Menu

تحليلتحليل استراتيجي صهيوني: الخط الرفيع بين الهدوء والتصعيد في قطاع غزة

بوابة الهدف - إعلام العدو/ترجمة وتحرير أحمد.م.جابر

قال باحثان في مركز الأمن القومي الصهيوني في مناقشة تقييمية للتصعيد الأخير في قطاع غزة أن التصعيد يأتي متصلا مع الجهود المبذولة تفاوضيا ما يعني أنه ينتج واقع تفاوض تحت النار، حيث تظهر حماس غير خائفة من التصعيد على نطاق واسع ولا تريد التوصل إلى تسوية بأي ثمن ومن جانبها تواصل "إسرائيل" توضيح أنها غير معنية بالتصعيد، لكن لا يمكنها كبح جماح حماس.

ويرى عودي ديكل وكيم لافي في مقال بعنوان "الخط الرفيع بين التسوية والتصعيد في قطاع غزة" أن عدم الثقة العميقة بين "إسرائيل" وحماس، وعدم وجود آلية لمنع التقييمات الخاطئة، جنبا إلى جنب مع الرغبة في استخدام القوة، كلها تقلل من فرصة التسوية وتزيد من خطر التصعيد.

من جانبها تريد "إسرائيل" من حماس إعادة الجنود الأسرى وجثث الجنود، وإنشاء آلية لمنع استمرار تركيم قوتها العسكرية. ومن جهتها تريد حماس تحقيق إنجاز برفع الحصار والدفع بالمشاريع الاقتصادية، ومعالجة البنية التحتية في القطاع، حيث يعتقد أن التطورات الناجمة عن هذا الطريق تؤسس لتعزيز سيادة حماس وإضعاف السلطة الفلسطينية وتعميق الانقسام بين السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. ويرى الباحثان، في توافق مع التقييمات المتداولة، أن الديناميكيات وصلت في قطاع إلى نقطة تؤدي إلى مواجهة بين "إسرائيل" وحماس.

وتزعم المقالة أن الحالة الأساسية في قطاع غزة، والتي لم تتغير طوال العقد الماضي تتميز بالمصاعب الاقتصادية وفي البنى التحتية والإنسانية وهي مستمرة وجدية وتحاول حماس الخروج منها بمساعدة المنظمات الدولية وفرض المسؤولية على "إسرائيل"، وفي غياب أي نجاح في هذا السبيل تبرز كما تزعم المقالة "عناصر إرهابية أخرى" تصعد الوضع في قطاع غزة أمنيا في مواجهة "إسرئايل".

وترى المقالة أن التصعيد الأخير استند على عدد من العوامل التي تراكمت على مدى العام الماضي، وتقويض الوضع الأمني ​​المستقر نسبيا السائد في هذا المجال منذ عدوان 2014 حيث بداية اعترفت حماس علنا ​​بفشلها في إدارة الشؤون المدنية في قطاع غزة، وفعلت قناة اتصال المصالحة مع السلطة الفلسطينية وكانت على استعداد لنقل الإدارة بشرط الحفاظ على جناحها العسكري، ما يعني بالتالي احتكار السلطة في غزة. من جهته رفض محمود عباس هذه الآلية بأن يصبح مجرد ممول فقط للإدارة التي تمسك بها حماس، فأوقف تدفق الرواتب ووقف التحويلات لتمويل الكهرباء والوقود وهدفت هذه التدابير وغيرها لإضعاف حماس ولكنها في الواقع تسرع فك الارتباط بلين السلطة في رام الله وقطاع غزة، وقدم عباس بديله الذي لا لبس فيه: من "سلطة واحدة وقانون واحد وسلاح واحد" لكي يوافق على العودة إلى غزة.

في نفس الوقت، غيرت مصر سياستها تجاه قطاع غزة عبر محورين الأول التعبير عن استعدادها لإجراء حوار مع حماس على أساس استعداد المنظمة للتعاون في الحرب ضد القوى السلفية-الجهادية في شبه جزيرة سيناء. والمحور الثاني رغبة الحكم المصري بتعميق مشاركته فيما يحدث في غزة واتخاذ المزيد من المسؤوليات لإحلال والاستقرار وتعزيز المصالحة بين السلطة الفلسطينية وحماس، مع تخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة والترويج للمشاريع الاقتصادية لصالح سكان قطاع غزة، وهذا فيما يرى المجتمع الدولي، بما في ذلك حكومة ترامب، أن من المفهوم أن الخطوة الأولى الضرورية لإعطاء دفعة للسلام هي البدء في المعالجة الإنسانية والضغط الداخلي على حماس.

ومن جهتها حماس، تلقفت الثمرة الناضجة لمسيرة العودة التي بدأتها منظمات المجتمع المدني، وبدأ هجوم الطائرات الورقية والبالونات الحارقة، لتحدي "إسرائيل" في المجال الأمني ​​- وخاصة في ظل عدم وجود استجابة لصحيحة للأساليب "الإرهابية" الجديدة على حد تعبير الكاتبين، أي غياب أي علاج "إسرائيلي" ناجح للظاهرة الجديدة. ما جعل الاشتباكات على طول السياج بمثابة عملية عسكرية جديدة.

ويرى الكاتبان أن حماس كانت قادرة على الاستفادة من الأحداث لبناء الزخم، للخروج - على الأقل مؤقتا - من وضع الضعف والتأثير على جدول الأعمال في المفاوضات نحو محاولة لتحقيق أهداف مختلفة: فأمام "إسرائيل" تسعى حماس تسعى لتعزيز السلسة الطويلة من جهود رفع الحصار والترويج لصفقة التبادل داخليا. في مواجهة مصر تسعى حماس لفتح معبر رفح وتحفيز الرغبة المصرية في الترويج للمشاريع الاقتصادية مع المجتمع الدولي. وفلسطينيا تهدف حماس للتخلص من أعباء إدارة قطاع غزة مدنيا ونقلها إلى السلطة من خلال الاندماج في منظمة التحرير والتأثير المؤسسي على النظام السياسي الفلسطيني.

السياسة "الإسرائيلية" تجاه حماس وقطاع غزة

يرى الكاتبان أن "إسرئايل" تجد صعوبة في صياغة سياسة فعالة فيما يتعلق بقطاع غزة، فمنذ سيطرت حماس على قطاع غزة في عام 2007، كان لدى "إسرائيل" ثلاثة خيارات عملية: إسقاط نظام حماس. الإضعاف التدريجي لحكمها، جنبا إلى جنب مع استئناف قبضتها وسيطرتها على السلطة الفلسطينية، بالاعتراف الفعلي بحكم حماس اختارت إسرائيل ممارسة مجموعة سياسات تنبع من الخيار الثاني والثالث، حيث سعت لإضعاف حماس جنبا إلى جنب مع تحميلها مسؤولية ما يحدث في غزة، وسلوك "إسرئايل" لا يعكس رغبة في التنظيم والتسوية طويلة الأجل مع قطاع غزة بل "السلام مقابل السلام" وليس أكثر، مع الالتزام بسياسة الفصل بين غزة والضفة الغربية.

وهناك حسب هذا التحليل الصهيوني عدد من الاعتبارات التي تؤثر على سياسة الكيان:

1- إن حماس مستعدة لأن تستوعب مراراً وتكراراً ثمن التصعيد وتبعاته على سكان قطاع غزة والمنظمة نفسها. كما إنها على استعداد لاستيعاب تكلفة الصراع من أجل إزالة أو تخفيف على الأقل الحصار لذلك، فإن التحرك "الإسرائيلي" نحو حماس من أجل تعزيز الهدوء يثبت (مرة أخرى) فعالية استخدام القوة.

2- تستند "إسرائيل" إلى جولة أخرى من الصراع مع العلم أن حكومة حماس هي وحدها المسؤولة عن قطاع غزة. هذا الاعتراف تعزز على خلفية عدم جدوى محاولات السلطة الفلسطينية للعودة إلى غزة، لذلك، فإن أي تحرك من شأنه أن يضعف سلسلة الاتصال بين السلطة الفلسطينية وحماس وسوف تبتعد فرص السلطة إلى السيطرة على غزة. وعلاوة على ذلك، مقاربة الموقف "الإسرائيلي" حاليا أنه "لا يوجد شريك" في الجانب الفلسطيني الذي يستطيع اتخاذ قرارات لتسوية سياسية وتطبيقها في المقام الأول.

3- هناك اعتبار آخر هو أهمية التنسيق الاستراتيجي "لإسرائيل" مع مصر، والذي يتم التعبير عنه في مساعدتها في محاربة السلفيين الجهاديين في سيناء،

بأي حال، فإن المرحلة الأولى هي تحقيق وقف إطلاق النار وتهدئة الأمن، والانتقال إلى المراحل التالية يتطلب تخفيف الحصار وتنازلات "إسرائيلية" تجاه المدنيين الفلسطينيين، بما ينسجم مع التقدم في استعادة الأسرى وجثث الجنود، وإنشاء آليات لتدفق الأموال الدولية، بتجاوز السلطة وحماس، وإذا كانت "إسرائيل" سوف تخفض السقف في المرحلة الأولى وهي مرحلة وقف النار مقابل تخفيف الحصار فإن المرجح أن حماس سترد بالتصعيد العسكري. ويمكن "لإسرائيل" أن تعتمد على تصميم مصر والمجتمع الدولي لتعزيز إعادة تأهيل قطاع غزة وإيجاد حلول للعوائق القائمة، دون تدخل من السلطة و حماس سوف تضطر إلى اتخاذ قرار بين التأهيل أو الاغتيالات، و نجاح حماس اكتساح الأهداف المرجوة سيعزز وضعها في الساحة الفلسطينية، بسط سيادتها في قطاع غزة، وإضعاف حكومة السلطة الفلسطينية، وهذا سوف يضع قواعد جديدة في الساحة الفلسطينية.

ومع ذلك، هذه الإنجازات التي ترديها حماس قد لا تتوافق مع سياسات ومصالح لاعبين آخرين ضالعين في محاولة لتعزيز المصالحة الفلسطينية والمزيد من أجل الساحة "الإسرائيلية الفلسطينية" ولذلك، فمن الصعب أن نصدق أن حماس ستنجح من دون تقديم التنازلات المطلوبة الرئيسية عودة الأسرى وجثث جنود الجيش وقبول شروط المصالحة وعودة عباس إلى قطاع غزة، جنبا إلى جنب مع إنشاء آلية من شأنها أن تسحب من حماس حرية أن تقرر استخدام القوة، فضلا عن آلية لمنع استمرار تراكم التسلح.