Menu

اقتصاد التسليح أو اقتصاد الذخيرة

حلمي موسى

خاص - بوابة الهدف

 

كتب حلمي موسى*

 

من رأى وسمع القصف الإسرائيلي وشدته في قطاع غزة كان يظن أن مخزون قذائف الدولة العبرية هو نفسه مخزون قذائف أميركا ودول الغرب وأنه مخزون لا ينضب. ولكن المثل عندنا أن الجبل لو شلت منه كل يوم بمعلقة سينتهي. وهذا ما تخشاه إسرائيل وقادة الجيش الإسرائيلي.

نسمع أن الجيش دمر غزة بقذائف في فترة قصيرة نسبياً بأكثر مما استخدمت جيوش الحلفاء ضد مدن ألمانية. وبأكثر مما دمرته الطائرات الأميركية في أفغانستان و العراق طوال سنوات. وتقريباً تنشر الصحافة الدولية يومياً صوراً جوية تثبت ذلك.

من ناحية أخرى تطلب الأمر في حرب أكتوبر عام ١٩٧٣عندما خاضتها إسرائيل جسراً جوياً أميركياً اعتبر الأعظم في حينه. ولكن هذا الجسر لتغطية ذخائر وأسلحة لإسرائيل في حربها ضد أقوى دولتين عربيتين في حينه لم يتجاوز عدد طائرات الشحن فيه ١٠٠ طائرة. في الجسر الجوي الأميركي المستمر لإسرائيل وصل إلى ما قبل أكثر من أسبوع ٢٣٠ طائرة. عدا عشرات السفن التي تحمل آلاف الأطنان من الأسلحة والذخائر. ولم تكن أميركا الدولة الوحيدة التي أرسلت الأسلحة والذخائر إلى إسرائيل في هذه الحرب. فطائرات عسكرية وصلت إليها من عدة دول وخصوصاً من بريطانيا وألمانيا. والمخفي اعظم!

وخلال الأسابيع الأولى من الحرب كان الحديث يجري عن قنابل أسقطت على غزة تعادل القنبلة النووية على هيروشيما وبعدها قنبلتين نوويتين وبعدها لأنه لم تلق في العالم إلا هاتين القنبلتين توقفت المقارنة مع القنابل النووية.

وصار الحديث عن إسقاط قنابل على غزة بعشرات آلاف الأطنان من المواد المتفجرة. ومؤخراً صارت إسرائيل تتباهي بصور التفجيرات المتزامنة لأحياء بكاملها في مدينة غزة وفي بيت حانون وبيت لاهيا. وكل ذاك بحجة تدمير الأنفاق. وتنشر إسرائيل أحياناً عن كمية الأطنان التي استخدمتها في هذه التفجيرات.

وطبيعي أن كل هذا التدمير والقتل المصاحب له لآلاف الشهداء من المدنيبن خصوصاً الأطفال والنساء وصور التدمير مقصود. ولا يخفي الإسرائيليون رغبتهم في إفهام الفلسطينيين أن ردهم على كل مساس بهم هو الجحيم. ولكن رسالتهم هذه ليست موجهة فقط للفلسطينيين بل هي أيضاً موجهة لكل من يعادون إسرائيل حالياً ولكل من يصادقونها. فمن يعادونها تريدهم أن يعرفوا أنه لا سبيل سوى الخضوع. ومن يصادقونها تحذيرهم من مغبة نسيان قدرتها على إحراقهم.

لكن كما سبق ووفق مبادئ  الحياة لكل بداية نهاية وكل بئر لا بد أن ينفذ طالما تشرب منه.

إسرائيل حالياً تعاني من مشكلة الذخائر والسلاح وتجد نفسها في وضع يزداد صعوبة. فقدرات الإنتاج الأميركية للذخائر في الوضع الراهن لا تلبي الحاجات المتزايدة لإسرائيل.

وأميركا وأوروبا ولو بالوكالة، في حرب مستمرة في أوروبا والكل يريد أن يخزن سلاحاً لوقت الشدة إذا ما تطورت الأمور.

وقد اضطرت أميركا لسحب أسلحة وذخائر من أوكراينا لصالح إسرائيل. كما أن مخزون ذخائر أميركا الاستراتيجية في إسرائيل وفي العديد من دول العالم انتهت تقريباً. وإسرائيل تلح على أميركا بأن توفر لها المزيد.

وهنا صارت المشكلة. أميركا صارت في حيرة من أمرها هل تزود إسرائيل بالذخائر والسلاح أم تملأ مخازنها تحسباً لصدام أو صدامات محتملة في المنطقة أو خارجها.

وأول الرقص حنجلة. يديعوت ذكرت أمس أن أميركا رفضت طلباً إسرائيلياً بتزويدها  بطائرات أباتشي جديدة. كما أن صحفاً إسرائيلية أخرى تحدثت عن تلكؤ أمريكي في تزويد إسرائيل بمزيد من شحنات القذائف.

وقد أعلن وزير الحرب غالانت أنه لا صحة للأنباء حول رفض أميركا تزويد إسرائيل بالقذائف. لكن وزير الشئون الاستراتيجية رون دريمر سيصل واشنطن اليوم للبحث في تأخر وصول شحن القذائف لإسرائيل.

وحسب ما نشر في الكيان فإن الجيش الإسرائيلي شرع بتنفيذ خطة توفير في استخدام  القذائف تحسباً لاحتمال توسيع الحرب في لبنان.

 

 وهذا بعض ما أشارت إليه يديعوت في مقالة لمراسلها العسكري

 

هل سمعت عن اقتصاد السلاح؟ هذه هي الدراما التي ستكون في مجلس الوزراء

 

أكد اللواء إليعازر توليدانو أمس لوزراء الحكومة أن سلاح الجو يهاجم بالفعل بشكل أقل في قطاع غزة: "هذه حرب ستستمر لفترة طويلة. سيتعين علينا إدارة اقتصاد الأسلحة، لكن الهدف هو القضاء على حماس في النهاية".

في الأيام الأخيرة، ترددت ادعاءات من مختلف الأطراف في النظام السياسي والشعبي بأن سلاح الجو يمتنع حالياً عن العمل بكامل طاقته في قطاع غزة لاعتبارات سياسية. وأكد اللواء إليعيزر توليدانو لوزراء الحكومة أمس أن سلاح الجو يهاجم بشكل أقل في قطاع غزة، لكنه قال إن أسباب ذلك عملياتية بالكامل، وادعى أنه لا يوجد حد لاستخدام القوة. وقال للوزراء: "لا يوجد جيش لا نهاية له في العالم، لكن الاعتبار الذي يوجهنا هو الإعتبار العملياتي. هذه حرب ستستمر لفترة طويلة. سيتعين علينا إدارة اقتصاد الأسلحة". "لكن الهدف هو القضاء على حماس في النهاية. نحن لا نحتفظ بالذخيرة في عمليات المناورة ونقوم بكل ما هو ضروري لحماية جنودنا".

 

المعضلة التي تواجه إسرائيل الآن ليست ما إذا كان ينبغي تفعيل القوات الجوية، بل ما إذا كان من الصواب الاستمرار في الوصول فعلياً إلى كل منزل وكل موقع في قطاع غزة، عندما يكون من الواضح ذلك في حرب العصابات الصعبة التي تتطور في غزة. في قطاع غزة، يبحث مقاتلو حماس عن احتكاك وثيق مع مقاتلي جيش الدفاع الإسرائيلي ويحاولون ملاحقتهم. ومن ناحية أخرى، فقد ثبت بالفعل أنه من غير الممكن تحديد وتدمير الأنفاق الإرهابية مثل تلك التي تم اكتشافها في جباليا أو وسط غزة دون وجود مادي الذهاب إلى المنطقة.

لقد أسقطت القوات الجوية حتى الآن أكثر من 30 ألف قذيفة على  قطاع غزة: وهو عدد ضخم بكل المقاييس. إن إدارة اقتصاد التسلح جزء لا يتجزأ من أي حرب، وربما يكون هذا صحيحاً بشكل خاص في حرب طويلة مثل تلك التي تخوضها إسرائيل الآن في غزة، وربما تخوضها في الشمال أيضاً. يحرص النظام الأمني ​​على التأكيد على أن الاعتبارات العملياتية في الوضع الحالي للحرب معقدة للغاية. كما يستخلص الجيش الإسرائيلي استنتاجات من الجولات السابقة في القطاع حيث لم يحقق استخدام القوة الجوية النتائج المرجوة ضد أنفاق حماس.

 

*كاتب صحفي من غزة