Menu

المصلحة الصهيونية في عفرين: على أمريكا التراجع في نزاعها مع تركيا

بوابة الهدف/إعلام العدو/ترجمة خاصة

كيف تخدم العملية التركية في عفرين المسماة "غصن الزيتون" المصالح الصهيونية في نهاية الأمر، ولماذا يرغب الكيان الصهيوني من الولايات المتحدة أن تتراجع في صدامها مع الأتراك؟ هذا ما تناقشه هذه الدراسة التي نشرها مركز الأمن القومي الصهيوني مساء أمس حول العملية التركية وآفاق الصدام مع الأمريكيين وتأثير ذلك على مصالح الكيان في التصدي للوجود الإيراني وإحباط رغبة إيران فيما يزعم الكيان أنه إقامة جسر بري بين طهران والبحر المتوسط.

ترصد الدراسة التي كتبها غاليا ليندنستراوس وإلداد شافيت، كيف أدت التوترات التركية - الأمريكية الناجمة عن "عملية الزيتون" في عفرين إلى تدهور العلاقات الثنائية خلال العامين الماضيين إلى مستوى جديد. في حين أن الهدف الرئيسي لمصالح الولايات المتحدة في سوريا ما زال منع عودة الدولة الإسلامية، تواصل تركيا اتخاذ إجراءات للاستفادة من واقع الدولة في مرحلة ما بعد الإسلاميين من أجل تحقيق أهدافها في مواجهة الأكراد.

وترى الدراسة أن  من المرجح أن يظل سلوك جميع الأطراف المعنية في شمال سوريا متسما بالتقلب في الأشهر المقبلة،  ومن وجهة نظر الكيان الصهيوني، فإن التوترات بين تركيا والولايات المتحدة، فضلا عن التأثير السلبي للتوترات على الناتو، تأتي متفقة مع المصالح الروسية -الإيرانية. كما أن من شأن التدهور الإضافي، وبالتأكيد المواجهات العسكرية بين القوات الأمريكية والقوات التركية، أن يجعل من الصعب على الولايات المتحدة أن تمارس نفوذا في شمال شرق سوريا، وهذا بدوره قد يعوق قدرتها على منع إيران من تنفيذ مشروعها بإقامة جسر بري بينها وبين البحر المتوسط. بينما يشكل الوجود التركي في المنطقة بديلا للوجود الإيراني في سوريا إلى حد ما، وهذا يمكن أن يكون تطورا إيجابيا لإسرائيل. تعتبر الدراسة أن العملية العسكرية التركية هي جزء من "الحملة الشجاعة" لتشكيل مستقبل سوريا، بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية.

وتلاحظ الدراسة أن العملية كثفت من حدة التوتر في العلاقات التركية - الأمريكية حول مسألة دعم الولايات المتحدة للفرع السوري لحزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، وخاصة جناحه العسكري، وحدات حماية الشعب (YPG)، وهي جزء من قوات سوريا الديمقراطية،  وكان المحفز على الهجوم هو إعلان التحالف المناهض للدولة الإسلامية عن إنشاء قوة حدودية تتألف من 30.000 مقاتل، أساسها تلك القوات، وردا على الانتقادات التركية، أوضح وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون أنه لن يتم إنشاء قوة حدودية، على الرغم من أن طلب ميزانية البنتاغون لعام 2019 يحتوي على بند بقيمة 250 مليون دولار لتمويل هذه القوة. الولايات المتحدة، التي ليس لديها مصلحة في تكرار الأخطاء التي ارتكبت أثناء انسحاب القوات الأمريكية من العراق في عام 2011، تود أن ترى الأكراد كجزء أساسي من قوات الحدود في شمال شرق سوريا من أجل منع إنتاج الحالة التي من شأنها أن تسمح بإعادة تنظيم الدولة الإسلامية أو قوات أخرى من هذا القبيل في المنطقة.

من جانبها، تشعر أنقرة بالقلق من أنه عندما يكون هناك هدوء في الحرب الأهلية في سوريا، وخاصة إذا نجح الأكراد في الحفاظ على بعض وضعهم المستقل، فإن شمال سوريا سيصبح نقطة انطلاق للهجمات ضد تركيا. والنتيجة ستكون حالة مشابهة لثمانينيات وتسعينات القرن الماضي عندما استخدم حزب العمال الكردستاني، بتشجيع من نظام الرئيس حافظ الأسد، شمال سوريا كقاعدة لعمليات عسكرية على الأراضي التركية. وفي ضوء هذه الأحداث الماضية، تتمتع  عملية الزيتون بدعم داخلي تركي كبير.

تلاحظ الدراسة أن بدء العملية يعكس، في الواقع،  في جملة أمور، الجهود التي يبذلها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لجذب الناخبين الوطنيين من أجل توسيع قاعدة دعمه قبل الانتخابات التركية المقبلة. كما ادعى أردوغان أن العملية في عفرين ستسمح للاجئين السوريين بالعودة إلى سوريا وإعادة توطينهم كما حدث نتيجة للعملية السابقة "درع الفرات". ووفقا لتقديرات، مكنت عملية "درع الفرات" تركيا من تحقيق عودة مئات من الألوف من السوريين إلى سوريا على الرغم من أن هذا الرقم لا يزال صغيرا بالمقارنة مع 3.5 مليون لاجئ موجود على الأراضي التركية، حيث من المرجح أن يبقوا لزمن طويل.

ترة الدراسة التي تعكس وجهة  نظر المعهد الصهيوني أنه حتى لو نجحت تركيا في العملية الحالية في طرد الميليشيات الكردية من عفرين، فإنها سوف تواجه إشكالية مزدوجة: البقاء في المنطقة لفترة غير محدودة من الزمن، أو أن تعود المنطقة إلى سيطرة الدولة السورية،  والخيار الأول يطرح خطر وقوع اشتباكات متكررة، في حين أن الثاني سيضع أنقرة أمام معضلة في ضوء الموارد التي استثمرتها على مر السنين في إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. وعلاوة على ذلك، فإن احتمال استخدام سوريا للقوات الكردية ضد تركيا في المستقبل هو أحد العوامل التي دفعت أنقرة إلى الشروع في العملية في المقام الأول. وحتى الآن، فإن العملية التركية جعلت من إمكانية استعادة نظام الرئيس بشار الأسد السيطرة على هذه المنطقة تبدو احتمالا مرجحا، استنادا إلى عدد من التقارير.

تناقش الدراسة باستفاضة التوتر التركي –الأمريكي الذي هو في المقام الأول توتر بين حليفين ضمن "الناتو" حيث أن الفجوات بين البلدين فيما يتعلق بقائمة طويلة من القضايا ما فتئت تتسع. ويعكس الخطاب بين القيادات تزايد عدم الثقة فيما يتعلق بإجراءات إدارة ترامب من جانب النخبة التركية، بقيادة الرئيس أردوغان.

وفي الوقت الحالي، لم تبرز بعد جهود الولايات المتحدة (بما في ذلك الزيارات التي قام بها مستشار الأمن القومي الأمريكي ووزير الخارجية إلى أنقرة)، كوسيلة ممكنة لسد هذه الثغرات. وحتى لو تم التوصل إلى حل مؤقت لوضع منبج مثلا،، يبدو أن هناك صراعا بين أهداف كل بلد على مر الزمن. كما أن الواقع الحساس على الأرض يمكن أن يتطور أيضا إلى اشتباك عسكري مع القوات الأمريكية والكردية في حالة سوء التقدير، وليس بالضرورة نتيجة لعملية متعمدة يقوم بها الأتراك.