Menu

مؤتمر "مسارات" يناقش مسارات القضية الفلسطينية المستقبلية وإستراتيجيات التغيير

رام الله_ بوابة الهدف

ناقش مشاركون في المؤتمر السنوي الثامن لمركز مسارات التحديات والمخاطر التي تواجه الحركة الوطنية ومنظمة التحرير، والواقع الصهيوني وانعكاساته على القضية الفلسطينية، ومقاربات إنهاء الانقسام، ومستقبل غزة في ضوء التحديات الراهنة، إضافة إلى طرح مبادرة "الخلاص الوطني" لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، وذلك بحضور أكثر من 500 شخصية من السياسيين والأكاديميين والباحثين، وممثلي الفصائل والقوى والمجتمع المدني والمرأة والشباب، في قاعتي الهلال الأحمر الفلسطيني في البيرة وغزة، عبر تقنية الاتصال المرئي "الفيديو كونفرنس".

ويشتمل المؤتمر على مجموعة من الأوراق السياساتية المرجعية التي أعدّها باحثون ذوو خبرة في الدراسات المستقبلية والإستراتيجية، إضافة إلى أوراق إستراتيجية تعكس رؤى شبابية لذات المحاور التي تتناولها الأوراق المرجعية، أعدّها باحثون شباب من أعضاء منتدى الشباب الفلسطيني للسياسات والتفكير الإستراتيجي الذي يشرف عليه مركز مسارات.

وقال هاني المصري مدير المركز إن المؤتمر يسعى لتحديد الاتجاهات المستقبلية لكل من المخاطر والتحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني وأرضه وقضيته الوطنية على المدى القريب، والنتائج التي قد تترتب عليها، وكذلك اتجاهات تطور البنى المؤسسية لمنظمة التحرير والسلطة ومكونات الحركة الوطنية الفلسطينية، واقتراح سياسات التدخل المطلوبة للتأثير على هذه المسارات لدرء المخاطر وتحويل التحديات إلى فرص تدعم تحقيق الخيارات الفلسطينية المفضلة.

وأشار إلى أن الورقة المفاهيمية للمؤتمر حددت أربعةَ سيناريوهات، وهي سيناريو  بقاء الوضع الراهن، وهو غير مرجح في ضوء المتغيرات المحلية والإسرائيلية والعربية والإقليمية والدولية؛ وسيناريو العودة إلى أوهام إمكانية تحقيق التسوية، وهو سيناريو مستبعد، لأن الظروف والعوامل التي أدت إلى تقدم هذا السيناريو بالماضي، إمّا أنَّها تغيّرت بالكامل، أو في طريقها للتغير؛ وسيناريو فرض حلول أحادية بالقوة، وفرضُ الحقائق على الأرض، وهو سيناريو محتمل، بل بدأَ فعليًا بالتطبيق؛ وسيناريو الخلاص الوطني، وهو السيناريو المفضل وبمقدورنا أن نجعله ممكنًا، وذلك بالاستناد إلى عناصر القوة والضعف، والتحديات والفرص لدى أطراف الصراع.

وأضاف: إن ما يميزُ المؤتمر هذا العام أنّه وفّرَ مِنصَّةً للشباب، إذ شارك الشباب في إعداد الأوراق حول مختلف محاور المؤتمر وفي تقديم المداخلات الرئيسيّة، وهذا الأمر أصبح ممكنًا بعد أن أولى المركز اهتمامًا خاصًا بالشباب بوصفهم أصحابَ الطاقةِ والكفاءةِ والإبداعِ وأملَ المستقبل.

من جانبه، قال العكر إن الأزمة الداخلية الفلسطينية تعاني من أعراض عدة، ومنها: فقدان الحركة الوطنية الفلسطينية بوصلتها كحركة تحرر وطني؛ والخلل المتزايد في بنية الجسم القيادي للحركة الوطنية والنظام السياسي، المتمثل في تعطل الوسائل والآليات الديمقراطية في اتخاذ القرار، وغياب ثقافة المساءلة؛ وكذلك تهميش مكانة ودور منظمة التحرير، إضافة إلى الانقسام المدمر بين حركتي فتح وحماس، وخطر تحوله إلى انفصال ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

وأشار إلى أن أي خطة إنقاذ واستنهاض وطني لإسقاط صفقة القرن، لا بد أن تعالج أعراض الأزمة الداخلية الفلسطينية، وذلك من خلال اتخاذ خطوات عملية، وعلى رأسها أن يقوم الرئيس محمود بتوجيه دعوة لانعقاد لجنة تفعيل المنظمة كأول خطوة على طريق إنهاء الانقسام استنادًا لقرارات المصالحة وارتكازًا على مبدأ المشاركة، والدعوة إلى إصدار مرسوم رئاسي بمواعيد محددة لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، إضافة إلى الدعوة لمؤتمر وطني عاجل خارج الأرض المحتلة يضم مائة شخصية وطنية من أجل وضع الخطوط لإستراتيجية جديدة للعمل الوطني.

وأضاف: أنه من دون خطوات عملية لن تكون هناك ترجمة على أرض الواقع للموقف الرافض لـ"صفقة القرن"، وكذلك لن تكون هناك جدية لأي حديث عن انتخابات قادمة، موضحًا أنه إزاء أي مزيد من التلكؤ في اتخاذ خطوات لإنهاء الانقسام يجب ألا يتردد الشعب في النزول إلى الشارع للتعبير عن إرادته، والضغط من أجل إنهاء الانقسام.

بدوره تطرق شعث إلى القضية الفلسطينية و"صفقة القرن"، إذ قال إن صفقة القرن لن تنجح بأي مقياس من المقاييس، وهذا لا يعني التقليل من خطورة ترامب والصهاينة، مشيرًا إلى أنه لم تعلن أي دولة في العالم رسميًا تأييد الصفقة، وموضحًا أن أغلبية الدول العربية لم تذهب إلى ورشة البحرين ، ومن ذهب شارك على مستوى تمثيل متدنٍ، وأن روسيا والصين قاطعوا الورشة وأعلنوا موقفهم الواضح الرافض تمامًا من "صفقة القرن"، أما الموقف الأوروبي فهو متردد، لكنه مع الحقوق الفلسطينية، ومنوهًا إلى أننا نواجه مؤامرة كبرى، لكنه متفائل في مواجهتها، في ظل صمود الشعب وتوحده لمواجهة "صفقة القرن".

وتطرق شعث إلى أن "صفقة القرن" مشروع يثبت الهيمنة الإسرائيلية الأمنية والاقتصادية الكاملة على أرض الضفة الغربية، وينسف فكرة الدولة الفلسطينية المستقلةـ ويثبت هيمنة إسرائيل على كامل التراب الفلسطيني، ويرفض مناقشة قضية اللاجئين والتفاوض حولها باعتبار أنّ اللاجئين الآن لا يزيد عددهم على 42 ألف، إضافة إلى أن الصفقة تؤيد ضم الجزء الأكبر من الضفة لإسرائيل، وتعطي القدس كاملة لتصبح العاصمة الموحدة لإسرائيل وللشعب اليهودي في العالم.

وأشار شعث إلى أن مشروع ترامب يلغي عمليًا عناصر التفاوض المتفق عليه في اتفاق أوسلو للحل النهائي، وهي الحدود والقدس والاستيطان والأمن واللاجئين، موضحًا أن التفاوض المحكوم بالمشروع الأميركي سيكون حول الحكم الذاتي والقضايا الاقتصادية.

الجلسة الأولى: الحركة الوطنية ومنظمة التحرير

في الجلسة الأولى التي أدارها كل من: صالح أبو أصبع، رئيس جامعة الاستقلال، والكاتب هاني حبيب، تحدث فيها ناصر القدوة، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عن منظمة التحرير: الواقع والمخاطر والآفاق، كما عرضت فيها ورقة حول مستقبل الحركة الوطنية الفلسطينية، وإعادة بناء الحقل الوطني في ظل المخاطر المحدقة بالشعب وقضيته، من إعداد: حمدي "علي حسين"، أشرف بدر، عايدة الحجار، عبد الجبار الحروب، ضحى حمامدة، المقداد جميل.

وقال القدوة إن منظمة التحرير هي الإنجاز الرئيسي للشعب الفلسطيني والحركة الوطنية الفلسطينية، وهي البيت الفلسطيني الجامع الذي يعبر عن الكيانية الفلسطينية، ويتولى التمثيل الفلسطيني والقرار السياسي الوطني، مشيرًا إلى أن المنظمة لعبت دورًا كبيرًا في قيادة النضال وتعبئة الشعب الفلسطيني، وتسويق القضية الفلسطينية، والعمل السياسي والديبلوماسي.

وتطرق القدوة إلى عقد المجلس الوطني في العام 2018، وما رافقه من تجاوزات وعدم التزام بالنظام الأساسي والقواعد المتبعة في عقد المجلس، إضافة إلى ما تبعه من انتخاب للمجلس المركزي واختيار اللجنة التنفيذية، موضحًا أن أسوأ شيء هو تفويض المجلس الوطني صلاحياته كاملة للمجلس المركزي، ما يهدد عمليًا بإلغاء وجود المجلس الوطني.

ودعا القدوة إلى إعادة بناء منظمة التحرير بداية بعقد مجلس وطني جديد بمشاركة الجميع، وبالتوافق على برامج العمل. وحول مسألة المجلس الوطني الجديد تساءل: هل نتحدث عن مجلس وطني جديد لمكونات المنظمة حاليًا أم بمشاركة التيار الإسلامي، موضحًا أن مشاركة التيار الإسلامي في المنظمة يتطلب توافقًا فلسطينيًا وحوارًا بين حركتي فتح وحماس يقود إلى اتفاق شامل حول الوضع في غزة والنظام السياسي بشكل عام، على أن يكون جوهر البرنامج السياسي هو الاستقلال الوطني على أراضي 67. أما في حال الفشل في ذلك، فستبقى المنظمة على التيار الوطني والديمقراطي، إضافة إلى تطويرها بمشاركة شرائح وأجيال مختلفة.

وأوضح القدوة أن المدخل للانتخابات هو إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، فعندما يكون الكل موجودًا في النظام السياسي تكون الانتخابات محتملة، أما في ظل الوضع الحالي فلا توجد انتخابات.

وأما بخصوص تمثيل فلسطينيي 48 في المنظمة، فأشار إلى أننا شعب واحد لنا هوية وثقافة واحدة، لكن هناك ما يميز كل تجمع، فهمّ الضفة والقطاع هو الاستقلال الوطني، في حين همّ فلسطينيي 48 إنجاز المساواة ومواجهة الأبارتهايد، موضحًا أننا يمكن عمل هياكل مشتركة في الجانب الثقافي.

من جانبهما عرض كل من حمامدة والحروب ورقة مستقبل الحركة الوطنية، إذ تطرقت الورقة إلى المخاطر التي تهدد القضية الفلسطينية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وإلى واقع الحركة الوطنية التي تشمل السلطة والمنظمة والفصائل والمجتمع المدني، مبينة أن المخاطر الإسرائيلية والفلسطينية الداخلية والإقليمية والدولية تهدد حقوق الشعب الفلسطيني، وترسخ فصل القضية عن العمق العربي والإسلامي، مما يزيد من ضبابية الأفق السياسي أمام السلطة الفلسطينية.

واشتملت الورقة على أربعة سيناريوهات تناولت مستقبل الحركة الوطنية، وإمكانية إحداث تغيير في البرنامج الوطني لمواجهة المخاطر المحدقة بالشعب الفلسطيني وقضيته، وهي: استمرار الوضع الراهن، وتحقيق المصالحة الوطنية، وإبرام اتفاقية مصالحة جديدة (شكلية)، إضافة إلى سيناريو انهيار السلطة.

الجلسة الثانية: مقاربات إنهاء الانقسام

في هذه الجلسة التي أدارها كل من: سيدة الأعمال ربا مسروجي، والمحامية هبة الدنف، عرض هاني المصري مبادرة الخلاص الوطني لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، فيما عرض كل من أحمد التلولي وأشرف أبو خصيوان ورقة حول مقاربات إنهاء الانقسام.

ترى المبادرة أن المدخل لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية يتمثل بعقد لقاء وطني شامل للنخب الفلسطينية من قادة فصائل العمل الوطني والمجتمعي، وكافة القطاعات الشبابية والنسوية والنقابية من مختلف أماكن تواجد الشعب الفلسطيني.

ودعت المبادرة إلى توحيد المؤسسات الوطنية عبر اتخاذ خطوات ملموسة على مستوى السلطة والمنظمة وفق الاتفاقيات الموقّعة؛ وإعادة بناء منظمة التحرير على هذه الأسس، من خلال عقد مجلس وطني توحيدي في مكان يتيح مشاركة الجميع؛ وتشكيل حكومة وحدة وطنية على أساس برنامج الحد الأدنى الوطني المشترك؛ وإيجاد مرجعية وطنية عليا للمقاومة كخطوة على طريق تشكيل جيش وطني يلتزم بإستراتيجية وطنية واحدة، وبقرارات القيادة الموحدة.

كما طالبت بإعادة النظر في شكل السلطة وطبيعتها ووظائفها والتزاماتها وموازنتها؛ وتفعيل المقاومة الشعبية في كافة تجمعات شعبنا حسب ظروفها وأوضاعها داخل الوطن وخارجه؛ والتمسك برفض العودة إلى المفاوضات الثنائية برعاية أميركية أو في سياق إقليمي أو غيره؛ والدعوة إلى تفعيل الموقف العربي على مختلف المستويات الرسمية والشعبية، لمواكبة التحركات الفلسطينية والتنسيق في المواقف، إقليميًا ودوليًا، ولقطع الطريق على الآمال الأميركية والإسرائيلية؛ وبلورة جبهة عالمية تضم كتلًا وقوى دوليةً مختلفة، والدول الشقيقة والصديقة، مثل روسيا والصين وأوروبا والدول الإسلامية والأفريقية، ودوّل أميركا اللاتينية؛ وضمان التوافق الوطني والشراكة على أساس البرنامج الوطني المشترك وتشكيل حكومة وحدة وطنية إلى حين إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية.

ورأت ورقة مقاربات إنهاء الانقسام إن بقاء الوضع الراهن، واستمرار الانقسام الفلسطيني، هو السيناريو المتوقع خلال السنوات القادمة، لعدم قدرة طرفي الانقسام على التوافق على اتفاقية الرزمة الشاملة وفقًا لاتفاق القاهرة 2011، وهو الذي دعا إلى الشراكة السياسية الكاملة بين طرفي الانقسام وتفعيل النظام السياسي ومنظمة التحرير، وأيضًا عدم مقدرة طرفي الانقسام على تنفيذ "اتفاق التمكين" وفقًا لاتفاق القاهرة 2017، وهو الذي غابت عنه فكرة الشراكة السياسية، حيث أرادت السلطة أن تتسلم قطاع غزة بالكامل دون شروط، في حين رفضت حركة حماس التخلي عن سيطرتها الأمنية عن القطاع، وهو ما أفشل الاتفاق.

وأوضحت أن عدم الوصول إلى مصالحة حقيقية بين حركتي فتح وحماس، يفتح الباب أمام الحلول الإقليمية للقضية الفلسطينية من خلال الاجتماعات واللقاءات وورشات العمل الاقتصادية، التي تهتم بتقديم الدعم الإنساني لسكان قطاع غزة، وتحويل مشكلة غزة من سياسية إلى إنسانية إغاثية، وتمكين إسرائيل من السيطرة على أنحاء الضفة الغربية، ومواصلة بناء المستوطنات، وتهديد سكانها بالضم بين الحين والآخر.

الجلسة الثالثة: إسرائيل والقضية الفلسطينية

تحدث في هذه الجلسة التي أدارها كل من وفاء عبد الرحمن، مدير مؤسسة فلسطينيات، والباحث خالد شعبان، كل من رازي نابلسي، الباحث في مركز مسارات، الذي قدم ورقة حول "إسرائيل والقضية الفلسطينية"، والباحث حمزة أبو شنب، الذي قدّم ورقة بعنوان "الإستراتيجيات الإسرائيلية للتعامل مع الفلسطينيين".

استعرض نابلسي الواقع الصهيونيّ من حيث ما تم إنجازه، وما يسعى لشرعنته، في مُحاولة لقراءة مخاطر المستقبل، التي تبدو في أقل تقدير تصفويّة وكارثية، ليس على مناطق مُحدّدة أو تجمّعات مُحدّدة، بل على القضيّة الفلسطينيّة برمّتها سياسيًا وماديًا. فإن كان الهدف في العام 1948 هو بناء دولة اليهود؛ وفي العام 1967 توسيع حدود دولة اليهود على فلسطين التاريخيّة وأجزاء من الأراضيّ العربية؛ فإننّا في العام 2019، أمام هدف أخطر يتمثّل بإتمام وتأبيد ما تم إنجازه: قوميّة يهوديّة كناظم للدولة قانونيًا؛ شرعنة الاستيطان في ما تبقّى من فلسطين التاريخيّة ضمن حدود العام 1967؛ بالإضافة إلى إنكار ومصادرة الحقوق القوميّة كليًا للشعب الفلسطينيّ برمّته، ومأسسة المعازل عبر اتفاقيّات دوليّة كصفقة القرن.

وتوقّع نابلسي ثلاثة سيناريوهات لنتائج الانتخابات الإسرائيليّة المُقبلة، وهي: فوز نتنياهو واليمين وتشكيل حكومة، من خلال حصول نتنياهو ومعسكر اليمين على 61 مقعدًا دون ليبرمان؛ وفوز نتنياهو والليكود وعدم قدرته على تشكيل حكومة؛ وفوز "أزرق- أبيض" وتشكيل حكومة يمين وسط، تجمع الحزب مع ليبرمان الذي أعلن أنه لن يُعارض الجلوس في حكومة واحدة مع تحالف "لابيد غانتس"، مع إمكانيّة دخول الليكود إلى الحكومة دون نتنياهو.

وأشار نابلسي إلى أنه في حال فوز نتنياهو، من المتوقّع أن تشهد فلسطين موجة ضم قانونيّ في الضفّة الغربية أحاديّة الجانب إسرائيليّة، ضمن صفقة أميركيّة – إسرائيليّة، خاصة أن نتنياهو سيحتاج إلى تقديم وعود ائتلافيّة لائتلاف أحزاب اليمين. أمّا في حال فوز غانتس، أو تشكيل حكومة وحدة وطنيّة، فستكون الضفّة الغربيّة أمام ذات خطر الضم، ولكن من خلال اتفاقيّة دولة ومفاوضات لن تفضي إلى تحقيق أي من الحقوق القوميّة والوطنيّة الفلسطينيّة، ولكن من المرجّح أن نكون أمام فتح مسار سياسيّ جديد، يُفضي في نهايته إلى ضم بعض الكُتل الاستيطانية.

من جانبه تناول أبو شنب الإستراتيجيات الإسرائيلية للتعامل مع الفلسطينيين، وهي: إستراتيجية الاستحواذ على الأرض واستيطانها وحصر السكان، وإستراتيجية يهودية الدولة، وإستراتيجية التفريق وترسيخ الانقسام وضرب الفلسطينيين ببعض، وإستراتيجية نزع الشرعية عن المقاومة ووصفها بالإرهاب، وإستراتيجية الحصار، إضافة إلى إستراتيجية التطبيع مع العرب أولاً.

وتطرق إلى سيناريوهات المرحلة المقبلة، وهي سيناريو التعايش، وسيناريو جولة تصعيد محدودة، وهذا مرتبط بسلوك كل من المقاومة الفلسطينية والعدو، وهو سيناريو قابل للتحقيق في حالة أدت ردود المقاومة إلى إصابات في صفوف العدو، أو تزايد الضغط الشعبي في الجنوب على الجيش للرد على المقاومة، إضافة إلى سيناريو المواجهة الواسعة، مع أنه هذا السيناريو حظوظه ضعيفة في الوقت الراهن، في ظل غياب الأهداف السياسية للعدو، وتركيزه على الجبهة الشمالية، وعدم قدرة العدو قراءة توجهات قيادة حماس، والعوامل الداخلية المرتبطة بتقرير مراقبة الدولة حول أمد المعركة وغياب النقاش داخل الحكومة حول تجنب المواجهة مع قطاع غزة.

الجلسة الرابعة: مستقبل قطاع غزة في ظل السيناريوهات المتوقعة

في هذه الجلسة التي أدارها كل من رائد نعيرات، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة النجاح، وجمال البابا، مدير مركز التخطيط في غزة، تحدث فيها كل من، عماد أبو رحمة، مستشار مركز مسارات في قطاع غزة، إضافة إلى عرض ورقة حول مستقبل القطاع في ظل التحديات الراهنة من إعداد كل من ياسر الحطاب ويحيى قاعود.

تناول أبو رحمة العوامل التي أوصلت غزة إلى حافة الانهيار، وتتمثل في الحصار الإسرائيلي، والمقاطعة الدولية، والحروب الإسرائيلية على القطاع، والانقسام الفلسطيني، وفشل جهود المصالحة، إضافة إلى فشل رهان كسر الحصار.

كما تطرق إلى سيناريوهات مستقبل غزة، وهي سيناريو الوضع الراهن، الذي يتيح لإسرائيل التحكم في التوجه الإستراتيجي للصراع، عبر تعزيز الانقسام والعمل على تحويله إلى انفصال دائم، واستكمال تنفيذ مشروع الضم التوسعي في الضفة الغربية، وفرض وقائع جديدة تقضي على فرص قيام دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة؛ وسيناريو انفصال قطاع غزة بشكل كامل عن الضفة الغربية؛ وسيناريو تمرير صفقة القرن؛ إضافة إلى سيناريو الوحدة الوطنية.

وأوصى أبو رحمة بإعطاء الأولوية لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية على أسس الشراكة الوطنية، باعتباره ذلك الخيار الأنسب للشعب الفلسطيني، إضافة إلى تعميم نموذج مسيرات العودة على كافة تجمعات الشعب الفلسطيني، كنموذج ناجح للوحدة الميدانية في التصدي للتحديات التي يواجهها شعبنا بالرغم من استمرار الانقسام، والعمل في نفس الوقت وبقوة على إنهائه، وذلك من خلال الابتعاد عن الاستثمار السياسي للمسيرات، وتشكيل قيادة وطنية للمسيرة في كل التجمعات، وتوسيع تمثيل الأطر والمنظمات الشعبية والمدنية، والمرأة والشباب فيها.

أما ورقة الحطاب وقاعود فتناولت واقع قطاع غزة، والسيناريوهات المتوقعة في ضوء الخيارات والإستراتيجيات المطروحة، إضافة إلى طرح المسارات والبدائل الفلسطينية.

وحاولت الورقة قراءة وتحليل مستقبل قطاع غزة في ضوء السيناريوهات المتوقعة، وتنطلق من واقع قطاع غزة الحالي، كجزء أساسي من أرض فلسطين، وفي ضوء الاعتداءات المستمرة على القطاع، إذ لا يوجد لدى الاحتلال ما يمنع من ضرب بنى المجتمع الفلسطيني في القطاع بحجة ضرب المقاومة الفلسطينية المسلحة، ليبقى دائم البحث عن حياة، دون ازدهار أو تحرر أو اتصال بجغرافيا الوطن. في مقابل الردع، تبقى جاهزية الخطط والإستراتيجيات الاحتلالية حاضرة للتنفيذ، وانعدامها فلسطينيًا، لا سيما في ظل الانقسام السياسي والجغرافي القائم.