Menu

نهار آخر .. هذه الأرض لنا..وعليها ما يستحق الحياة

رضي الموسوي

 

كتب رضي الموسوي*

في خضم حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني بمشاركة مباشرة من الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وبعض الدول الغربية، ووسط تواطئ رسمي عربي مخزي، يحيي الشعب الفلسطيني اليوم، الثلاثين من مارس، الذكرى الـ48 ليوم الأرض، الذي خلده التاريخ إثر هبة فلسطينيي أراضي الـ48 ضد مصادرة آلاف الدونمات من قبل قوات الاحتلال وأدى ذلك إلى إستشهاد 6 فلسطينيين وأصيب نحو 50 وأعتقال أكثر من 300 شخصا.

تحرُك الداخل الفلسطيني كان فارقا في العام 1976، فقد جثم الاحتلال على صدر أهله منذ نكبة 1948 ارتكب فيها أبشع أنواع الفصل العنصري وأراد أن يجتث ثقافته من خلال كيّ الوعي لشطب تبعات النكبة والاحتلال من ذاكرته وإعادة تركيبها بالطريقة التي تتماشى من نهج الآيدلوجية الصهيونية كمرحلة انتقالية تفتح على الانتقال إلى مرحلة جديدة عنوانها الاقتلاع وإقامة الدولة الموعودة من النيل للفرات، لكن هذا الداخل فاجأ الاحتلال بإنتفاضته ورفضه سياسة قضم الأراضي فتفجرت الهبّة التي يحييها الفلسطينيون في الداخل وفي الشتات بمعية مختلف شعوب العالم الحرة كل عام كعنوان واسع لرفض هذا المخطط وإن تطلب ذلك المزيد من التضحيات وتقديم القرابين على طريق تحرير الأرض والانسان.

لم يكتفي الاحتلال بتجريف القرى والبلدات الفلسطينية في أراضي الثمانية والاربعين في محاولة منه لإخفاء جرائمه وتحويل الفلسطينيين إلى اقلية في بلادهم بسبب عمليات التهجير وجلب قطعان المستوطنين من شتى انحاء المعمورة ليستوطنوا منازل وقرى وبلدات أهل فلسطين الأصليين، لكنه وفي مواجهة اصرار شعب فلسطين على البقاء والتمسك بأرضه، شرعت دولة الاحتلال في إحداث اختراقات في المجتمع الفلسطيني وشكلت ودعمت عصابات الجريمة المنظمة في المدن والقرى التي تقطنها أغلبية عربية، فقد أظهرت الشرطة الصهيونية احصائيات تفيد أن عدد الفلسطينيين الذين تم قتلهم في اراضي الـ48 من مطلع 2018 وحتى مطلع مايو 2023 قد بلغ نحو 600 شخصا على أيدي عصابات الجريمة المنظمة التي تدعمها سرا قوات الاحتلال وتزودها بالسلاح وتغض الطرف عن جرائمها. وتفيد المعطيات أيضا أن 731 شخصا عربيا قد تم قتله في السنوات الأربع اذا أضيفت مدينة القدس وهضبة الجولان لها، 70 بالمئة منهم من المجتمع العربي الذي يشكل 21 بالمئة من اجمالي السكان. ويبلغ عدد الضحايا العرب نحو 3 أضعاف القتلى في المجتمع الصهيوني (173 قتيلا) خلال السنوات الأربع المشار إليها.

بعد صدور قانون الدولة القومية العنصري الذي يقضي بيهودية الدولة في يوليو/تموز 2018، زادت سياسة تضييق الخناق على فلسطينيي الـ48 بهدف تهجيرهم ومنعهم من تشييد المنازل على اراضيهم وتقليص مساحة المناطق التي يقطنوها لحساب المناطق التي يستوطنها الصهاينة بتوسيع مساحات المناطق التي شيدت على أراضي القرى العربية التي تم تجريفها.

إن الأرض الفلسطينية من بحرها إلى نهرها هي أرض عربية، ولن تنفع مخططات الصهاينة وداعميهم الدول الغربية والنظام الرسمي العربي، من تغيير هذه الحقيقة رغم درب الدم والألم الذي يتعرض له شعب فلسطين في غزة وعموم فلسطين، وأن طريق التحرير لا يمكن تحقيقه من خلال صفقة القرن وصفقات التطبيع المشبوهة التي تستهدف شطب فلسطين من الخارطة، بل أن تحرير الأرض يمر عبر فوهات البنادق ووحدتها ومغادرة الانقسام الفلسطيني الداخلي، ما من شأنه دحر مخرجات العملية السياسية والامنية والعسكرية التي تخطط لها الدوائر الغربية وتنفذ بأياد صهيونية ملطخة بالمجازر والابادة والفصل العنصري.

لقد جسد طوفان الأقصى مرحلة جديدة ضربت المسمار الأول في نعش السردية الصهيونية التي بدأت تتهاوى أمام السردية الفلسطينة، بعد ان انكشفت الغمة عن العالم الغارق في بروباغندا وسائل الإعلام العالمي التي يسيطر عليها رأس المال الصهيوني الفاشي وتقدم سرديتها التي تكذب فيها أكثر مما تتنفس وتبثها لتلتقطها بعض وسائل الاعلام العربية التي تستميت في الدفاع عن تلفيقات الصهاينة واعلامهم.

إن هذه الأرض لأهلها الأصليين، شعب فلسطين، وعليها ما يستحق الحياة والتضحية، ومخاضات الولادة الحقيقية تعتمل الآن، حيث يبزغ الفجر من بين انقاض البيوت المدمرة على أهلها والضلوع المهشمة والأرواح التي ترتقي والأجنة التي توأد في بطون أمهاتها.

 

‍*كاتب من البحرين