Menu

مع اقتراب الانتخابات الأمريكية: عين تل أبيب على الفرص المهدورة مع الديمقراطيين

بوابة الهدف - أحمد مصطفى جابر

مع اقتراب الانتخابات الأمريكية (بعد شهرين، يوم الثلاثاء 3 تشرين ثاني/نوفمبر) ومع ظلال الشك حول إمكانية التجديد لدونالد ترامب، تأخذ قضية العلاقات بين الكيان الصهيوني والحزب الديمقراطي أهمية متزايدة، حيث تخشى الأوساط الصهيونية من أن يتم استطراد الفتور الذي ساد في نهاية فترة أوباما، وتسبب بنيامين نتنياهو واليمين في تخريب العلاقة مع الحزب، خصوصًا بعد وضع البيض "الإسرائيلي" كله في سلة الحزب الجمهوري وجناحه الإنجيلي الأكثر تشددًا، وتعامل سياسيي الكيان مع أمريكا كدولة الحزب الواحد، ما اعتبره نقاد نتنياهو والسياسة الخارجية الصهيونية لعبًا بالنار وتهديدًا للعلاقات الاستراتيجية بين الجانبين، كون نتنياهو وجماعته تجاهلوا كليًا إمكانية رحيل الجمهوريين عن البيت الأبيض وبالتالي أن يلجأ الديمقراطيون إلى تدفيع تل أبيب ليس فقط ثمن التجاهل والإهمال بل ثمن الإهانة والاحتقار التي سادت من الجانب الصهيوني تجاه الحزب، وبالتالي من المتوقع كما تشير الدلائل مزيدًا من الهبوط في العلاقات بين الحزب والكيان، وإن كان هذا لا يمكن أن يكون قطعيًا، ولا يمكن القول إنه سيؤثر فعليًا وبشكل وازن على العلاقات بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة.

كانت إحدى الإشارات قد جاءت من المرشح الديمقراطي في مؤتمر الحزب قبل أسبوعين حيث عرض بايدن مواقف حزبه في مجالات متنوعة، بما في ذلك، بالطبع، "إسرائيل" والمنطقة.

حيث يمر الحزب الديموقراطي بتغييرات من حيث موقفه من "إسرائيل"، عنوانها أن لا مزيد من الدعم غير المشروط لسياسة الحكومة الصهيونية، وتجاوز الخوف من انتقاد السياسة الصهيونية خصوصًا تجاه الفلسطينيين، وقد شكلت خطة الضم التي تم تعليقها في الوقت نفسه شرخًا كبيرًا بين المسار الرئيسي للحزب الديمقراطي والحكومة "الإسرائيلية"، حيث دعا العديد من أعضاء الكونجرس، بمن فيهم أكبر مؤيدي الكيان، إلى منع "إسرائيل" من استخدام أموال المساعدات الأمنية لتنفيذ الضم. ففي مارس الماضي، ناشد أكثر من 60 ديمقراطيًا في الكونجرس وزير الخارجية مايك بومبيو لمنع "إسرائيل" من استخدام المعدات الأمريكية وأموال المساعدة الأمنية لتعزيز الهدم المنهجي للمنازل في المنطقة ج و القدس الشرقية.

هناك تغيير جدي في الأوساط الأكثر تأييدًا للكيان في الحزب الديمقراطي وممثليه في الكونغرس لا يمكن تجاهله لأي متابع للسياسة الأمريكية، وهو أمر يدق نواقيس الخطر في الكيان الصهيوني وكانت تصريحاتهم لافتة بعد الخطوة الإماراتية ولعل أبرزها ما قاله العضو البارز في الكونغرس عن ولاية متشيغان أنجي ليفين الذي قال بكل وضوح أنه "حان الوقت الآن لإنهاء الاحتلال"، داعيًا لإيجاد حل دبلوماسي فوري مع الفلسطينيين. أيضًا قال عضو الكونجرس براد شيرمان، وهو صديق كبير للكيان وأحد المرشحين لرئاسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، مؤخرًا إنه سيعارض استخدام "إسرائيل" لأموال المساعدات "لتخطيط وبناء منشآت دائمة في الضفة الغربية أو غزة".

وأهمية هذه التصريحات كونها تأتي من الجزء الأكثر أهمية من الحزب الديمقراطي للكيان الصهيوني فشيرمان مثلاً هو من لحم ودم المؤسسة الديمقراطية، وهو يهودي وأحد أعضاء مجلس النواب الذين تعاونوا على مر السنين بشكل مكثف مع AIPAC. عندما يقول إنه يعارض استخدام أموال المساعدات لما هو في الواقع محاولة لإثبات الحقائق على الأرض يضطر الجميع للاستماع إليه.

وكما هو معروف تم وضع خطة الضم على الرف حاليًا على الأقل وحتى يتبين أبيض وأسود الإدارة الأمريكية القادمة، وبدلاً من ذلك – وليس بشرطه كما يزعم ابن زايد - انطلق التطبيع مع الإمارات، ولكن ذلك لم يزل الضرر الذي ألحقته خطة الضم بالثقة بين الحزب الديمقراطي والحكومة "الإسرائيلية".

والوضع الآن متشابه لدى الجانبين، فبينما تواجه الولايات المتحدة الآن حملة انتخابية غير محسومة النتائج ومتناقض التوقعات، تعاني "إسرائيل" أيضًا من عدم الاستقرار السياسي وأزمة كبيرة في استقرار الحكومة، وقلق بشأن الميزانية وانتقادات للجيش وكلها تحت مظلة أزمة كورونا، يبدو أن التحدي المتمثل في استعادة علاقات الحكومة "الإسرائيلية" مع الجمهور الديمقراطي، بما في ذلك معظم الجمهور اليهودي في الولايات المتحدة، لا يزال ماثلاً أمامهم، وهو تحد يأخذ عدة سيناريوهات الأول ديمقراطيون في واشنطن ونتنياهو في الكيان، والثاني استمرار ترامب ونتنياهو معًا، أو الديمقراطيون في أمريكا والإطاحة بنتنياهو، وهي كلها سيناريوهات تفرض عديدة من التحديات، وبالتالي يرى نقاد الحكومة الصهيونية أنها مضطرة بالمعنى الاستراتيجي وليس بمعنى المصالح الحزبية الضيقة إلى الحصول على قيادة جديدة، تدرك مخاوف أنصار الكيان حول العالم وخصوصًا في الولايات المتحدة وتقوم بتحرّك سياسي ليس بشكل استعراض صاخب مع الإمارات ولكن مع الجيران الفلسطينيين قبل كل شيء.

ويرى المتبعون للشأن الأمريكي أن الحزب الديمقراطي لا يصبح أكثر تنوعًا وتعددية فقط من حيث وجهات نظر مؤيديه وممثليه المنتخبين، ولكن أيضا أكثر حزمًا في مطالبه من "إسرائيل"، فلم يعد هناك بيان ضعيف حول "دولتين" إلى جانب موقف ضد حق الحكومة "الإسرائيلية" في كل شيء تقريبًا، بل مؤيد "لإسرائيل" لا يخشى انتقاد سياسة توسيع المستوطنات وهدم المنازل الفلسطينية. والثابت على الأقل أن الحزب الديمقراطي أصبح أقل تسامحًا مع السياسة "الإسرائيلية" في الضفة الغربية.