Menu

ترشح الفلسطينيين لانتخابات بلدية الاحتلال: وقاحة ومصالح بحجة "المقاومة والصمود"!

من المؤتمر الصحفي الذي تم رشقه بـ "البيض" للمرشحين الثلاثة - وكالات

خاص بوابة الهدف - القدس المحتلة

على الرغم من الإجماع الفلسطيني الرافض للمشاركة في انتخابات بلدية القدس الاحتلاليّة؛ إلّا أن البعض حاولوا فضّ هذه المقاطعة من خلال ترشحهم لها، بدعوى أهمية السيطرة على البلدية التي تديرها سلطات الاحتلال، وتنكّل بشكلٍ مستمر، من خلالها، بالمقدسيين.

وترشّح الشبان عزيز أبو سارة وعايدة قليبو وحبيب أبو ارميلة، قبل أيامٍ لانتخابات بلدية الاحتلال المقرر أن تجري في 30 من أكتوبر المقبل، في سابقة خطيرة، رغم المقاطعة الفلسطينية، سواء بالتصويت أو الترشح.

وفي ردٍ على هذه الخطوة الاستفزازية، رشق مجموعة من المقدسيين المرشحين الثلاثة بـ "البيض" أثناء مؤتمرٍ صحفي عقدوه أمام مقرّ بلدية الاحتلال في القدس المحتلة، يوم الخميس الماضي، وقد تخلل ذلك هتافاتٍ مضادة للتطبيع مع العدو بمختلف أشكاله.

وكان مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين، أصدر في شهر تموز/يوليو الماضي، فتوىً تحرّم المشاركة في انتخابات بلدية الاحتلال، مشيرًا إلى أن "المفاسد المترتبة على المشاركة كبيرة وعظيمة، إذا ما قورنت بالمصالح المستجلبة".

القوى الوطنية والهيئات والمؤسسات والمرجعيات الدينية المقدسية، بدورها، أكدت على رفضها المطلق للمشاركة في هذه الانتخابات، كونها تعطي الاحتلال شرعية لوجوده في المدينة المقدسة.

ولا تنقطع هذه المشاركة عن دعمٍ للاحتلال وتشريعٍ له، ولسياساته، ما يؤدي إلى دعم مواصلة سياسة التطهير العرقي التي ينتهجها بحق المقدسيين، وما يقوم به من أسرلة وتهويد وتغيير لمعالم المدينة وسياسة الضم والتوسع الاستيطانية.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات أن المشاركة في الانتخابات "الإسرائيلية" تعني اعترافا سياسيًا بضم شرق المدينة إلى كيان الاحتلال، وهو الأمر المرفوض فلسطينياً وعربياً ودولياً. كما أنه يعتبر "تساوقًا تأييدًا للقرار الأميركي القاضي باعتراف ضم شرق القدس ونقل السفارة الأميركية إلى المدينة، في ظل مواصلة الاحتلال مخالفة القرارات والمبادئ المفاهيم الدولية والإنسانية بحق المدينة المقدسة".

وقال عبيدات في حديثه مع "بوابة الهدف"، إنّ "التذرع بخوض الانتخابات والمشاركة فيها انتخاباً وترشيحاً، تحت حجج وذرائع تحصيل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والخدماتية للمواطنين المقدسيين محض افتراء وخيال، ويمكن تحصيلها فقط من خلال خوض نضال مطلبي ضد بلدية الاحتلال عبر تشكيل لجان خاصة في تحقيق المطالب".

ولفت إلى أن 1% من المقدسيين يترشحون لهذه الانتخابات، مبينًا أن الاحتلال يحاول اختطاف وعي الفلسطينيين وتضليلهم، إضافةً إلى "وجود جزء آخر من المرشحين من له مصالح اقتصادية ومادية"، معتبرًا الأمر "يتطلب مسؤولية كبيرة في العمل على جعلهم يستعيدون وعيهم ومنطلقاتهم الفكرية والثقافية، وتحصينهم ضد تسلل الأوهام إلى عقولهم".

ويشكل الفلسطينيون في القدس المحتلة، ما نسبته 37%، من سكان المدينة، وكان الآلاف من السكان غادروا جراء سياسات بلدية الاحتلال المتعددة، والتي تواصل مساعيها لتهويد المدينة وفصلها عن طابعها العربي.

وتتعدد سياسات بلدية الاحتلال في خنق المقدسيين، ومنها رفع نسبة الضرائب ضدهم، وعدم توفير ميزانيات لأحيائهم ومنع دعم العمليتين التعليمية والصحية، لأهداف إفراغ المدينة من سكانها الأصليين وتشريع الباب أمام السياسات الاحتلالية الرامية لإنهاء الوجود الفلسطيني فيها.

وتشهد أكوام النفايات المنتشرة في الأحياء العربية، والبنى التحتية المهترئة، وتدني نسبة مخططات البناء لتلك الأحياء، ومحدودية رخص البناء الممنوحة للمقدسيين، والشوارع الغير معبدة، على حجم الإهمال في تقديم الخدمات البلدية للفلسطينيين.

الكاتب والناشط المجتمعي إسماعيل المسلماني ، بدوره، قال إن "البعض يعتقد أن مشاركتهم ستحل مشاكل القدس، ولكن لدينا نموذج مناطق فلسطينيو الداخل المحتل، على الرغم من رئاستهم لمجالسهم البلدية إلا أنهم لا يتلقون سوى فتات الفتات من سلطات الاحتلال لدعم مناطقهم العربية".

ورأى المسلماني في حديثه مع "بوابة الهدف"، أن المشاركة في انتخابات بلدية الاحتلال يعني اعترافًا ضمنيًا بالقبول والتعايش مع المستوطنين، وغض الطرف عن عمليات الهدم والمنع والاعتقال التي تمارسها سلطات الاحتلال بحق المقدسيين، وتغيير وشطب حق الفلسطينيين في أن تكون القدس عاصمة لهم.

والمرشحين الثلاثة لانتخابات بلدية الاحتلال هم؛ عايدة قليبو (22 عاماً)، خريجةُ قسم حقوق الإنسان من “جامعة القدس”، وحبيب أبو ارميلة (في أواخر الثلاثينيات)، وهو مقدسيّ هدمت بلدية الاحتلال بيته!

وفي رؤيتهم للترشح أنها تهدف إلى ”وقف الاستيطان وهدم البيوت والحفاظ على هويّة القدس العربيّة”، بالدخول إلى “مجلس” بلدية الاحتلال.

وشهد المؤتمر الصحفي يوم الخميس، غيابًا للصحفيين، عدا الصّحافة العبرية. وقد تم عقده أمام بلدية الاحتلال وفي شارع يافا، الأمر الذي استهجنه آخرين أيضًا، وقالوا إنه "يتناقض مع وصف القائمة بأنها فلسطينية تحمل هموم الفلسطينيين، فلماذا لا تُعلِن عن نفسها في باب العامود في أوساط هؤلاء الذين تدّعي تمثيلهم، مثلاً؟".

وفي هذا السياق، يرى الباحث السياسي رازي النابلسي، أنّ "ترشح قائمة عربية لرئاسة بلدية الاحتلال بالقدس، رغم رفعها شعاراتٍ وطنية، إلّا أنها تخوض انتخابات بلدية (احتلال)، وتدّعي شعارات المقاومة والصمود في ذات الوقت".

ويضيف النابلسي، إنّ "هذه القائمة تصبغ الترشح بلونٍ سياسي، ما يفرّغ صمود المقدسيين وقضية القدس المحتلة من مضمونها، كما يميّع ويفرّغ كلمة المقاومة والنضال من جوهرها".

وترى الأغلبية من الفلسطينيين في القدس في نفسها جزءا لا يتجزأ من الشعب والهوية الفلسطينية. كما يرون أنّ "المشاركة في الانتخابات هي جزء من الاحتواء "الإسرائيلي" للمقدسيين وقبولهم لتطبيق القانون الاحتلال العنصري عليها".

ولا يزال من يحارب هوية الفلسطينيين ويحاول أن ينسلخ عن اتفاقهم، رغم الحرب المفتوحة والمستمرة التي يشنها الاحتلال بكل أجهزته ومستوياته ولجانه ومؤسساته على الفلسطينيين في مدينة القدس عبر سلسلة طويلة من الإجراءات والممارسات، إضافة إلى العقوبات الجماعية وسن المزيد من القوانين والتشريعات العنصرية الهادفة لتهويد الأرض وصهينة السكّان.