ألقى عضو اللجنة المركزية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هاني ثوابتة، محاضرة ضمن ندوة سياسية نظمها مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية في بيروت، والتي جاءت بعنوان "فعاليات الصمود الفلسطيني من مسيرات العودة الى الخيارات المفتوحة للمقاومة".
ونقل ثوابتة في بداية حديثه التحية من أهل غزة الذين يخوضون معركة التحرير والعودة في مواجهة المحتل في مرحلة هي الأصعب في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني، حيث أوضح أن المرحلة الآن هي مرحلة التصفية للقضية بعد فشل ما سميَ بمرحلة التسوية والتي استمرت لحوالي ربع قرن من بعد اتفاق أوسلو وآثاره الكارثية بكل مشتقاته الأمنية والاقتصادية والسياسية، إضافة للآثار الداخلية.
وأضاف الثوابتة "لم ينتج عن خيار أوسلو أي منجزات تعود بالنفع لقضية الشعب الفلسطيني، كما أنه لم يبق من هذا الاتفاق سوى الوظيفة الأمنية والتي تعد إحدى معيقات تطور الفعل الشعبي في الضفة الغربية إضافة إلى الاحتلال الصهيوني الصهيوني".
وأشار إلى أن "طبيعة الضفة وتشابك القرى مع المستوطنات يجعلها تجلس على برميل من البارود قابل للانفجار في أي لحظة وأنه في حال حدوث حالة شبيهة بمسيرات العودة فيها فإن ذلك سوف يؤدي الى نتائج عظيمة على مستوى كبح الاستيطان ودحره مما سيؤدي حتماً الى تغيير كبير في قواعد الاشتباك في الضفة".
كما تطرَق ثوابتة إلى صفقة القرن وهدفها في الإجهاز على كل ما يمثل القضية الفلسطينية ويرمز لها من خلال تصفية الشواهد الحية على هذه القضية و منها الحملة الكبيرة على مؤسسة الأنروا ومحاولات تصفيتها، واعتبر أن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس باعتبارها عاصمة للكيان، والهجمة الكبيرة على المدينة المقدسة في حملة محمومة من الاستيطان الذي يتزايد يوماً بعد يوم، يأتي في خضم واقع عربي سيء للغاية ومشاكل متعددة أدَت للانشغال عن القضية المركزية.
وأكد أنه "أصبح من الضروري الاستنهاض بحالة المقاومة والحاجة الى أشكال جديدة للمقاومة من أجل توسيع رقعة المواجهة مع العدو، فكانت مسيرات العودة شكلاً فعالاً من أشكال النضال الوطني تأتي فاعليته بإتاحة المجال للمشاركة لكل فئات الشعب، حيث من يقوم بالعمل المسلح هم فئة محددة لها صفات محددة تناسب العمل".
وأضاف ثوابتة بأن مسيرات العودة أدَت إلى تلاحم شعبي وفصائلي وتوحَد في ساحة العمل تحت علم فلسطين فقط حيث لم ترفع الأعلام الفصائلية والحزبية خلال المسيرات التي استطاعت أن تجسد التلاحم والوحدة الميدانية والتي يعتقد أنها اذا ما تعاظمت هذه الحالة فإنها ستصل الى تحقيق الوحدة السياسية.
وأشار الى حالة التكاتف الاجتماعي في المجتمع الفلسطيني نتيجة هذه المسيرات وأن ارادة الشعب الفلسطيني تنير الطريق نحو المقاومة كسبيل وحيد وخيار استراتيجي في وجه الاحتلال الصهيوني، حيث كان أحد انجازات مسيرات العودة هو الاشتباك المسلح مع العدو والذي حصل ضمن غرفة العمليات المشتركة التي بدورها تشكلت بعد مرور شهرين من تشكيل الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة مما يؤكد أن غرفة العمليات واحدة من تجليَات مسيرات العودة.
وأكَد ثوابتة أن المسيرات مستمرة وأن غرفة العمليات هي الدرع الحامي لدماء أبناء شعبنا الفلسطيني، وعلينا العمل على تعظيم خسائر الاحتلال الصهيوني الصهيوني وتعظيم الاشتباك السياسي والكفاحي والقانوني والإعلامي والدبلوماسي، وأن مسيرات العودة تتعرض لحملات تشويه اعلامي ضخمة يومياً ورغم ذلك فالمسيرات ستستمر إلى أن تحقق أهدافها في الحرية والعودة.
وشدّد على أنه لدى الشعب الفلسطيني قناعة راسخة بأن هذا الاحتلال الصهيوني الى زوال وأن حلم العودة سيتحقق ولم يعد بالشيء المستحيل، حيث خسر الاحتلال الصهيوني رهانه من خلال محاولته على مدار السنوات زرع ثقافة الهزيمة في نفوسنا.
وعن حالة الانقسام الفلسطيني أشار ثوابتة أن مسيرات العودة جاءت كأحد أشكال رفض هذا الانقسام وأن الوحدة في الميدان جسَدت وحدة هذا الشعب، موضحاً أنه لاتوجد نيَة لايجاد قوة ثالثة أو إطار بديل في مواجهة طرفي الانقسام وإنما هناك ضغط على أطراف الانقسام للانصياع للرغبة والإرادة الشعبية في الوحدة الوطنية، ولتجاوز كل التناقضات السلبية في هذه المرحلة ومعالجتها لاحقاً.
وفي نهاية حديثه أكَد أن الوقت من دم وأن اللحظة السياسية هي لحظة دقيقة، وأن القضية ليست قضية انسانية وهي قضية سياسية وطنية وأن الشعب الفلسطيني لن يقبل بالحلول التخديرية ، والمسيرات هي وسيلته للقول للعالم بأننا شعب يستحق الحياة وأننا نمارس الحياة رغم الحصار الظالم ورغم العقوبات من السلطة ، مؤكداً على شعارتتبناه الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة بأنه لن يكون هناك هدوء وهذا الاحتلال الصهيوني موجود.