" لقد كان صراعاً من الدموع والنار والدم، ونحن فخورون به إلى أعماق أنفسنا، لأنه كان معركة نبيلة وعادلة ".
- باتريس لومومبا – خطاب حفل الاستقلال في 30 يونيو 1960
مدخل
لم يكن صباح يوم السبت 7 تشرين الأول / أكتوبر كغيره من صباحات الأيام الأخرى. في ذلك اليوم أشرقت الشمس من الجنوب، هي ليست كالشمس العادية، إنها شمس الحرية التي أضاءت من قطاع غزة، فجر ذلك اليوم الذي دخل التاريخ ليتحول في أجندة الزمن إلى الحدث الأكثر تأثيرا عل صعيد الإقليم والعالم، لأن نتائج ارتدادات ما حصل ستنعكس على كل الكون، نظرا لما تشكله " المستعمرة / الثكنة " من نموذج تتباهى به أنظمة الغرب الإمبريالي وفي طليعتها الولايات المتحدة الأمريكية؛ كونها " واحة الديمقراطية " التي تحترم حقوق الإنسان، حيث يتم تداول السلطات فيها بواسطة صناديق الاقتراع، جوار دول " استبدادية وديكتاتورية " تحيط بهذه " الواحة " !. لكن أهميتها الحقيقة لهذا الغرب، تأتي من كونها الذراع المسلح الضارب الذي يوفر الحماية لسياسات الهيمنة الإمبريالية، وبشكل خاص، النهب الاستعماري لكل بلدان المنطقة والإقليم، ولأن هذا الكيان المصطنع سيشكل حاجزاً في طريق وحدة الأمة ونهضتها.
منذ الساعة الأولى لبدء الاجتياح وتحرير المستعمرات والقواعد العسكرية في قضاء غزة، انكشف المستور تحت ضربات المقاتلين. تبخرت " فرقة غزة " تلاشت تلك النخبة التي كان جنرالات العدو يعتبرونها "جوهرة الجيش"، ما بين القتل والأسر والفرار.
ساعات طويلة وثقيلة انقضت على حالة " الصدمة وفقدان التوازن " التي عاشها كيان الغزاة الصهاينة ومعه داعموه، ومظلة أمانه، وشريان حياته، في عواصم المركز الإمبريالي وتوابعه من أنظمة التبعية والتطبيع في الأطراف مع كل الصور والفيديوهات التي تواترت على شبكات التواصل وعموم وسائل الإعلام، ظهر الجنرالات، عراة من نياشينهم وسلاحهم، وشبه عراة من ملابسهم، أذلاء، يسحبونهم شبان بكامل سلاحهم وعنفوانهم وإيمانهم بالنصر، لداخل القطاع الثائر. وقد حافظ المقاتلون الشجعان على سلوك يليق بالثوريين وبالعقيدة التي يحملونها، كما ظهر في تعاملهم مع العائلات داخل بيوت مستعمرات الغلاف ولاحقا مع كافة الأسرى، كما جاءت شهادات من أطلق سرحهم / ن في عمليات التبادل.
في عواصم الغرب الإمبريالي، كانت الصدمة واضحة، صاعقة كبيرة ضربت الحكومات، ووزارات الدفاع بشكل خاص. لهذا هرع “بلينكن " اليهودي، كما قال بوقاحة فاقعة، أسقط خلالها صفته الدبلوماسية، ليس بسبب هول الصدمة، بل للتأكيد على الارتباط الروحي بالكيان، من حيث كونه " أرض الميعاد " حسب التلفيق الديني السائد، ولتثبيت حقيقة، أن الكيان الصهيوني ليس أكثر من امتداد روحي وثقافي وسياسي للإمبراطورية الأميركية بمهمات عسكرية وأمنية في الإقليم.
أما الرئيس " بايدن " فقد وصل سريعا للكيان ليؤكد صهيونيته مجددا، وهو القائل (لو لم تكن " اسرائيل " موجودة، لأوجدناها). واللافت في الزيارة، ليس ما صدر عن " بايدن " و" بلينكن " من تصريحات داعمة، بل ترأسهما اجتماعات المجلس الحكومي المصغر بما يعني أنه أبعد وأعمق من إشارة تضامن، حيث أن الرد على الفشل الواضح في الأداء العسكري أولا، وعلى صعيد الجبهة الداخلية ثانيا، يتطلب من القيادة الأمريكية، السياسية والعسكرية، أن تُشرف وتدير " خطة مواجهة الكارثة / الزلزال ". لهذا، سارعت البوارج البحرية بمختلف اختصاصاتها ومهماتها لتكون في البحر المتوسط بالقرب من سواحل فلسطين المحتلة، مع فتح مخازن السلاح الأمريكي لتزويد جيش الاحتلال بكل ما يحتاجه. وقد ترافق كل ذلك مع وصول الضباط القادة، وأصحاب الخبرات في العراق وأفغانستان، للقواعد العسكرية المتقدمة.
تسابقت الدول الغربية الأوروبية بإرسال رؤسائها للكيان المؤقت، لتقديم كل الدعم لمواجهة ما أسموه " إرهاب حماس وقتل المدنيين "، والعمل على إعادة التوازن لحكومة يغلب عليها، الفزع والتخبط والعجز، تدير كيانا متصدعا، مما سارع بتشكيل حكومة طوارئ إنقاذيه.
جيش المستعمرة يُنفذ خطة الإبادة
انقضت مائة يوم على " الطوفان / الزلزال "، وفي كل ساعة مَرت على المذبحة والإبادة التي تنفذها طائرات العدو الصهيونية بالصواريخ المتفجرة والقنابل الفوسفورية، وقذائف المدفعية، والقوات التي اقتحمت برا يوم 27 تشرين الأول / أكتوبر، بالدبابات وناقلات الجند والمشاة، شمال القطاع، ومازالت عاجزة عن التحرك، بحرية، في شوارعه، التي خربتها و "حرثتها " جرافاتD9 ، نتيجة الانقضاض والاشتباك المستمر الذي تقوم به المقاومة. كما تصطدم محاولات التقدم في أكثر من منطقة بالوسط والجنوب بمقاومة ضارية تخوضها – كما في المناطق - كتائب القسام وسرايا القدس وبمستويات أقل – كل حسب قدراته وإمكانياته التسليحية - كتائب "أبو علي مصطفى، شهداء الأقصى، ألوية الناصر صلاح الدين، المجاهدين، والمقاومة الوطنية " ، مما ألحق بجيش العدو، خسائر فادحة، خاصة، ألوية النخبة ، مما دفعها للتراجع والانسحاب في ظل خطة مستمرة وعلى مراحل، من التبديل وإعادة التموضع.
على امتداد المائة يوم، " ارتكب جيش العدو 2000 مجزرة، أدت لارتقاء 968 23 ألف شهيد، بينهم 10600 طفلا و7200 من النساء، كما بلغ عدد الجرحى 60582 ألف شخص، و 7000 مفقود، 70% منهم من الأطفال والنساء " 1.
وقد جاءت عمليات التدمير الواسعة للمباني السكنية والمدارس ومراكز الإيواء، و قصف المشافي، و المراكز الصحية واستهداف سيارات الإسعاف والكوادر الطبية، والحصار الخانق لمنع وصول إمدادات الماء والوقود والطعام والدواء، وملاحقة الجسم الصحفي والإعلامي بالنيران، وقصف مباني الفضائيات ومركبات البث المتنقلة ، لتشكل جميعها أدوات القتل ، والضغط على السكان لتهجيرهم وتحويل القطاع لمكان غير صالح للحياة .
يكتب الباحث الأكاديمي " صالح عبد الجواد " في مقارنة لما يتعرض له قطاع غزة، وما أصاب مدينة ستالينغراد (في غزة يموت فيها جراء القصف ما لا يقل عن 355 شخصاً يومياً جميعهم من المدنيين الأبرياء، وهذا الرقم لا يشمل من هم تحت الأنقاض والذي يتجاوز 2000 شخص. خلال حصار مدينة ستالينغراد نفسها الذي استمر 162 يوماً والتي تحوّلت إلى أيقونة مقاومة ضد النازيين وبشاعتهم، قتل في المدينة المكتظّة بالجنود 40 ألف مدني أي بمعدل 247 يومياً، أي أقل من معدلات قتل غزة) 2.
والأكثر إيلاما في العدوان الإجرامي على القطاع، ارتفاع عدد الأطفال الشهداء لأكثر من 10 آلاف طفل، بما تعنيه هذه الأرقام المرشحة للزيادة مع استمرار المذبحة مستقبلا من خسارة كبيرة على الجيل القادم. هذا الاستهداف المقصود للأطفال نجد مرتكزاته ودوافعه في معتقدات / هلوسات " الأيديولوجيا الدينية " والتي هي بحق " أيديولوجيا الإبادة ". في رأي الحاخامان، شابيرا وإليتسور، فإنه بالإمكان قتل الأطفال الرُّضَّع أيضًا، لأنهم " يضرون بنا عندما يكبرون، وفي هذه الحالة يتم إيذاؤهم تحديدًا، ليس فقط من خلال الإضرار بالبالغين، بل كليهما معا "3.
أما الفتاوى التي تحث على القتل العشوائي للمدنيين، والتي يتم تدريسها في المدارس الدينية العسكرية، فنجدها صادرة عن كبار الحاخامات اليهود الذين يشكلون ما يعرف بـ "رابطة حاخامات أرض إسرائيل "، برئاسة دوف ليثور، الحاخام الأكبر بمستوطنة " كريات أربع "، الذي يحظى بقبول كبير في أوساط الضباط والجنود المتدينين. وقد أباحت الفتوى لجيش الاحتلال قصف التجمعات السكانية الفلسطينية دون تمييز. وقد استند إلى هذه الفتوى عدد من الوزراء الإسرائيليين المتدينين لتبرير دعواتهم للمس بالمدنيين الفلسطينيين أثناء الحروب التي شنها الكيان الصهيوني على غزة سوء أواخر عام 2008 وفي صيف 2014، وجاء في هذه الفتوى أن " الشريعة اليهودية تبيح قصف التجمعات السكانية المدنية الفلسطينية، والتوراة تجيز إطلاق قذائف على مصدر النيران حتى لو كان يتواجد فيه سكان مدنيون "4.
الارتدادات الميدانية
لم تتوقف حدود الطوفان عند حدود غزة وباقي الأراضي الفلسطينية، بل امتدت تأثيراته لتغمر الوطن العربي، والعالم
_ فلسطينيا:
اتخذت سلطة رام الله منذ اليوم الأول للطوفان، موقف التشكيك بالدوافع التي جعلت قيادة " القسام " تتخذ قرار تنفيذ العملية، لتنتقل بعدها بشكل متدرج لمهاجمة "الخطوة الانفرادية المغامرة"، وصولا إلى "ضرورة محاسبة حماس بعد وقف الحرب على غزة على ما ارتكبته بحق التدمير الواسع للقطاع وقتل الالاف بسبب عمليتها المتهورة "، كما جاء في تصريحات عدد من رموزها " الهباش" نموذجا. كما غابت عن المشهد والفعل، مؤسسات السلطة، وعدد من " الفصائل " المشاركة بها.
على العكس تماما، التهبت مدن وبلدات الضفة المحتلة بالمظاهرات المؤيدة للمقاومة في غزة، مما دفع بجيش الاحتلال لاقتحام العديد من المخيمات والمدن، التي تصدى لها أبطال المقاومة في كل المناطق التي تعرضت للاعتداءات الوحشية، مما أدى لارتقاء أكثر من 350 شهيدا، وتجاوز عدد المعتقلين من الضفة بما فيها القدس المحتلة 5850 معتقلا.
_ عربيا:
- في اليوم التالي 8 تشرين الأول / أكتوبر فتح حزب الله جبهة الاشتباك مع الغزاة في شمال فلسطين المحتلة، بعدة عمليات في اليوم الواحد – حوالي 700 عملية، استهدفت أكثر من 70 موقعا عسكريا، وأكثر من 20 مستعمرة، أدت إلى حركة نزوح جماعية 230 ألف مستوطن.
جاءت العمليتان النوعيتان المتتاليتان، كمؤشر على تصعيد عسكري في عمليات الحزب. في الأولى: تم استهداف قاعدة " ميرون " التي تنفذ مهام تنظيم وتنسيق وإدارة كامل العمليات الجوية باتجاه سوريا ولبنان وتركيا وقبرص والقسم الشمالي من الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، والواقعة في قمة جبل الجرمق يوم 6 كانون الثاني / يناير ب 62 صاروخا، وكانت الرد الأول على اغتيال القائد القسامي صالح العاروري ورفاقه في ضاحية بيروت الجنوبية. وفي الثانية: استهدفت قاعدة " دادو" مقر قيادة المنطقة الشمالية التابع لجيش العدو قرب مدينة صفد في الجليل المحتل بطائرات انقضاضيه متفجرة، في رد جديد على اغتيال القائد العاروري ورفاقه، واستهداف القائد في حزب الله وسام طويل في عملية اغتيال في بلدته الجنوبية..
- اليمن، دخل المعركة أيضا من خلال منع السفن المملوكة للكيان، أو المتجهة إلى موانئه، من عبور البحر الأحمر، طالما أن غزة خاضعة للحصار والعدوان. وبعد الاعتداءات الأخيرة التي نفذتها قوات أمريكية وبريطانية وتوابعها في " تحالف الازدهار " بضرب عشرات المواقع داخل الأراضي اليمنية، ردت القيادة العسكرية بالإعلان " منع السفن الأمريكية والبريطانية من المرور بالبحر الأحمر"، وتم التنفيذ الفوري باستهداف باخرة أمريكية. كما نفذت القوات اليمنية عدة ضربات لميناء أم الرشراش ومناطق عديدة في جنوب فلسطين المحتلة، بالطائرات المسيرة والصواريخ.
- الحشد الشعبي في العراق، أعلن دخوله ميادين المواجهة المسلحة بالقصف الصاروخي والطائرات المسيرة مع العدو الصهيوني في فلسطين المحتلة والجولان، وضرب القواعد الأمريكية في العراق وسورية.
تفاوتت ردود الفعل الشعبي في التعبير عما أحدثه الطوفان داخل المجتمعات العربية. في الأسابيع الأولى، نزلت الجماهير العربية في شوارع وميادين وجامعات بعض العواصم، خاصة، مع مذبحة المشفى الأهلي / المعمداني، وخلال التدمير الوحشي الواسع للمباني السكنية ومراكز الإيواء. لكن هذه الجماهير المسكونة بتأمين لقمة عيشها واحتياجاتها الإنسانية الضرورية، وتعرضها لقمع حكومات التبعية – هذا ما ظهر في عواصم ومدن أنظمة التطبيع – وتراجع دور القوى السياسية الثورية، وتفريغ المنظمات الجماهيرية / النقابات، وإلحاقها بالمؤسسة الرسمية لنظام الحكم، كل ذلك، أدى لتراجع الحراك الشعبي مع استثناءات محدودة، نراها في اليمن والبحرين وتونس والمغرب.
على صعيد حكومات أنظمة التطبيع والتبعية، سجلت موقفها اللفظي المعلن، ضد الإبادة، لكنها في ذات الوقت، ضد ما حصل يوم 7 أكتوبر / تشرين الأول، بمضمون يحمل الإدانة لما أقدمت عليه كتائب القسام. هذه الأنظمة، حرصت على تقديم الدعم بمختلف أشكاله لكيان الغزاة، برا وبحرا وجوا، في مقابل تشديد الحصار على غزة، وحرمانها من كل أسباب الحياة الإنسانية، بمعنى أن هذه الأنظمة ليست محايدة، بل هي مشاركة في المذبحة، وطرف في تحالف العدوان على الشعب اليمني الشقيق الذي وقف مع مقاومة غزة وكفاح الشعب الفلسطيني، قولا وفعلا.
على الجانب الآخر، هناك موقف معلن مع المقاومة الفلسطينية وضد حكومة العدو، وداعميها، التزمت به عدد من الدول العربية، خاصة، المنخرطة بمحور المقاومة.
_ كيان العدو:
في الأيام الأولى التي أعقبت 7 أكتوبر، عاد التجمع الاستعماري بمختلف قواه السياسية للتوحد في " مواجهة ما حصل في يوم " السبت الأسود ". التطورات المتلاحقة، وانكشاف الترهل والعجز في المؤسسة الأمنية بسبب الإخفاق في استشعار الطوفان / الزلزال قبل حصوله، مضافا لذلك الانهيار السريع في " فرقة غزة " النخبوية، وتأخر وصول " النجدة " للتعامل مع " الصدمة " وامتصاصها، والإعلان عن مئات الرهائن / الأسرى من عسكريين، ومستعمرين " مدنيين "، واستدعاء أكثر من 320 ألفا من الموظفين وأصحاب المهن الحرة إلى الالتحاق بالجيش، مما أدى لتعطل العجلة الاقتصادية والاستنزاف المتسارع للميزانية العامة بفعل تكاليف الحرب، وبدء وصول جثامين مئات القتلى من كبار الضباط والعسكريين من مختلف الرتب، واستقبال المشافي لآلاف الجرحى، وتوقف عملية تبادل الأسرى بين المقاومة وحكومة العدو، مما أدى لتفكك تلك المادة الصمغية، التي كشفت عن عمق التشققات في أساسات وجدران "المستعمرة / الثكنة "، وعن عودة التظاهرات وقطع الشوارع في المدن الكبرى احتجاجا على تعامل الحكومة مع نتائج ما حصل، والمطالبة بإسقاط نتنياهو. كما برزت خلافات عميقة في حكومة العدو، وداخل الائتلاف الحاكم، مع تدهور ملحوظ في شعبية حزبها الأساسي " الليكود " ووصوله لمستويات متدنية جدا، حسب آخر استطلاعات الرأي.
انعكاسات الطوفان / الزلزال في العالم
من سيدني إلى سانتياغو مرورا بطوكيو وجاكرتا ولندن وواشنطن وباريس وإستكهولم، والعديد من العواصم وكبريات المدن في مختلف قارات العالم، نزلت – ومازالت - الملايين إلى الشوارع، تهتف: فلسطين حرة، وأوقفوا الإبادة في غزة، والكيان المحتل، نازي وقاتل للأطفال. كما تأثرت بالحركة الشعبية، أحزاب ونقابات كبيرة في عواصم الغرب الاستعماري، وهذا ما تأكد في اتساع عدد المؤيدين للشعب الفلسطيني في صفوف الحزب الديمقراطي الأمريكي، خاصة، في الجامعات والنقابات، وحملة الاستقالات في عدة أحزاب ليبرالية و" يسارية " أوروبية، بسبب تأييد قيادات تلك الأحزاب لحكومة العدو في " الدفاع عن النفس " تلك الكذبة التي اخترعها النازيون الجدد، قادة كيان الغزاة، وحاولوا تسويقها في العالم.
جاءت دعوة حكومة جنوب أفريقيا لمحاسبة كيان العدو أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي على جرائمه الموصوفة ضد الإنسانية التي ترقى لحرب الإبادة للسكان، لتشكل سابقة تاريخية لاتهام ومقاضاة حكومة الإجرام على المذبحة التي ترتكبها، ولتُقدم للعالم نموذجا يحتذى في محاسبة الخارجين على القانون، ولتكشف عن جانب آخر، عجز حكومات 57 دولة من " ذوي القربى " عن المبادرة في إظهار الجريمة والمجرمين أمام المحافل الدولية. ويرى خبراء قانونيون دوليون في الكيان، بأن هذه الدعوى " خطوة أولى " على طريق الملاحقة القانونية – ومن دول متعددة – لقادة العدو، من سياسيين وعسكريين وأمنيين، أمام " المحكمة الجنائية الدولية "، لارتكابهم جرائم حرب وإبادة بحق المدنيين في قطاع غزة.
خاتمة
في 7 أكتوبر / تشرين الأول 2023 لم تسقط الجدران الفولاذية والالكترونية والأسلاك الشائكة التي ظن المستعمرون أنها تضمن سلامتهم، بل تهاوت " الفكرة " التي أسست لقيام " المستعمرة / الثكنة ". كما أن نتائج تلك المعارك التي يسطرها المقاتلون بعملياتهم النوعية المقرونة بشجاعة أسطورية، جعلت " المسافة صفر"، سواء بالاشتباك المباشر، أو العبوة الناسفة على دبابة المير كافا، أو ناقلة الجند " النمر"، مادة يومية في الأخبار.
ما حصل في المائة يوم، أسقط كل مخططات المركز الإمبريالي وتوابعه في المنطقة والإقليم.، لأن عجلة التطبيع التي كانت تسير سريعا في بلدان التبعية، توقف الان ولأمد غير منظور. إن الجهود التي بذلتها واشنطن وحلفاؤها والتوابع / الأطراف، لمد " خط الغاز العربي" و "إقامة حلف ناتو عربي" أصبحت سرابا.
في السابع من أكتوبر الذي أرخ لمرحلة جديدة، حاسمة، في تاريخ الصراع بين قوى التحرر وقوى الاستعمار والهيمنة، تترسخ الفكرة / المقولة التي كتبها وكررها في كل لقاءاته، المثقف المشتبك ، الفدائي، الشهيد باسل الأعرج (لا تحلموا بعالم سعيد ما دامت " إسرائيل " موجودة).
مراجع ومصادر:
1 مكتب الإعلام الحكومي في غزة، عن إحصائيات ضحايا العدوان الوحشي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي وحتى يوم الأحد 14 / 1 / 2024
2 مذبحة غزة من منظور عالمي مقارن: الأفظع – صالح عبد الجواد –جريدة الأخبار الأربعاء 8 تشرين الثاني 2023
3 سفك الدماء: تراث الصهيونية للبشرية – أحمد الدبش – موقع الكرمل 1 تشرين الثاني 2023
4 مرجع سبق ذكره – سفك الدماء