تسلط عملية الاقتحام والاغتيال والاعتقال التي نفذتها وحدات جيش الاحتلال، وخاصة وحدة "المستعربين" ضد جنين ومخيمها صباح السبت 8/10/2022 والتي استشهد فيها شابان وأصيب أحد عشر شابا آخر، على يد وحدة المستعربين "دوفدوفان"، وكذلك العملية التي نفذت صباح الأربعاء 28/9/2022 والتي سقط فيها بين الشهداء: عبد فتحي خازم، محمد محمود الونة، أحمد نظمي علاونة، محمد أبو ناعسة، وبلغ عدد المصابين 44 مواطنًا، بينهم حالات خطيرة وحرجة، وقبلها كانت عملية عملية الاغتيال الإجرامية التي نفذتها صباح الجمعية 17/6/2022 وحدة من القوات الخاصة –المستعربين- بحق ثلاثة شبان من جنين هم: الشهيد: براء لحلوح - مخيم جنين والشهيد: يوسف صلاح – والشهيد: ليث أبو سرور- بينما أصيب نحو عشرة مواطنين آخرين بجروح- تسلط الضوء من جديد على استهداف الاحتلال لجنين المدينة والمخيم:
فلماذا جنين ومخيمها في دائرة الاستهداف الصهيوني على مدار الساعة...؟!
فلا تكاد تمر ليلة دون أن تقوم قوات الاحتلال بالاقتحام أو المداهمة أو الاعتقال أو الاغتيال ضد شباب المدينة ومخيمه... ولا تكاد تمر ليلة دون أن يقع اشتباك مسلح بين قوات الاحتلال وبين المقاتلين الفدائيين الفلسطينيين...
وتذكرنا العمليات العسكرية المتتالية التي تنفذها وحدات "المستعربين" بتلك الاشتباكات والمعارك وانفجارات القنابل والمتفجرات التي وقعت فجر الخميس 31 مارس 2022 في مخيم جنين، والتي أدت لاستشهاد ثلاثة شبان وإصابة 15 أخرين بينهم حالات خطيرة، ولعل كل هذه المعارك والاشتباكات اليومية تثير لدى الجميع ذكريات معركة جنين الأسطورية التي وقعت قبل 22 عاماً والتي ما زلنا في فضاءاتها وذكراها هذه الأيام، وما يزال المخيم، بالرغم من مرور السنوات هو العقدة الوحيدة التي تُخلخل حسابات الاحتلال الاستراتيجية في الضفة الغربية، وتحولت إلى أسطورة في سجل الكفاح الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، وما يزال المخيم يقدم الشهداء الأبطال الذين يسقطون تباعا في مواجهة المنظومة العسكرية والأمنية الإجرامية الاحتلالية المزعومة واعتداءاتها المتكررة على الفلسطينيين، في الوقت الذي يسعى فيه الاحتلال جاهدا إلى كسر معنويات الأهل والمقاومة باقتحام منازل ذويهم وتهديدهم بالقتل والاغتيال، باحثا عن صورة نصر وهمية ترضي المجتمع الصهيوني.
يطلقون عليهم "وحدات المستعربين"، وهي أخطر وحدات جيش الاحتلال العاملة سرا في الميدان، وهي أشدها إجرامية وسجلها الإجرامي طويل، وقد لوحظ من خلال سلسلة الفيديوهات الموثقة التي سجلت المعارك والمواجهات المحتدمة في الميدان المقدسي والفلسطيني على امتداد مساحة الضفة الغربية، أن أخطر الوحدات الخاصة الوحدة التي يطلق عليها اسم "دودوفان" التي تم انشاؤها خلال الانتفاضة الفلسطينية الكبرى الأولى، وهذه الوحدة تختفي لتعود وتظهر ثانية في قلب المعارك والمواجهات، ولم تكن العملية الإرهابية التي نفذوها فجر الخميس 31 /3/ 2022، في مخيم جنين والتي أدت لاستشهاد ثلاثة أبطال، وإصابة 15 أخرين، بينهم حالات خطيرة والشهداء، هم صائب عباهرة (30 عامًا) وخليل طوالبة (24 عامًا) من محافظة جنين، وسيف أبو لبدة (25 عامًا) من محافظة طولكرم، وقبلها العملية الإجرامية التي نفذت فجر الإثنين 16/8/2021 عقب اشتباكات بين مقاومين وقوات الاحتلال في مدينة جنين ومخيمها، شمال الضفة الغربية واستشهد فيها: صالح العمار، ورائد أبو سيف، ونور جرار، وأنهم ارتقوا تباعا في أقل من ساعة على اقتحام واسع لقوات الاحتلال للمدينة والمخيم، وقبلها أيضا العملية الإجرامية الني نفذوها أيضا فجر الخميس 10/6/2021 الأولى ولا الأخيرة، وإنما هي عملية إجرامية في السياق الإرهابي الصهيوني، وقد استشهد في هذه العملية ثلاثة شبان بينهم أسير محرر، وأصيب آخر بجروح خطيرة جدا خلال اشتباك مع مسلح مع وحدة المستعربين، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة في السلطة الفلسطينية في حينه، ويستدل من المعلومات المتوفرة، أن عناصر من وحدة ما يسمى "مكافحة الإرهاب" في جيش الاحتلال قاموا برفقة عناصر من وحدة المستعربين باقتحام مدينة جنين في ساعات الفجر الأولى، بغية "اعتقال مطلوبين"، وخلال المداهمات والتفتيشات تم ملاحقة المحرر جميل محمود العموري الذي استشهد برصاص الاحتلال قرب مقر الاستخبارات في شارع الناصرة، وخلال الاشتباك تدخل أفراد من الاستخبارات الفلسطينية وأطلقوا النار بالمكان ليتجدد اشتباك مسلح ثان مع الاحتلال ويرتقي فيه شـــهــــيدان من الاستخبارات. ووفقا للصحة الفلسطينية، فإن الشهيدين هما الملازم أدهم ياسر توفيق عليوي (23 عاما)، والنقيب تيسير محمود عثمان عيسة (33 عاما) من جهاز الاستخبارات العسكرية، والأسير المحرر جميل محمود العموري من مخيم جنين- وفا): 10/06/2021 –".
وقبلها مساء الأحد-: 09/02/2020 – قامت باختطاف ثلاثة أشقاء من مكان عملهم في بلدة بيتونيا غرب رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة. وأوضح الشهود أن الأشقاء هم بهاء وأحمد وعبد دولة؛ ولفتوا إلى أن القوة الخاصة تسللت إلى بلدة بيتونيا عبر مركبة تجارية. كما أعلن عن أن قوة من المستعربين اختطفت 13 شابًا فلسطينياً من ساحة العين الفوقا في بلدة سلوان ب القدس المحتلة- عن المركز الفلسطيني للإعلام- الإثنين 11/5/2020، والمعتقلون هم: أمير عمر مطر، ومحمد عمر مطر، وعلي إياد جابر، ومحمود جواد جابر، وأمير جواد جابر، ويزن حامد جابر، وداود نضال طويل، ووسام كركي، ومنتصر نضال أبو ناب، وقصي وائل أبو ناب، ومحمد عبد الله أبو ناب، وعمر جميل الزغل، وأحمد حمود شويات. وقبلها قامت وحدة من المستعربين فجر الثلاثاء-: 03/10/2017 – باختطاف مجموعة من الشبان، عقب دهم منازلهم في مخيم شعفاط في مدينة القدس، عُرف منهم: سعيد الضابط، ومؤمن الدبس، وعدي الضابط، وتحسين الرجبي، والياس الرجبي. كما اعتقلت عناصر من وحدة المستعربين التابعة لقوات الاحتلال ثلاثة شبان آخرين، من داخل محطة وقود في بلدة الرام شمال القدس المحتلة.
وكشف النقاب أيضا في سياق المعارك والمواجهات في مختلف مناطق الضفة الغربية، عن أن وحدة "دوفدفان" الخاصة التي قتل أحد عناصرها لأول مرة منذ سنوات في مخيم الأمعري على يد الشاب إسلام أبو حميد، كانت تقوم بعمليات تتبع للشهيد أشرف نعالوة، بالإضافة إلى منفذي عملية عوفرا. وبحسب المراسل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت -الخميس 13 ديسمبر 2018 -فإن الوحدة عملت وانتشرت في أنحاء الضفة كافة للبحث عن نعالوة، وللبحث عن منفذي عملية عوفرا، ولفت إلى أن ضباط من الشاباك كانوا يقومون بالإشراف على العمليات من الناحية الأمنية، ويقوم بتنفيذها وحدة دوفدفان بمرافقة ضباط الشاباك لمحاولة الوصول لنعالوة وخلية عوفرا. ونوه إلى أنه حين وصلت معلومات استخبارية عن خلية عوفرا تم استدعاء وحدة "يمام" التي يطلق البعض عليها "سوات" لتنفيذ مهمة اعتقالهم، مبينا أنها نفس الوحدة التي استدعت بعد شهرين من عمل وحدة دوفدفان لمحاولة اعتقال نعالوة، واغتالت هذه القوة الشاب صالح البرغوثي بزعم مشاركته في عملية عوفرا، واعتقلت عدداً من الأشخاص المشتبه بهم بعلاقتهم بالهجوم، وهي نفس الوحدة التي حاولت اعتقال المطارد نعالوة قبل أن يخوض معها اشتباكا ما أدى لاستشهاده.
وفي الأيام القليلة الماضية عادت هذه الوحدات المستعربة وبقوة الى الميدان المقدسي، فما هي هذه الوحدات وما مهماتها واساليب عملها...؟!
عن وحدات المستعربين الإرهابيين من دوفدوفان إلى يمام نوثق:
هم أخطر الوحدات العسكرية الاستخبارية الصهيونية، وأشدها إجراما، وسجلهم في القتل والاعتقالات ضد الفلسطينيين طويل، يتواجدون في كل المناطق الساخنة، حيث المسيرات والمظاهرات والمواجهات مع قوات الاحتلال، يتربصون بالقيادات من النشطاء الذين يقودون الفعاليات الميدانية، يقومون بالاغتيال أو بالاعتقال أو بالمطاردة أو بإثارة البلبلة ومناخات الشك والريبة، يعملون في أنحاء فلسطين منذ ما قبل النكبة الفلسطينية عام/1948، غير أنهم يعملون أيضا في البلدان العربية، ضالعون في التجسس والاغتيالات والتفجيرات والمهمات الاستخبارية، وقد كشف اللواء المصري أحمد رجائي عطية، أحد قادة ومؤسسي العمليات الخاصة في مصرفي حواره مع مجلة 'الأهرام العربي'، النقاب عن "أن هناك دورًا لإسرائيل في أحداث رفح"، موضحا: "أن هناك وحدة إسرائيلية اسمها 242 تابعة للموساد الإسرائيلي، أنشئت عام 1971 في سيناء، وشاركت في مذبحة رفح ضد ضباط وجنود الامن المصريين"، والهدف المخفي وراء ذلك هو بسط سيطرة إسرائيل على شمال سيناء، وسيطرة الاتحاد الأوروبي على الجنوب".
وكشف اللواء عطية عن أن هناك غيرها وحدات أخرى مختصة بكل بلد أو منطقة، حيث أنشأ الموساد مجموعات تكون وثيقة الصلة بالمكان الذي ستعمل به، وتتولى غرس أعضائها في تلك المناطق، ويعيشون فيها كالسكان، فيكونون مثل الخلايا النائمة، وبعدها يقوم هؤلاء بعمليات التجنيد والتحريض للسكان كما يقومون هم بعمليات أخرى لزعزعة الاستقرار وتحقيق أهداف الموساد وإسرائيل"، وأضاف: "هناك وحدة خاصة لكل دولة عربية، يتعايش أفرادها داخل تلك الدولة، فهناك 'إيجوز' وتضم وحدات الدروز سواء في لبنان أو سوريا، ووحدة 'دجانين' في لبنان، ووحدة 'حازوف' وتعمل في سوريا، ووحدة 'شاكيد' التي تعمل في الأردن وشمال السعودية، ووحدة 'الماتكال' التي تعمل على مستوى العالم العربي، والوحدة 242 التي تعمل في سيناء، وكذلك الوحدة 'كيدون' التي تعمل في حوض النيل- وكالات /23/ 08/ 2012".
وفي المشهد الفلسطيني، فإن من أبرز وأخطر هذه الوحدات، وحدة "دوفدوبان" الناشطة في الضفة الغربية، فهي "تتمتع بتدريبات خاصة عسكرية ونفسية تحول أفرادها إلى قتلة محترفون، وتجعل من عملية القتل عملية روتينية سهلة لديهم"، ويعمل أفراد هذه الوحدات متنكرين باللباس العربي، و"يعيشون حياة مزدوجة، الحياة الإسرائيلية اليهودية الطبيعية لهم، وحياتهم الأخرى كمستعربين، ويتوجب عليهم ارتداء اللباس العربي والتدرب على اللغة واللهجات والشعارات والأناشيد والعادات والتقاليد العربية، كي يتسنى لهم الانخراط في أوساط المواطنين العرب، دون أن يتمكن هؤلاء المواطنون من تشخيصهم وإحباط مهماتهم ".
ووفق المصادر المختلفة، واستناداً إلى المشاهدات والقرائن على الأرض الفلسطينية، فإن أهم مهمات وأهداف الوحدات الخاصة تتكثف بـ" العمل في قلب التجمعات العربية الفلسطينية، وتتركز أهدافها على تشخيص واعتقال المطلوبين من قيادات وكوادر الانتفاضة والمقاومة أو تصفيتهم، وكذلك جمع المعلومات تحت غطاء من السرية المطلقة، وإثارة الفتنة والبلبلة والتشكيك".
أما عن تدريبات الوحدات / الفرق الخاصة فهي في غاية السرية وتجري في قواعد عسكرية إسرائيلية تقع في أراضي فلسطين 1948، ولعل من أهم المفارقات المثيرة للانتباه في تدريباتهم الخاصة مثلاً "أن لديهم أوامر حتى بإلقاء زجاجات حارقة أو حجارة، أو حتى إطلاق النار على جنود إسرائيليين، أو حتى المشاركة في اقتحام مواقع للجيش والشرطة كما حدث في حالة اقتحام مخفر الشرطة الإسرائيلية في البلدة القديمة في القدس في بداية الانتفاضة"، وذلك في نطاق أداء دورهم "المستعرب" على أكمل وجه ممكن وكي يكسبوا ثقة شبان الانتفاضة.
تستغرق دورة التدريب الخاص لأفراد وحدات المستعربين ما بين 12-15 شهراً، وتتوزع على خمس مراحل أو فترات أخطرها الفترة الخامسة والأخيرة من التدريب: وتتضمن تحسين قدراتهم في مجال اللغة العربية، حيث يتعلمون اللغة العربية والنطق بالعامية الفلسطينية، والمصطلحات التي يستخدمها الشبان العرب، وعبارات المجاملة والشكر والدعاء التي تظهرهم كأولاد بلد، ثم يتم تعريفهم بالعادات الرئيسية الشائعة وعلى بعض جوانب الثقافة العربية وبعض الممارسات الدينية "قراءة الفاتحة، التظاهر بالصلاة، التعريف بأهم الصحف.. الخ"، غير أن هذا التدريب هو سطحي ويختلف عن نمط التدريب الذي يتلقاه نمط آخر من المستعربين الذين هم ليسوا مجال البحث هنا، ونقصد بذلك المستعربين الذين تكون مهمتهم الإقامة في وسط التجمعات العربية بشكل دائم مثل الجاسوس ايلي كوهن، أو ذلك الشحاذ الذي كان يتسول لسنوات عديدة في شارع الحمراء قبل الاجتياح الإسرائيلي للبنان.