عقدت ندوة الشهيد غسان كنفاني ، التي تنظمها "بوابة الهدف الإخباريّة" بصورةٍ دوريّةٍ، لقاءً جديدًا ناقش قضية "وصم المؤسّسات الست بالإرهاب: حربٌ ممنهجةٌ ضد الشعب الفلسطيني".
واستضافت الندوة التي عُقدت عبر برنامج "الزووم"، الأستاذة مارغريت الراعي من اتحاد لجان المرأة الفلسطينيّة، والأستاذ جميل سرحان نائب مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الانسان في قطاع غزّة، والأستاذ يوسف حبش صحفي فلسطيني مقيم في فرنسا، وناشط اجتماعي وسياسي، وعضو المجلس الدولي للمنتدى الاجتماعي العالمي، وعضو مجلس إدارة الشبكة الأورومتوسطية الفرنسية، فيما أدار الندوة الصحفي أحمد بدير من بوابة الهدف.
وفي بداية الندوة، قالت مارغريت الراعي، إنّ "اتحاد لجان المرأة الفلسطينيّة ليس مركزًا نسويًا أو مؤسّسة نشأت في سياق احتياجات النساء الفلسطينيّات فقط، لكنّه اتحاد له تاريخ عريق، ومنذ عام 1980 ونحن نعمل على الأرض بشكلٍ واسع وشمولي ونعمل مع النساء الفلسطينيات من خلال تلبية كافة احتياجاتهن فيما يتعلق بقضايانا النسوية الأساسيّة وعملية النضال للتحرّر من الاحتلال، بالإضافة إلى مساعدة النساء الفلسطينيّات في الحصول على حقوقهن في كافة المجالات الاقتصاديّة والثقافيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، والاتحاد مكوّن أساسي من مكونات المجتمع الفلسطيني التي تُناضل جميعها من أجل التخلّص من الاحتلال الصهيوني".
وحول قرار الاحتلال، بيّنت مارغريت، أنّ "الاحتلال يعتبر كل ما هو فلسطيني مصنّف بالإرهاب أي لا ينتظر الاحتلال سلوك أو فعل أبو مبرر لصناعة اتهام مفبّرك وجاهز ليتهم فيه مكونات الشعب الفلسطيني سواء أفراد أو جماعات، وهذا القرار ننظر إليه باعتباره قرارًا باطلاً ولا نعترف بالاحتلال وبما ينتج عنه، وهذا القرار جاء ليقول أنّه لا يمكن أن يكون هناك وطنًا حرًا للمرأة الفلسطينيّة، ونحن نقول أنّ هذا باطل ومرفوض وأنّه من حق المرأة الفلسطينيّة كباقي نساء العالم أن يكون لها وطنًا تعيش فيه بشكلٍ آمن وكريم وهذا أبسط حقوق نساء العالم".
ولفتت مارغريت إلى أنّ "القرار له تداعيات، وكل شيء له علاقة بعضوية أو اسم أو مكان أو أشخاص هو معرّض اليوم للمساءلة والمُحاسبة وفق فهم الاحتلال الصهيوني، وقانونيًا من وجهة نظر الاحتلال تصبح كل امرأة تعمل في هذا الاتحاد أو تستفيد منه أو أي موظف هو معرّض للاعتقال وكل مكان يمارس فيه الاتحاد عمله هو معرض للمصادرة إلى جانب كل الأموال التي يتعامل فيها الاتحاد، وكل الممولين سيصبح عليهم علامة سؤال وسيمنعون من التعامل مع اتحاد لجان المرأة الفلسطينية".
وأشارت مارغريت، إلى أنّ "ما يجري ليس عملية محاصرة مالية فقط بل محاولة لاجتثاث اتحاد لجان المرأة الفلسطينيّة من حاضنته النسوية والفلسطينيّة، وهذا له معاني خطيرة جدًا بالمعنى النضالي والنسوي، أي لا يريدون بأي شكلٍ من الأشكال أن تكون المرأة الفلسطينيّة واعية وتعرف كامل حقوقها، ويخشونها دومًا لأنّها أساس في عملية بناء دولتنا الفلسطينيّة، وهذا بالنسبة لفهمهم الفاشي والصهيوني واللاإنساني مرفوض وممنوع".
وتاليًا تحدّث جميل سرحان، إذ أكَّد أنّه "وبنظرةٍ مباشرة نرى أنّ قوات الاحتلال دائمًا تستهدف كل شيء فلسطيني، وإذا لاحظنا جيدًا سنجد أنّ هناك استهداف لكل القطاعات المدنية واستهداف لكل مكونات الشعب الفلسطيني التي تُعتبر مؤسّسات المجتمع المدني الفلسطيني جزءًا هامًا منها، بل أثبت الواقع أنّ هذه المؤسّسات نموذج يحتذي به وأنّها قادرة على تشكيل رؤية واضحة ولها أهداف محددة وتقدّم كل جهد من أجل خدمة أبناء شعبنا، وجميع المؤسسات المستهدفة هي مسجلة وفق القانون الفلسطيني وتقدّم تقاريرها بشكلٍ واضح للجهات المختصة ولها عناوينها المعروفة وعملها المعروف، ولا يمكن لأي أحد أن يدّعي بأن هناك شيء مخفي ولا يوجد أي مشكلة قانونية لدى أيٍ من هذه المؤسسات المستهدفة".
وأكَّد سرحان أنّ "قرار الاحتلال يعتبر انتهاكًا لحق السلطة الفلسطينيّة وتدخلاً في شؤونها، لكن يجب أن نؤكّد على هذه الإجراءات التي يمارسها الاحتلال على المؤسسات والأفراد بالرغم من وجود هذه السلطة العاجزة عن أداء مهامها".
ولفت سرحان إلى أنّه "من حيث المبدأ فإنّ هذه المؤسسات تؤدي مهامها وفق القانون وبشكلٍ علني، ولسنا في مقام الدفاع عنها أو عن أدائها أو عن رسالتها الواضحة للعموم، لذلك هذا الإجراء الذي قام به الاحتلال هو إجراء باطل، ونحن كمؤسساتٍ حقوقيّة أعلنّا أننا سنواصل عملنا مع هذه المؤسّسات المستهدفة وسنتحدى قرار الاحتلال لأنّها مؤسّسات فلسطينيّة بامتياز وتخدم أبناء شعبنا منذ عشرات السنين".
وشدّد سرحان على أنّ "الادّعاءات التي تسوقها قوات الاحتلال باطلة، ونحن نلتقي مع كل جهات المجتمع ونعمل مع كل المؤسّسات بشكلٍ طبيعي جدًا في إطار الأنشطة المعلنة ولا يوجد لأي مؤسّسة من المؤسّسات الست إطلاقًا أي علاقة مالية مع أي جهة كانت إلا في إطار تنفيذ أنشطتها مع الجهات الطبيعيّة المعلنة والمختصة بتنفيذ الأنشطة، ونستخلص أنّ الهدف من قرار الاحتلال هو استهداف رسالة وأهداف وأنشطة هذه المؤسسات، لكننا سنواجه هذا القرار وستولد مؤسّسات أخرى لمُواجهة هذا القرار وأي قرارات مستقبليّة".
من جهته، أشار يوسف حبش إلى أنّ "قرار الاحتلال بحق المؤسسات لم يكن صادمًا على الجاليات الفلسطينيّة والمؤسّسات الأوروبيّة والدوليّة التي تعمل مع فلسطين، لأنّه لو عدنا إلى التاريخ سنعرف ما هو واقع السياسة الإسرائيليّة تجاه مؤسّسات المجتمع المدني على مدار السنوات الماضية"، مُبينًا أنّه "وبالحديث عن دور الجاليات والسفارات والبعثات الدبلوماسية الفلسطينيّة في الخارج لن نجد التفاعل المطلوب، وأيضًا إذا ركّزنا جيدًا سنجد أنّ المجتمع المدني الفلسطيني مستهدف من الاحتلال ومن المجتمع الفلسطيني نفسه وهناك العديد من النقاط والقضايا التي يتم طرحها حول التمويل ومصادره، أي لا ينظر الجميع للمجتمع المدني في نفس البوتقة والسياق، لكن الاحتلال جاء وأشار بوضوح إلى مجموعة مؤسّسات ووصمها بالإرهاب لأنّه يرى أن ما تقدمه للشارع والمجتمع الفلسطيني خطير، إلى جانب دورها الدولي في فضح جرائم الاحتلال، وهناك العديد من المؤسّسات التي يسعى الاحتلال للهجوم عليها، وإذا لم نقف اليوم بشكلٍ موحّد لصد هذه الهجمة فهناك مؤسّسات أخرى ستطالها هذه الهجمة مستقبلاً".
وأكَّد حبش أنّه "لغاية اللحظة لم نرى أي حشد حقيقي أمام مكتب الأمم المتحدة لرفض هذه الإجراءات بالتزامن في الداخل الفلسطيني والخارج لإيصال موقفٍ حقيقي وتسويقه بشكلٍ ناجع في كل دول العالم وخاصّة الدول الصديقة للمؤسّسات الست"، لافتًا إلى أنّه "كان من الضروري أنّ تقوم كل مؤسّسات المجتمع المدني الفلسطيني وفور إصدار الاحتلال لهذا القرار بالدخول في إضرابٍس شامل عن العمل في الضفة وغزّة والذهاب للاحتجاج لدى الاتحاد الأوروبي الذي وفّر من خلال (القرار الخاص بسياسات التوقيع على التمويل الخاص) أرضية لدولة الاحتلال لاتخاذ مثل هذا القرار الخطير، أي كان يجب أن يكون هناك ردود أقوى فلسطينيًا".
وشدّد حبش على "ضرورة تشكيل إطار موحّد يحمل رسالة واضحة للمجتمع الدولي برفض هذا القرار، وبإمكان السلطة الفلسطينيّة وكل امتداداتها في الخارج من سفارات وبعثات دبلوماسيّة أن تلعب دورًا رئيسيًا في هذا الإطار، وضرورة أن يكون هناك عملاً جديًا وممنهجًا، وكما يعمل الاحتلال بشكلٍ ممنهج ضد المؤسّسات الفلسطينيّة فيجب أن تكون ردود الأفعال مدروسة وممنهجة ووفق استراتيجيّة واضحة"، مُشيرًا إلى "ضرورة توحيد صوت المجتمع المدني في أوروبا الذي يأخذ تمويله أيضًا من الاتحاد الأوروبي من أجل تنفيذ برامج وأنشطة مختلفة في فلسطين، وإذا تم وقف هذه البرامج ستتضرّر هذه المؤسسات الأوروبيّة أيضًا كما يحصل مع المؤسّسات الفلسطينيّة، والتعدي اليوم ليس على المجتمع المدني الفلسطيني بل على كل أجسام المجتمع الفلسطيني وعلى المشروع الوطني بأكمله، لذلك من الضروري توحيد مؤسّسات المجتمع الدولي في إطار مؤتمر أو لقاء من خلال تحديد موعدٍ قريبٍ في احدى المدن الأوروبيّة ويتم دعوة كل المؤسّسات الأوروبيّة التي تعمل مع مؤسّسات المجتمع الفلسطيني ووضعهم أمام مسؤولياتهم ليضغطوا على دولهم وعلى الاتحاد الأوروبي ودولة الاحتلال لوقف هذا القرار".
وناقشت الندوة بمُشاركة ضيوفها العديد من المحاور الهامة تحت العنوان الذي حمله اللقاء، تتابعونها في الفيديو المُرفق للندوة: