Menu

بذكرى انطلاقة الشعبيّة الـ49.. القيادي ماهر الطاهر: هُناك مصالح تُشكل عائقاً أمام إنهاء الانقسام الفلسطيني

القيادي ماهر الطاهر

بوابة الهدف

قال مسؤول دائرة العلاقات السياسيّة في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وعضو مكتبها السياسي، ماهر الطاهر، أن الوضع الفلسطيني يتطلب وقفة تقييم وعملية مراجعة شاملة وجذرية لمجمل مسار الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة، تطال الفكر والسياسة والتنظيم، لبلورة رؤية وإستراتيجية عمل فلسطيني جديدة تستخلص دروس المرحلة السابقة بسلبياتها وإيجابياتها.

وأشار الطاهر في حوارٍ شامل أجرته "بوابة الهدف" بمناسبة الانطلاقة الـ49 للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الى أنه "علينا اليوم الاعتراف وبكل جرأة أن الساحة الفلسطينية تعيش في خضم أزمة تطال الفكر والسياسة التنظيم. فبعد أوسلو تعمقت حالة التشرذم والانقسام السياسي والمجتمعي وأصبحنا أمام وجود سلطتين واحدة في رام الله والأخرى في غزة".

وأكد على أن القوى الديمقراطية وقوى اليسار الفلسطيني لم تتمكن لأسباب موضوعيه وذاتية حتى هذه اللحظة من أن تبلور البديل، ولا زالت تعيش حالة من الضعف والتشتت لأن قوى اليسار تعيش كذلك أزمة فكرية وسياسية وتنظيمية، وهذه الأزمة تتطلب عملية مراجعة شاملة للخروج من هذه الأزمة".

وشدد الطاهر على أن "التيار الإسلامي في الساحة الفلسطينية الذي تمثَّل في حركة حماس. قد انخرط في إطار السلطة وانشغل بالسلطة ومشاكلها في قطاع غزة وبالتالي فإن هذا التيار يعيش أزماته الحقيقية المرتبطة به".

وأضاف عضو المكتب السياسي للشعبية، أن الشعب الفلسطيني يبتدع كل يوم أشكال كفاحية خاصة ضمن إطار الظروف الصعبة التي يمر بها وما يحيط به من مشكلات في الواقع العربي المحيط أو مشكلات داخل إطار الوضع الفلسطيني.

وأكد على أن "المقاومة المسلحة ستبقى هي الأساس وهي الشكل الرئيسي في المواجهة لأننا نواجه عدو إجلالي استيطاني يستهدف اقتلاعنا وتصفية وجودنا، وبالتالي فإن طبيعة العدو الذي نواجهه تتطلب دائما التركيز على مسألة المقاومة المسلحة".

وحول انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني، يُعقّب الطاهر: "لازلنا حتى هذه اللحظة وبالرغم من كل الحقائق على الأرض التي أفرزتها تجربة أوسلو الكارثية ما زالت قيادة السلطة والقيادة المتنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية تمارس ذات السياسة البائسة والفاشلة التي مُورست على مدى ربع القرن الماضي. فلا زال الرهان على المفاوضات والحلول السياسية قائماً رغم وصول ما سمي بعملية السلام الزائفة الى طريق مسدود ورغم اتضاح بؤس هذا الخيار وهذا النهج وفشله بشكلٍ كامل".

وجدد الطاهر دعوة الجبهة لعقد مجلس وطني فلسطيني توحيدي شامل يضم كافة القوى في الساحة الفلسطينية ويُعقد خارج فلسطين بعيداً عن سطوة الاحتلال، داعياً لإجراء عملية مراجعة شاملة وجذرية لمسار العمل الوطني الفلسطيني ولرسم إستراتيجية عمل سياسية فلسطينية جديدة بعيداً عن أوسلو وما ترتب عنه.

وحول الإنقسام الفلسطيني، يضيف: "الإنقسام أعطى مبررات وذرائع لأنظمة عربية عديدة لمحاولة التخلص من القضية الفلسطينية وأعبائها. ولم تنجح كل الجهود الذي بذلت لاستعادة الوحدة الوطنية رغم اللقاءات والحوارات الطويلة والعديدة التي جرت، ولكن من الواضح أنه لا يُوجد حتى هذه اللحظة جديّة وإرادة سياسية لإنهاء هذا الانقسام. ومن الواضح أن هناك مصالح قد تشكلت أصبحت تشكل عائقاً أمام انجاز هذه المهمة التي لا تحتمل المزيد من التسويف والتأجيل".

يتابع: "إن إنهاء الانقسام يتطلب العمل الجدي لإحياء منظمة التحرير الفلسطينية وإحياء مؤسساتها ورسم برنامج سياسي يقوم على قاعدة وثيقة الوفاق الوطني والخروج من مجرى أوسلو وإجراء انتخابات ديمقراطية في كافة المؤسسات الفلسطينية دون استثناء".

وعلى المستوى العربي، شدّد الطاهر على أن الجبهة الشعبية على قناعة راسخة بأهمية وضرورة تحرر الإنسان العربي وبناء مجتمعات عربية حديثة ومحاربة الفساد وضمان الحريات والقضاء على الأمية، لكن "ذلك كله يتم بسواعد شعوبنا ولا يتم من خلال التدخلات الخارجية وتدمير مجتمعاتنا ولا يتم من خلال حروب حلف الناتو وتدمير بلداننا ولا يتم من خلال ضخ الأموال والسلاح من قوى استعمارية ورجعية لتدمير سوريا واليمن والعراق و ليبيا ومحاولة تدمير الجيوش العربية".

أما فيما يتعلق ببرنامج العمل الوطني والحزبي للجبهة الشعبية لعام 2017، يقول الطاهر: "إننا نقول لرفاقنا في كل المواقع والساحات علينا أن ننفض الغبار عن أنفسنا وعلينا أن نعيد بناء ذاتنا وحزبنا وأن نركز على الحلقة التنظيمية لتطوير جبهتنا والنهوض بأوضاعنا على كافة المستويات الفكرية والسياسية والتنظيمية والكفاحية والمالية, ونركز على بناء الحزب الجماهيري الذي يعيش هموم الناس وآلامها".

يتابع: "على الصعيد الوطني فان الجبهة ناضلت وستستمر بالنضال من أجل تحرير كل فلسطين، إن معنى فلسطين بالنسبة لنا يعني كل فلسطين من شمالها الى جنوبها من بحرها إلى نهرها وتحرير وطننا وأرضنا كاملة عملية شاقة وطويلة وتتطلب توفير عوامل وشروط الانتصار".

وختم بقوله "إننا على ثقة بأن شعبنا سيواصل الكفاح جيلاً بعد جيل لتحرير كل ذرة من أرض الوطن".

بوابة الهدف تنشر الحوار كاملاً مع مسؤول دائرة العلاقات السياسيّة في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وعضو مكتبها السياسي، ماهر الطاهر.


تدخل الجبهة عامها الخمسون، وقد تعرضت لمخاضات وتقلبات وأزمات عديدة، عكست في جوهرها أزمة فكرية وتنظيمية وسياسية أصابت مجمل العمل والتنظيم السياسي الفلسطيني وليس الجبهة فقط، فماذا تقول في ذلك؟ وما المخرج؟

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين انبثقت عن حركة القوميين العرب وكانت إحدى الإفرازات الأساسية للحركة على الصعيد الفلسطيني. ومن المعروف أن حركة القوميين العرب اواسط الستينيات واجهت تناقضات فكرية بين تيارات مختلفة وتعمقت التناقضات بعد هزيمة حرب 1967، التي شكلت منعطفاً حاسماً في تاريخ الصراع العربي الصهيوني وترتب على هذه الهزيمة نتائج كبرى ذات طبيعة فكرية وسياسية وتنظيمية.
عندما تأسست الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في 11/12/1967، ضمت عدة قوى وعاشت إرهاصات وتباينات خرج على أثرها تنظيم الجبهة الشعبية-القيادة العامة، وبعد ذلك حصل انشقاق الجبهة الديمقراطية عام 1969، ثم انشقاق ما سمي الجبهة الثورية عام 1972. ولذلك عاشت الجبهة ازمات فكرية وسياسية وتنظيمية حادة, ولكن بالرغم من كل ذلك شقت الجبهة الشعبة طريقها في الساحة الفلسطينية وصاغت الاستراتيجية السياسية والتنظيمية وتمكنت من أن تكون تنظيم أساسي في الساحة الفلسطينية. وخاضت نضالاً مشهوداً له وأثبتت حضورها وفاعليتها على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والتنظيمية والفكرية وأسست حزب تم بناءه على اساس مبادئ القيادة الجماعية والنقد والنقد الذاتي المركزية الديمقراطية. وتمكنت من تحقيق انجازات كبيرة كمكون أساسي من مكونات الحركة الوطنية الفلسطينية .
هنا لا بد أن نشير الى أن هزيمة حزيران 67، التي ترتب على أثرها احتلال اراض عربية لكل من مصر وسورية واحتلال كامل الاراضي الفلسطينية بما في ذلك الضفة وغزة و القدس . هذه الهزيمة كان لها أثر عميق على القضية الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني. حيث تم رفع شعار ازالة آثار العدوان واستعادة الاراضي العربية التي تم احتلالها عام 1967، وقبل ذلك كان الشعار المرفوع هو تحرير فلسطين، ولكن بعد الهزيمة أصبح الوضع الفلسطيني والعربي أمام واقع جديد.

لا شك أن الثورة الفلسطينية التي نهضت بشكل فاعل بعد الخامس من حزيران والعمليات العسكرية التي مارستها الثورة قد شكلت أحد أشكال الرد على الهزيمة. مما أدى إلى التفاف الجماهير الفلسطينية والعربية حول المقاومة. وقد شكل هذا تعويضاً نفسياً هائلاً للشعب بعد الهزيمة المدوية، ولكن لم يدرك الكثير من الناس أن القضية الفلسطينية قد دخلت في وضع جديد إذ تم استبدال هدف وشعار تحرير فلسطين بشعار ازالة آثار العدوان. وجاءت بعد ذلك حرب أكتوبر عام 1973، والتي تم على إثرها الانخراط فيما يُسمى بالتسوية والحلول السياسية فدخلت القضية الفلسطينية في وضع أسوأ، وأصبح الحديث يدور حول التسوية السياسية والمفاوضات والانسحاب من الأراضي المحتلة. ودخلت ذهنية التسوية الى الساحة الفلسطينية وتم طرح الحل المرحلي، وإقامة سلطة وطنية على أي بقعة أرض فلسطينية ينسحب العدو منها. فدخلت الساحة الفلسطينية في حالة انقسام سياسي عميق. فتم تشكيل جبهة الرفض الفلسطينية التي كانت على رأسها الجبهة الشعبية ومنذ ذلك الوقت والى الآن فإن الساحة الفلسطينية تنتقل من أزمة الى أزمة. إلى أن حصلت الكارثة الكبرى والدخول في النفق المظلم عندما تم الاتكاء على ما سمي بالحل المرحلي ليتم القفز نحو توقيع اتفاقات أوسلو والتي استبدلت البرنامج المرحلي لـ م.ت.ف ببرنامج جديد. أي برنامج اوسلو. فتعمق المأزق الفلسطيني ودخلت الساحة الفلسطينية في انقسام جديد أكثر عمقاً من أي مرحلة سبقت وبتنا اليوم على ضوء مسيرة اوسلو وما افرزته من نتائج أمام أزمة عميقة وشاملة على كافة الاصعدة والمستويات حيث تمكن العدو الصهيوني من ضرب المشروع الوطني الفلسطيني وإدخال القضية الفلسطينية في نفق مظلم وشديد الخطورة.
علينا اليوم الاعتراف وبكل جرأة أن الساحة الفلسطينية تعيش في خضم أزمة تطال الفكر والسياسة التنظيم. فبعد أوسلو تعمقت حالة التشرذم والانقسام السياسي والمجتمعي وأصبحنا أمام وجود سلطتين واحدة في رام الله والأخرى في غزة.
لذلك نقول أن الوضع الفلسطيني يتطلب وقفة تقييم وعملية ومراجعة شاملة وجذرية لمجمل مسار الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة وهذه العملية تطال الفكر والسياسة والتنظيم لبلورة رؤية وإستراتيجية عمل فلسطيني جديدة تستخلص دروس المرحلة السابقة بسلبياتها وإيجابياتها. وعملية المراجعة هذه تبدأ بتحديد معنى فلسطين.. ماذا تعني فلسطين؟ هل تعني الضفة وغزة؟ هل تعني حيفا ويافا و القدس وكل فلسطين . لا بد من إعادة الاعتبار لجوهر ومفاهيم الصراع مع العدو الصهيوني هذه المفاهيم التي تم تشويهها والعبث بها.
اننا في مرحلة تحرر وطني تتطلب برنامجا تحررياً وطنياً جامعاً. لان اتفاقات ونهج أوسلو نقل الوضع الفلسطيني من حالة حركة تحرر الى سلطة حكم اداري ذاتي ثم تحول اتفاق اوسلو من اتفاق مرحلة مؤقتة الى حل دائم (واقعياً) وفي ظل برنامج استيطاني متواصل.
لابد أن نشير في نهاية الإجابة على هذا السؤال الى أن القوى الديمقراطية وقوى اليسار الفلسطيني لم تتمكن لأسباب موضوعيه وذاتية حتى هذه اللحظة من ان تبلور البديل ولا زالت تعيش حالة من الضعف والتشتت لأن قوى اليسار تعيش كذلك أزمة فكرية وسياسية وتنظيمية وهذه الأزمة تتطلب عملية مراجعة شاملة للخروج من هذه الازمة.
وأما التيار الإسلامي في الساحة الفلسطينية الذي تمثَّل في حركة حماس فقد انخرط في اطار السلطة وانشغل بالسلطة ومشاكلها في قطاع غزة وبالتالي فإن هذا التيار يعيش أزماته الحقيقية المرتبطة به.
هناك نماذج مقاومة عديدة نجحت في إثبات نفسها مثل: الإبداعات الفردية التي ظهرت في انتفاضة وهبّة أهلنا في الضفة، والمقاطعة الاقتصادية والثقافية والأكاديمية، وظواهر بعث التراث الفلسطيني، وتجارب رواد الإضرابات الفردية في السجون وغير ذلك، كيف يمكن لنا توظيف كل تلك النماذج، لنصبح أمام حالة شعبية جماعية -حيث تجمعات شعبنا المتعددة- تُبدع في وسائل ونماذج مواجهتها للعدو الصهيوني؟
لا شك أن أشكال النضال بالنسبة لشعبنا الذي يتعرض لاحتلال إجلائي استيطاني. وكذلك لدى كل حركات التحرر في العالم اخذت اشكالا متعددة . لدينا نماذج مميزة في  الهند والجزائر وجنوب افريقيا وفيتنام . وفي اطار تجربة الحركة الوطنية الفلسطينية مارسنا أشكال مقاومة متعددة ومختلفة.. مارسنا الكفاح المسلح والسياسي والدبلوماسي والإعلامي والثقافي ولدينا في انتفاضة شعبنا الكبرى داخل فلسطين عام 1987، نموذجاً ساطعاً في تعدد أشكال النضال وكانت تجربة عظيمة تستحق التأمل والدراسة والتحليل. وفي اطار تجربتنا الفلسطينية منذ انطلاقة ثورتنا المعاصرة مارسنا الكفاح المسلح بشكل رئيس كأرقى شكل من أشكال المقاومة ولكن في ذات الوقت مارسنا كافة الأشكال الكفاحية الأخرى .. وهذه المسألة تخضع وترتبط بالظروف المحيطة للنضال الوطني. 
نحن في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لا نقلل اطلاقاً من شأن أي شكل أشكال النضال في الاراضي الفلسطينية المحتلة سواء كانت ابداعات فردية والتي ظهرت في انتفاضة وهبة أهلنا في الضفة أو المقاطعة الاقتصادية والثقافية والأكاديمية، وظواهر بعث التراث الفلسطيني، وتجارب رواد الإضرابات الفردية في السجون وغير ذلك والتي تركت أثرها العميق على العدو الصهيوني الذي ينظر إليها بقلقٍ شديد. ولذلك فإن شعبنا الفلسطيني يبتدع كل يوم أشكال كفاحية خاصة ضمن إطار الظروف الصعبة التي نمر بها وما يحيط بنا من مشكلات في الواقع العربي المحيط أو مشكلات داخل إطار الوضع الفلسطيني.
إن شعبنا كان باستمرار أكبر من قياداته. وبالتالي فإن الأشكال النضالية الإبداعية تعبر عن روح المقاومة الباسلة التي يمتلكها الشعب الفلسطيني العظيم.
لكنني أريد التأكيد على أننا في الوقت الذي لا نقلل فيه من أهمية أي شكل نضالي في صراعنا التاريخي الشامل والمفتوح مع الكيان الصهيوني فإنني اعتقد أن المقاومة المسلحة ستبقى هي الاساس وهي الشكل الرئيسي في المواجهة لأننا نواجه عدو اجلالي استيطاني يستهدف اقتلاعنا وتصفية وجودنا وبالتالي فإن طبيعة العدو الذي نواجهه تتطلب دائما التركيز على مسألة المقاومة المسلحة لان هذا الكيان الصهيوني الغاصب لن ينسحب من ارضنا وبلادنا ما لم يصل لنتيجة ان استمرار احتلاله سيكون باهظ الكلفة والثمن بشريا واقتصاديا. وفي هذه المناسبة مناسبة انطلاقة الجبهة الشعبية الـ 49 نتوجه بالتحية العميقة لأسرانا الصامدين في سجون الاحتلال والذين يخوضون معركة الامعاء الخاوية . اسرانا الصامدين الذين حولوا السجون الى مدارس في الصمود والتحدي .. نحي كل الاسرى وعلى رأسهم الرفيق المناضل أحمد سعدات الأمين العام لحزبنا والرفيق عاهد ابو غلمة والرفيق بلال كايد وكل الاسرى الأبطال من جميع الفصائل الفلسطينية دون استثناء.

لا تزال القيادة الرسمية الفلسطينية، تراهن على خيار المفاوضات وعلى الاتفاقيات الموقعة مع الكيان الصهيوني، وتوظف مؤسسات الشعب الفلسطيني الوطنية والتمثيلية وفي مقدمتها منظمة التحرير في ذلك. مع تصاعد المطالبة بانعقاد المجلس الوطني من طرف حركة فتح وحديث الرئيس أبو مازن بأنه يجري مشاورات لعقده قبل نهاية العام، كيف في هكذا حال، تنظرون لدور هذه القيادة والمؤسسة الوطنية والدعوة لعقد المجلس؟ وكيف تكون سبل المواجهة الناجعة لهذا النهج الممتد زمنياً ومكانياً؟
لازلنا حتى هذه اللحظة وبالرغم من كل الحقائق على الارض التي أفرزتها تجربة أوسلو الكارثية ما زالت قيادة السلطة والقيادة المتنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية تمارس ذات السياسة البائسة والفاشلة التي مورست على مدى ربع القرن الماضي. فلا زال الرهان على المفاوضات والحلول السياسية قائماً رغم وصول ما سمي بعملية السلام الزائفة الى طريق مسدود ورغم اتضاح بؤس هذا الخيار وهذا النهج وفشله بشكل كامل. 
لقد تم إضعاف وتهميش م.ت.ف وتحويلها الى اطار شكلي لصالح السلطة الفلسطينية. وكان هناك بعض التقديرات على ضوء فشل خيار اوسلو ووصوله الى طريق مسدود أنه يمكن أن تتم عملية مراجعة وإعادة نظر والانتقال إلى رؤية سياسية جديدة, لكن للأسف تشير الوقائع إلى أن هناك اصرار على الاستمرار بذات النهج والتكيف مع الامر الواقع .. ومازال الحديث لدى بعض اطراف السلطة يدور حول مؤتمر باريس والعودة للمفاوضات وما سمي بخيار السلام الزائف وكل هذا لن يؤدي الى أية نتائج إيجابية, بل سيوقع المزيد من الأضرار بالقضية الفلسطينية. وهنا لا بد أن نشير الى ان كافة الوثائق والاتفاقات التي تم التوصل اليها في اتفاق القاهرة  لم ترى النور ولم يجري تطبيقها بل تم القفز عنها لصالح رهانات و وأوهام ثبت فشلها .. ايضاً وثيقة الوفاق الوطني التي صاغها الاسرى في سجون الاحتلال والتي شكلت برنامج سياسي واضح توافقت عليه كل الاطراف في الساحة الفلسطينية تم تجاهلها والقفز عنها .. ولا زال هناك إصرار على تهميش م ت ف . وعندما يتم الحديث عن عقد مجلس وطني فلسطيني بصيغته الحالية والذي لم ينعقد منذ اكثر من عشرين عاماً, عندما يجري الحديث عن عقده تحت سطوة الاحتلال فإن هذا لا يدلل على أي جدية في معالجة اوضاع الساحة الفلسطينية التي تزداد تأزماً يوماً بعد يوم. 
إن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تدعو لعقد مجلس وطني فلسطيني توحيدي شامل يضم كافة القوى في الساحة الفلسطينية ويعقد خارج فلسطين بعيدا عن سطوة الاحتلال لان هذا برلمان الشعب الفلسطيني الي يجب ان يتخذ قراراته بكل حرية بعيدا عن هيمنة وسيطرة المحتل. وايضاً نحن في الجبهة الشعبية ندعو الى حوار وطني فلسطيني شامل لإجراء عملية مراجعة شاملة وجذرية لمسار العمل الوطني الفلسطيني ولرسم استراتيجية عمل سياسية فلسطينية جديدة بعيدا عن اوسلو وما ترتب عنه من نتائج والخروج من كل هذا المجرى السياسي الذي ثبت فشله وسحب اعتراف م ت ف "ب"إسرائيل" " وإعادة الاعتبار لخيار المقاومة وبناء وحدة وطنية فلسطينية حقيقية وجادة عبر إطار م ت ف وإعادة بناء مؤسساتها على اسس ديمقراطية وتوفر قيادة جماعية للشعب الفلسطيني بعيدا عن الاستفراد والتفرد. وإعادة الاعتبار للمشروع الوطني التحرري الفلسطيني لنضال من أجل هدف مركزي جامع يلتف حوله كل أبناء شعبنا في المحتل من أرضنا عام 1948 في الضفة والقطاع والقدس وفي كل مواقع اللجوء والشتات.

عشرة سنوات مرت على حالة الانقسام، ولم تنجح الجهود والاتفاقيات الموقعة لإنهائه، ما هو تفسيركم لذلك؟، وهل لا زالت هناك فرصة، وما هي الأسس التي ترون أنه لا بد من توفرها للنجاح في إنهاء الانقسام ومن ثمّ بناء وحدة وطنية حقيقية؟.
الانقسام في الساحة الفلسطينية طال أمده وفعلاً مرت عشر سنوات دون أن نصل لنتائج تنهي هذه المهزلة, هذا الانقسام دفع ثمنه الشعب الفلسطيني غالياً والذي أضعف القضية الفلسطينية الى حد بعيد وأعطى مبررات وذرائع لأنظمة عربية عديدة لمحاولة التخلص من القضية الفلسطينية وأعبائها. ولم تنجح كل الجهود الذي بذلت لاستعادة الوحدة الوطنية رغم اللقاءات والحوارات الطويلة والعديدة التي جرت ولكن من الواضح انه لا يوجد حتى هذه اللحظة جدية وإرادة سياسية لإنهاء هذا الانقسام. ومن الواضح ان هناك مصالح قد تشكلت اصبحت تشكل عائقا امام انجاز هذه المهمة التي لا تحتمل المزيد من التسويف والتأجيل. 
نحن في الجبهة الشعبية بذلنا كل ما نستطيع من جهد لكننا مع الأسف لم ننجح وقلنا ولا زلنا نقول ان نقطة البدء في انهاء هذا الانقسام تبدأ من تطبيق الاتفاقات التي تم التوصل اليها في القاهرة والتي تناولت عناوين مختلفة وفي مقدمتها عنوان م ت ف.
 لقد تم الاتفاق في القاهرة على تشكيل اطار قيادي مؤقت لا يشكل بديلا عن  اللجنة التنفيذية ل م ت ف اطارا يضم الامناء العاميين للفصائل الفلسطينية وأعضاء اللجنة التنفيذية ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني وشخصيات مستقلة تم الاتفاق عليها لإدارة الشأن الفلسطيني ولكن لم يتم الالتزام بذلك.
 إن انهاء الانقسام يتطلب العمل الجدي لإحياء منظمة التحرير الفلسطينية وإحياء مؤسساتها ورسم برنامج سياسي يقوم على قاعدة وثيقة الوفاق الوطني والخروج من مجرى اوسلو وإجراء انتخابات ديمقراطية في كافة المؤسسات الفلسطينية دون استثناء.
 إن إنهاء الانقسام بات يتطلب حراك وضغط شعبي حقيقي على الأرض لوضع حد لهذا الوضع المؤلم الذي دفع شعبنا ثمنه غالياً جداً.

لم تتوقف المتغيرات على الواقع العربي، ولا زالت تفعل فعلها السلبي فيه، سواء داخلياً أو إقليمياً أو في العلاقة مع العدو الصهيوني، فهل لا زلتم تحملون ذات الموقف من تلازم القضية الفلسطينية ببعدها وعمقها القومي العربي؟ وكيف يمكن تطوير الأداء على هذا الصعيد وترجماته العملية؟  وما هو الدور الذي تتحمله الجبهة على وجه الخصوص؟  
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومنذ تأسيسها كانت ولا زالت ترى بأن قضية فلسطين قضية عربية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالواقع العربي المحيط تتقدم بتقدمه وتتراجع بتراجعه. ومن أكبر الاخطاء التي يمكن الوقوع بها هو عزل القضية الفلسطينية عن عمقها العربي لان الخطر الصهيوني لا يطال الشعب الفلسطيني فحسب بل يطال الامة العربية بأسرها لان "إسرائيل"  كيان عنصري له وظائف استعمارية في المنطقة وبالتالي فإن الذين راهنوا على حلول سياسية مع هذا الكيان وتوهموا ان أميركا والغرب الاستعماري يمكن أن يضغط على "إسرائيل"  لكي تنسحب من الاراضي الفلسطينية المحتلة لإقامة دولة فلسطينية، هؤلاء لم يدركوا أن هذا الكيان بالأساس قاعدة استعمارية في المنطقة العربية وحاملة طائرات تنفذ أهداف امبريالية. ولم يدركوا أيضاً أن وعد بلفور الذي تمر الذكرى المئوية لإطلاقه قد انبثق من دولة استعمارية تحالفت مع الحركة الصهيونية للسيطرة على منطقتنا ومقدراتها وبالتالي فإن من قدم هذا الوعد المشئوم لن يضغط على الكيان الصهيوني للانسحاب من أرضنا وبلادنا. 
لا شك أن الواقع العربي حالياً واقع مؤلم وخطير بل شديد الخطورة حيث نشهد حروب داخلية وصراعات طائفية ومذهبية بل ان العالم العربي يحترق في العديد من أقطاره. ومما لا شك فيه أن هذا ناجم عن أسباب وأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية. وطننا العربي يعاني مشكلات كبرى في التخلف والتبعية والجهل والأمية والفساد وانعدام الحريات. ولا شك أن القوى الامبريالية والاستعمارية تريد تفتيت العالم العربي وإعادة رسم خرائطه وتقسيمه وخلق سايكس بيكو جديد أكثر خطورة من سايكس بيكو السابق للحفاظ على أمن الكيان الصهيوني وإبقاءه في المنطقة وعرقلة بناء مجتمعات ديمقراطية موحدة.
لقد قال هنري كيسنجر بعد حرب كتوبر 1973 ان الحفاظ على أمن "إسرائيل"  يتطلب إيجاد صراعات بديلة عن الصراع العربي الإسرائيلي، ولذلك فإننا نواجه اليوم محاولات لحرف الصراع وتحويله الى صراع مذهبي وطائفي لأحداث المزيد من الشرذمة والانقسام.
ان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على قناعة راسخة بأهمية وضرورة تحرر الانسان العربي وبناء مجتمعات عربية حديثة ومحاربة الفساد وضمان الحريات والقضاء على الأمية لكن ذلك كله يتم بسواعد شعوبنا ولا يتم من خلال التدخلات الخارجية وتدمير مجتمعاتنا ولا يتم من خلال حروب حلف الناتو وتدمير بلداننا ولا يتم من خلال ضخ الأموال والسلاح من قوى استعمارية ورجعية لتدمير سوريا واليمن والعراق وليبيا ومحاولة تدمير الجيوش العربية .. لذلك نقول لامتنا العربية ان البوصلة هي فلسطين وان المؤامرات التي تستهدف البلدان العربية يجب التصدي لها ومواجهتها من خلال وعي هذه المخططات الخطيرة وأهدافها الإستراتيجية لتتوجه كل طاقات امتنا نحو بناء مجتمعاتنا ووحدة أوطاننا والحفاظ على النسيج الاجتماعي .. ان بعض الدول العربية تريد تطبيع العلاقات مع "إسرائيل"  مع العلم ان الحقائق افرزت بوضوح استحالة السلام مع عدو استيطاني لا يستهدف فلسطين وحسب بل كل الوطن العربي .. يريدون تمزيق اوطاننا ومجتمعاتنا على اسس دينية وطائفية ومذهبية كي يبررون وجود الكيان الصهيوني كدولة يهودية مهيمنة وإدماجها في بنية المنطقة لتكون القوة المسيطرة اقتصادياً وعسكرياً وأمنياً.
اليوم وعلى ضوء هذا الواقع العربي تسعى الحركة الصهيونية والامبريالية لتصفية القضية الفلسطينية ويعتقدون ان هناك فرصة ذهبية لتحقيق ذلك. لكننا على قناعة راسخة أن الشعب العربي وقواه الحبة سيواجه هذه المخططات العدوانية.

مع تزايد "الإرهاب" في المنطقة العربية وتغذيته بالشحن الطائفي والمذهبي، كيف ترى موقف الجبهة من ذلك؟ وما هي أفضل الاشكال لمواجهته على الصعيد العربي، وبأي وسائل وأدوات يمكن النجاح في هذا؟

القوى الارهابية في المنطقة هي صناعة استعمارية والهدف من وجودها استعمالها لتمزيق العالم العربي وتمزيق البلدان العربية وقد أصبح هذا واضحاً, وهذه القوى وإمكانياتها لم تهبط من السماء بل كانت نتاج مخططات، ومواجهة هذا الإرهاب يتطلب أولاً: الوعي وإدراك حقيقة ما يدور حولنا وترسيخ الوحدة الوطنية داخل مجتمعاتنا. ونعتقد أن هذه الظواهر التي نمت وتصاعدت بفعل عوامل خارجية وبفعل عوامل التخلف والجهل الداخلي وأزمات مجتمعاتنا السياسية والاقتصادية باتت في حالة افول وتراجع لان مجتمعاتنا بدأت تستيقظ وتدرك مخاطر هذه الحركات. 
إن مواجهة ظاهرة الإرهاب والتطرف والشحن الطائفي تبدأ بمعالجة مشكلات بلداننا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية, كذلك لا بد من التأكيد على البعد الثقافي لمواجهة هذه الظواهر ومحاصرتها والقضاء عليها.

شكّل فوز ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية "ذعر" كبير، واعتبره الكثيرين تغير من العيار الثقيل سيقلب "وجه" الولايات المتحدة، فهل هذا ما ترونه أيضاً؟ أم لكم رؤية قد تطال تحولات الواقع الداخلي الأمريكي اجتماعياً وسياسياً ومنه النظام الرأسمالي ومن ثم طبيعة النظام العالمي؟
لا شك أن فوز ترامب بالانتخابات الاميركية قد شكل مفاجأة كبيرة للعديد من الأوساط السياسية إقليمياً ودولياً, وباعتقادنا أن فوز ترامب تعبير عن تحولات عميقة في المجتمع الامريكي والنظام السياسي الامريكي لان ترامب في حملته الانتخابية تحدث عن عزلة اميركا وبناء الجدار على حدود المكسيك والتركيز على الأوضاع الداخلية. كل هذه يعبر عن اشتداد وتعمق ازمة النظام الرأسمالي العالمي وفي مقدمته الولايات المتحدة الاميركية. وأيضاً يعبر عن تراجع في الدور الاميركي لأن الدور الذي لعبته الولايات المتحدة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي كدولة مهيمنة على العالم ضمن إطار نظام القطب الواحد, هذا الواقع الدولي يتبدل ويتغير لأننا امام وضع عالمي ونظام عالمي جديد يتم من خلاله الانتقال من نظام القطب الواحد الى نظام متعدد الاقطاب. 
لقد أعلن الرئيس الصيني في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن نظام القطب الواحد قد ولى الى غير رجعة. والعالم بأسره اليوم يرى مدى التقدم والنمو الاقتصادي الذي تعيشه الصين.
إن مستوى متوسط الدخل الفردي سنوياً في الصين قد وصل إلى (8500) دولار كذلك فان روسيا تستعيد عافيتها ودورها العالمي بعد ان واجهت خلال العقود الماضية اوضاعا صعبة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي واليوم يشهد العالم عودة قوية لروسيا وهذا ناجم عن تحسن الوضع الاقتصادي الروسي .. وكذلك دول البريكس وهناك تطورات كبيرة تجري هلى مستوى اميركا اللاتينية . لذلك نشهد ولادة نظام عالمي جديد لا تستفرد به الولايات المتحدة الاميركية . وهناك بعض الدراسات الاكاديمية التي تتحدث عن امكانية انفصال الولايات الاميركية عن بعضها .. و بأن الولايات المتحدة لن تبقى موحدة .. وقد سمعنا كيف ان ولايات اميركية بدأت تتحدث عن الانفصال, صحيح ان اميركا لا زالت حتى هذه اللحظة القوة العسكرية والاقتصادية الاولى في العالم ولا نستطيع ان نقلل من قوة الولايات المتحدة وقدراتها . ولكن هذه القوة في حالة تراجع, في حين ان هناك قوى عالمية في حالة تقدم وخير مثل على ذلك ان الناتج القومي في الولايات المتحدة الاميركية يبلغ 14.5 تريليون دولار، في حين ان الديون عليها تبلغ اكثر من 19 تريليون دولار. اذا نحن امام مؤشرات ان استفراد الولايات المتحدة بقيادة العالم قد اصبحت محل تساؤل جدي وحقيقي.

على قاعدة أن الثوار متفائلون بطبعهم، ومن موقعكم ومهمتكم الثورية، وما تمثله انطلاقة الجبهة الشعبية من مصدر اعتزاز وفخر وتضحيات ومآثر بطولة..الخ، وكذلك تعثرات وتراجعات وأزمات، فما هو كلمتكم/أملكم أمام ذلك؟ ثم ما هي المهام الوطنية والحزبية الأساسية التي ترون أنها يجب أن تشكل برنامج عمل الجبهة في العام 2017؟.

في ضوء هذا السؤال أتذكر قول غرامشي حول تشاؤم العقل وتفاؤل الارادة . فعندما ننظر الى الواقع العربي الممزق والفلسطيني الذي يعيش حالة انقسام حادة نجد ان هذا الواقع مؤلم ولكن بالرغم من كل هذا الواقع وما يحيط به من مخاطر وتحديات وسلبيات فإننا على قناعة راسخة بأن شعبنا الفلسطيني العظيم شعب المفاجآت والتضحيات والشهداء والذي فاجأ قياداته اكثر من مرة . وكذلك شعوب امتنا العربية . نصل الى قناعة راسخة بأن مسيرة الشعوب تسير نحو الامام في حركة صاعدة ولولبية لان حركة التاريخ لا يمكن ان تتوقف .
صحيح أننا نواجه انكسارات وتراجعات ولكننا وعن قناعة علمية متفائلون ونؤمن بأن المستقبل لنا مستندين في ذلك الى ارادة شعبنا الجبارة ومستندين الى قناعة راسخة ان الكيان الصهيوني يسير عكس تيار التاريخ ويعيش تناقضات وأزمات داخلية عميقة, لكنه ومع الأسف يستند في قوته الى ضعفنا وتفتتنا وجهلنا وانقسامنا. ان معركتنا معركة طويلة واشتباك تاريخي مفتوح وصراع مجتمعي شامل .. 
وأقول بوضوح أن تراجع المشروع النهضوي العربي وتراجع المشروع التحرري الوطني الفلسطيني ناجم عن اسباب عديدة ذاتية وموضوعية أهمها أولاً: ضعف وتخلف بنية مجتمعاتنا العربية. وثانياً: عدم امتلاكنا لرؤية واضحة سياسياً وفكرياً لطبيعة معركتنا مع العدو الصهيوني، وثالثاً: طغيان التناقضات والصراعات الداخلية على حساب التناقض الرئيسي مع العدو، ورابعاً: عدم إقامة علاقة سليمة بين البعدين الوطني والقومي في صراعنا مع العدو وخامساً: ضعف وارتباك العلاقة بين الاستراتيجية والتكتيك وانتهاك الاستراتيجية لصالح تكتيكات خاطئة . وسادساً:  عدم قدرتنا على بناء الوحدة الوطنية الداخلية على مستوى كل مجتمع من مجتمعاتنا وعلى المستوى القومي. هذه العوامل هي سبب تراجع مشروعنا النهضوي العربي ومعالجة هذه المعضلات وهذه العوامل هي ذاتها تشكل عوامل للنهوض والتقدم .
أما فيما يتعلق ببرنامج عملنا الوطني والحزبي لعام 2017، فإننا نقول لرفاقنا في كل المواقع والساحات علينا أن ننفض الغبار عن أنفسنا وعلينا أن نعيد بناء ذاتنا وحزبنا وأن نركز على الحلقة التنظيمية لتطوير جبهتنا والنهوض بأوضاعنا على كافة المستويات الفكرية والسياسية والتنظيمية والكفاحية والمالية, ونركز على بناء الحزب الجماهيري الذي يعيش هموم الناس وآلامها.
أما على الصعيد الوطني فان الجبهة الشعبية ناضلت وستستمر بالنضال من أجل تحرير كل فلسطين أن معنى فلسطين بالنسبة لنا يعني كل فلسطين من شمالها الى جنوبها من بحرها إلى نهرها وتحرير وطننا وأرضنا كاملة عملية شاقة وطويلة وتتطلب توفير عوامل وشروط الانتصار. إننا على ثقة أن شعبنا سيواصل الكفاح جيلاً بعد جيل لتحرير كل ذرة من أرض الوطن.
وهنا أوجه التحية لأهلنا الصامدين في المحتل من أرضنا عام 1948، لصمودهم وتنامي دورهم الكفاحي في نضال الحركة الوطنية الفلسطينية. نوجه التحية لأهلنا الصامدين الذين يحاصرون الحصار في قطاع غزة الباسل .. ونوجه التحية لأهلنا الصامدين في الضفة الفلسطينية لشبابنا وشاباتنا ونوجه التحية لأسرانا الصامدين الذين رفعوا رأسنا عالياً عالياً .. ونقول ان البرنامج الوطني الفلسطيني يجب ان يستند الى الخط السياسي السليم والرؤية الاستراتيجية الواضحة والى الخط العسكري السليم ونقول بأن حق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين هجروا من أرضهم و ديارهم عام 1948 هو أساس وجوهر قضية فلسطين .
لنوحد طاقات شعبنا وهي طاقات كبيرة لنوحد صفوفنا .. لنعيد الاعتبار لبرنامج المقاومة .. لنعيد الاعتبار لميثاق منظمة التحرير الفلسطينية الذي يشكل الهدف المركزي الجامع لكل ابناء الشعب الفلسطيني في كل مكان.
وفي الختام نتقدم بأحر التهاني لجماهير شعبنا الفلسطيني في كل مكان, ولرفاقنا الأعزاء في الجبهة الشعبية ولأسرانا الصامدين في سجون الاحتلال وعلى رأسهم رفيقنا المناضل أحمد سعدات الأمين العام لحزبنا وللرفيق المناضل عاهد أبو غلمة والبطل بلال كايد ولكل الأسرى دون استثناء.
ونعاهد الشهداء على الاستمرار بالكفاح والمقاومة حتى تحقيق كامل الأهداف والمبادئ السامية التي ناضلوا واستشهدوا  من أجل تحقيقها.