Menu

"الميزان": العقوبات الصادرة عن القضاء العسكري بغّزة غير مشروعة

القضاء العسكري بغزة

غزة_ بوابة الهدف

أفاد مركز الميزان لحقوق الإنسان بأنه وجّه مذكرة قانونية، أمس الثلاثاء، لكلٍ من رئيس هيئة القضاء العسكري ورئيس لجنة الرقابة وحقوق الإنسان في المجلس التشريعي، ومدير قوى الأمن الداخلي والمراقب العام بوزارة الداخلية في قطاع غزّة.

وأوضح المركز، في بيانٍ صحفيّ نشره عبر موقعه الالكتروني، أنّ المذكرة تتناول قرار مجلس الوزراء بغزّة والصادر بتاريخ 22 ديسمبر 2016، بشأن إحالة قضايا الجلب والتهريب والترويج للمخدرات إلى هيئة القضاء العسكري - استناداً إلى قرار المجلس التشريعي بغزة، بتاريخ 10 أغسطس من ذات العام، والقاضي باعتبار جرائم المخدرات تمس بالأمن القومي الفلسطيني؛ وتتناول المذكرة مدى توافق القرار سالف الذكر مع المعايير الدولية للعدالة من ناحية، ومع القواعد والأسس الدستورية والقانونية الفلسطينية من ناحية أخرى.

ولفتت المذكرة إلى الخطورة الكبيرة التي يشكلها القرار، على اعتبار أنّه يُشكّل مساساً بواحدة من أهم الضمانات القانونية للمحاكمة العادلة، ألا وهو حق الشخص في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي، الذي يعتبر الضمان الأول وحجر الأساس لضمان تمتع الشخص بكافة حقوقه المتعلقة بضمانات المحاكمة العادلة.

وأضافت أنّه "لا يجوز بحال من الأحوال حرمان الشخص من هذا الحق الأصيل، فثمة استقرار لمبادئ وقواعد قانونية على الصعيدين الدولي والمحلي تقضي بحصر ولاية القضاء العسكري في محاكمة العسكرين وفي الشأن العسكري فقط".

وأبرزت المذكّرة "مدى مخالفة قرار مجلس الوزراء بغزة، لواحدة من أهم الأصول الدستورية الفلسطينية والتي تبرزها المادة رقم (30) في الفقرة (أ) من القانون الأساسي الفلسطيني بشكل صريح وذلك بنصها "..لكل فلسطيني حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي.."، فالمادة السابقة تبين صراحةً أن المدنيين الفلسطينيين لهم الحق في أن يتم عرضهم على قضائهم الطبيعي والمتمثل بالقضاء العادي لا القضاء العسكري، والذي يعتبر قضاءً خاصاً مقـيّداً بمحاكمة فئة معينة من المتهمين وهم "العسكريين".

وأوضحت المذكرة أن إخضاع المدنيين لولاية القضاء العسكري هو تعدٍ صريح على منظومة العدالة، ذلك أن محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري فيه افتقار للحياد والاستقلال اللذان يشكلان الأساس الذي يجب توافره في أية محاكمة كانت.

"كما يشكل تجاوزاً للضمانات والمعايير الدولية وخاصة ما جاء في المادة رقم (9) والمادة رقم (14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهو انتهاك واضح لصريح نص المادة رقم (101)، الفقرة (2) من القانون الاساسي الفلسطيني والتي تنص صراحةً على أن اختصاص المحاكم العسكرية محصورٌ فقط في محاكمة العساكر الفلسطينيين وفيما يتعلق بالشؤون العسكرية" بحسب المذكرة.

بالإضافة إلى ما سبق، أبرزت المذكرة عدم جواز تطبيق التشريعات الجزائية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي صدرت عام 1979م في الوقت الحالي، للعديد من الأسباب؛ يمكن القول أن أهمها يتمثل في كونها غير صادرة عن السلطة التشريعية المختصة " المجلس التشريعي"، حتى إنها لم تُعرض عليه لإقرارها. وعليه فإن هذه القوانين ليست من منظومة التشريعات التي سنها المجلس، وفقا لآليات سن القوانين، والتي حددها كل من القانون الأساسي الفلسطيني وكذلك النظام الداخلي للمجلس التشريعي.

واشترط القانون الأساسي الفلسطيني وجوب نشر القوانين وذلك بمقتضى نص المادة رقم (116)، وهو ما أكده النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني، في المادة رقم (70) من النظام. كما بينت المذكرة أهم أوجه التعارض الجسيم لقانون أصول المحاكمات الثوري لعام 1979م بوصفه القانون الإجرائي المطبق أمام المحاكم العسكرية مع قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لسنة 2001م، الذي يعتبر القانون الأصيل الذي تخضع له محاكمات المدنيين وينطبق عليهم بصفة أصيلة.

وأخيراً خلصت المذكرة إلى عدم مشروعية القرار الصادر عن مجلس الوزراء والقاضي بإحالة قضايا المخدرات إلى هيئة القضاء العسكري، على اعتبار أنها قضايا تدخل في اختصاص القضاء العسكري، وذلك لمخالفته المعايير الدولية للعدالة وللأسس الدستورية والقانونية الفلسطينية. وعليه يجب على القضاء العسكري الامتناع المطلق عن محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية الفلسطينية، وحصر اختصاص المحاكم العسكرية في الجرائم ذات الطابع العسكري التي يرتكبها العسكريون فقط، هذا بالإضافة إلى أن أي عقوبة صادرة عن هيئة القضاء العسكري بحق المدنيين غير مشروعة لكونها صادرة عن جهة غير مختصة بمقتضى القانون من ناحية، ومن ناحية أخرى لعدم مشروعية نفاذ التشريعات التي تم الاستناد عليها.

وأشار "الميزان" أنّه يُولي اهتماماً خاصاً بالقضايا التي تمس بحقوق المواطنين وحرياتهم وتمتعهم بالضمانات القانونية التي كفلها كلاً من القانون الدولي والقانون المحلي الفلسطيني، والتي يشكل ضمان تحقيقها مسؤولية أصيلة تقع على عاتق كافة المسؤولين.