تصاعدت حدة الإضرابات والاعتصامات في الآونة الأخيرة بجامعة الأقصى، وكان ذلك بعد قرار تعيين رئيس لقسم الرياضة من خارجه، الأمر الذي دفع عدداً من الطلبة للتحشيد والتنظير لوضع حد لذلك الأمر الذي لقي قبول واسع في أوساط الطلاب الذين سارعوا للاعتصام والخروج بشكل مسيرات مطالبين بإعادة رئيس القسم.
ظل الجميع بعدها يترقب هل ستكون تلك الشرارة التي ستشعل فتيل المطالبات أم أنها ستكون "زوبعة في فنجان" وتندثر من جديد كما كان يحدث من قبل.
الأحداث تتابعت بشكلٍ سريع إلى أن استيقظنا على خبر استقالة عدد كبير من رؤساء الأقسام من مواقعهم الإدارية احتجاجاً على سياسة التعيين والإقصاء التعسفية، لم نكن ندرك حينها أن اتخاذ قرار كذلك بشكلٍ فردي كان يستوجب الكثير من التفكير، فهل كانت المدة كافية ليصدر ذات القرار من عدد لا بأس به من رؤساء الأقسام بذات اليوم، أم أن الأمر كان قد تم التخطيط له مسبقا؟.
هل كان هناك قوة قسرية أجبرتهم على ذلك أم أنهم بادروا بذلك من تلقاء أنفسهم!
الفرصة كانت مهيئة لتغيير مطلب الطلاب من إعادة رئيس قسم إلى إرجاع الاعتراف بالجامعة الذي كان قد سحب مؤخراً على ذات الخلفية "الخلافات السياسية" والتي ظل الطالب فيها رهيناً لسياسة الباب الدوار، لا يعلم أي الأطراف يصدق!
هل سحب الاعتراف رسمياً؟ أم أن الأمر مجرد ملفات عالقة بحاجة إلى الحل وسرعان ما سيتم حلها والخروج بموقف واضح ؟
حينها بادرت جبهة العمل الطلابي التقدمية الإطار الطلابي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بطرح مبادرة لإنهاء أزمة جامعة الأقصى ولكنها لم تجد ترحيب لأن الوسطية لا تجدي في حال وجود صراعات لبسط النفوذ !
تعاقبت الأحداث إلى أن أصبح المطلب الرسمي للطلاب هو إعادة الاعتراف لجامعة الاقصى التي تضم في أقسامها الآلاف من الطلاب ميسوري الحال، والذين إن لم تتاح لهم فرصة الدراسة بجامعة الأقصى لكونها جامعة شعبية لا تُحمل الطالب وأسرته الكثير من الأعباء المالية، فلن تكون لهم أي فرص أخرى للتسجيل بجامعات أخرى يكونوا قادرين فيها على إستوفاء التزاماتها المالية، وعلى ذلك الأساس فإن نسبة عدد الملتحقين بصفوف دراسة البكالوريوس في قطاع غزة ستتناقص تدريجياً بسبب الوضع الاقتصادي السيئ الذي أودى إليه الحصار والحروب والبطالة بالإضافة إلى عدم استيعاب سوق العمل للأعداد الهائلة من الخريجين التي تخرجها الجامعات سنوياً.
قبل ما يقارب عدة أشهر اتجهت مع زميل دراستي الذي كان قد أتم دراسة البكالوريوس ويرغب في التسجيل لمنحة ماجستير عن طريق وزارة التربية والتعليم إلى مقر التسجيل، وما أن أجاب أنه خريج يحمل شهادته من جامعة الأقصى قابله الموظف هناك بالرفض على أساس أن جامعة الأقصى تم سحب الاعتراف بها ولن يتم قبول الطلبات من خريجين الجامعة.
جالت بخاطري عدة تساؤلات آنذاك، هل من يمثل الشعب الفلسطيني بوزاراته ومناصبه القيادية غير معني بمصير ما يزيد عن 27 ألف طالب!، أم أن تلك موجة غضب بسبب السياسات المتبعة ولن تتجاوز مدتها عدة أيام ؟.
على كل حال فإن المواطنين هُنا بشكلٍ عام أصابهم السأم بسبب التضارب الكبير بين ما يُشاع من تصريحات وبين الواقع الذي لا يمت له بصلة.
تتصارع الأطراف السياسية ويدفع المواطن البسيط فاتورة الصراع، كان الأنجع لطرفين انطلقا من رحم شعبنا المضطهد وعايشوا ظروفه الصعبة أن يقفوا صفاً واحداً لتلبية احتياجاته وتحييده من أي خلافٍ سياسي ورفع الشعار ذاته في كافة الجامعات الفلسطينية "جامعة شعبية، تعليم ديمقراطي، ثقافة وطنية".
ولكن ما حدث كان خلاف ذلك، فالطالب الفلسطيني اليوم وقع ضحية بين فكي كماشة أحكمت الإمساك به، فلا يعلم هل يكمل تعليمه في ظل شهادة غير معترف بها أم ينسحب ويسجل في جامعة أخرى ستكلفه مزيداً من الأعباء المالية التي تفوق طاقته؟.
ببساطة ما حصل في جامعة الأقصى جعل من الطالب ورقة ضغط للاستمرار في سياسة التباعد بين الطرفين وعدم تحمل أي طرف لمسؤولياته.
ولكن الطالب بدوره لن يسمح بذلك ولن يكون ضحية للمرحلة، فلا أحد يقف في وجه تطلعات وآمال الشباب.