Menu

رمال غزة .. وأوحال فيتنام

جاسم الحلفي

خاص - بوابة الهدف

 

 

 كتب جاسم الحلفي*

في حين يحتفل العالم بعيد ميلاد السيد المسيح، ويستقبل سنة ميلادية جديدة، يستمر جيش الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه السافر على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مستخدماً أكثر الأساليب الفاشية إجراماً، مواصلاً حربه العدوانية، فارضاً حصاراً جائراً، ومستخدماً سلاح التجويع والتعطيش، في تحدٍ صلف للقانون الدولي الإنساني، وعدم اكتراث بالرأي العام الدولي، الذي يحتج في تظاهرات شعبية ضخمة تشهدها عواصم عديدة في العالم أسبوعياً.

لم يوفر جيش الاحتلال الاستيطاني وسيلة بشعة إلا واستخدمها، مجسداً فاشية تعدت همجيتها ما شهدته ماكنة حرب هتلر ونازيته. فقد قصف مدن قطاع غزة بمئات القنابل الضخمة، التي أدت إلى هدم العمارات السكنية من أساساتها، وخلفت مئات حفر الارتطام التي يزيد قطر الواحدة منها على إثني عشر متراً، حسب رصد الأقمار الصناعية ووفق تحليل أجرته شركة الذكاء الاصطناعي الأميركية ( Synthetaic) لصالح شبكة CNN الإعلامية، وفيه أكدت أن “هذه القنابل أثقل أربع مرات من تلك التي أسقطتها الولايات المتحدة في الحرب على تنظيم “داعش” في مدينة الموصل بالعراق.

فأي جريمة أشنع من القصف العشوائي الذي يحرّمه القانون الدولي الإنساني، ومن قصف المدنيين في بيوتهم التي لم تنعم يوماً بالأمان جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ احتلال فلسطين.

ومع كل هذا العدوان الهمجي الذي يتواصل على مدار الساعة منذ ما يقارب ثلاثة أشهر، ورغم عشرات الآف الشهداء والجرحى وعمليات النزوح في العراء تحت قسوة الطقس، وانعدام أبسط مستلزمات الحياة الأساسية، نشهد صموداً أسطورياً للشعب الفلسطيني البطل، ونتابع تصدي مقاومته الباسلة للعدوان الفاشي. جاعلة من حكومة (النتن ياهو) مسخرة عاجزة مهزوزة القرار، حيث لم تحقق الأمن للمستوطنين، ولم تستطع القضاء على المقاومة واعتقال قادتها، مثلما ادعت، ولا الوصول إلى أي رهينة احتجزتها المقاومة كما هدفت.

لقد فاقت جرائم الحرب التي اقترفتها إسرائيل ما قامت به أميركا ضد الشعب الفيتنامي، عندما كان يخوض كفاحه المستميت من أجل التحرر من نير الاحتلال الأميركي. وقد قال محقق جرائم الحرب السابق لدى الأمم المتحدة مارك غارلاسكو عن كثافة القصف الإسرائيلي على غزة في شهره الأول: “لم نشهد مثل هذا منذ حرب فيتنام”!

وعند استحضار هزيمة أميركا أمام مقاومة الشعب الفيتنامي، الذي استخدم بيئته المحلية خير استخدام واستدرج جيوش المحتلين وأغرقهم في أوحال فيتنام، فانسحبوا أذلاء مكسورين .. ندرك أن انتصار الشعوب المكافحة من أجل الحرية والكرامة، لا يعيقه تفوق المحتل عسكرياً وامتلاكه الأسلحة الحديثة، فإرادة التحرير هي الحاسمة، وهذا ما سيحققه شعب الجبارين الفلسطيني، حيث تبتلع رمال غزة الآليات العسكرية للمحتل، وتواصل المقاومة حصد حشود المعتدين. وما انسحاب قوات النخبة “لواء جولاني” من قطاع غزة بعد تكبدها خسائر كبيرة، وقتل عدد كبير من قادتها، إلا مقدمة لانكسار جيش الاحتلال أمام إرادة الشعب الفلسطيني، الذي أجاد في أكثر من مواجهة في استدراج ومحاصرة جيش الاحتلال بين أنفاق غزة ورمالها.

وسنشهد بالتأكيد هزيمة جيش الاحتلال ذليلاً مكسوراً.

 

*كاتب عراقي