Menu

ندوة غسان كنفاني تُناقش "تحدّيات ومتطلبات مجابهة صفقة القرن"

غزة_ بوابة الهدف

ناقشت ندوة الشهيد غسان كنفاني التي تُنظّمها بوابة الهدف بصورة دورية "تحدّيات ومتطلّبات صفقة القرن"، بعد أيامٍ من مؤتمرٍ صحفيّ عقده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمشاركة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في واشنطن، في 28 يناير 2020، الذي جرى فيه الإعلان رسميًا عن بنود ومضامين الرؤية التي تطرحها الإدارة الأمريكية لـ"تسوية النزاع" في الشرق الأوسط.

وأدار الندوة الصحفي حسين الجمل، واستضافت من الداخل الفلسطيني المحتل، عبر الهاتف، عضو المكتب السياسي ب حركة أبناء البلد محمد كناعنة، وفي الأستوديو كلًا من: وزير الثقافة الأسبق وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر د.إبراهيم أبراش، والصحفي والكاتب السياسي هاني حبيب.

وفي مطلع الندوة، وجّه مُدير اللقاء حسين الجمل تساؤلًا لضيفه هاني حبيب حول الموقف الفلسطيني الرسمي والفصائلي والشعبي الموحّد ضدّ صفقة القرن، وإلى أيّ مدى يُمكن الحفاظ على الانسجام الذي برز، وإلى أي مدى كذلك يُمكن أن يستمرّ؟!

هل يكفي الرفض؟!

وقبل الإجابة على التساؤل المطروح، أشار حبيب إلى أنّ أحد أهداف واضعي الخطّة الأمريكية من التأجيل المتكرر للكشف عنها، هو إحداث تظاهرة إعلامية تُبيّن الصفقة وكأنها حدث تاريخي يليق بترامب ونتنياهو، وقال "هذه الصفقة يجب ألّا تؤخذ بالمعنى التاريخي" لافتًا إلى أن الموقف الفلسطيني الموحّد الرافض لها قلّل من (تاريخيّتها) التي أرادها صانعوها، لأنّ الأمر يتوقف على الموقف الفلسطيني".

وتابع أنّه "بالموقف الفلسطيني الموحّد ضدّ الصفقة أجزاءٌ هامّة منها لن تمرّ، أمّا الأجزاء الأخرى فقد مرّت، وما تبقّى بشأن الضمّ- الغور والبحر الميت- فهذا لا يتوقّف على الصفقة، فهناك أمر واقع؛ دولة الاحتلال بإمكانها ضم أو كما تُسميه (استعادة السيادة) في الضفة الغربية بغض النظر عن الخطة الأمريكية، فهي فعلت وتفعل هذا عمليًا، وكان هناك حديث طوال السنوات الماضية وخلال العمليات الانتخابية بغض النظر عن الصفقة. أمّا الحديث الآخر عن تبادل الأراضي وقضية القدس و(الدولة الفلسطينية) هذا يتعلّق بالموقف الفلسطيني، وقد لا يمر". ونوّه إلى أنّ "هذه الصفقة أقل تاريخيّة من اتفاق أوسلو، لأنّ في الأخير كان هناك موقف فلسطيني شريك، وغطاء عربي، لذا تمّ تمرير الجزء الأول منه، وعليه كان أوسلو ولا يزال أكثر خطورة من الصفقة الأمريكية".

أمّا عن طبيعة الموقف الفلسطيني، رأى الصحفي والكاتب هاني حبيب أنّ "ردود الفعل الفلسطينية الرسمية والشعبية أقلّ من الحدود الدنيا المطلوبة لمثل هذه المواجهة، فالموقف الرسمي متردد إلى حدٍ بعيد، ولا يزال هناك لبس فيما أشار إليه الرئيس عباس بشأن وقف الالتزام باتفاق أوسلو وتداعياته بما فيه التنسيق الأمني وبروتوكولات باريس الاقتصادية".

مُستدركًا أنّ "الموقف الفلسطيني هو الأقوى فهو الوحيد الذي رفض ما طرحته الصفقة الأمريكية جملةً وتفصيلًا، فالعالم كلّه يترنّح أمام إدارة ترامب، ولكن النقاش هو حول تفاصيل هنا وهناك لا تزال مطلوبة للتصدّي الخطة الأمريكية".

وأضاف أنّ "الموقف الشعبي لا يزال أيضًا دون الحد الأدنى، وما صدر حتى اللحظة من تحرّكات لا تخرج عن الفعل العادي، الذي كان موجودًا قبل الضفقة".

ومُقاطعًا حبيب، طرح مُدير اللقاء سؤالًا حول الفِعل الشعبي المُتوقّع "في ظلّ حالة الإنهاك التي تُعاني منها الجماهير الفلسطينية في الضفة وغزة، التنسيق الأمني من قبل السلطة مع الاحتلال، والتشديد والتأكيد على التهدئة في غزة، فهل كان يُتوقّع من هذه الجماهير فعلًا أكبر؟"، وكان الرد من الصحفي حبيب بالقول "هنا يأتي دور الفصائل، والحديث المتواتر عن تهدئة/هدنة لها المعيار الأول من بين مختلف السيناريوهات الأخرى، وهذا ما يحدّ من ردود الفعل ضدّ صفقة القرن بشكل كبير".

سلطة تخدم البرنامج الوطني

وفي مداخلته، حول طبيعية التفاعل الفلسطيني في الداخل المحتل عام 1948 ومستواه، شعبيًا ورسميًا- القائمة العربية والبلديّات-، قال محمد كناعنة "إنّنا ننظر إلى الصراع مع الكيان الصهيوني على أنّه صراعٌ تناحريّ واشتباكٌ مفتوح، لن ينتهي بصفقة القرن كما لم ينتهِ بتوقيع اتفاق أوسلو وغيره من الاتفاقات التي أضرّت بالقضية الفلسطينية، قضيّة الأمة". ولفت إلى أنّ "المثلّث هو منطقة فلسطينية كما حيفا وغيرها، ونحن لا نفضّل الحديث وكأنّ ما سيجري (ترانسفير من إسرائيل إلى مناطق السلطة الفلسطينية)، بل حقيقة الأمر هي: نقل منطقة فلسطينية من احتلال إلى احتلال، فالمثلث محتل منذ 1948 كما الضفة المحتلة منذ 1967".

ولفت إلى أنّ "الداخل الفلسطيني يرفض صفقة القرن، كما رفضت قبل هذا أصواتٌ فيه اتفاق أوسلو، ومن قبلها رفض نتائج النكبة، التي قبلها البعض واعتبر أنّ (دولة الاستعمار إسرائيل هي تُشكل حق تقرير المصير لليهود في فلسطين) وهذا ما يُشكل بالنسبة لنا اختلافًا جذريا مع قوى سياسية عربية في الداخل المحتل التي تتبنّى هذه الرؤية، أمّا بالنسبة لصفقة القرن فهناك رفض من مختلف القوى في الداخل لبنودها ومخرجاتها، وحتى من قبل السلطات المحلية".

لكنّ كناعنة استدرك هذا بالتساؤل "إذا كنّا نرفض صفقة القرن، فلماذا لا نرفض اتفاق أوسلو ووادي وعربة وكامب ديفيد، وكل هذه المراحل التي سبقت صفقة القرن، وأضرت بالقضية الفلسطينية، وضربت حق العودة في مقتل، وجزّأت الشعب الفلسطيني".

وبيّن "نحن في أبناء البلد، لا تحفّظ لدينا أو رفض لأن نكون جزًا من سلطة فلسطينية، بل نحن نتوق إلى هذا، لكن ليس سلطة تقع تحت الاحتلال وتُشكل أداة بيد الاحتلال- شئنا أم أبينا، حتى لو رفض أبو مازن الصفقة وأعلن ما أعلن، لكنّ التنسيق الأمني لا يزال مستمرًا، وهذا أكثر ما تُريده إسرائيل، فالسلطة تُؤدّي دورًا وظيفيًا يخدم الاحتلال وهذا لا يُمكّنها من رفض صفقة القرن عمليًا، فهي ليست طرفًا قويًا، وربما تطلب -السلطة- في المرحلة القادمة إجراء تعديلات قد تُسمّى بتسميات أخرى، وبهذا ستمرّ الصفقة".

وردًا على تساؤلٍ طرحه الصحفي حسين الجمل، مُدير اللقاء، بشأن "تغيير الدور الوظيفي للسلطة باتجاه دعم صمود المواطن وإعادة صياغة عقيدتها وعقيدة الأجهزة الأمنية، وفقما تم الإعلان عنه في الاجتماع الوطني في رام الله عقب الإعلان عن صفقة القرن، وإمكانية البناء على هذا الموقف المُنسجم- رسميًا وشعبيًا- بصورة أكثر إيجابيّة، على طريق استثمار وجود سلطة فلسطينية تخدم البرنامج الوطني"، عقّب كناعنة بأنّ "اجتماع رام الله كان أقرب لكونه لقاءً شكليًا، وقيادة السلطة- أبو مازن تحديدًا- يتعامل باستخفاف مع الفصائل الفلسطينية، وهذا ليس بجديدٍ، والكثير من المحطات والتجارب أثبتت كيفية تصرف السلطة مع الفصائل- بذات الصورة-".

وأضاف "حتى نصل إلى المرحلة تلك- الوصول إلى سلطة تخدم البرنامج الوطني- يجب الفصل بين منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، لا يُمكن لرئيس المنظمة أن يكون رئيسًا للسلطة والقائد الأعلى للقوات الفلسطيني والزعيم الأعلى أن يُنسّق مع الاحتلال!، هذا تناقض وازدواجية غير مقبولة، لا يُمكن لزعيم الشعب الفلسطيني أن يرفض الكفاح المسلّح ويعتبره عبثي، وأن إلى المقاومة السلمية فقط، أبو مازن لا يمكنه احتواء الفصائل برؤاها المختلفة".

"بعد اتفاق أوسلو، الواقع الفلسطيني أصبح مختلفًا ومعقدًا، واليوم السلطة لا تستطيع حلّ نفسها، ولن يأتي الاحتلال ليتحمل مسؤولياته في الضفة إذا ما جرى هذا، لذا يجب إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير وهيكلتها، وإعادة الاعتبار للميثاق الوطني ولبرنامج الثوابت الفلسطينية، والسؤال الآن: ما هو البرنامج الذي ستذهب إليه الفصائل، على أيّ قاعدة، هل ستكون على قاعدة القبول بضم أكثر من 30% إلى سلطة الاحتلال بشكل مباشر؟ هل سنقبل بالأمر الواقع في الضفة وأن القدس عاصمة إسرائيلية؟! إذا برنامج الثوابت الوطنية الفلسطينية الذي يجب أن نعود إليه هو برنامج منظمة التحرير الذي انطلقت بناءً عليه، من مخيمات اللاجئين قبل العام 1967، لذا نحن الفلسطينيين في الداخل المحتل عام 1948 نتطلّع إلى التحرير وليس إلى الإدارة المدنية أو الذاتية".

الإرادة الشعبية

بدوره، قال الكاتب والأكاديمي، إبراهيم أبراش إنه لا يعتقد أن إرادة الفعل الشعبية ستستطيع دفع الأنظمة العربية إلى إعادة النظر في قضايا التطبيع، مضيفًا أن الدول المطبعة ستستمر، لكن ربما تحدث تخوفات ومحاذير فقط، أو عدم تسرع في هذا الشأن.

وبين أبراش أن طبيعة الأنظمة العربية التي تشكلت خلال العقد الأخير، ليس بمقدورها الإقدام على مواجهة مع واشنطن، مؤكدًا أنه في الأيام التالية من اجتماع وزراء الخارجية العرب ذهب البرهان للقاء نتنياهو، كما أنه منذ ذلك الحين لم تتراجع أي دولة عربية عن مواقفها السابقة، "كل ما حصلنا عليه هو مجرد شعارات، كما أن الرفض الشعبي وحده غير كافٍ إذا كان بمعزل عن الأدوات التي من شأنها تحويله إلى قوة ضاغطة تستطيع التغيير" وفق أبراش.

وطرح مُدير الندوة عدّة محاور للنقاش مع ضيوفه، تركّزت حول سبل التصدي للصفقة الأمريكية التصفوية، واستعرض الضيوف وجهات نظرهم فيها، وبإمكانكم مُتابعة الندوة كاملةً عبر رابط الفيديو المُرفق أعلاه.