Menu

الشعبيّة تقيم بيت عزاء لكاسترو بغزة.. والغول يستعرض أبرز الدروس من تجربة كوبا

كاسترو5

غزة-بوابة الهدف

أقامت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، مساء الاثنين، بيت عزاء للزعيم الكوبي الراحل فيديل كاسترو، في قاعة الهلال الأحمر (حيدر عبد الشافي) مقابل جامعة الأزهر، جنوب مدينة غزة.

بدوره ألقى عضو المكتب السياسي في الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، كايد الغول، كلمة الوفاء للزعيم الراحل "كاسترو"، والتي أكد فيها على أن فقدان كاسترو شكّل خسارة كبيرة لكل الشعوب المُتطلعة للتحرر من الاستغلال ولتحقيق الاستقلال الوطني".

وجاء في كلمة الغول، أن "رحيل كاسترو شكّل خسارة لشعبنا الفلسطيني، كونه أكبر الداعمين الصادقين لنضاله ولقضيته الوطنية، فكوبا التي لم يربطها ب فلسطين أي حدود جغرافية، لم تنتصر لنضال شعبنا لحساباتٍ خاصة، بل انتصرت بما تأسس في شعبها من دعمٍ لنضال الشعوب ضد الرأسمالية على مستوى العالم".

وأشار عضو المكتب السياسي في الجبهة، إلى أنه عند رحيل القادة، عادةً ما يجري التذكير بمحاسنهم حتى لو كانوا بلا محاسن، لكن الأمر مع كاسترو يختلف تماماً، فكاسترو الذي ينعيه رفاقه وأصدقائه ومن آمنوا بفكره على الصعيد العالمي، أيضاً ينقلب عليه الأعداء الذين لم يستطيعوا في حياته كسر إرادة كوبا ومنع تأثير ثورتها في أرجاء الكون.

وأضاف الغول خلال كلمته: "كاسترو حوّل هذه الجزيرة الصغيرة والفقيرة اقتصادياً إلى عنوان تحدٍ للرأسمالية ودولتها الأعظم، الدولة التي باتت تخشى من تأثير الثورة الكوبية ومن تأثير كاسترو على نفوذها ليس فقط في أمريكا اللاتينية، وإنما في العالم أجمع، وهذا عكس ما عهدنا من الولايات المتحدة في سياسة إخضاع الدول لمخططاتها وسياساتها على مختلف الصُعد".

ورأى الغول أن أفضل تكريم لكاسترو بعد رحيله هو "استخلاص الدروس من تجربته النضالية التي تفيدنا كفلسطينيين وعرب"، معتبراً أنّ من أهم هذه الدروس هو الإيمان العميق لدى كاسترو بالأفكار وبعدالة القضية والأهداف التي يُناضل من أجلها، وعدم إخضاع هذه الأهداف للمساومة.

وأكد الغول على أن "القناعات عندما اهتزت لدى قياداتنا بالأفكار التقدمية والاشتراكية والقومية وبالأهداف الوطنية، بدأنا نشهد حالة تراجع في الوطن العربي وفي الساحة الفلسطينية، وعندما تهتز القناعات على بهذه الأفكار والأهداف، تصبح المساومة عليها أمراً متاحاً"، مشدداً على أهمية إعادة الإمساك بالأفكار القومية والتقدمية التي تنتمي إليها القضية الوطنية، وبالقضية ذاتها وأهداف شعبنا كاملة.

وقال الغول في كلمته: "الدرس الآخر، هو عدم الاستسلام للظروف المُجافية ولاختلال موازين القوى، وبالمنطق السائد كان يمكن لكوبا وقيادتها أن تبرر أيّة تراجعات في الأهداف التي انطلقت لتحقيقها، إلا أنهم صمدوا وجعلوا من كوبا منارةً لكل ثورات التحرر في العالم وعنوان تحدٍ للإدارة الأمريكية".

وعن الساحة الفلسطينية والعربية، يتابع: "كثير من القيادات الرسمية تبرر التراجع بأننا أمام اختلال كبير في ميزان القوى، كما وتبرر الاستعداد لتقديم التنازلات لأن الظروف مُجافية، وتبرر الاستعداد لتطبيع العلاقات مع اسرائيل بأن هذا هو الواقع الذي لا نستطيع تجاوزه".

وأكد على أن "درس كوبا يعطي الجواب لحالة الاستسلام، بأن من يريد الوصول بشعبه لبرِ الأمان وتحقيق أهدافه الوطنية، لابد أن يصمد ولا يقدم التنازلات بحجة الظروف المجافية واختلال موازين القوى".

وتحدث الغول عن الدرس الثالث المُستخلص من مسيرة كاسترو النضالية، وهو الثقة بالشعب وبقدرته وعدم انعزال القيادة عن شعبها، "من أهم ما مكّن الثورة الكوبية من الصمود والانتصار هو إيمانها الكبير بقدرة شعبها على مواجهة التحديات والصعوبات، وفي ذلك مثلاً لنا في ظل أن قياداتنا وقيادات الدول العربية لا تؤمن بقدرات شعوبها، بل تؤمن بقدرات العامل الخارجي في تحقيق أهدافها، رغم أن العامل الخارجي معادٍ للأهداف".

"لم نجد هناك انفصالاً بين الشعب الكوبي وقيادته، مما جسد الوحدة المطلوبة والثقة المتبادلة بين الشعب والقيادة، ومن زار كوبا شهد مثل هذا الانغماس للقيادة الكوبية مع جماهيرها، وكيف انخرطت في كل الميادين"، يُكمل الغول.

وأكد على أن الإيمان بقدرات الشعب والاستناد له، هو الكفيل بإفشال كل مخططات "اسرائيل" ومن يناصرها، والكفيل بحماية القضية الوطنية الفلسطينية من التبديد والسير بها على طريق الانتصار.

وأشار الى أن توفير مقومات الصمود وتحقيق العدالة الاجتماعية في ظل ما هو متوفر، هو درس مُهم من مسيرة كاسترو "عندما يشعر الشعب أن حاجاته متوفرة في ظل الإمكانات المتاحة وأن العدالة الاجتماعية متحققة، فهذا عامل آخر يجعل هناك استعداد واسع لدى الشعب في تحمل تبعات ما يتعرض له من ضغوطات ومن حمل قضيته الى نهايتها، "وهذا للأسف غير حاضر في حياتنا الفلسطينية والعربية، حيث هناك إهدار لما هو متوفر من قدرات وثروات، وهناك عدم عدالة اجتماعية وتنامي لقوى الاستغلال ورأس المال في البلدان العربية".

كما وأضاف الغول: "بالرغم من كل ما واجهته كوبا. استطاعت القيادة الكوبية أن تحافظ على وحدة الشعب الكوبي من خلال الحفاظ على الأهداف الجامعة له ومصارحته بكل التحديات، وإعطاء الأولويات بالإنفاق لما هو أساسي، ولهذا لم تنجح كل محاولات أمريكا وغيرها في إضعاف وحدة الشعب الكوبي، سيما وأنها وُجهت لكوبا مئات الإذاعات باللغة الأسبانية لتحريض الشعب الكوبي ضد القيادة.

وعن حصار كوبا، يضيف الغول: "كوبا واجهت حصار ظالم مُستمر حتى يومنا هذا، وتفاقم الحصار بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية، ومع ذلك لم يقم كاسترو بنقل السلاح من كتفٍ إلى كتف، ولا أن يقبل الاستعانة بالأعداء ولا بمساعدات من دول تريد أن تبيض سياساتها بمثل هذه الرشوات، ولم تمارس كوبا دوراً تضليلياً تجاه بلدان تابعة وتتآمر على مصالح بلدانها".

وختم الغول كلمته في بيت العزاء بالإجابة على تساؤل يراود الكثيرين. ماذا بعد رحيل كاسترو؟، يُجيب الغول: "سؤال مُقلق في ظل رحيل القيادات والزعامات العالمية التاريخية كجمال عبد الناصر وكاسترو، لكن تجربة كوبا وتشبع شعبها بأفكار ثورتها وصحة هذه الأفكار، سيحمي كوبا من أي تراجع، وسيُبقى كوبا منارةً لحركات التحرر وداعماً وسنداً حقيقياً لكل من يُريد الخلاص من الرأسمالية وقيودها".