Menu

نتنياهو ينكش عش الدبابير

الحرديم عصب الداعشية الصهيونية

غسان ابو نجم

خاص - بوابة الهدف

 

 

 

كتب غسان أبو نجم*

 

في خطوة مفاجئة دعا وزير الإبادة الصهيوني إلى تعديل التشريعات التي مُنحت لليهود الحرديم إبان حكم  بن غريون المقبور بإعفائهم من الخدمة العسكرية للتفرغ للعبادات وتعليم التوراة. وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها تعديل قانون التجنيد لدمج الحرديم في الجيش والذي يعتبره هؤلاء بأنه مخالف للتعاليم الدينية ودفع المتدينين للاختلاط بباقي شرائح المجتمع المدني، بل سبق وطُرح. ونتيجة ضغط الحرديم وتمردهم على قرارات الحكومة لم يطبق ولكن هذه المرة تختلف عن سابقاتها، فالجيش الصهيوني فقد الكثير من تعداده بين قتيل وجريح في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في الضفة و غزة وبلغت خسائره حداً يستدعي المزيد من الجنود، قدرها وزير الحرب الصهيوني بـ ١٤٥٠٠ جندي مبدئياً، وسيتم تجنيد المزيد عند تسريح الاحتياط.

لقد جاءت هذه الخطوة بدعوة من حزب الليكود الذي يرأسه نتنياهو والذي يعتمد بشكل أساسي على الحرديم في سباقاته الانتخابية، ويُعتبر الحرديم الصندوق الانتخابي لليكود مما يعني أن مواجهات جديدة ستعصف بـنتنياهو الذي يواجه ضغوطات تزداد يوماً بعد يوم، مما يُعمق أزمته ويُعمق الأزمة البنيوية التي يعيشها الكيان الصهيوني والتي تُعتبر الأعمق منذ إنشائه. ربما يصب هذا  في صالح المقاومة الفلسطينية بالمدى المنظور، ويساعدها في استغلال تفكك الكيان الصهيوني وتعمق أزماته، ولكن في البعد الاستراتيجي ستكون تركيبة الكيان الصهيوني خطيرة جداً على الشعب الفلسطيني والمنطقة العربية بشكل عام والإقليم أيضاً.

شهد الكيان الصهيوني منذ سنوات قليلة مضت تنامي دور الصهيونية الدينية على حساب القوى الوسطية والعلمانية والتي وجدت في سكان المغتصبات الصهيونية مرتعاً لها والتي بدورها أخذت بالتمدد في كافة أرجاء الوطن المحتل على اعتبار أن هذه الأرض هي أرض الميعاد وتوسع الاستيطان الرعوي وتحولت بعض المغتصبات إلى شبه مدن، ونشأ جيل من أطفال وشباب هذه المغتصبات على عقيدة دينية تلمودية عززها لديهم قادة هذه الأحزاب، بأن فلسطين هي وعد الرب وهي مملكة خالصة لليهود وأن الشعب الفلسطيني هو من يحتل هذه الأرض، وبعضهم أمثال سموتريتش اعتبر أن فكرة الشعب الفلسطيني مستحدثة منذ مئة عام فقط، ولم يكن موجوداً قبل هذا التاريخ، إن هذه النزعة الفاشية العنصرية أخذت بالتوسع داخل جمهور كبير في الكيان الصهيوني وباتوا يرفعون شعارات تعبر عن جوهر رؤيتهم للعرب الفلسطينين بأن العربي الجيد هو العربي الميت وأخذوا بالتمدد داخل مؤسسات الكيان الصهيوني السياسية والعسكرية وأنشؤا أحزاباً صهيونية دينية لاقت تأييداً في صفوف الجمهور الصهيوني على حساب الأحزاب السياسية الصهيونية التقليدية مثل العمل والليكود، وصعد ممثلون عنهم إلى الكنيست الصهيوني واضعين برنامجاً سياسياً غاية في العنصرية الفاشية، يجمع بين توجهاتهم الدينية وعقيدتهم الصهيونية، حيث طرح هؤلاء برنامجاً مكوناً من تسع نقاط هي:

الاعتراف بالحق التاريخي لليهود في فلسطين، وبناء دولة إسرائيل وتدريس الدين اليهودي وضرورة خدمة الطلاب المتدينين في الجيش وحرمة يوم السبت ودعم المؤسسة القضائية الحاخامية و القدس عاصمة أبدية للكيان الصهيوني وتأييد الترانسفير، ولاحقاً أُضيف عدم الاعتراف بأوسلو وسلطته ورفض حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.

إن برنامجاً سياسياً بما يحمله من عنصرية وفاشية، حمل أعضاءً إلى مؤسسات القرار السياسي في الكيان الصهيوني وله وزراء أمثال بن غفير وسميتوروتش ومتحالف مع اليمين الديني الصهيوني ويحتل موقع القيادة السياسية في الكيان مع تراجع واضح للقوى العلمانية وإذا ما تم دمج الحرديم في الحياة المدنية، وخدم أعضاؤه في الجيش الصهيوني، يؤشر ذلك إلى توسع قاعدة الصهيونية الدينية الفاشية وبداية التحول العام في الكيان نحو الداعشية الصهيونية التي تتسع أطماعها في بناء دولتهم الموعودة التي تمتد من النيل إلى الفرات، مما يُشكل خطراً وجودياً على مصر والأردن وسوريا ولبنان والعراق. وينذر بصعود تيار داعشي صهيوني يحول الكيان الصهيوني إلى تجمع ديني صهيوني فاشي معاد ليس للشعب الفلسطيني فقط بل للأمة العربية جمعاء.

 

*كاتب فلسطيني