Menu

حوار عابر!

نصّار إبراهيم

هنا في فلسطين للوقت طعم مختلف... وللمسافة ايضا طعم مختلف.
هنا نقيس الوقت وفق تقويم الحواجز... وفق لحظة الاستشهاد ولحظة الاعتقال، أما المسافات فتقاس بالمدى المجدي للرصاصة في زمن الاشتباك... والمسافة بين حاجز وحاجز.
في فلسطين نقول: ولد خالد بعد شهر على استشهاد شقيقه يوسف، أما عيسى فولد بعد شهرين من اعتقال والده، واعتقل علي قبل اعتقال أبنة خالته مريم بثلاثة أشهر... وأنهت لينا المدرسة قبل أسبوع على هدم منزل الجار أبو محمود... وتزوجت فاطمة بعد أسبوعين من حرق المستوطنين لمئة شجرة زيتون.
يسأل الصحفي القادم من هناااااااااااااااااك إلى هنا:
- كم ساعة تحتاج لتصل إلى جامعة بير زيت؟
- ينظر الطالب إلى ساعته ويجيب: ثلاثة حواجز.
- و القدس ؟
- عبور جدار بطول بندقية.
- والمخيم؟
- إن تجاوزت الحاجز تكون وصلت.
- وكيف تسافر؟
- بشكل عادي تماما... إن لم تُعِدْكَ المجنّدة الشِقراء عن الجسر تكون قد سافرت...
- وكم تحتاج لتصل من رام الله إلى بيت لحم؟
- ذلك يعتمد على مزاج الجنود على حاجز "الكونتينر" على طريق وادي النار!... ساعة... ساعتان... ثلاث ساعات... ست ساعات... وربما تنثني وتعود...
- وإذا أردت الذهاب إلى غزة؟
- هذا يحتاج إلى إعداد يشبه الاستعداد لرحلة نحو الفضاء الخارجي... وكثيرا ما تفشل التجربة وتتحطم المركبة.
- نعم أعتقد أنني فهمت... ولكن كيف وأين تلتقون بإنسانيتكم!؟
- نغافل الحاجز والرصاصة والجندي والجدار والاعتقال... ونركع أمام تفاصيل زهرة أو عشبة أو صخرة أو ورقة زيتون...
- نعم... نعم... هل تريد أن تضيف شيئا؟
- (....................) كيف أقول لك...؟ هنا... أقصد في فلسطين... نراوغ الحياة...!.
- هها... هكذا...! بقي عندي سؤال أخير: لماذا تبتسم!؟
- ها لماذا أبتسم ؟ لا أعرف .. عادة سيئة!
- What?

- سلااااااااااااام!
- "Tayeb... OK" (قصدو طيب)