تأسست منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1964، بدعم من الرئيس الخالد جمال عبد الناصر، وعبر مؤتمر شعبي عقد في القدس ، بالطبع بعض الدول العربية قاطعت هذا المؤتمر لرفضها فكرة تأسيس المنظمة، وعلى رأس هذه الدول كانت السعودية، وبعد أقل من ستة أشهر من تأسيس المنظمة تأسست حركة فتح بدعم من السعودية، وهذا يدفعنا للتساؤل: هل كان تأسيس حركة فتح بدعم من السعودية هو بمثابة الرد السعودي على تأسيس المنظمة بدعم من عبد الناصر؟ فالذي يؤكد هذه الشكوك أن معظم قادة حركة فتح كانوا من الشباب الفلسطيني المقيم في دول الخليج.
نعود إلى منظمة التحرير الفلسطينية، كان الهدف الأول والرئيسي من وراء تأسيس المنظمة هو إعادة إحياء الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني، بعد أن جرى تغييبها على مدى عقدين من الزمان، وجميعنا يعلم أنه بعد النكبة، قام القائد الفلسطيني الحاج أمين الحسيني بتشكيل حكومة عموم فلسطين في غزة، بقيادة أحمد حلمي عبد الباقي، إلا أن هذه الحكومة قوبلت بالرفض من النظام العربي وتم وأدها في مهدها، لتدخل القضية الفلسطينية في عهد الوصاية وتغييب الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني، واستمر الحال إلى أن ظهرت منظمة التحرير الفلسطينية، وكما قلنا سابقا أن فكرة تأسيس المنظمة جوبهت بالرفض المطلق من بعض النظام العربي كالسعودية مثلا، وبعض النظام العربي كانت موافقته مشروطة بمحدودية التمثيل للمنظمة، وقلنا بأن حركة فتح تأسست بعد ستة أشهر من تأسيس المنظمة، وكان تأسيس الحركة مدعوما من السعودية. بعد هزيمة 67 واستقالة الشقيري استطاعت أو تمكنت حركة فتح من السيطرة على منظمة التحرير الفلسطينية، لتبدأ مسيرة حرف المنظمة عن الأهداف والمبادئ التي تأسست من أجلها، فكانت أولى خطوات الحرف في عام 1968 وتتمثل بتغيير الميثاق القومى إلى الوطني، في خطوة تهدف لعزل القضية عن بعدها القومي، ثم طرح البرنامج المرحلي في عام 1972 ليتم تبنيه رسميا في عام 1974، ويعتبر البرنامج المرحلي الوثيقة الأولى التى يتم بها حرف الميثاق والتخلي عن أراضي 1948، لتنتهي المنظمة في أوسلو والاعتراف بالكيان الصهيوني والتخلي الرسمي عبر هذا الاعتراف عن اراضي 1948، وتقسيم الشعب الفلسطيني وتقزيم المشروع الوطني عبر إلغاء الميثاق. هنا نطرح السؤال: هل ما يسمى بمنظمة التحرير الفلسطينية اليوم تمت بصلة لمنظمة التحرير التى تأسست في عام 1964؟
يقال بأن أحد المصانع تأسس لصناعة الطائرات، ومع الزمن تحول، لتعليب وإنتاج رب البندورة، فهل هناك علاقة تربط بين رب البندورة وصناعة الطائرات؟
في الأصل منظمة التحرير الفلسطينية كانت الفكرة، والفكرة لا تموت، فإذا كانت منظمة التحرير الفلسطينية كمؤسسة قد ماتت، فإن شعبنا الفلسطيني قادر على تشكيل وتأسيس مؤسسة أخرى قادرة على تحقيق الفكرة، من هنا يصبح لزاما على القوى الحية في شعبنا الفلسطيني العمل وبكل جدية على تشكيل هذه المؤسسة، والكف عن محاولات إحياء العظام وهي رميم. وهنا نستذكر القائد الخالد قمر الشهداء، الشهيد أبو علي مصطفي ومقولته الشهيرة – لا قدسية لمنظمة التحرير إلا بقدر ما تقربنا من هدف التحرير -.