Menu

قمتا جدة وطهران.. هُنا يُصنع مستقبل العالم!

عبد الله السّناوي

تكاد تفاعلات الحرب الأوكرانية أن تستقر بأزماتها واختباراتها الثقيلة هنا فى الشرق الأوسط كميدان رئيسى لمواصلة الصراع على مستقبل النظام الدولى.

لم تكن مصادفة عقد قمتين متضادتين بتوقيت متقارب فى الإقليم، أولاهما التئمت فى جدة حول الرئيس الأمريكى «جو بايدن» والأخرى جرت وقائعها فى طهران حول الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين». فى قمة جدة أراد «بايدن» أولا وقبل كل شىء تأكيد الحضور الاستراتيجى الأمريكى فى حسابات الإقليم المضطرب، وأن بلاده لن تترك فراغا بالانسحاب منه تملؤه روسيا والصين و إيران ــ على ما أعلن بنفسه. كان ذلك التصريح بنصه وحمولاته تعبيرا عن الصراع الدولى الحالى حول النظام الدولى ومستقبله. بقوة الحقائق تبخرت تماما أية رهانات استراتيجية أمريكية سابقة تحدثت عن الانسحاب من صداع الشرق الأوسط وأزماته لتركيز قواها فى الشرق الأسيوى حيث الصراع على المستقبل مع التنين الصينى. لم يكن ممكنا اضطلاع إسرائيل بمهمة ملء الفراغ الاستراتيجى فى الإقليم على ما كان مخططا إثر أى انسحاب عسكرى أمريكى. كان ذلك وهما كبيرا تكشفت حقائقه تحت ضغط الحوادث المتدافعة. رغم تناقضاته وأزماته لم يكن ممكنا إنكار الأهمية الاستراتيجية للشرق الأوسط فى تحديد أوزان الدول بأى نظام دولى جديد يولد من تحت أنقاض الحرب الأوكرانية. بنظر مماثل لأهمية الشرق الأوسط فى المساجلات الاستراتيجية الجارية يدرك الرئيس الروسى «بوتين» أن مصير الصراع على مستقبل العالم قد يتقرر فى الشرق الأوسط. فى قمة طهران حاول أن يوجه رسائل مضادة.

لم تكن مصادفة عقد قمتين متضادتين بتوقيت متقارب فى الإقليم، أولاهما التئمت فى جدة حول الرئيس الأمريكى «جو بايدن» والأخرى جرت وقائعها فى طهران حول الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين». فى قمة جدة أراد «بايدن» أولا وقبل كل شىء تأكيد الحضور الاستراتيجى الأمريكى فى حسابات الإقليم المضطرب، وأن بلاده لن تترك فراغا بالانسحاب منه تملؤه روسيا والصين وإيران ــ على ما أعلن بنفسه. كان ذلك التصريح بنصه وحمولاته تعبيرا عن الصراع الدولى الحالى حول النظام الدولى ومستقبله. بقوة الحقائق تبخرت تماما أية رهانات استراتيجية أمريكية سابقة تحدثت عن الانسحاب من صداع الشرق الأوسط وأزماته لتركيز قواها فى الشرق الأسيوى حيث الصراع على المستقبل مع التنين الصينى. لم يكن ممكنا اضطلاع إسرائيل بمهمة ملء الفراغ الاستراتيجى فى الإقليم على ما كان مخططا إثر أى انسحاب عسكرى أمريكى. كان ذلك وهما كبيرا تكشفت حقائقه تحت ضغط الحوادث المتدافعة. رغم تناقضاته وأزماته لم يكن ممكنا إنكار الأهمية الاستراتيجية للشرق الأوسط فى تحديد أوزان الدول بأى نظام دولى جديد يولد من تحت أنقاض الحرب الأوكرانية. بنظر مماثل لأهمية الشرق الأوسط فى المساجلات الاستراتيجية الجارية يدرك الرئيس الروسى «بوتين» أن مصير الصراع على مستقبل العالم قد يتقرر فى الشرق الأوسط. فى قمة طهران حاول أن يوجه رسائل مضادة.

روسيا أكدت وزنها الإقليمى المؤثر، أنها موجودة فعلا فى قلب تفاعلاته. إيران أكدت حضورها فى معادلات الشرق الأوسط، وأنه ليس ملعبا خاليا أمام الولايات المتحدة تفعل فيه ما يخطر لها. و تركيا نجحت فى تأكيد تمركزها الإقليمى وفق نظرتها لأمنها القومى. بما هو معروف فإن هاجسها الأمنى الرئيسى ما تطلق عليه «الإرهاب الكردى»، وقد عطلت انضمام السويد وفنلندا إلى حلف «الناتو» بذريعة دورهما السلبى فى هذا الملف وعدم الالتفات إلى اعتبارات الأمن القومى التركى. الأهم تأكيدها من جديد على ضرورات بناء توازن بحسابات القوة بين القطبين الأمريكى والروسى، والمضى فى تقديم نفسها وسيطا مقبولا فى ملف الحرب الأوكرانية. باليقين فإنها تحتاج تفهما روسيا وإيرانيا يساعدها فى تخفيض كلفة عملياتها العسكرية المرتقبة بالشمال السورى ضد التمركزات الكردية. بذات القدر أكدت إيران باستضافتها لتلك القمة أنه لا يمكن حذفها من معادلات الإقليم، إنها قوة رئيسية فيه، تمتلك القدرة الفنية على إنتاج قنبلة نووية فى مدى منظور لكنها لا تريد ذلك ــ حسب تصريحات رسمية متواترة. كان ذلك نوعا من الرد على التصريحات التى أطلقها «بايدن» فى تل أبيب وجدة، ببيانين منفصلين أمريكى ــ إسرائيلى، وأمريكى ــ سعودى، من أنه لن يسمح لإيران حيازة سلاح نووى. رغم أن قمة طهران لم تتطرق إلى السؤال الإسرائيلى، إلا أن رسالتها المضمرة تعكس رفضا نهائيا لفكرة الحلف العسكرى.

القمتان المتزامنتان يمثلان معا مساجلة استراتيجية فى حسابات القوة والنفوذ، أمريكا تقول إنها باقية فى الإقليم وروسيا ترد أنها هنا شاءت أمريكا أو لم تشاء. كان لافتا فى جدة الاسم الذى أطلق عليها «قمة الأمن والتنمية». لم يكن هناك حضورا للأمن بأى معنى يتجاوز الأمن الإسرائيلى ولا حديثا جديا عن التنمية بأى معنى جدى آخر. لم تكن السعودية تريد أن تنخرط فى «الناتو الشرق أوسطى» خشية أن يؤثر بالسلب على أية أدوار عربية تتطلع إليها إذا ما توصلت إلى تفاهمات متماسكة مع إيران، ولا كانت مصر مستعدة أن تتورط فيه، ويستحيل تماما أن تقدم العراق على تلك الخطوة بالنظر إلى ظروفه الحالية. كان مستلفتا فى قمة جدة أن أحدا لم يعلن عن أى قدر من الدعم لفكرة «الناتو» الشرق أوسطى، خشية العواقب الوخيمة التى قد تلحق به. يحسب للشعب الفلسطينى وملاحم التضحية الملهمة التى يخوضها دفاعا عن عروبة القدس وحرمة المسجد الأقصى الفضل الأول فى تعطيل فكرة الحلف مؤقتا، فالإسرائيليون سوف يعودون إليها مرة بعد أخرى كلما أتيحت الفرصة أمامهم. بين قمتى جدة وطهران طرح السؤال الإيرانى نفسه، وكان مستلفتا ميل السعودية إلى إبداء انفتاح ملحوظ على الحوار مع إيران وتجنب أى تصعيد عسكرى يدفع إليه الإسرائيليون. بصياغة أخرى بدا أن هناك تحريضا أمريكيا وإسرائيليا على التصعيد العسكرى قابله ميل عربى إلى التهدئة وتأهب فى قمة طهران لإعادة دمج سوريا فى إقليمها، سوريا لا إسرائيل. كان ذلك أفضل مخرجات قمتى جدة وطهران فيما العالم يترقب قلقا مستقبل النظام الدولى، الذى قد يتقرر مصيره هنا.