Menu

قمة شرم الشيخ الأوروعربية.. ما لها وما عليها

حسين الجمل

نجح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتحشيد أكثر من 40 دولة في أول مؤتمر عربي- أوروبي أنهى أعماله بنجاح في مدينة شرم الشيخ المصرية.

لقد جاءت القمة في ظروف سياسية يعاد فيها رسم الخارطة الاقتصادية للعالم إلى جانب الكثير من التحولات السياسية، ولعل أبرز هذه الظروف هو الانفكاك الجزئي الأوروبي من الهيمنة الاقتصادية الأمريكية، والتي جاءت ترجماتها برفض الاتحاد الأوروبي الطلب الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، والتهديدات الأمريكية بمعاقبة أوروبا على صادراتها، فيما جاء الرد الأوروبي بإصدار وثيقة تفاهم أوروبية إيرانية للتعاون في تطبيق الاتفاق النووي الإيراني.

أمّا فيما يتعلق بالاستثمارات الصينية الروسية وإحلالها محل الاستثمارات الأمريكية، فيبدو أن لأوروبا مقاصد ملء الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة. إن مجرد انعقاد القمة وعلى هذا المستوى الرفيع من الحضور والتمثيل، له دلالة مفادها أن أوروبا ضاقت ذرعاً من سياسية الإلحاق السياسي والاقتصادي التي تبنتها الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة بعد القرار الأمريكي بالانسحاب من سوريا دون تنسيقٍ أو إعطاء دول التحالف "فرنسا وبريطانيا" علمًا بالأمر، وعلى ضوء ذلك لن تستجيبا للطلب الأمريكي بملء الفراغ بعد الانسحاب.

معظم المتحدثين وتحديدًا الأوروبيون، ركزوا في مداخلاتهم على التنمية والتعاون، والتصدي أو محاربة الارهاب.

على المستوى السياسي وما جاء في البيان الختامي، يؤكد مجدداً على المواقف الأوروبية من القضية الفلسطينية والتي تنص على إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وإنهاء كافة قضايا الحل النهائي، كما أكدت على الموقف المشترك من الملفات العربية الساخنة: ليبيا، سوريا، اليمن.

طبعاً هنا يظهر بشكل واضح التقاطع العربي الرسمي مع الاتحاد الأوروبي فيما قد يبدو رفضاً لصفقة القرن وتوجهات الإدارة الأمريكية سياسياً وكي لا نبالغ كل ذلك يبقى أقرب إلى المواقف النظرية إذا لم يتبع بخطوات عملية تترجم هذه المواقف، وما أقدمت عليه من نقل سفارتها إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لدولة الاحتلال، والسؤال هل جاءت قمة شرم الشيخ استكمالاً أوروبياً لما جاء في لقاء دبلن بإيرلندا، الأسبوع المنصرم 19/2/2019، أم أنها الصدف، والذي بحث في سبل إيجاد ضمانات أو تعهدات سياسية فيما يتعلق بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

في كل الأحوال، إن قمة شرم الشيخ ولقاء دبلن يصبان في مجرى تراجع الدور الأمريكي عالمياً وتحديداً المنطقة العربية ومحاولات أوروبية لملء الفراغ.

قد تكون القمة تأسيسًا مدروسًا لتعاونٍ أوروبيّ- عربي، خاصة وأن القمة القادمة حدد تاريخها وموعدها 2023 أي بعد 4 سنوات، وهذا شيء إيجابي في إطار الانفتاح العربي على العالم، وعدم الارتهان للعلاقات الأمريكية الأكثر استغلالًا وتآمرًا وعِداءً للعالم العربي منذ بدايات تأسيس الولايات المتحدة، وعلى مدار سنوات الصراع العربي- الإسرائيلي، كما أن البيان المشترك الصادر عن القمة يُدلّل أيضًا على أن السياسة الأوروبية تجاه المنطقة العربية وأزمتها الرئيسية، باتت أقرب إلى المواقف العربية منها للمواقف الأمريكية. ولكن بالمقابل لم يتخطَ البيان الإعلانات السياسية الرسمية تجاه الرؤية الأوروبية لحل القضية الفلسطينية، فيما لوحظ جديدٌ، وهو الإشارة للمكان والرعاية الهاشمية الأردنية للأماكن المقدسة، فهل هو تأسيس لموقف أوروبي جديد قائم على الكونفدرالية مع الأردن في طروحات سياسية قادمة للقضية الفلسطينية؟، أم هي رسالة أوروبية- عربية للإدارة الأمريكية، بمثابة مقارنة للرؤيتين الأمريكية من جهة، والأوروبية- العربية من جهة ثانية؟. هذا ولم يتجاوز بيان القمة لغة الدبلوماسية الهادئة، فلم يُشِر إلى الرفض الواضح والصريح لصفقة القرن ولا رفض الاستيطان في القدس والخليل، إلى ذلك لم يطالب برفع الحصار عن غزة، كل ذلك يفسر كم نحن الفلسطينيون بحاجة لأدوات ضغط معولُها موقف فلسطيني موحد.