Menu

هل رد حماس على المقترح سلبي؟ أم خلاف ذلك؟

حلمي موسى

حلمي موسى

خاص - بوابة الهدف

الوضع يزداد تعقيداً من نواح مختلفة رغم أن الوجهة واضحة. العدوان الإسرائيلي يقترب من نهايته رغم استمرار إصرار نتنياهو على إدامة الحرب وتحقيق النصر المطلق.
الواقع أن المفارقة واضحة من عرض الأميركيين مقترح وقف النار باسم إسرائيل رغم عدم وضوح مسؤولية إسرائيل الفعلية عن المقترح. وفي كل الأحوال هناك موافقة جزئية إسرائيلية على المقترح. وأميركا تضغط من أجل المقترح ليس فقط لوقف النار وإنما أيضاً لاستخدامه رافعة لتحقيق تسوية شاملة تتضمن حل الدولتين والتطبيع. وهذا يشكل من وجهة نظر اليمين الهزيمة المطلقة.
غير أن الصورة لا تكتمل دون الإشارة إلى الجبهة اللبنانية التي باتت تتحول حربياً إلى جبهة قتال رئيسية وليس مجرد جبهة إسناد. وفي هذا السياق ينبغي الانتباه إلى أن الخلاف الجوهري الأول في القيادتين السياسية والعسكرية الإسرائيلية في بداية الحرب كان حول أولوية غزة عن لبنان أم العكس. إذ كان الرأي السائد في هيئة الأركان الإسرائيلية هو وجوب التوجه أولاً نحو ضرب لبنان. لكن هذا لم يكن موقف أميركا ولا موقف غانتس وآيزنكوت فور انضمامهما لكابينت الحرب.
ومن الجائز أن أحد دوافع التفكير بتوجيه ضربة لحزب الله هو الاعتقاد بأن هجوم ٧ أكتوبر مقدمة لهجوم واسع من  لبنان وربما جبهات أخرى. وربما أيضاً أن الدافع كان استخفافاً بالخطر من غزة واستغلالاً للوضع بتوجيه ضربة ساحقة لحزب الله.
لكن المشكلة الآن أشد تعقيداً. فقد برهنت المقاومة في غزة بعد دخول الحرب شهرها التاسع أن التدمير الشامل في القطاع لم يحقق لإسرائيل أي من أهداف الحرب. وعدا ذلك بدأ العجز الإسرائيلي أشد وضوحاً مع ثبوت اعتماد إسرائيل على الدعم الأميركي المتواصل لاستمرار الحرب. فعدا عن تكلفة الحرب العالية، تحتاج إسرائيل لذخائر وأسلحة على نطاق واسع في غزة فكيف سيكون حالها إذا خاضت الحرب أيضا ضد لبنان؟
اليوم ربما أكثر من أي وقت تنعدم الثقة عند أغلب القادة الإسرائيليين بالقدرة على خوض حرب ضد لبنان. أولاً لإدراكهم أن لدى حزب الله قدرات عسكرية أكبر بكثير من تلك في غزة. عدا ذلك لبنان ليس منطقة معزولة كما هي غزة إذ هي أرض مفتوحة على سوريا وعلى العالم أجمع. 
وتقريباً كنا نسمع في الماضي كلاماً كثيراً على ألسنة الإسرائيليين حول استسهال شن الحرب. الأمر ليس هكذا الآن. أغلبية الإسرائيليين ورغم تصاعد القتال على الجبهة الشمالية تطالب بوقف القتال في غزة تمهيداً لوقفها في الشمال.
قلة قليلة في إسرائيل لاتزال تتحدث عن حرب مع لبنان بالمفاهيم القديمة. واليوم ربما من أكثر التعابير استخداماً تعبير قوات الرضوان. وتتكرر على ألسنة الكثير من المعلقين عبارات احتمال احتلال الجليل. وفي الغالب هذه العبارات في جوهرها تعبر عن زعزعة ثقة الإسرائيليين بانفسهم وقوتهم.
وهذا يقود إلى محاولة فهم ما يجري في الشمال حالياً بوصفه عنصراً ضاغطاً على إسرائيل لقبول مقترح وقف النار حتى بتفسيره الأميركي.
وفي أسوأ الأحوال نجد في الفترة الأخيرة تراجع صوت التهديدات للبنان رغم توسع القتال على الحدود ورغم الخسائر الإسرائيلية من استمرار الحرب هناك والنزوح الواسع لعشرات آلاف المستوطنين.
ويشتبك هذا الموقف مع إعلان اسرائيل أن رد حماس على المقترح سلبي في حين أن أميركا ما عدا بلينكن تقول خلاف ذلك. وهذا يفتح الباب أمام تعقيدات جديدة.