نشرت صحيفة ماركير الصهيونية الاقتصادية مساء الجمعة تقريرا عالجت فيه مختلف التوجهات لدى عناصر الائتلاف الصهيوني والمعارضة تجاه الحدث المتوقع يوم الغد، بتبكير الانتخابات العامة وحل الكنيست أو عدمه
اهتمامات كاهلون
في الأسابيع الأخيرة، تلقت وزارة المالية استفسارات من وكالات التصنيف الدولية، حيث طُلب من المهنيين في وزارة المالية تقديم توضيحات بشأن الزيادة في العجز المتراكم في الميزانية الذي تم الإبلاغ عنه قبل أسبوع ونصف. تحاول هذه الوكالات، التي تحدد تصنيف “إسرائيل” الائتماني، أن تفهم سبب الزيادة في العجز، وكيف ستقوم الخزينة بمعالجتها، وما هي توقعات الإيرادات والمصروفات في الأشهر القادمة. ومن غير المتوقع أن تواجه "إسرائيل" تخفيضًا في المدى القريب، ولكن قد يكون التغيير في توقعات التصنيف أيضًا حدثًا غير سار. وكل هذا يتوقف على مستوى العجز الذي سينتهي في العام المقبل. وقالت وزارة المالية أنه كجزء من مسؤولية المحاسب العام عن العلاقة مع وكالات التصنيف، يناقش ممثلوها بانتظام مع وكالات التصنيف أي قضية تتعلق بالاقتصاد "الإسرائيلي"، بما في ذلك الأداء المالي.
بالنسبة لموشيه كحلون وزير المالية ( حزب كلنا)، فموضوع الانتخابات ضرورة، وقد نظر في الأمر عدة مرات خلال الأسابيع الأخيرة بل أخبر مسؤولي وزارة المالية في عدة مناسبات أن الوقت قد حان بالنسبة له للانتخابات، ويوم الخميس أبلغ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بهذا الأمر بشكل مباشر.
ويعتقد كحلون أن أربع سنوات قضاها في المنصب كافية بالنسبة له، وقد أجرى هو ونتنياهو محادثات في الأشهر الأخيرة في محاولة للتوصل إلى موعد متفق عليه لإجراء الانتخابات. أخيراً، جاء أفيغدور ليبرمان وأخذ الأوراق، ولم يكن وزير المالية يتصبب عرقاً من أجل إنقاذ الحكومة الحالية. ولكن إمكانية تعيين وزير التعليم نفتالي بينيت كوزير للحرب لا تلائمه. وبالنسبة له، كان ليبرمان ممثلًا سياسيًا مخضرمًا أدرك حجم المسؤولية التي يضعها عليه المنصب الصعب.
وعلى عكس اللاعبين الآخرين في الساحة السياسية، خرج وزير المالية من المواجهات في غزة دون ضرر. يوم الأربعاء، فأعطته استطلاعات الرأي ثمانية مقاعد - أكثر من التوقعات التي بدأ بها الحملة قبل أربعة أعوام عندما أصبح معروفاً أن نتنياهو قد قرر إقالة الوزراء يائير لابيد وتسيبي ليفني والذهاب إلى الانتخابات، وبقدر ما يتعلق الأمر بكحلون فموعد الانتخابات المرغوبة هو 26 آذار/مارس.
وحتى المحاولات لجلب أورلي ليفي-أبيكيسيس إلى الحكومة، في محاولة لجمع تفويض آخر للتحالف، هي إشكالية من حيث كحلون الذي يرى فيها منافسة له.
مصلحة الأرثوذكس المتطرفين
بدوره، وزير الداخلية أرييه درعي (شاس) كان أيضا جزءا من المحادثات التي أجراها نتنياهو مع جميع قادة التحالف في محاولة لمنع تقديم الانتخابات. في شاس، كذلك، لم تكن الأحداث في قطاع غزة ذات آثار انتخابية سلبية، وكان الحزب قد تشجع كثيرا بنتائج انتخابات السلطات المحلية، التي حصلت فيها قائمة شاس على 272.000 صوت. ووفقا للحسابات المعقدة لأعضاء الحزب، فإن هذه الإحصائية تتنبأ بعشرة مقاعد في يوم الانتخابات. إذن من وجهة نظر درعي، فإن ما سيقرره شركاء التحالف مقبول له.
قائمة يهودية التوراة، من جانبها بذلت، من ناحية أخرى، في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، جهودا لتأجيل النهاية. يعتقد جناح ديجل هتوراة في الحزب، بقيادة موشيه غافني، بإخلاص أن هذه الحكومة جيدة. وجافني يريد استكمال التشريعات التي تنظم وضع اللجنة المالية للصناديق الخيرية. وعلى مدى أسابيع أدار اجتماعات طويلة، مع رؤساء الصناديق الخيرية وتوصل إلى اتفاق مع ممثلين عن وزارات العدل والمالية في شأن تنظيم هذا المجال. و جافني يعرف أن من المشكوك فيه جدا أن الحكومة سوف تعطيه مرة أخرى إدارة هذا الموضوع على نحو سلس.
كما يشارك نائب وزير الصحة يعقوب ليتزمان في هذه الجهود. في هذه الحالة، ينبع ذلك من العلاقة الطيبة التي تربطه ببينيت - بفضل الميزانيات المنقولة إلى نظام التعليم الأرثوذكسي المتشدد. وتفضل يهودية التوراة المتحدة، التي تخشى تعزيز (هناك مستقبل) بعد الانتخابات المقبلة، أن تبقى الحكومة الحالية بضعة أشهر لإغلاق العديد من القضايا، و السيناريو الذي يستمر فيه لبيد في مساعدة الحكومة لا يبدو معقولاً لأن المتدينين لا يستطيعون أن يعدوا بأن أعضاء الكنيست سيصوتون له.
مصلحة البيت اليهودي
كان لدى بينيت انطباع يوم أمس بأنه على وشك إنهاء إحدى أفضل الحكومات لقطاعه على مستوى الميزانية، بسبب رغبته في وضع لقب وزير الحرب في سجله السياسي. حيث تتمتع المستوطنات خارج الخط الأخضر برؤية متوازنة في الحكومة الحالية التي هي أكثر انفتاحًا في لجان الكنيست أكثر من معظم الحكومات السابقة. و"الثورة" التي قامت بها وزيرة العدل ايليت شاكيد في وزارة العدل لصالح ايديولوجية الحزب هي ايضا حدث تاريخي. وبهذا المعنى، لا ينبغي للمرء أن يسعى إلى المنطق الاقتصادي في الإنذار النهائي الذي وجهه بينيت والحزب لنتنياهو فناخبو الحزب يفضلون أن تستمر الحكومة الحالية في العمل لأطول فترة ممكنة.
مصلحة أولئك الذين يجلسون في الخارج
إن أهمية أي تأجيل للانتخابات التي سيحققها نتنياهو هو استمرار تآكل العناصر السياسية التي تتحداه. أولا وقبل كل شيء، فإنه قد يتم تسديد حساب ليبرمان وتحويله إلى عضو كنيست عادي ومجرد ذكرى بعيدة تماما كما هو موشيه يعلون.
أما منافس نتنياهو جدعون ساعر فقد طلب اعتذار نتنياهو عن "التهمة الباطلة" بتدبير مؤامرة الإطاحة بنتنياهو بالتعاون مع الرئيس ريفلين، لمنعه من تشكيل الحكومة المقبلة. ورفض نتنياهو ذلك، وشعر ساعر، مثل ليبرمان، يوم الأربعاء بأن نتنياهو ضعيف بعد جولة القتال مع حماس، وأن الوقت قد حان لمهاجمته.
آفي غاباي، لابيد، ليفي أبيكيس، يعلون و بيني غانتز ينتظرون على هامش الانتخابات. يبدو أن التاريخ الحالي، الذي يعتبر فيه نتنياهو أضعف من أي وقت آخر خلال الفترة الحالية، هو الوقت المناسب لإجراء الانتخابات بالنسبة لهم جميعا.
بنيامين نتنياهو
منذ اللحظة التي تلقى فيها أخبار استقالة ليبرمان، كان رئيس الوزراء يبذل جهودًا كبيرة للحفاظ على الحكومة. بالنسبة له، يعد تأجيل النهاية لشهرين أو ثلاثة أشهر سيناريو ممتازًا. في ظل المساءلات والتحقيقات خصوصا في القضية 3000 التي قرر المدعي العام أن هناك أدلة كافية لتوجيه الاتهام فيها الى عدد كبير من مقربي نتنياهو، ممشكلات القضية 1000 التي ستطاله مباشرة، وكذلك القضية 2000، يبدو إذا أن من الأفضل لنتنياهو الذهاب إلى الانتخابات قبل أن تنضج إحدى هذه القضايا.
إلى جانب القضايا القانونية، هناك مشكلة غزة حيث ينظر إليه على أنه استسلم، ومشكلة الانتخابات المحلية التي خسر فيها الليكود عدة سلطات استراتيجية. حتى أنه وصل إلى النقطة التي رفض فيها زفيكا بروت، رئيس بلدية بات يام الجديد، عرضه بنشر فيديو يدعمه.
كل هذه العوامل خلقت له رغبة في تأجيل الانتخابات، ولو قليلا، ويمكنه أن يتجاوز معارضيه ويمنح حقيبة الحرب إلى بينيت ويحصل منه على وعد بأنه سيبقى خاضعاً للرقابة ولا يتجاوز سلطته. ويمكن أيضا محاولة جلب وزير حرب مهني وليس سياسي مثل الميجور جنرال ماتان فيلناي أو رئيس الشين بيت السابق.
السؤال هو ماذا سيفعل نتنياهو بهذا التأجيل؟ على الساحة السياسية، كانت هناك شائعات تم تداولها هذا الأسبوع حول اعتبار سياسي أمني شديد السرية أدى إلى عدم وجود خيار أمام مجلس الوزراء الأمني سوى التوصل إلى اتفاق مع حماس. هل سيخرج نتنياهو شيئا من قبعة الساحر يساعده على تقديم نتائج العدوان بشكل مختلف على سبيل المثال، قد تم إحراز تقدم مع قضية الاسرى في غزة ما يمكن نتنياهو من اعتبارها انجازا، والقول بأن هذا هو السبب في أنه أصر على هذه التهدئة، وعلى الرغم من انه لا يستطيع الكشف عن السبب. إذا كان السبب غير الخاضع للمساءلة هو الضغط الأمريكي أو أي تحرك سياسي يشمل المملكة العربية السعودية أو قطر أو عُمان إلى جانب الأمريكيين، فإن نتنياهو سيكون قادراً على وضع نفسه كشخص راشد يتصرف على أساس معلومات حساسة وسرية.
من ناحية أخرى، إذا حدثت جولة أخرى من االقتال قريبا فنتنياهو عندها سيثبت للجمهور أنه لايخاف من الحرب ويصل إلى الانتخابات على أجنحة العملية العسكرية، ضد هذه الاحتمالات، التي تنص على أن تنياهو يريد تأجيل الانتخابات لصالح قرارات مصيرية، كان هناك من ادعى أامس ان الشيء الوحيد الذي يزعج رئيس الوزراء ليس مستقبل "إسرائيل" ولكن مصير التحقيقات والمحاكمات له ولزوجته.
قد تؤدي لعبة الاتهامات داخل الائتلاف حتى إلى منع قادة الحزب من التانفس يوم الأحد، لذا يمكن تجنب الانتخابات. في هذه الحالة، ووفقا لبعض التقديرات، فإن نتنياهو يفضل اجراء الانتخابات بالقرب مايو، مع احتفالات "عيد الاستقلال" ومسابقة الأغنية الأوروبية في "إسرائيل" وهما حدثان يعززان المعنويات والمشاعر الوطنية لدى الجمهور.
السيناريو الآخر الذي قد يطيل أمد أيام الحكومة هو تجدد للوضع في غزة، مما سيؤدي بالأعضاء في الائتلاف، وخاصة نتنياهو، إلى الرغبة في استقرار الوضع قبل الذهاب إلى الانتخابات. أصبح للاستياء من إدارة الجولة الأخيرة مع قطاع غزة موقعا شعبيا جدا في الخطاب العام، ويمكن لأعضاء التحالف الاستفادة من فرصة أخرى للتعامل مع حماس بقوة أكبر قبل الانتخابات.
كما يراقب أعضاء المعارضة التطورات ويبدأون في دراسة إمكانياتهم. ومن المتوقع أن يتشكل حزب جديد، في ضوء استطلاعات الرأي الأخيرة من قبل رئيس الأركان السابق بيني جانتز، وسيعمل كورقة مساومة قوية للاندماج مع قادة المعسكر الصهيوني تسيبي ليفني وآفي غاباي، وحتى مع وزير الحرب السابق موشيه يعلون. ومن المتوقع أن يلعب دورا هاما في كل التحالفات، والعقبة الرئيسية تكمن في قدرة مجموعة يسار الوسط على اختيار رأس للقائمة.
إذ يمكن للحرب على قيادة المعسكر أن تمحو التحالف بالكامل، والذي يعتبر في بعض الاستطلاعات بديلاً حصرياً لرئيس الوزراء نتنياهو. وقال رونين بيرغمان، وهو معلق "يديعوت أحرونوت"، الليلة الماضية أنه وفقا لجماعات يهودية في الخارج، تحدث غانز معهم في محاولة لجمع أموال لحملته الانتخابية، لن يقبل بأقل من رئاسة القائمة و سيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف سيقبل غباي، الذي انتخب في الانتخابات التمهيدية، وليفني، التي تعمل كزعيم للمعارضة، هذا القرار للاعب جديد على الخريطة السياسية.