التنظيم من المدينة حتميا، وكذلك امكانية بقاء "دولته"، في ظل انحسار سيطرته على معظم الاراضي التي استولى عليها في العراق وقطاع واسع من تلك التي سيطر عليها في سورية.

في الخلفية لا يبدو ان الغليان في المنطقة العربية في طريقه للفتور، فالتحريض المذهبي على اوجه، وطرائق العمل التي يتقنها اعداء الشعوب متعددة وتلقي بكامل ثقلها للحفاظ على حالة الاحتراب والاجواء التي تسمح بها.

التعامل الغربي ميدانيا مع قضية تحرير الموصل من قبضة تنظيم "داعش" بات واضحا بانه يرمي لمنح ما يشبه الممر الآمن لمسلحي التنظيم للانسحاب تجاه مدينة الرقة السورية، ومدينة تلعفر العراقية القريبة، وفي سوريا صارع الغربي بكل قوته الدبلوماسية وبالكثير من التهديد العسكري لأجل الابقاء على جبهة النصرة، احد اكثر الفعلة الطائفيين شبها بتنظيم داعش.

وهو ما يوضح الرغبة الامريكية في ادامة الحرب في سورية، وابعاد أي افق لحل سياسي قريب، والمشكلة هنا ليس في تدفق مقاتلي داعش الهاربين من العراق الى سورية على خطورة ذلك، ولكن بالأساس في النية الامريكية الواضحة بإدامة هذه الحرب، والولايات المتحدة وادواتها لن تعدم الوسائل لإدامة هذه الحرب خصوصا بعد هذا التعبير الصريح عن الرؤية الامريكية لمستقبل المشهد في سوريا.

 

وبالعودة للعراق، لا زال للقوى المتحالفة مع الغرب ما تفعله وتقوله حفاظا على حربها "المقدسة"،  فذاك المنضوي في حلف الناتو ، أي تركيا ، والآخر التكفيري الذي يعتبر حليف استراتيجي للولايات المتحدة في المنطقة أي السعودية، يخوضان الآن فصل جديد من المواجهة، عنوانها الاساسي منع مشاركة الحشد الشعبي في معركة الموصل، وعنوانها الثاني الدفع بقوات تركية لاحتلال جزء من الاراضي العراقية بحجة المشاركة في محاربة تنظيم داعش.

اطماع تركيا التاريخية في الموصل واضحة ومعروفة، ولا ينكر الحاكمين في تركيا اليوم طمعهم في استعادة بعض " أملاك العثمانيين"، هذا على الاقل ما صرح به رئيس الجمهورية التركي مؤخرا منتقدا اتفاقية لوزان، اما بالنسبة لحكام الرياض ومن معهم فإن للمعركة بعد آخر وهو تقديم كل ما يمكن لأجل تركيع كل نفس عربي رفض الخضوع للرؤية الخليجية، وكل من رفض الانضمام للسعودية في تحالفها المقدس ضد بقية العرب من غير الطائفة الناجية" من يدور بفلك ال سعود".

التناقض الفج الذي يحمله موقف البعض العربي من رفض مشاركة تشكيلات الحشد الشعبي المكونة من مقاتلين عراقيين والترحيب والدعوة لدور تركي وغربي في هذه المعركة هو تعبير صادق عن العقلية التي تحكم سياسة هذه الدول، وبناء على هذه العقلية يصبح من الجرم ان يشارك العراقي في مواجهة الاخطار التي تتهدد بلاده، وهنا لا يدور النقاش عن طبيعة سلوك الحشد الشعبي او بناء على تقييم لدوره في المعارك السابقة، ولكن بالأساس بناء على "مذهب" عناصره.

النظر للساحة العربية المستباحة حتى العظم حاليا، يوحي ان المخارج مسدودة وان الافق بعيد ومظلم، ولكن دوما هناك ما يمكن تلمسه كملامح لطريق الخلاص، فالعمل المشترك بين قوى حركة التحرر العربية للدفاع عن المصالح العليا للامة العربية، والعمل المشترك بين قوى المقاومة في المنطقة لاستعادة جدول الاوليات العربي وتذكير الشعوب به بات ضرورة ملحة، وتصعيد الاشتباك مع الكيان الصهيوني باعتباره عدواً للامة العربية وبأن التناقض الرئيسي سيبقى معه في كل الاوقات لم يعد ضرورة لتحرير فلسطين فحسب ولكن لاستعادة الذات العربية وبالحد الادنى الحفاظ على ما تبقى منها، ويبدو اليوم ان معركة الدفاع عن القيم التقدمية بشكل مشترك ليس مجرد معركة موازية للمعركة ضد الاستعمار، بل هو في صلب هذه المعركة ففي مواجهة استخدام العدو للسلاح الطائفي يكون استحضار النفس العربي التقدمي بكل ما يحمله من قيم تكفل نهوض شعوب هذه الامة هو هدف في حد ذاته.