Menu

تقريرعبد الرحمن ظاهر.. فنان وصحفي فلسطيني معتقل لدى السلطة بسبب "منشور فيسبوك"

أحمد نعيم بدير

عبد الرحمن ظاهر

"ذم السلطة".. من أجل هذه التهمة ومنذ السابع عشر من شهر أغسطس الماضي، لا زالت أسرة الفنان الفلسطيني والصحفي عبد الرحمن ظاهر تُعاني الأمرّين وهو بعيدٌ عنها، إذ يُغيّبه جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة في زنازينه بعد أن اعتقله من أمام جامعة النجاح في نابلس.

الذنب الوحيد الذي اقترفه عبد الرحمن أنّه عبَّر عن رأيه الشخصي بكل بساطة، إذ قال في منشورٍ له عبر حسابه في موقع "فيسبوك"، قبل اعتقاله بثلاثة أيّام تعقيبًا على التطبيع الإماراتي الصهيوني: "تعليقي بخصوص التطبيع الإماراتي الإسرائيلي أحتفظ به لنفسي، لكن آخر من يحق له التعليق "السلطة الفلسطينية" وأي دولة شقيقة تقيم علاقات سلام أو علاقات تجارية مع الاحتلال، وحتى جماعة "نحتفظ بحق الرد"، ما أثار حساسيّة السلطة ليأتي اعتقاله انعكاسًا لذلك.

ظهر أول أمس الخميس 3 سبتمبر/ أيلول، مدّدت محكمة الصلح في نابلس، اعتقال عبد الرحمن لمدة 15 يومًا على "ذمة التحقيق"، وذلك للمرّة الرابعة على التوالي.

"بوابة الهدف" تواصلت مع السيّدة رشا السايح، زوجة المعتقل عبد الرحمن، لتروي لنا كيف حال الأسرة بدون ربّها الذي يُعاني من إهمالٍ طبّي داخل المعتقل، وكيف حال أطفاله وهم على أعتاب العودة إلى مقاعد الدراسة، وكلّنا يعلم ما أهمية وجود الأب في مثل هذه الأجواء.

"لم أسمع صوته منذ 19 يومًا"

تقول السيّدة رشا إنّها لم تشاهد زوجها "في الجلسة الأخيرة لتمديد اعتقاله يوم أول أمس، وكل ما علمناه أنّه جرى تمديد الاعتقال 15 يومًا على ذمة التحقيق، وهذه كل المعلومات الجديدة التي لدينا".

وبيّنت السايح لـ"الهدف"، أنّ "زيارات المحاكم ممنوعة بسبب أزمة فيروس "كورونا" كما يقولون، أمَّا في الجلسة السابقة رأيت عبد الرحمن متعبًا، وهم قالوا أنّهم نقلوه للمستشفى قبيل الجلسة لتدهور حالته الصحيّة، وعلى اثر ذلك يأخذ في الوقت الحالي كورس علاج، ولكن لا نعلم حتى لماذا يأخذها ومّما يُعاني جرّاء هذا الاعتقال".

"منذ يوم اعتقاله في السابع عشر من الشهر الماضي لم أستطع التحدّث معه ولو لمرةٍ واحدة"، تقول الزوجة رشا، وتؤكّد أنّ "هذا الاعتقال ليس له أي مُبرّر على الإطلاق، وكل ما يصلنا من محامي الدفاع يؤكّد عدم وجود مُبرّر، كل ما يجري هو تمديد الاعتقال من أجل التمديد فقط بلا أي جدوى، ولا يوجد أي شيء واضح ليتم التحقيق معه عليه".

وحول مطالبها، وإذا كانت تواصلت مع مؤسّسات حقوق الانسان من أجل التدخّل والافراج عن زوجها، أشارت إلى أنّها "تواصلت مع كل المؤسّسات وجميعها ضغط باتجاه الافراج عنه، ولكنّهم لا يستجيبون لأي شيء -السلطة- وتحدّثنا كثيرًا وتلقيت كثيرًا من الوعود بالإفراج عنه ولكن كل ذلك دون جدوى".

وتابعت السايح حديثها لـ"الهدف" بالقول: "عندما جرى التواصل مع النقابات والمؤسّسات يفترض أن تكون هذه القضيّة إنسانية بحتة. كل جهة لديها إنسانيّة تُشارك في الدفاع عن عبد الرحمن وتُطالب بالإفراج الفوري عنه، دون ذلك لا نحتاج سؤالاً من أحد".

"ننتظره ليكون بيننا اليوم قبل الغد"..

وعن حال الأسرة المكوّنة من طفلين (8 و4) سنوات، أوضحت الزوجة أنّهما "يتجهّزان للعودة للمدرسة، ولكن كيف ستكون الأجواء في ظل غياب والدهم؟ أنا الآن أتواجد في بيت أهلي بسبب هذه الظروف التي نمرّ بها، ولكن خلال الأيّام القادمة ومع بدء العام الدراسي سنعود جميعًا لمنزلنا ولكن دون عبد الرحمن، سنكون وحدنا، ونتمنى اليوم قبل الغد أن يكون عبد الرحمن بيننا ويملئ علينا البيت كما العادة لنكون كبقيّة البشر".

محامي الدفاع مهنّد كراجة من "تجمع محامون من أجل العدالة"، أوضح لـ"بوابة الهدف"، أنّ "النيابة العامة اتصلت بنا لنشاهد جلسة تحقيق مع عبد الرحمن يوم أول أمس في سرايا النيابة في نابلس، وقدّمت النيابة العامة طلبًا لمحكمة الصلح لتمديد توقيف عبد الرحمن 15 يومًا لاستكمال غايات التحقيق".

ممنوع من الزيارة

وبيّن كراجة أنّه "قدّم مرافعة لإخلاء سبيله بالكفالة التي تضمن حضور عبد الرحمن جلسات التحقيق والمحاكمة إلّا أنّ المحكمة وافقت على طلب النيابة العامة ومدّدت التوقيف 15 يومًا"، لافتًا إلى أنّ "فريق الدفاع حتى اللحظة ممنوع من زيارة عبد الرحمن بأمر من جهاز الأمن الوقائي بالرغم من تدخّل النيابة العامة ورئيس النيابة في نابلس من أجل تمكيننا من الزيارة إلّا أنّ جهاز الأمن الوقائي يمنعنا من زيارته والوقوف على ظروف احتجازه واعتقاله".

وشدّد على أنّ "مجموعة محامون من أجل العدالة لديها تخوّف حقيقي على ظروف عبد الرحمن الصحيّة خاصة وأنّه تحدّث أمام المحكمة بأنّه يمر بظروف صحيّة صعبة وأنّ العلاج نفذ لديه، وأمر القاضي في جلسة سابقة النيابة العامة بأنّ تقوم بعرضه على الخدمات الطبيّة العسكريّة وتزويده بالأدويّة اللازمة له".

"الاعتقال يُخالف القانون الأساسي"

كما بيّن كراجة أنّ "عبد الرحمن يتم التحقيق معه أمام النيابة العامة بتهمة (الذم الواقع على السلطة)، وبعد الاطلاع على التحقيقات الموجودة في الملف تبيّن أنّ غالبية التهم تتعلّق بدوره في العمل الصحفي وفي حريّة الرأي والتعبير"، مُؤكدًا أنّ "كل هذا يُخالف القانون الأساسي والاتفاقيات التي وقّعت عليها السلطة التي تحمي حريّة الصحافة، خاصة أن عبد الرحمن صحفي يحمل بطاقة نقابة الصحفيين، ويجب الافراج عنه فورًا واسقاط كل التهم عنه".

جدير بالذكر أنّ الأجهزة الأمنيّة التابعة للسلطة قد شنّت عدّة اعتقالات في صفوف نشطاء وكتاب رأي خلال الفترة الماضية مُستغلةً "حالة الطوارئ" المفروضة بسبب جائحة "كورونا"، وما حصل من اعتقالاتٍ يوم التاسع عشر من يوليو الماضي في صفوف النشطاء الذين خرجوا في رام الله رفضًا للفساد ليس بعيدًا عن ذلك، ولا حتى اعتقال الناشط الفلسطيني الرافض لمسلكيات السلطة نزار بنات أيضًا.

بدورها، أكّدت الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، في حينه، عدم "شرعية ملاحقة واعتقال أي مواطنٍ فلسطينيّ يُعبّر عن رفضه سياساتِ ومسلكياتِ ونهجَ السلطة، أو أيّةِ مظاهرَ فسادٍ فيها، بالتظاهر أو الاحتجاج أو الكتابة أو الصوت أو أية وسيلة مشروعة".

ودعت الجبهة "قيادة السلطة إلى الكفّ عن التعامل بقانون شريعة الغاب والتطاول على أبناء شعبنا، في المقدمة منهم المناهضين للفساد، بدلاً من الالتزام بروح القانون الفلسطيني".

يُشار إلى الفنان عبد الرحمن ظاهر من نابلس، ممثل ومخرج وفي رصيده أكثر من 20 عملاً فنيًا، وتشهد له الساحة الفلسطينيّة بذلك، ولعلّ أشهر أعماله مسلسل "فنجان البلد" الكوميدي الذي أخرجه وشارك في بطولته.