Menu

تصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان

حكومة الاحتلال بين الغارات الجوية والجدل حول العملية البرية

نازحون من الجنوب اللبناني في إحدى مراكز الإيواء، وكالات

الهدف الإخبارية - بيروت

تشهد الساحة اللبنانية تصعيداً عسكرياً خطيراً مع استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على الجنوب اللبناني، واستهداف واسع لمواقع يُزعم أنها تابعة لحزب الله. تتزامن هذه العمليات مع تزايد المخاوف من تحول هذا التصعيد إلى حرب شاملة، وسط تقارير متضاربة حول نوايا جيش الاحتلال الإسرائيلي بشأن تنفيذ عملية برية في لبنان.

نقلت وكالة أسوشييتد برس يوم الاثنين عن مسؤول في جيش الاحتلال الإسرائيلي قوله إن "إسرائيل لا تمتلك خططاً فورية لشن عملية برية في لبنان". وأوضح هذا المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن الجيش يركز حالياً على الغارات الجوية، مؤكداً أن الضربات الجوية تهدف إلى تقليص قدرة حزب الله على شن هجمات داخل إسرائيل. ويأتي هذا التصريح في ظل استهداف واسع للبنية التحتية لحزب الله، بما في ذلك أجهزة الاتصالات والمقرات اللوجستية، التي زعم الجيش الإسرائيلي أنها تُستخدم لشن هجمات صاروخية.

في السياق ذاته، أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، دانيال هاغاري، أن قوات الاحتلال تخطط لتوسيع عملياتها الجوية لتشمل منطقة سهل البقاع شرقي لبنان، حيث يُعتقد أن هناك مواقع إستراتيجية لحزب الله. وأضاف هاغاري أن الجيش الإسرائيلي قد نفذ أكثر من 300 غارة منذ صباح الاثنين، استهدفت جنوب لبنان وأدت إلى مقتل 274 شخصاً، بينهم 21 طفلاً و39 امرأة، وفق آخر تحديث صادر عن وزارة الصحة اللبنانية.

رغم تأكيدات المسؤول الإسرائيلي التي نقلتها أسوشييتد برس حول غياب نية فورية لعملية برية، أشارت مجلة ذا إيكونوميست يوم الأحد إلى أن إسرائيل تخطط لشن هجوم بري محدود يشمل احتلال منطقة عازلة من بضعة أميال على الحدود مع لبنان. وذكرت المجلة نقلاً عن مصادر عسكرية أن الوحدات القتالية الإسرائيلية بدأت تدريبات مكثفة في قواعد عسكرية في المناطق الشمالية منذ يوم السبت، ولكن لم يتم حتى الآن حشد القوات على الحدود بشكل رسمي.

تسعى إسرائيل من خلال هذه التحضيرات إلى زيادة الضغط على حزب الله وتقويض قدرته على شن هجمات صاروخية ضد المدن الإسرائيلية، وفقاً لتصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو. وخلال كلمة له في مقر وزارة الأمن الإسرائيلية، قال نتنياهو: "أمامنا أيام صعبة وندعو جميع الإسرائيليين إلى اتباع إرشادات الجبهة الداخلية وأن نظل صفاً واحداً"، مضيفاً: "نحن نغيّر موازين القوى في الشمال".

وواصل نتنياهو ضمن مزاعمه أن "العمليات العسكرية الإسرائيلية تدمر آلاف الصواريخ الموجهة نحو المدن الإسرائيلية"، في محاولة لإقناع الجمهور الداخلي بأن الجيش الإسرائيلي قادر على التصدي لتهديدات حزب الله قبل أن تصبح أكثر ضرورة.

رغم التهديدات المتزايدة والتصعيد المتدرج، فإن هناك تباينات واضحة داخل القيادة العسكرية والسياسية الإسرائيلية بشأن كيفية إدارة الوضع. ذكرت ذا إيكونوميست أن الجنرالات الأكثر حذراً، بمن فيهم وزير الأمن يوآف غالانت، يؤيدون استراتيجية "التصعيد التدريجي"، وهي سياسة تهدف إلى إعطاء حزب الله مساحة للتراجع وإعادة النظر في مواقفه قبل الانخراط في مواجهة شاملة.

ويرى غالانت أن التحرك ببطء نحو مواجهة عسكرية أوسع قد يؤدي إلى تقليص الخسائر والتخفيف من احتمالات اندلاع حرب إقليمية شاملة تشمل أطرافاً أخرى في المنطقة. وفي هذا السياق، يحاول الجيش الإسرائيلي تحقيق أهدافه عبر تكثيف الضربات الجوية دون الحاجة إلى نشر قوات برية كبيرة، وهي خطوة يراها البعض محفوفة بالمخاطر إذا استمرت بدون تحقيق نتائج ملموسة.

في المقابل، لم يقف حزب الله مكتوف الأيدي، إذ ردّ على هذه الاعتداءات بإطلاق رشقات من الصواريخ الثقيلة التي استهدفت مناطق عدة شمالي إسرائيل، بما في ذلك قاعدة "رمات دافيد" الجوية الإسرائيلية ومجمعات الصناعات العسكرية التابعة لشركة رفائيل. ويهدف حزب الله من خلال هذه الضربات إلى إظهار قدرته على ضرب عمق الأراضي الإسرائيلية وإبقاء حالة الردع متوازنة.

إلى جانب ذلك، فإن التحذيرات الدولية تتزايد مع تصاعد التوتر، حيث أصدرت الأمم المتحدة ودول غربية بيانات تدعو إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد. ووصفت بعض التقارير الدولية الوضع بأنه "على حافة الانفجار"، خاصة مع دخول لاعبين إقليميين آخرين على خط النزاع في حال استمر التصعيد.

في ظل هذا التصعيد، يظل مستقبل الصراع الإسرائيلي اللبناني غامضاً. وبينما تسعى إسرائيل إلى فرض قواعد جديدة في المواجهة مع حزب الله من خلال الضربات الجوية المكثفة، يبقى التهديد بتوسع العمليات العسكرية قائماً في أي لحظة.