Menu

سلطات الاستعمار البريطاني تعدم المجاهد فرحان السعدي

سلطات الاستعمار البريطاني تعدم المجاهد فرحان السعدي

بوابة الهدف

مولده ونشأته وتعليمه:

ولد الشيخ فرحان السعدي في قرية المزار قضاء جنين، شمال فلسطين، في منتصف القرن التاسع عشر. تلقى علومه في كتّاب القرية ومدرسة جنين الابتدائية، كما كان مهتمًا في شبابه بتلقي الدروس الدينية في المساجد، والاجتماع مع العلماء، فأضفت عليه نشأته الدينية والعلمية مهابة واحتراماً في بيئته. ولما احتل الإنجليز فلسطين كان يُعرف بين الناس بـ"الشيخ فرحان".

شارك الشيخ فرحان في المؤتمرات الوطنية وفي المظاهرات ضد الانتداب البريطاني بصورة متواصلة، وألّف، في ثورة 1929، عُصبة من المجاهدين في قضاء جنين تصدت لسلطة الانتداب بالتمرد والعصيان، فقبضت عليه السلطة وسجنته ثلاثة أعوام في سجن عكا وسجن نور شمس. وانتقل، بعد خروجه من السجن، إلى حيفا، حيث اتصل بالشيخ عز الدين القسام وانضم تحت لوائه.

استشهاده:

في 17 أبريل 1936 هاجم الشيخ فرحان السعدي، ورفيقه الشيخ عطية أبو أحمد، قافلة يهودية صهيونية، ثم انتقل بعد هذا الهجوم مع رفاقه إلى الجبال، معتصمين بوعورها وكهوفها، يناضلون طوال المرحلة الأولى. ومنذ مقتل 'أندروز ' (Andrews) حالكم لواء الجليل البريطاني، بثت السلطة عيونها، تتعقب القساميين، حتى تمكنت من القبض على الشيخ فرحان وثلاثة آخرين من رفاقه.  ولما كانت السلطة تعلم أن الشيخ هو العقل الأول في العصبة بعد استشهاد القسام، فقد حاكمته محاكمة صورية في ثلاث ساعات موجهة إليه تهمة مقتل 'أندروز'، وأصدرت حكمها بعدها بالإعدام شنقاً.

رفض السعدي أن يتكلم في أثناء المحاكمة مدافعاً عن نفسه، فكان هادئاً وكانت كلماته قليلة جداً وجريئة، وعندما سألوه: "أأنت مذنب؟" أجاب: "معاذ الله أن أكون مذنباً!" وعندما سألوه، أثناء مفاجأته في مخبئه والقبض عليه، إن كان يملك أسلحة، أجاب بـ"نعم"، وبأنه يملك مسدساً قديماً معلقاً على الحائط في بيته.

تبرع عدد من المحامين للدفاع عن السعدي، وكانت حجتهم في الدفاع عنه أنه لم يقبض عليه وهو يستعمل السلاح، وأنه قد ذكر من تلقاء نفسه بأنه يملك مسدساً، كما أنه أكبر عمراً من أن يتمكن من القيام بأي عمل حربي. إلا أن المحكمة العسكرية، لم تأخذ بأي من هذه الحجج ولم تستمع إلى النداءات العربية الصادرة من فلسطين ومن خارجها بتخفيف حكم الإعدام، فقد قررت الحكم ونفذته في 27 نوفمبر 1937، ولم تبالِ بكون الشيخ السجين صائماً في شهر رمضان، فنفّذ فيه الحكم. إلا أن النتيجة جاءت على عكس ما توخته حكومة الانتداب، إذ لم يحدث في تاريخ البلاد أن أعدم شيخ في مثل عمره.

أدى إعدام السعدي إلى انبعاث الحماسة الجماهيرية الثورية من جديد، وقد اشتهرت حادثة إعدام السعدي إلى درجة أنها طغت على دوره الكبير، وعلى حقيقته كباعث رئيسي من بواعث الثورة، إلا أن رفاقه يعترفون له بذلك، فقد لقبه المؤرخ القسامي صبحي ياسين بـ"المجاهد الصادق"، كما ذكر بأنه "خليفة الشهيد القسام وأول من أطلق رصاصة في سنة 1936".