Menu

الهجرة واللا انتماء في الكيان

د.فايز رشيد

قال 27% من السكان اليهود في الكيان، إنهم «يرغبون في الهجرة من البلاد لو تمكنوا من ذلك»، وفقاً لاستطلاع أجراه معهد «ميدغام» للاستطلاعات لمصلحة مشروع رحلة «إسرائيلية» التابع لوزارة التربية والتعليم والجيش الصهيوني، منذ عشرة أيام. ونقل نتائجه «موقع ال48 الإعلامي»، وورد فيه أنه وفقاً للاستطلاع، فإن 36% من اليهود العلمانيين في الكيان يرغبون في الهجرة، بينما قال 7% من اليهود المتدينين إنهم يرغبون في ذلك. وتبين أن الراغبين في مغادرة فلسطين المحتلة، هم بالأساس شبان يهود في سن أعمار تتراوح ما بين 23 و29 عاماً. وفي ما يتعلق بتعريف الهوية، قال 83% من اليهود المحافظين دينياً و90% من المتزمتين، إنهم يعرفون أنفسهم كيهود، بينما 53% من العلمانيين يعرفون أنفسهم كيهود و44% يعرفون أنفسهم ك«إسرائيليين».

لقد أجري الاستطلاع، بهدف ما سميّ بإيجاد طرق لخطاب مشترك في الشارع الصهيوني. وقال مدير عام المشروع، أوري كوهين، «إن حقيقة أن عدداً كبيراً كهذا يقولون إنهم سيغادرون البلاد لو تمكنوا من ذلك، تدل على أن الكثير من مواطني «إسرائيل» لا يشعرون بالانتماء للدولة. وهذا معطى مقلق ويحتم علينا جميعاً مواجهة هذه القضية الصعبة». وأضاف أن «معطيات الاستطلاع تدل على وجود مشكلة الشعور بالهوية، والارتباط والانتماء للدولة» في الكيان.

من ناحية أخرى، عبّر الكاتب «الإسرائيلي» آريه شافيت عن قلقه الشديد من تعاظم ظاهرة توجه «الإسرائيليين» للحصول على جوازات سفر أجنبية، بسبب عدم ثقتهم بإمكانية بقاء «إسرائيل»، واستطرد، أن «فرص قدرة الدولة على البقاء قد تراجعت، بسبب العمى الذي أصاب قيادتها، والجمود الفكري الذي يتسم به أداؤها. إن الطلاب اليهود هم الذين يقودون حركة المقاطعة ضد «إسرائيل» في الولايات المتحدة، وهو ما يدلل على تآكل القناعة الشعبية اليهودية بعدالة المواقف الصهيونية».

في السياق نفسه، جاءت مقالة الصحفي «الإسرائيلي» جدعون ليفي الذي يرى: (أن رفض القيادات «الإسرائيلية» إقامة دولة فلسطينية يجعل مصير «إسرائيل» كله تتهدده الأخطار). لذا يطالب بإنهاء سريع للاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، من أجل مصلحة مستقبل الوجود «الإسرائيلي» نفسه، وحتى هذا الطرح - يقول ليفي- لا يعجب «الإسرائيليين».

في إحدى ندواته، تحدث الكاتب «الإسرائيلي» سامي ميخائيل عن: العنصرية الصهيونية في الكيان، من خلال القول «إن بإمكان «إسرائيل» أن تتفاخر بلقب أنها الدولة الأكثر عنصرية في العالم المتطور». وعن سياستها قال الكاتب: «يوجد خطر حقيقي على «إسرائيل» إذا لم تدرك قيادتها حقيقة أن دولتنا ليست موجودة في شمال أوروبا، وإنما في المركز النشيط للشرق الأوسط، المعذب والقابل دوماً للتغيير». وقال ميخائيل محذراً: «قد نفقد كل شيء، ودولة «إسرائيل» ستكون ظاهرة عابرة مثل الهيكل الأول والهيكل الثاني». سامي ميخائيل باحث في الشؤون الاستراتيجية، وأديب له العديد من المؤلفات، من بينها الأدبية، وقد ترجم بعضها إلى لغات عدة.

أيضاً، سبق أن صرح أبراهام بورغ، في إحدى مقابلاته: بأن ««إسرائيل» دولة فاشية، قوة استعمارية شبيهة بألمانيا عشية صعود النازية إلى الحكم». وحول واقع الحياة في الكيان قال بورغ آنذاك: «إن أكثر من نصف النخب «الإسرائيلية» لا يريدون لأبنائهم العيش في دولة «إسرائيل»، كما نصح «الإسرائيليين» باستصدار جوازات سفر أجنبية. وحول المستقبل أضاف بورغ في مقابلة صحفية أخرى أجرتها معه صحيفة «يديعوت أحرونوت»، قائلاً: (إن يهودية دولة «إسرائيل» ستقرّب نهايتها). حينها أثارت المقابلة ضجة كبيرة في الكيان الصهيوني، فبورغ هو ابن الحاخام يوسف بورغ، الذي كان مقرباً من ديفيد بن غوريون، وتولى منصب رئاسة الوكالة اليهودية سنوات عدة، وتسلم رئاسة الكنيست في الفترة بين عامي 1999-2003 وتولى مناصب وزارية عدة، ونافس مراراً إيهود باراك على زعامة حزب العمل.

في السياق نفسه، يأتي المؤرخ ايلان بابيه. الذي ومثلما ذكر في تصريحات ومقابلات كثيرة له: إنه ونتيجة لعنصرية «إسرائيل» ودمويتها لم يستطع العيش فيها، ولذلك غادر إلى بريطانيا، وهو يمارس التدريس في إحدى جامعاتها.

نكتفي بهذا القدر من تصريحات وتوقعات كتّاب استراتيجيين يهود لمصير الكيان الصهيوني، لتقول للقراء العرب، إنه ليس العديد من الكتّاب والاستراتيجيين وحدهم، يتوقعون أن تكون هذه الدولة عابرة للتاريخ فقط، بل كثيرين من الكتاب والاستراتيجيين اليهود.