[يزعم "تحديث استراتيجي" نشره مركز الأمن القومي الصهيوني التابع لجامعة تل أبيب أن الفرصة الآن أصبحت تاريخية لعزل القضية الفلسطينية عن مسارها العربي عبر تعزيز التعاون مع الدول "السنية" التي أصبحت ترى أن هناك تهديدات على مصالحها الخاصة أهم من "الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي" وأن هذه التهديدات تتشاركها هذه الدول مع الكيان الصهيوني.
في هذا المقال المطول الذي يستند على مقال نشر في مجلة الشؤون الخارجية يوم 26 يناير، 2018. يزعم موشيه يعلون (وزير الحرب الصهيوني السابق) و ليهي فريدمان (مساعدة يعلون ومديرة مدرسة الدراسات العليا للاستراتيجية وصنع القرار في كلية لودر للحكم والدبلوماسية والاستراتيجية في المركز متعدد التخصصات هرتسليا) أن تعزيز التعاون القائم على المصالح المشتركة بين الكيان الصهيوني و"الدول السنية" في الآونة الأخيرة أعاد إلى"إسرائيل" حلم التطبيع مع العالم العربي وأثار خطابًا عامًا حول جدواه.
و يراجع الكاتبان "الفرصة" التي نشأت للكيان عبر أن دراسة السياق التاريخي الأوسع للصراع "العربي-الإسرائيلي"، و السياق الفعلي للصراع والتطورات بين "الإسرائيليين" والفلسطينيين في المنطقة حسب قراءة صهيونية، ومن أخطر ما يشير له الكاتبان وجود توافق عربي ناشئ لدى دول "معتدلة" حول الموافقة على التحفظات الصهيونية تجاه مبادرة السلام السعودية العربية، وبالذات، حول حذف الجولان المحتل وحق العودة من النقاش].
ويزعم الكاتبان أن الدول العربية تتحمل حصتها من "خلق المشكلة الفلسطينية" عبر إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية وتعميق الموقف برفض "دولة يهودية" ورفض اقتراح التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة عام 1947، وأنه حتى بعد حرب 1948، وهزيمة العرب فيها إلا أن الدول لعربية بقيت تتعامل مع "إسرائيل" كعنصر مؤقت وغريب يجب طرده.
ويرى الكاتبان أن القضية الفلسطينية خدمت الأنظمة العربية من جهتين، كسلاح عبر ادعاءهم الالتزام بها، فمن ناحية السعي لإضعاف السياسة الخارجية "الإسرائيلية" وتعزيز معاداة "إسرائيل" المعلنة، ومن ناحية أخرى ضبط الشارع العربي واستغلاله من قبل الأنظمة الاستبدادية وتقديم "إسرائيل" باعتبارها "كبش فداء" لسياسات هذه الأنظمة داخليا، وبقائها السياسي عبر استمرار إيقاد نيران الأزمة لقمع الاضطراب الداخلي عبر تأسيس إجماع قومي عربي ضد عدو خارجي يهدد الأمة بأسرها، ويدعيان أن تحرير الضغط في هذه البلدان ساهم في خلق وحدة وطنية في العالم العربي، يصعب تشكيلها حول أي قضية أخرى، بفعل التناقضات في الهويات المكونة الدينية والعرقية والقبلية المتعددة.
هذا الالتزام حسب يعلون وفريدمان، خدم مصالح العرب الخاصة وليس القضية الفلسطينية وليس القضايا التي طالبوا هم أنفسهم بها مثل قضية اللاجئين، حيث لم يسمحوا لهم بالاندماج والتوطن وأصروا على عودتهم وهذا يخدم مصلحة مزدوجة للدول العربية: حيث أن العودة ستؤدي إلى تصفية المشروع الصهيوني ديمغرافيا، وكذلك فإن استمرار اللاجئين الفلسطينيين يعني تدفق الأموال والمنح، ويزعمان أن هذا هو سبب الانحراف في عمل وكالة الأنروا التي كانت ولايتها مؤقتة في الأصل (حتى نهاية 1950) لإعادة التأهيل والاندماج في بلدان الشرق الأوسط.
ويزعم المؤلفان أن رفض توطين اللاجئين في البلدان العربية سمح لها بزيادة استغلال مواردهم وتحولت الأنروا إلى آلية إغاثة بيروقراطية ضخمة، تعمل على إدامة المشكلة التي أنشئت لحلها بسبب اعتبارات سياسية، والكيل بمكيالين من جهة الالتزام العربي بالقضية الفلسطينية فهم صعبوا حياة اللاجئين وجعلوهم يعيشون حياة صعبة و مشاكل في الحصول على تصاريح العمل والتمييز في الحقوق الاجتماعية وما شابه ذلك وفي الآونة الأخيرة زادت هذه العمليات القمعية وأصبحت الدول العربية تحرص فقط ليس على حياة الفلسطينيين بل القضايا فقط التي تسبب إدانة "إسرائيل".
ويزعم المؤلفان، أنه على مر السنين أدرك العالم العربي أن "إسرائيل" ليست أمرا عابرا، وكانت مصر بالتالي أول من اعترف بهذا ووقعت معاهدة السلام عام 1979، رغم أن مصر سعت إلى إظهار التزامها بالقضية الفلسطينية من خلال الإصرار على أن تتضمن اتفاقات كامب ديفيد المبكرة إشارة إلى الحكم الذاتي الفلسطيني المستقبلي في الضفة الغربية وغزة. ومع ذلك ، فإنها تخلت تماماً عن غزة ، رغم أن قطاع غزة كان تحت سيطرتها قبل حرب الأيام الستة. وبذلك، نقلت مصر المسؤولية الكاملة "لإسرائيل" وأثبتت أن التزامها بالقضية الفلسطينية صحيح ما دامت "إسرائيل" تتحمل العبء العملي.
يؤكد الباحثان أن الأردن كان أول من توصل إلى ممارسة تحالف سري استراتيجي مع “إسرائيل" في عام 1970، حينها قرر الأردن الانسحاب من القضية الفلسطينية وطرد الفلسطينيين من أراضيه، وتحول هذا إلى "تقارب قوي" في عام 1988. ونتيجة لذلك، وبحجة السماح للفلسطينيين بتمثيل أنفسهم في "نضالهم المستقل" أعلن الملك حسين قطع كل العلاقات الإدارية والقانونية مع الضفة الغربية (باستثناء حماية الأماكن المقدسة للإسلام في القدس )، وانتقلت المسؤولية إلى "إسرائيل" ليصبح النزاع "داخليا" على حد زعمهما.
بعد ذلك، جرت محاولة مؤتمر مدريد، والإطار القديم دون جدوى لمناقشة الصراع في إطار متعدد الأطراف، قبل أن ينتقل إلى الاتصالات الثنائية التي أدارها الفلسطينيون في إطار منظمة التحرير الفلسطينية كممثل في"عملية أوسلو".
ورغم تغير الصراع إلى ثنائي بقيت الدول العربية حاضرة عبر قضايا موضوعية مثل الحدود ما تطلب التنسيق بين هذه الأنظمة و"إسرائيل" وهذا ما دفع بالقنوات الإقليمية بعد فترة طويلة من المسار الثنائي بين "إسرائيل" والفلسطينيين والذي وصل إلى طريق مسدود.
يشير الباحثان إلى أن توقيت نشر الصحفي الأمريكي توماس فريدمان لمبادرة الأمير عبد الله "ولي العهد السعودي في حينه" في 11 أيلول/سبتمبر 2002 في صحيفة نيويورك مجرد صدفة، إذ أتت بعد حوالي ستة أشهر من هجوم 11 سبتمبر 2001، وكان 15 من أصل 19 إرهابي شاركوا في الهجوم مواطنين سعوديين حيث وجدت السعودية نفسها مستهدفة من قبل الولايات المتحدة، وكان مطلوبا منها تحسين صورتها على وجه السرعة كمعارضة للإرهاب، و من أجل الحفاظ على تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه كانت هناك سلسلة من الهجمات الفلسطينية عام 2000 "أضرت بالاستقرار الإقليمي" بسبب ما سببته من المظاهرات في العالم العربي، ونتيجة لهذا تضررت سوق الطاقة التي يعتمد عليها الاقتصاد والنظام السعودي و. أصبح تعزيز المصالحة والهدوء في المنطقة، حتى ظاهريا، مصلحة سعودية، وجاءت المبادرة لخدمة هذا الهدف.
وفي عام 2002 قدمت السعودية المبادرة إلى القمة العربية التي وافقت عليها بإجماع 22 دولة بعد إدخال بند يتعلق بحق العودة بإصرار سوري لبناني، وتمت المصادقة على المبادرة من قبل الجامعة العربية في مناسبات مختلفة وأصبحت رسميا "مبادرة السلام العربية"، كما دعمتها منظمة المؤتمر الإسلامي التي تضم 57 دولة وجددت هذا الدعم في مؤتمراتها السنوية مع التحفظ الإيراني، وبعيداً عن التوقيت لطرح المبادرة، يزعم المؤلفان إن الإصرار على تطبيق المبادرة والقبول بها كما هي دفع "إسرائيل" لرفضها، وأن هذا الإصرار أثار شكوكها حول مصداقية المبادرة من حيث المبدأ.
وقد حصلت تغيرات عميقة في المنطقة في السنوات ال 16 الماضية، والمسألة ذات الصلة الآن كنا يطرحها الباحثان الصهيونيان هو ما إذا كان نطاق المصالح المشتركة "لإسرائيل" تواجه واقعية عربية كافية للدفع بهذه المصالح وإيجاد إطار مشترك.
ويرى الكاتبان أن المبادرة تعكس اعتراف العرب بأنهم لا يملكون حلا عسكريا للصراع، ورغم أن المبادرة لم تنص على حق العودة بشكل واضح إلا أنها أشارت لإيجاد حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين وفق القرار 194 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
ويزعمان أن فوائد المبادرة تتجسد أساسا في التطبيع المقترح وتحمل أهمية تاريخية "لإسرائيل" التي يزعمان أنها "سعت منذ نشأتها لتحقيق السلام"، وعلاقات حسن الجوار مع الدول العربية، وبالإضافة إلى ذلك، هناك منطق في النقاش حول القضايا التي تؤثر على العالم العربي بأسره القدس واللاجئين مع عوامل أخرى وليس فقط مع الفلسطينيين، الذين سعوا هم أنفسهم على مدى سنوات لدعم العالم العربي في هذه القضايا وامتنعوا عن تحدي العرب ومع ذلك اضطرت "إسرائيل" كما يزعمان إلى رفض المبادرة، رغم وجود من رحب بها ورحب بما تعكسه الرغبة العربية في هذه المبادرة، ولكن تم التأكيد دائما على أن المبادرة لن يتم قبولها طالما تم عرضها بشكل فيه إملاء، ومن جهة أخرى واصلت الدول العربية دعمها للمبادرة على مر السنين، بطريقة أكسبتها أيضا ائتمانا دوليا وسمحت لها بالوفاء بالتزاماتها شكليا تجاه الفلسطينيين، بينما هي ابتعدت فعليا عن الصراع الفعلي.
ويقترح المؤلفان على الكيان الصهيوني أنه من أجل أن يكون إطار النقاش في المستقبل ذا صلة “بإسرائيل"، يجب عليها: تغيير نهج المعادلة التي تمليها المبادرة ومناقشة كل من المطالب وجوهر التطبيع و تعزيز خطوات التطبيع التدريجي أثناء المفاوضات وليس فقط في نهايتها، من أجل بناء الثقة وإعداد قلوب الجمهور بين جميع الأطراف؛ إزالة مرتفعات الجولان من التفاوض في ضوء الوضع في سوريا.
أولويات جديدة في واقع جيوسياسي جديد
يزعم المؤلفان أن التغيرات الجيوسياسية التي حدثت في المنطقة والعالم على مدى العقد الماضي غيرت أولويات الدول السنية البراغماتية بطريقة تؤثر أيضا على نظرتهم "لإسرائيل"، ويزعمان أن هذه الدول في مواجهة التحديات الإقليمية تجد نفسها في قارب واحد مع "إسرائيل" وأن هذا يحفز التقارب وإيجاد طرق وأطر للتعاون، وفي ذات الوقت يدفع بالقضية الفلسطينية إلى ذيل قائمة الاهتمامات الإقليمية وأولوياتها ضمن تلك التحديات بالتزامن مع تزايد إحباط القيادة الفلسطينية الحالية في السياق الأوسع للصراع مع "إسرائيل". ويعتقدان من ناحية دينية أن التوراة تسمح بتغيير واقعي في التفكير.
بعد ذلك ينتقل المؤلفان إلى مراجعة التحديات الإقليمية التي تعترض الشرق الأوسط منذ بداية العقد الحالي، حيث يسجلان دور إيران كزعيم لما يصفانه بـ "المحور الراديكالي" الذي يعمل بلا كلل لتقويض "الأنظمة السنية" وتقسيم العالم العربي ككل، ويزعمان أن الحرب "الأهلية" في سوريا و اليمن هي صورة مصغرة للتوترات والصراعات الإقليمية من أجل السيطرة.
ويرصدان ما يقولان أنه انتشار وتكثف "الجماعات الإرهابية السلفية" وتلك التابعة للإخوان المسلمين، مدعيين أنها تأتي برعاية تركية في المطاف الأول، حيث أن الرئيس رجب طيب أردوغان لا يتردد على حد الزعم في وضع تركيا كخلافة إسلامية إقليمية وزيادة نفوذها.
يضاف إلى ذلك أن "الدول السنية" متخوفة من التوترات الداخلية التي تأتي على خلفية اقتصادية وقد بينت الاضطرابات الإقليمية أن عدم الاستقرار في بلد ما قد يكون له تداعيات إقليمية بعيدة المدى، كما هو الحال في السيناريوهات المتطرفة في سوريا والعراق و ليبيا واليمن.
ويرى االكاتبان أن الدول العربية تجد نفسها مضطرة للتعامل مع تحديات متعددة الرؤوس وأصبحوا يعترفون الآن أن قضية "الصراع الإسرائيلي –الفلسطيني" هي مصدر لعدم الاستقرار في المنطقة، فبالنسبة للسعودية فهي منشغلة الآن بصراعها مع إيران ويتركز هذا الصراع في اليمن وفي محاولات إيران المزعومة للهيمنة والسيطرة العسكرية، وكذلك فإن السعودية ضالعة في عملية فرض العقوبات مجددا على إيران وتسعى للتقرب من الإدارة الأمريكية، أما مصر فهي متورطة في حرب طويلة ضد تنظيم الدولة "داعش" في سيناء وتشعر بالقلق تجاه تطور الأحداث في جارتها الغربية ليبيا.
بينما الأردن بالأغلبية السكانية الفلسطينية فإنه يركز اهتمامه على مكانته التاريخية في الأماكن المقدسة، التي تشكل حساسية خاصة تجاه القضية الفلسطينية ومع ذلك، يزعم الكاتبان أن هذا تحول إلى تهديد ثانوي لعمان والنظام الهاشمي مع القلق من الحدود العراقية والسورية لجهة "الخلايا النائمة" في العراق التي قد تستهدف الأردن، ووجود أكثر من مليون لاجئ سوري يشكلون الآن أكثر من 15% من السكان في الأردن.
يسرد الكاتبان مزيدا من الأدلة التي يزعمان أنها تشير إلى فقدان القضية الفلسطينية لوزنها لدى الدول العربية يمكن رصدها منذ 2012، فوفقا لوزارة المالية الفلسطينية حسب الميزانية في عام 2017، بلغت المساعدات الخارجية للسلطة الفلسطينية، أقل من 700 مليون دولار بينما كانت بين عامي 2007 و2012 أكثر من 1.2 مليار دولار وربع هذه المساعدات أو أقل فقط يأتي من الدول العربية، التي خفضت منحها للسلطة من 500 مليون دولار إلى 15 مليونا فقط.
ويزعم البحث أنه في سياق متصل بين مسح سنوي للشباب في العالم العربي أجراه بيرسون مارستيلر فإن أصداء "الدولة الإسلامية" وارتفاع معدلات البطالة (الذي يعتبر دافعا تجنيديا للمنظمة) جاءت في المقام الأول في الترتيب للتهديدات في الشرق الأوسط في عام 2017، وجاء في المركز الثاني بفارق واحد في المئة تصنيف التهديد الإرهابي. بالمقارنة ، تم دفع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من المركز السابع في استطلاع عام 2016 إلى المركز الثامن في استطلاع عام 2017.
يضاف إلى ذلك ما تشير إليه الحملات الإلكترونية السعودية ضد القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني والتي دعت إلى وضع حدد للحديث عن القضية الفلسطينية كقضية سعودية، والتركيز على الداخل السعودي، والزعم بأن جميع الشعوب العربية تحررت بالاعتماد على نفسها فلماذا يحتاج الفلسطينيون للمساعدة، مع استمرار أزمة القيادة الفلسطينية المتهمة بالفساد بأطرافها جميعها.
يلاحظ الكاتبان رغم جميع المزاعم التي ساقاها أن القضية الفلسطينية ما زالت تتمتع بأهمية ومكانة خاصة باعتبارها القضية الوحيدة التي مكنت من الحفاظ على "الوحدة العربية". على مدى السنوات ال 22 الماضية، حيث لم يتمكن الـ22 حاكما عربيا من الاتفاق فعليا على القضايا الأخرى بسبب مصالحهم المختلفة. ولذلك، من أجل تقديم مظهر موحد لهيئتهم تلك وضعوا القضية الفلسطينية كغطاء كبير لمناقشاتهم وقراراتهم النهائية في نهاية كل قمة، كورقة توت في الجامعة العربية.
المصلحة الإقليمية - الإفراج عن حدود وهمية
يزعم الكاتبان أن الكيان الصهيوني طور خبرات خاصة بتعامله الطويل مع "تهديدات مماثلة" لتلك التي تواجهها الأنظمة العربية حاليا، وبالتالي فإن فرصة استفادة الأنظمة من هذه الخبرات هي فرصة تاريخية للطرفين، ورغم أن هذه الدول تسعى لإبقاء العلاقات سرية حاليا إلا أن الحرب المشتركة ضد الإرهاب جعلت "إسرائيل" تسمح لمصر بتعزيز قواتها في سيناء، عام 2013 على الرغم من القيود المفروضة على التجريد من السلاح المنصوص عليها في الملحق العسكري لاتفاقية السلام. وأشارت وسائل الإعلام السعودية في نوفمبر 2017 إلى الاستعداد لتبادل المعلومات بين الدول العربية المعنية والكيان الصهيوني وخصوصا حول قضايا معينة، لم تذكر ماهيتها.
يشيران أيضا إلى التقدم الاقتصادي المتمثل في توقيع اتفاقية الغاز مع الأردن بقيمة 10 مليارات دولار عام 2016، وكذلك توقيع مصر اتفاقية أخرى بقيمة 15 مليار دولار، ويزعمان أن هذا مجرد غيض من فيض من الإمكانيات الهائلة التي تتجاوز حدود التجارة وحركة المرور والطاقة.
ويزعم الكاتبان أن التغيرات الجيوسياسية في العقد الماضي أدت إلى توافق عدد كبير من دول العالم العربي مع التحفظات الصهيونية على أجزاء من المبادرة العربية للسلام، مثل موضوع الجولان والتجاوب مع رغبة الكيان بالاحتفاظ بالمرتفعات المحتلة بحجة الوضع الأمني في سوريا، كذلك يشيران إلى إدراك القادة العرب وتوافقهم مع رفض "إسرائيل" لحق العودة بسبب أن أي تغير ديمغرافي يعرض وجود الكيان للخطر، ويقوضه كدولة يهودية.
ويزعم الكاتبان أن التغيرات المذكورة تفيد بأنه إذا ما كانت المصلحة العربية في الماضي تتطلب الالتزام بالقضية الفلسطينية وحث "إسرائيل" على إنهاء الصراع، وتقديم تنازلات للتطبيع معها فإن المر انعكس الآن، ليصبح التطبيع خادما للمصالح الخاصة للدول العربية.
الإحجام عن الاقتراب علنا من "إسرائيل"
على الرغم من التقارب وراء الكواليس، تحرص الأنظمة العربية "المعتدلة" حسب البحث على ألا تظهر متحمسة جداً للتطبيع. نظرا لمعارضة الرأي العام في بلدانهم الذي ينظر إلى التطبيع كخيانة للفلسطينيين، على الرغم من أن مصر والأردن تقيم علاقات دبلوماسية و تعاون مع " إسرائيل" في مجالات الأمن والمخابرات وراء الكواليس بصورة واسعة، وهذا ما يفسر تريح الملك عبد الله الثاني بأنه لن يكون هناك سلام أو استقرار في المنطقة دون دولة فلسطينية قابلة للحياة، وباستخدام حل الدولتين.
ويرى البحث الصهيوني أن الفجوة الواسعة بين المصالح الخاصة للأنظمة، وبين الرأي العام في بلدانهم تفرض سعرا سعرًا سياسيًا داخليًا وإقليميًا على كل خطو تجاه "إسرائيل".
الايجابيات العامة كما يراها الكيان
يزعم الكاتبان أن فوائد التعاون السري بين الكيان والدول العربية هي موضع ترحيب، ولكنها محدودة، ويجب أن يكون التقارب علنيا، حيث ستستفيد هذه الأنظمة من "حليف مخلص" هو الكيان، بينما يكسب الكيان الاعتراف والشرعية، باعتباره جزءا لا يتجزأ من الشرق الأوسط.
ماذا ستكون الخطوة التالية؟ الفرص والآثار
العقبة الرئيسية أمام التطبيع هي الرأي العام في العالم العربي ويرى الكاتبان أن هذا هو الحاجز الذي يمكن التغلب عليه من خلال حل الصراع مع الفلسطينيين أو إقناع العالم العربي بأنه من المفيد الفصل بين القضيتين، ويزعمان أن رفض التطبيع وترسخه يشدد ويجذر المواقف الفلسطينية ويرسخها، ويدعوان كيانهما إلى التوجه للتعاون مع الأنظمة العربية والتخلص من التعامل مع القضية الفلسطينية في السياق العربي.
يلخص الكاتبان بأن دراستهما هذه تسعى إلى الإقناع بأنه في ظل الظروف الجيوسياسية الحالية، تتراكم كتلة حرجة من المصالح المشتركة بين “إسرائيل" والدول العربية، قادرة على كسر "السقف الزجاجي الاصطناعي" الذي تطرحه القضية الفلسطينية أمام التطبيع ويزعمان بوجود فرصة تاريخية للنهوض بهذه المهمة.