Menu

بينيت صاحب نظرية "القوة وحدها تشكل الواقع" يغزو عشرين محمية فلسطينية في الضفة أكبرها محمية عين العوجا...!

نواف الزرو

بوابة الهدف الإخبارية

في الوقت الذي ينشغل الفلسطينيون في اشتباكاتهم ومعاركهم اليومية مع الاحتلال في القدس والضفة والمناطق المحتلة عام 1948 وعلى امتداد قطاع غزة، وفي الوقت الذي ينشغل فيه العرب الرسميون بشؤونهم وحروبهم الداخلية، أو بتهافتهم التطبيعي مع العدو، تنشغل "إسرائيل" في تسريع ونشر وتأبيد الاستعمار الاستيطاني الاحلالي ومنطق الجدران والحصارات والمعازل والقوة ضد الفلسطينيين، فنتنياهو أعلنها أكثر من مرة  بمنتهى التحدي على رؤوس الاشهاد: "أن القدس يهودية وتعود لهم منذ 3000 عام"، وأن البراق يهودي أيضاً رغم "تقرير لجنة شو"، ولجنة التنظيم والبناء الإسرائيلية اتخذت قراراً ببناء آلاف الوحدات الاستيطانية في مستعمرة "رمات شلومو" في إطار خطة استيطان المنطقة"E1، والمستعمرون الإرهابيون يصولون ويجولون في أنحاء الضفة، ومجندة صهيونية تمزق صدر الشاب محمد السلايمة بست رصاصات دفعة واحدة في مدينة الخليل، وصواريخ "الجيش الذي لا يقهر" تمزق أجساد 67 -سبعة وستين- طفلا فلسطينيا في العدوان الأخير على غزة، وفي الوقت الذي ينشغل فيه الجميع بعيداً عن القضية المركزية، ينشغلون هم بالمزيد من الخطط والمشروعات التهويدية والأمنية، فالذي يجري في الضفة الغربية مرعب وخطير، فهم يجتاحون الأرض ويرهبون أهلها، وبلدوزرهم لا يتوقف عن العمل أبداً، والمؤشرات الفلسطينية والإسرائيلية تتحدث عن انتفاضات-هبات-جولات حربية فلسطينية أخرى في الأفق، بينما نتابع الاحتجاجات الأوروبية، وقرارات أممية مع فلسطين، ولكنها كلها لا توقف البلدوزر، بينما نتابع على صعيد ثان الفرجة العربية أو التواطؤ العربي أو التطبيع العربي الإجرامي مع العدو وكأنه لا يجري شيء في فلسطين.. فأي عرب هؤلاء ومن فصيل دماؤهم...؟!

ويأتينا اليوم في ظل هذا المناخ رئيس الحكومة اليميني الفاشي بينيت الذي يعتبر من قادة اليهود الصهاينة المسيحانيين، الذي لا يُخفي معتقداته المُتطرِّفة جدًا والعنصريّة، أو حتى الفاشيّة، فالرجل، المولود في حيفا عام 1972 هو ابن لعائلةٍ يهوديّةٍ-أمريكيّةٍ، استقدمت نفسها إلى كيان الاحتلال خلال عدوان حزيران (يونيو) من العام 1967، لأنّ الوالد شعر بأنّ الدولة العبريّة تعيش خطرًا وجوديًا حقيقيًا، وللتدليل على مدى حقده وإجرامه يكفي في هذه العُجالة التذكير بتصريحه الشهير: "قتلتُ أنا شخصيًّا عددًا كبيرًا جدًا من العرب خلال حياتي، ولا توجد لديّ أيّ مشكلةٍ مع مُواصلة قتل العرب”، على حدّ تعبيره- رأي اليوم”2021-6-1- ترجمة زهير اندراوس-".

يكثف الكاتب الإسرائيلي شاؤول اريئيلي المشهد الاستعماري الصهيوني في الضفة، في هآرتس، مشيرا إلى أن من يسمى "نفتالي بينيت-رئيس حزب البيت اليهودي" يعتبر صاحب "الخطة- التي أطلق عليها- "الخلاصية"، ويقول: "إذا استعرنا التشبيه من ميرون بنفنستي، فهو -أي بينيت- الصبار الأبيض الجديد، وقدماه كلتاهما مغروستان في أرض الضفة المحتلة التي ليست له من جهة الملك والقانون، وهو أعمى من جهة أخلاقية عن مئات القرى الفلسطينية الموجودة في المنطقة"ب"، وتعتاش من أراضيها الموجودة في المنطقة "ج"، فهو الصبار الأبيض الجديد الذي يعرف تصورا واحداً ووحيداً ذا بعد واحد وهو: "إن القوة وحدها تشكل الواقع".

ويقول بينيت في خطته إن الميزة الأولى لها، إنه يبدو الآن أكثر مما كان دائماً، - في زعمه – أن العالم لن يعترف بسيادتنا، لكن العالم سيعتاد على ذلك على مر السنين، قد يبدو أنه هو الذي سيخلد تماماً "إسرائيل"، ويؤكد أن الميزة الثانية تتجلى بأن ضم الأراضي سينشئ "ظروفاً مستقرة على الأرض ذات بقاء لعشرات السنين في المستقبل"، فكيف، وهنا يتساءل الكاتب شاؤول، يمكن أن تتساوق هذه الدعوى مع الحقائق على الأرض، ليس هذا واضحاً، فالمنطقتان أ و ب تشملان ما لا يقل عن 43 "كتلة" فلسطينية و121 قرية فلسطينية منفصلة، فأين سيبني الفلسطينيون بيوتا لأولادهم ويطورون اقتصادهم مدة "عشرات السنين"؟ وكيف سيكون ممكناً منع الفلسطينيين من الخروج من المنطقة المبنية لقراهم في المنطقة " ب " وفلاحة أراضيهم في المنطقة "ج" التي تُضم ل"إسرائيل" من أجل "التهدئة"؟ فإذا كان بينيت يريد منع ذلك بإقامة جدار حولهم، فالحديث عن نحو من 1800 كم، أي أطول بثلاثة أضعاف من الجدار الأمني المبني الآن، الذي كلف حتى الآن 11 مليار شيكل، وإذا كان ينوي أن يجعل جنودا من الجيش الإسرائيلي وحرس الحدود يقفون بإزائهم فإن الحديث عن تجنيد عام لقوات الاحتياط، أما الميزة الثالثة و"الساحقة" لخطته كما يشهد بينيت"هي في عمليتها"، وهو يقترح "حكماً ذاتياً كاملاً مع اتصال مواصلات في المناطق تحت سيطرة السلطة الفلسطينية... بنفقة لمرة واحدة تبلغ مئات ملايين الدولارات"، ولكي تتمتع "المحابس -معسكرات الاعتقال-" الفلسطينية باتصال متناسب سيتوجب على "إسرائيل" أن تبني نحوا من 150 جسراً / نفقاً، وكي لا تشوش على الاتصال الإسرائيلي وسنضطر إلى إنشاء أكثر من مئات الحواجز والعوائق التي قطعت أوصال الضفة إلى زمن غير بعيد، وكل ذلك بكلفة إنشاء تبلغ مليارات الدولارات وصيانة سنوية تقدر بمبالغ من سبع خانات"، إلى ذلك يشير بينيت إلى قطاع غزة الذي بقي خارج الخطة لأنه "يُضم بالتدريج إلى مصر".

وفي هذا السياق وفي أحدث تطور خطير على صعيد مخططات وهجمات الاحتلال في ظل حكومة بينيت قامت سلطات الاحتلال الأربعاء /2022/5/25 بالاستيلاء على المحمية الطبيعية "عين العوجا" في أريحا، وهي أكبر محمية طبيعية فلسطينية بالضفة الغربية، حيث تمتد المحمية على مساحة 22 ألف دونم. وبحسب وسائل الإعلام العبرية، وقعت ما تسمى "الإدارة المدنية" التابعة لجيش الاحتلال في شهر نيسان/أبريل الماضي، أمرا عسكريا يقضي بوضع اليد وإعلان السيطرة على المحمية الطبيعية "عين العوجا"، وهي المحمية الطبيعية الأكبر التي تقوم سلطات الاحتلال بوضع اليد والاستيلاء عليها، وكما جاء، يقيد الإعلان والأمر الصادر عن سلطات الاحتلال الاستخدام المسموح به للأرض، كما يضع تلك المحمية الطبيعية الفلسطينية في دائرة مخططات التهويد والاستيطان.وعمدت سلطات الاحتلال على مر العقود الإعلان عن مئات الآلاف من الدونمات في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، أنها محميات طبيعية، وبدأت في فرض الحظر والتقييدات عليها وحولتها لأغراض استيطانية.

وكان أعلن بينيت الأربعاء-15/01/2020 - عن سبع مواقع في الضفة الغربية المحتلة أنها "محميات طبيعية" جديدة، وعن توسيع 12 "محمية طبيعية" أخرى في الضفة. وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن هذا أول قرار من نوعه منذ 25 عاما، وقال بيان مكتب بينيت إنه بعد تنفيذ الخطوة الإدارية، ستنتقل "المحميات الطبيعية" الجديدة إلى مسؤولية "سلطة الطبيعة والحدائق" من أجل فتحها أمام الجمهور. والمناطق التي شملها هذا المشروع الاستيطاني هي مغارة سوريك، وتعرف أيضا باسم كهف الحليمات العليا أو مغارة الشموع، القريبة من قرية بيت سوريك الفلسطينية، وادي المقلك، عند المنحدرات الشرقية لجبل الزيتون في القدس؛ وادي ملحة، في غور الأردن، مجرى نهر الأردن الجنوبي، "بترونوت" في جنوب الضفة، وادي الفارعة، وادي الأردن، شمالي الأغوار، وحسب البيان، فإنه سيتم توسيع 12 "محمية طبيعية" تم الإعلان عنها في الماضي، وهي: قمم الجبال الواقعة غربي البحر الميت؛ صرطبة الإسكندرون، جنوب شرق نابلس، فصائل، في غور الأردن، أم زوكا في الأغوار، عين الفشخة المشاطئة للبحر الميت، قرية خروبة الفلسطينية المهجرة، شرقي الرملة وداخل الضفة، وادي سيلفادورا، شمالي البحر الميت؛ جبل غادير، شرقي طوباس في الأغوار، عيون كانا، شمالي البحر الميت؛ وادي مالحة، وسط الأغوار؛ وقمران، في منطقة أريحا.

كما أعلن بينيت أنه "شكل "منتدى المعركة على مستقبل المنطقة ج"، وهي هيئة تهدف إلى تعزيز الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة والمصنفة كمنطقة "ج"، فيما اعتبرت مصادر قضائية إسرائيلية مطلعة أن مداولات الهيئة تعني عمليًا ضم تلك المناطق لإسرائيل. وكشف بينيت، الأربعاء: 09/01/2020 -أن "المنتدى" اجتمع عدة مرات في الأسابيع الأخيرة، بهدف دعم قضايا الاستيطان والمستوطنين لتعزيز الوجود الإسرائيلي في هذه المناطق، وتسريع الإجراءات القانونية حتى خلال فترة الانتخابات البرلمانية. وأشارت صحيفة "هآرتس"، إلى أن القضايا التي تناولتها اجتماعات الهيئة الأخيرة تشمل منح تصاريح لشراء مستوطنين لقطع أراض في الضفة، وربط البؤر الاستيطانية "غير القانونية" بشبكة المياه والكهرباء، ومنع إخلاء مستوطنين استولوا على أراض فلسطينية خاصة ولم تقدم ضدهم شكاوى بهذا الشأن.

فخلاصة هذه الخطة الخلاصية الصهيونية، التي تتبناها وفق المؤشرات الإسرائيلية أحزاب وحركات سياسية عديدة، أنها تقوم كلها على تصور" شعب الله المختار" الذي يسكن وحده في "أرض الميعاد"، و"أن حق شعب إسرائيل في أرض إسرائيل يغلب كل حقوق الآخر-الفلسطيني"، وأن هذا التوجه يعتمد القوة باعتبارها الشيء الوحيد الذي يشكل الواقع، وأنها إذا مالت لغير صالح اليهود، فإن "إسرائيل" تملك دائماً "خيار شمشون". وفي هذه المضامين يبدو أن بينيت أشد تطرفا وفاشية ممن سبقوه من القيادات الصهيونية -من بيغن.... إلى نتنياهو-...!

فنحن أيضا في الخلاصة أمام رئيس حكومة صهيونية بديل لنتنياهو، ولكنه من خريجي مدرسته وأشد إرهابية وعنصرية منه وهذه الحكومة أيضا حكومة استعمار استيطاني وإرهاب رسمي، وحكومة تقترف جرائم الحرب ضد الفلسطينيين على نحو يعتبر استمرارا لنهج حكومة نتنياهو... ما يعني أيضا أن على الفلسطينيين بأن يعيدوا النظر بأولوياتهم وأن يعيدوا صياغة خطابهم الإعلامي -السياسي- الميداني على نحو  يتناسب مع تطورات الخريطة السياسية الصهيونية الإرهابية.