Menu

غسان كنفاني، روحك تحلق في غزة

غسان أبو نجم

غسان ابو نجم.

خاص - بوابة الهدف

 

 

 

حين تصبح الفكرة رجلاً يسير على قدميه أو شهيداً يروي بدمه تراب الوطن ومقاتلاً يعانق بندقيته حينها فقط يفنى الجسد وتبقى الفكرة تخترق أعماق الأرض وتعانق السماء تجول بين تضاريس الأرض تستنهض الهمم فلها شيء في هذا العالم لتقوم من أجله

لست حزيناً كبرتقال يافا أو متثاقلاً كبرقوق نيسان أو مترنحاً كرجل لوحت جبهته الشمس بل اختلطت جميعاً لتدق كل الجدران ليصل صداها أروقة جامعة تصدح بها حناجر الطلبة وتعيد ترتيب أولويات الأجندات العالمية وتغص بها ردهات المحاكم الدولية

 

٥٢عاماً على استشهادك

كنت خلالها تستبق الزمن، ولم تكن الفرحة العارمة التي أحست بها جولدا مائير عند اغتيال غسان مجرد نشوة عابرة بالنصر بل خلاص من مثقف استبق الزمن ورسم حدود الحلم والزمن الفلسطيني فكان بالنسبة لها أهم من لواء مسلح. ربما أدرك العدو أهمية وخطر غسان قبل أن ندرك نحن عمق فكر وثقافة هذا المثقف المشتبك ولهذا خطط لاغتياله بعبوة تزن ٩ كيلوغرامات لضمان موته والخلاص من هذا الرجل الذي أدرك الواقع واستشرف المستقبل وساهم في رسم مستقبل الزمن القادم برؤية ثاقبة ورؤية علمية للزمن الفلسطيني ومحاولات اغتياله التي يسعى الصهاينة للسيطرة على مجرياته.

لقد حاول غسان بحسه الأدبي المرهف ورؤيته السياسية المتقدمة أن يرسم ملامح الحلم الفلسطيني عبر العديد من شخوص رواياته بدءاً بأم سعد التي أدركت ملامح التقسيم الطبقي للمجتمع الفلسطيني حتى داخل مخيمات اللجوء حين قالت خيمة عن خيمة تفرق. إلى حالة الضياع الفلسطيني بعد التهجير القسري للشعب الفلسطيني وضرورة الثورة ضد الاحتلال لماذا لم تدقوا جدار الخزان إلى حالة محاولات اليمين المتنفذ حرف الثورة عن مسارها حيث اعتبرها غسان خيانة موصولة وأن الخائن يشعر بالبرد حتى تحت التراب.

ولم يقتصر إبداع غسان عند حدود الفهم النظري الثوري للصراع مع المحتل بل أدرك أهمية ودور الحزب الثوري في قيادة الجماهير وضرورة الارتكاز على النظرية الثورية في خوض هذا الصراع فحمل لواء الصحافة المناخ الثوري للجماهير التي أدرك غسان أهمية إيصال الحقيقة كل الحقيقة لها ووجهها ضمن خطة مبرمجة ووعي ثوري نحو فلسطين.

لم يغب الحنين للوطن عن روايات غسان فقد تجلى في رواية أرض البرتقال الحزين وعائد إلى حيفا وبرقوق نيسان التي أبدع فيها برسم الحالة النضالية الفلسطينية ودور المرأة فيها وهيمن الحنين للعودة للوطن في معظم كتاباته التي رسمت لوحة حركة الشعب الفلسطيني منذ اللجوء والتشتت والإقامة المؤقتة في الخيام ومحاولات العودة واكتسى هذا الحنين بفهم سياسي ونظري وإدراك فذ لمجريات الزمن القادم الذي يسعى الفكر الصهيوني إلى السيطرة عليه وعلى كافة أركانه والتي شكل غسان أهمها وأكثرها قسوة على المحتل

 

اثنان وخمسون عاماً مضت على اغتيال غسان الثائر والمفكر والكاتب والصحفي ولم تزل رؤيته ورواياته تحلق في سماء فلسطين ترسم ملامح الحلم الفلسطيني وتعطي لمشروعنا الوطني مضمونه النضالي